كانون الأول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: موجز لأهم أخبار حرية التعبير، كتبه محرر آيفكس الإقليمي نسيم الطراونة، بناءً على تقارير أعضاء آيفكس والأخبار من المنطقة.
تمت الترجمة من مقال أصلي باللغة الانجليزية
احتفلت السلطات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنهاية عام 2020 بتذكير مرعب بمدى دموية العام الذي مر به الصحفيون والنشطاء في المنطقة؛ والعدالة التي لا تزال بعيدة المنال بالنسبة للمختفين قسراً في سوريا والعراق، ومعارك المجتمع المدني التي تدور حول المراقبة المتزايدة على المساحة المدنية على الإنترنت.
حملات القمع في ظل الجائحة وزرع بيئة من الخوف
شابت المضايقات، والاحتجازات، والاعتقالات لأجل غير مسمى، والقتل، شهر كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، حيث سعت السلطات إلى تقويض الفضاء المدني المتقلص بالفعل من خلال حملة قمعية، تتغذى على الجائحة وتستهدف حرية التعبير، والتجمع، وتكوين الجمعيات.
في إيران، أعدمت السلطات الصحفي روح الله زام الشهر الماضي لارتكابه “الفساد على الأرض”، وهي تهمة غالباً ما تستخدم ضد منتقدي النظام، وفقاً لمعهد الصحافة الدولي، وهو عضو في شبكة آيفكس، وقد وصف شريف منصور، من لجنة حماية الصحفيين، الإعدام على أنه “عمل فظيع ومخزٍ، ويجب على المجتمع الدولي ألا يتركه يمر مرور الكرام”.
في المملكة العربية السعودية، حكمت محكمة الإرهاب على مدافعة حقوق الإنسان، لجين الهذلول، بالسجن لمدة 5 سنوات و 8 أشهر، تم اعتقال الهذلول منذ شهر أيار/ مايو من عام 2018، وتضمن الحكم تعليقاً لمدة عامين و 10 أشهر، بالإضافة إلى المدة التي قضتها بالفعل. في قرار أدانه تحالف النشطاء السعوديين الأحرار، ستواجه لجين ثلاث سنوات من المراقبة، و خمس سنوات من حظر السفر بعد إطلاق سراحها المتوقع هذا العام، وقد رفضت محكمة جنائية دعوى قضائية رفعتها ناشطة حقوق المرأة بتهمة التعذيب الذي تعرضت له أثناء احتجازها.
ترجمة التغريدة: رغم الحكم الصادر بحقهم، نشعر بالارتياح لسماع خبر إطلاق سراح #لجين_الهذلول و# سمر_بدوي في غضون شهرين. نتمنى ألا تنسوا رائف بدوي وأن يتم الإفراج عنه أيضاً. عيد ميلاد مجيد لكم جميعا.
صُنفت المملكة العربية السعودية، ومصر، وسوريا، من بين أسوأ خمسة دول تقوم بسجن الصحفيين وفقاً للتقرير السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود حول سوء معاملة الصحفيين. كما أشارت المنظمة الحقوقية إلى زيادة انتهاكات الصحافة والاعتقالات ردًا على جائحة كوفيد-19.
في مصر، على سبيل المثال، أوصل عام من الاعتقالات التعسفية التي شملت صحفيين يغطون الجائحة، وأطباء شككوا في الروايات الرسمية، مناخ الخوف والرقابة إلى ذروته، حيث انتشر مقطع فيديو مؤخراً يظهر حالة من الخوف في المستشفى بعد وفاة العديد من مرضى فيروس كورونا بسبب نقص مفاجئ في إمدادات الأكسجين، وبينما نفى المسؤولون أي إهمال، كافح الصحفيون لتأكيد الحادثة مع أطباء “خائفين للغاية” من مخاطرة انتقاد الحكومة.
وفقًا للاستطلاع العالمي السنوي للجنة حماية الصحفيين حول الصحفيين المسجونين بسبب عملهم، فقد تم اعتقال ما لا يقل عن ثلاثة صحفيين بسبب تغطيتهم لكوفيد-19، مع تزايد عدد الصحفيين المسجونين بتهمة نشر “أخبار كاذبة”. في إحدى الحالات المأساوية، اتُهم الصحفي المخضرم محمد منير بنشر أخبار كاذبة بعد أن انتقد أسلوب تعامل الحكومة مع جائحة كوفيد-19، وأصيب بالفيروس أثناء احتجازه قبل المحاكمة وتوفي بعدها بعدة أسابيع.
ترجمة التغريدة: أسوأ عام على الإطلاق بالنسبة للصحافة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تأوي أسوأ سجّاني العالم في #مصر #السعودية #إيران؛ فما يقارب ثلث الصحفيين المسجونين في جميع أنحاء العالم من المنطقة.
دعا المعهد الدولي للصحافة في الشهر الماضي الرئيس السيسي إلى إطلاق سراح صحفي الجزيرة محمود حسين الذي دخل عامه الرابع في الاعتقال دون محاكمة أو حكم بتاريخ 23 كانون الأول. كما تم اعتقال الكاتب الصحفي عامر عبد المنعم بتهمة “نشر أخبار كاذبة ومساعدة منظمة إرهابية” بعد كتابته سلسلة من المقالات على موقع الجزيرة على الإنترنت تنتقد استجابة الحكومة لكوفيد-19.
أما المدون في مجال الفيديو شادي أبو زيد، فقد تم حبسه مؤخراً لمدة ستة أشهر بتهمة إهانة مسؤول حكومي في منشور على الفيسبوك، بعد ان أطلق سراحه في وقت سابق من هذا العام إثر إمضائه عامين في الحبس الاحتياطي.
تبقى أوضاع السجون قضية حرجة في مصر، حيث دعت المنظمات الحقوقية مراراً وتكراراً إلى الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين من الزنازين غير الصحية والمكتظة.
كيف هو الحال داخل سجن مصري مصمم للسجناء السياسيين أثناء انتشار الجائحة؟ أبرزت الوثائق التي تم تسريبها مؤخرًا من سجن العقرب سيئ السمعة في البلاد كيف حُرم السجناء هناك تمامًا من التهوية المناسبة، والكهرباء، والماء الساخن، كشكل من أشكال “العقاب الجماعي” لحادث أيلول 2020 الذي أسفر عن مقتل أربعة حراس.
العدالة للمفقودين
تصاعدت الانتهاكات ضد الصحفيين والنشطاء إلى جانب إفلات مرتكبيها من العقاب، ففي سوريا، لا يزال مصير أربعة نشطاء معروفين باسم “دوما 4” الذين اختطفوا في كانون الأول 2013 مجهولاً، مع استمرار الجماعات الحقوقية في المطالبة بالمحاسبة بعد سبع سنوات من اختفائهم.
في العراق، احتفلت الجماعات الحقوقية باليوم العالمي لحقوق الإنسان بتاريخ 10 كانون الأول من خلال دعوة السلطات إلى إجراء تحقيق شامل في حالات الاعتقال منذ بداية الاحتجاجات الشعبية في تشرين الأول 2019، وكذلك الاختفاء القسري والقتل غير القانوني لعشرات النشطاء، والصحفيين، والمتظاهرين العراقيين.
استهدفت الميليشيات المسلحة بشكل متكرر أعضاء المجتمع المدني خلال عام 2020، مع فشل السلطات في محاسبة الجناة، بما في ذلك المسلحين المجهولين الذين اغتالوا الخبير الأمني الدكتور هشام الهاشمي في حزيران 2020، وبتاريخ 8 كانون الأول، تم إطلاق النار على الناشط فاهم الطائي في كربلاء، بينما تم العثور على جثة الناشط علي نجم اللامي، في بغداد، بتاريخ 11 كانون الأول، مصابا بطلقات نارية في الرأس.
” إننا نعيش يومياً في ظل استهداف ممنهج، وإفلات من العقاب، ومشاهدة الجيش الإسرائيلي وهم يقتلون زملائنا الصحفيين، ويعمون أولئك الذين يوثقون الاحتلال والاحتجاجات ضده. لا يواجه أحد العدالة بسبب جرائمه ضد زملائنا.
في فلسطين، تزعم الشكاوى المقدمة إلى الأمم المتحدة من قبل الاتحاد الدولي للصحفيين ونقابة الصحفيين الفلسطينيين، أنه تحت غطاء الإفلات من العقاب، استخدمت إسرائيل القوة المميتة في استهدافها الممنهج للصحفيين العاملين في فلسطين، مع فشل في التحقيق في مقتل العاملين في وسائل الإعلام. قال نقيب الصحفيين الفلسطينيين، ناصر أبو بكر: “”نحن نعيش يومياً مع الاستهداف المنهجي، والإفلات من العقاب، ومشاهدة الجنود يقتلون زملائنا، ويعمون أولئك الذين يوثقون الاحتلال والاحتجاجات ضده. لا أحد يواجه العدالة على الإطلاق على جرائمه ضد زملائنا”. مضيفاً: ” من أجل هؤلاء الصحفيين وعائلاتهم، نحن نؤمن أن هذه الشكاوى هي خطوة أولى مناسبة نحو تحقيق العدالة لهم ولجميع الصحفيين الفلسطينيين”.
المراقبة الرقمية وإدارة المحتوى والتهديدات الأخرى عبر الإنترنت
في المجال الرقمي، كشف تقرير صادر عن سيتيزين لاب “Citizen Lab” كيف تم اختراق 36 صحفيًا من قناة الجزيرة وصحفي في تلفزيون العربي في لندن باستخدام برنامج تجسس بيغاسوس الذي طورته شركة NSO Group الإسرائيلية، وبحسب التقرير، فإن برنامج التجسس، سيئ السمعة، الخاص بشركة المراقبة، والذي تم استخدامه على نطاق واسع في مراقبة الصحفيين في المنطقة، مثل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، والصحفي المغربي عمر الراضي، قد استخدمه على الأرجح عملاء حكوميين مرتبطين بالإمارات والسعودية.
انضم ائتلاف من الجماعات الحقوقية إلى دعوى قضائية من فيسبوك ضد مجموعة NSO والتي تتهم الشركة بتخريب خدمة المراسلة الفورية واتس اب على الفيسبوك للتأثير على مئات الأجهزة المستهدفة الخاصة بالنشطاء والمعارضين في جميع أنحاء العالم.
خلال فعالية على الإنترنت الشهر الماضي، ناقشت فيها الجماعات الحقوقية كيف أن استمرار بيع تكنولوجيا المراقبة للحكومات القمعية في المنطقة تضع النشطاء تحت الخطر، قال مدير مركز الخليج لحقوق الإنسان، خالد إبراهيم، إن “أدوات المراقبة تعرض النشطاء لخطر السجن، والتعذيب، والقتل”.
دعا العشرات من النشطاء، والصحفيين، والجماعات الحقوقية، بما فيها آيفكس في رسالة مفتوحة إلى فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب، المنصات إلى التوقف عن إسكات الأصوات المنتقدة من المنطقة، وأعربت الرسالة عن القلق بشأن سياسات تعديل المحتوى التي أدت في كثير من الأحيان إلى “إسكات ومحو الأصوات الناقدة من المجتمعات المهمشة والمضطهدة” عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وقال الصحفي الفلسطيني هاني الشاعر الذي تم حذف حسابه على فيسبوك عشر مرات في السنوات الثلاث الماضية بسبب نشره محتوى تعتبره المنصة “تحريضي“: “هذه الاستراتيجية التي تتبعها مواقع التواصل الاجتماعي مجحفة، فنحن ندافع عن الآراء، والحريات، ونغطي الأحداث في بلد محتل”.
سيطرت العديد من هذه التهديدات المتزايدة على الفضاء الرقمي على المناقشات في مؤتمر الحقوق الرقمية خبز ونت الشهر الماضي، حيث ناقش خبراء من المنطقة القضايا التي تركز على الخصوصية، وتعديل المحتوى، وسهولة الوصول في عصر كوفيد-19، وسلطت الجلسات الضوء على تقلص المساحة المدنية عبر الإنترنت التي تتم مراقبتها بشكل متزايد بسبب سياسات الحكومة والشركات الخاصة.
أما في الجزائر، حجبت السلطات ثلاثة مواقع إخبارية أخرى في حملة قمع مستمرة على الصحافة في البلاد، من بينهاCasbah Tribune ، والتي سُجن مؤسسها خالد دراريني في آذار 2020 وحُكم عليه في أيلول بالسجن لمدة عامين.
بالمختصر
في المغرب، تم القبض على المؤرخ البارز والمدافع عن حقوق الإنسان معاطي منجب بتهمة غسيل الأموال، ونفي منجب الذي استهدفته السلطات المغربية أيضًا في عام 2017 ببرنامج تجسس بيغاسوس التابع لمجموعة NSO ، هذه المزاعم. حيث كتب في تدوينة على الفيسبوك: “الهدف هو معاقبتي على تصريحي الاذاعي الأخير والذي اشرت فيه الى دور مراقبة التراب الوطني الديستي في قمع المعارضين، وتدبير الشأن السياسي والاعلامي بالمغرب”. دعت منظمات حقوقية، بما فيها جمعية اليقظة عضو آيفكس، إلى الإفراج الفوري عنه.
كما شهد نشطاء الصحراء الغربية حملة قمع شرسة من قبل السلطات المغربية، فبتشجيع من اعتراف غير مفهوم من إدارة ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية الشهر الماضي، تعرض نشطاء مؤيدون للاستقلال للضرب، والاعتقال، ومداهمات المنازل، وفي إحدى الحالات، حاصرت قوات الأمن منازل عائلات الصحافيين أحمد الطنجي ونزهة الخالدي في يوم زفافهما، ومنعتهما من إقامة الاحتفالات.
ترجمة تغريدة: الصحافية والناشطة الصحراوية نزهة الخالدي تقول إن دعم الولايات المتحدة لضم المغرب للصحراء الغربية لن يمحو “حقنا المشروع في الحرية الاستقلال”.
“نحن لسنا متفاجئين لان المجتمع الدولي خاننا منذ اكثر من 30 عام
في الأردن، ألقي القبض على الناشر جمال حداد فيما وصفته جماعات حقوقية بأنه جهود السلطات لترهيب الصحفيين الذين يشككون في استجابة الحكومة لوباء كوفيد -19. جاء اعتقال حداد في نهاية عام شهد اعتقالات عديدة للصحفيين، وأعضاء المجتمع المدني، بما في ذلك قرار محكمة بتاريخ 31 كانون الأول بحل نقابة المعلمين المستقلة، وسجن أعضاء مجلس إدارتها لمدة عام واحد.
في كردستان العراق، قوبلت الاحتجاجات الشعبية في الشوارع طوال شهر كانون الأول بموجة من الاعتقالات. فقد اعتقلت السلطات ما لا يقل عن عشرة صحفيين، وتعرض عشرات النشطاء الشباب لمداهمات منازل، وضرب، وسجن.
في اليمن، لقي الصحفي ومراسل قناة بلقيس، أديب الجناني مصرعه خلال هجوم مميت على مطار عدن الشهر الماضي، والذي أسفر عن إصابة عدد من الصحفيين، وطالبت جماعات حقوقية السلطات بمحاسبة الجناة.
أخيراً، جاءت بعض الأخبار السارة من مصر، حيث حصلت الصحافية لينا عطا الله على جائزة الاستقلال من قبل منظمة مراسلون بلا حدود الشهر الماضي. حيث تعرضت رئيسة التحرير والمؤسسة المشاركة لإحدى الوسائل الإخبارية المستقلة القليلة في البلاد، مدى مصر، لمداهمات واستجواب من الشرطة نتيجة لعملها وعمل فريقها النقدي.