طوال حياته، قدم إديسون لانزا مساهمات هائلة في الدفاع عن الحق الأساسي في حرية التعبير والإعلام وتعزيزه: حيث قام بذلك كمقرر خاص لمنظمة الدول الأمريكية لحرية التعبير لمرتين متتاليتين من 2014 إلى 2020.
إن التحدي المتمثل في تعزيز وحماية الحق في حرية التعبير في جميع أنحاء القارة بجميع أبعادها هائل، ولكن الدور الذي يقوم به المقرر الخاص أمراً أساسياً جداً والمهم أنني ملتزم بشكل مطلق بهذا الدور
حذا إديسون لانزا حذو الكولومبية كاتالين بوتيرو كمقرر خاص من أجل المراقبة والدفاع عن حرية التعبير في جميع البلدان الأعضاء في منظمة الدول الأمريكية.
تميز عمل لانزا قبل تولي منصب المقرر الخاص بمسار طويل في مجال حرية التعبير بالمجتمع المدني والأدوار المهنية الصحفية والقانونية، حيث عمل في هذه المناطق لسنوات في بلده الأصلي الأوروغواي.
في مقابلة مع آيفكس، أشار لانزا أن “حرية التعبير هي من الحقوق التي تحدد الطابع الفريد للبشر”، وعلى أساس هذا المبدأ كرّس المحامي الأوروغواني والصحفي جزءاً كبيراً من حياته للدفاع عن هذا الحق.
بدأ لانزا العمل كصحفي في عام 1988 عندما كان يبلغ من العمر 18 عاماً، حتى امتد مسار حياته المهنية إلى الوقت الحاضر بمنصبه الحالي على المستوى الدولي. عمل لانزا خلال حياته المهنية تقريباً في جميع وسائل الإعلام المطبوعة في الأوروغواي وشغل عدة مناصب، من صحافي إلى رئيس تحرير الأخبار.
وانتقل لانزا إلى دوره كناشط بناء على تدريبه كمحام. فبعد تخرجه من كلية الحقوق بجامعة أوروجواي الجمهورية في عام 1997، تخصص لانزا في الدفاع عن قضايا حرية التعبير، وهو حقل كان بالفعل على دراية به بسبب عمله الإعلامي. وشغل منصب محامي نقابة الصحفيين في أوروجواي. وجلب خلال عمله العديد من الحالات التي تنطوي على تهديدات بحق الصحفيين في أوروغواي إلى لجنة البلدان الأمريكية، أي المنظمة التي يعمل بها الآن.
ومن بين هذه الحالات، كان هناك حالتين خاصتين بالذات. الأولى هي قضية الصحفي كارلوس دولياني في عام 2007 ضد الدولة في أوروغواي. حيث كان قد حُكِم على دولياني بالسجن لمدة ثلاثة أشهر بجرائم التشهير والقذف. وفي حكم تاريخي من قبل لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في عام 2009، اعترفت دولة أوروغواي أنها انتهكت حقوق حرية الصحافة ووافقت على التفاوض لتسوية القضية.
وكانت هذه القضية نقطة الانطلاق لتعديل قانون الصحافة، وحجر الزاوية لإجراء إصلاحات لاحقة بشأن جرائم القذف والتشهير.
أما القضية الرمزية الثانية فقد كانت للصحافي الأوروغواني ديفيد رابينوفيتش. حيث كانت حاسمة في اعتماد برلمان أوروغواي قانون الحصول على المعلومات الأول في البلاد، بناء على طلب لانزا وجمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام الأخرى، مما ساهم بشكل كبير في تحسين عمل الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني عن طريق الوصول إلى معلومات الدولة.
في عام 2008، كان لانزا مؤثراً رئيسياً في الترويج للعديد من القوانين التي غيرت الإطار القانوني في أوروغواي حول حرية التعبير: قوانين تتعلق بالمحطات الاذاعية وتجريم جرائم الاتصالات، والإنجازات التي سبق ذكرها في الحصول على المعلومات العامة، وقانون خدمات الإعلام المرئي والمسموع، وجميعها قضايا عالقة في الأوروغواي.
ضمن نشاطه بالمجتمع المدني، كان لانزا في عام 2008 أحد مؤسسي ورئيس مركز الارشيف والوصول إلى المعلومات العامة وهي من اعضاء شبكة آيفكس. وعن طريق هذا الانخراط، كان قادرا على بدء العمل على المستوى الدولي في مختلف دول المنطقة، والتشاور في قضايا حرية التعبير والوصول إلى المعلومات.
وكان أيضا عضوا في لجنة حرية التعبير والوصول إلى المعلومات للتحالف الإقليمي لحرية التعبير والمعلومات، وعضواً في الفريق العامل بمنظومة لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان التابعة لمنظمة الدول الأمريكية، وفي تحالف آيفكس لحرية التعبير في الدول الأمريكية.
كتب لانزا كتابين حول حرية التعبير ( “حرية التعبير في الفقه” عام 2010، و”معايير تنسيق حرية التعبير وحقوق الأطفال والمراهقين” في عام 2012)، بالإضافة إلى العشرات من المقالات ذات التوجه الدولي حول احترام و الدفاع عن حرية التعبير، وبالتالي أصبح خبير رئيسي على المستوى الإقليمي فيما يتعلق بهذا الموضوع.
عمل لانزا أثناء توليه منصب المقرر الخاص على عدة جبهات لمواصلة الدفاع عن حرية التعبير على المستوى الإقليمي. حيث تشمل مهامه الرئيسية كمقرر خاص على: “تحفيز الوعي بأهمية الاحترام الكامل للحق في حرية التعبير والمعلومات في القارة، نظراً للدور الأساسي الذي يلعبه هذا الحق في توطيد النظام الديمقراطي والنهوض به”.
في مقابلة له مع آيفكس، أشار لانزا إلى “إن التحدي المتمثل في تعزيز وحماية الحق في حرية التعبير في جميع أنحاء القارة بجميع أبعادها هائل، ولكن الدور الذي يقوم به المقرر الخاص أمراً أساسياً جداً والمهم أنني ملتزم بشكل مطلق بهذا الدور”.
خلال فترة ولايته، نشر مكتب المقرر الخاص تقارير مهمة توسعت في الموضوعات السابقة التي لم تتناولها اللجنة من قبل، مثل الصحفيات وحرية التعبير في عام 2018، والاحتجاجات وحقوق الإنسان في عام 2019، ومعايير الإنترنت الحر والمفتوح والشامل في عام 2016. كما أصدر دليلاً حول كيفية ضمان حرية التعبير بشأن التضليل المتعمد في السياقات الانتخابية. ومن أبرز مهام ولايته العمل المكثف مع مسؤولين من الهيئات القضائية وشبه القضائية في المنطقة – حيث تم تدريب المئات على حرية التعبير ومعايير المعلومات كاستراتيجية لمكافحة الإفلات من العقاب الواسع النطاق على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في أمريكا اللاتينية. كان الاهتمام المكثف بالقضايا الفردية أيضا أحد نقاط القوة في ولايته، حيث تقدم في حالات نموذجية للعنف ضد الصحفيين مثل حالات كارفاخال وكانو وليجويزامون ، وفي قضية العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد الصحفية جينيث بيدويا. في عام 2020، عمل مع لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في قضية رائدة أكدت أن حق الشعوب الأصلية في إنشاء وسائط بث مجتمعية ، والتمتع بالحق في حرية التعبير وممارسته من خلال الوصول إلى تردد إذاعي محمي بموجب المادة 13 من الاتفاقية الأمريكية.
في عام 2020، حصل إديسون لانزا على جائزة تشابولتيبيك الكبرى من رابطة الصحافة الأمريكية “لتفانيه ومساهمته البارزة والحاسمة في حماية وتعزيز حرية التعبير في الأمريكتين”.
الرسم من فلوريان نيكول