وسط مخاوف من تأثير الفيروس على الآلاف في زنازين السجون المكتظة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ينضم مركز الخليج لحقوق الإنسان إلى النداءات المتزايدة للحكومات لإطلاق سراح جميع سجناء الرأي.
تم نشر هذا المقال اولاً على موقع مركز الخليج لحقوق الإنسان بتاريخ 17 آذار 2020
يرحب مركز الخليج لحقوق الإنسان بالنداء الذي وجهه المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران للسلطات لإطلاق سراح جميع سجناء الرأي، بمن فيهم المدافعات عن حقوق الإنسان. كما يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان كل دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى الاستجابة وعمل الشيء نفسه. أن السجناء في إيران، البحرين، مصر، سوريا، المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة هم من بين البلدان التي يُحتجز فيها السجناء في كثير من الأحيان بسجونٍ مزدحمة و قذرة مع أوضاعٍ غير إنسانية كقلة النظافة وعدم الحصول على المياه النظيفة أو الرعاية الطبية اللائقة.
بعد أن أعلنت إيران في وقت سابق من هذا الشهر أنها أفرجت مؤقتًا عن 70.000 سجيناً لوقف انتشار فيروس كورونا، دعا المقرر الخاص للأمم المتحدة جاويد رحمن السلطات إلى إطلاق سراح جميع سجناء الرأي، بمن فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان الذين يقضون عقوبات طويلة وكذلك أولئك الذين اعتقلوا خلال الاحتجاجات في نوفمبر/تشرين الثاني 2019. لم يتم إطلاق سراح أي منهم، بما في ذلك المواطنة الإيرانية-البريطانية نازنين زاغري – راتكليف، التي ذكرت التقارير أنها اصيبت بالفعل بفايروس كورونا. كما ذكر رحمن خلال المؤتمر الصحفي أيضاً قضية المدافعة عن حقوق الإنسان نرجس محمدى. أن المرأتين، إلى جانب محامية حقوق الإنسان نسرين ستوده، كانوا مرضى في السجن قبل تفشي الفيروس. في 16 مارس/آذار، بدأت ستوده ونساء أخريات إضراباً عن الطعام في سجن إيفين احتجاجاً على رفض السلطات إطلاق سراح سجناء الرأي وسط تفشي المرض.
وقال رحمن خلال مؤتمر صحفي في جنيف، حيث وصف الظروف غير الصحية التي تسببت بالفعل في انتشار أمراض معدية أخرى: “إنني قلق للغاية من أن مئات، إن لم يكن الآلاف، من المحتجين المعتقلين في نوفمبر/تشرين الثاني يعانون حالياً من مشقة في المرافق المكتظة.”
أن هذه الظروف تعكس تلك الموجودة في جميع أنحاء المنطقة. “بينما تشدد منظمة الصحة العالمية باستمرار على التباعد الاجتماعي والحجر الصحي والنظافة الشخصية قبل كل شيء، فإن المدافعين عن حقوق الإنسان في السجون في جميع أنحاء الشرق الأوسط لا يتمتعون بامتياز الوصول إلى النظافة المناسبة أو الاستحمام، والكثير منهم يقبعون في السجون المكتظة.” قال خالد ابراهيم، المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان.” واضاف بقوله، “حان الوقت الآن للحكومات في المنطقة للاعتراف بعدم قدرتها على منع انتشار وباء كورونا في السجون، وإطلاق سراح جميع سجناء الرأي من أجل حمايتهم من الفيروس القاتل.”
في البحرين، حيث أضرب 600 سجيناً في سجن جو عن الطعام في أغسطس/آب 2019 احتجاجاً على الظروف السيئة في زنازينهم المكتظة، غالباً ما يضطر السجناء للنوم على الأرض، تناول الطعام السيئ، وشرب الماء القذر. قام المدير المؤسس لمركز الخليج لحقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة مراراً بإضرابٍ موسع عن الطعام احتجاجاً على الظروف السيئة في سجن جو. أن المدير المؤسس الآخر لمركز الخليج لحقوق الإنسان، نبيل رجب، الذي يتم عزله عن المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان، تم احتجازه في بعض الأحيان في زنازين قذرة لدرجة أنه كانت هناك مئات من الحشرات وحتى قطة ميتة.
في الوقت الذي افرجت فيه البحرين عن 1486 سجيناً بدءاً من 11 مارس/آذار “لأسباب إنسانية” تتعلق بكورونا، وبموجب عفوٍ ملكي يسمح بالعقوبات البديلة، لم يكن رجب والخواجة وغيرهم من المدافعين عن حقوق الإنسان من بين المفرج عنهم. في عام 2019 طلب رجب سابقاً خدمة مجتمعية، كما هو حقه بموجب القانون، ولكن طلبه تم رفضه.
في الإمارات العربية المتحدة، يُحتجز المدافعون عن حقوق الإنسان في كثيرٍ من الأحيان في زنازين انفرادية، لكن مع انعدام النظافة. على سبيل المثال، أحمد منصورعضو المجلس الاستشاري لمركز الخليج لحقوق الإنسان محتجز في زنزانة منعزلة بدون فراش أو سرير ولا يُسمح له بمغادرة زنزانته للاستحمام. في بعض الأوقات أثناء سجنه منذ عام 2017 بسجن الصدر، تم قطع شبكة المياه، وتركه بدون ماءٍ في زنزانته.
في المملكة العربية السعودية ، يسجن عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء لمجرد دعوتهم لحقوق المرأة. في حين تم إطلاق سراح بعض النساء بشروطٍ منذ بدء الاعتقالات الجماعية في مايو/ايار 2018، لا يزال البعض الآخر في السجن بانتظار المحاكمة، مثل لجين الهذلول ومايا الزهراني، المقرر مثولهما أمام المحكمة في 18 مارس/آذار 2020. كما أن خبراء الأمم المتحدة طالبوا بالإفراج عنهم ، إلى جانب المدافعين البارزين الآخرين عن حقوق المرأة، بما في ذلك سمر بدوي، نسيمة السادة، نوف عبدالعزيز، ومحمد البجادي.
في سوريا، يُحتجز عشرات الآلاف من المعتقلين في ظروفٍ مروعة بجميع أنحاء البلاد، والكثير منهم محتجزون في أماكن اعتقالٍ غير معروفة التي هي أكثر من مروعة ومزدحمة للغاية، بحسب روايات الناشطين السوريين. يُحتجز الكثيرون في سجون الحكومة السورية منذ سنوات بسبب دفاعهم عن حقوق الإنسان أو مشاركتهم في احتجاجات سلمية أو التعبير عن آراء مخالفة. أن من بينهم محامي حقوق الإنسان البارز خليل معتوق ومساعده محمد ظاظا، اللذان يُعتقد أنهم رهن الاعتقال الحكومي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2012.
في مصر، يُحتجز المئات من المدافعين عن حقوق الإنسان، الأكاديميين، الصحفيين، المحامين والناشطين في انتهاكٍ للقانون الدولي، بما في ذلك محامي وموظف الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عمرو إمام، محامية حقوق الإنسان ماهينور المصري، المدون والناشط البارز علاء عبد الفتاح، والصحافية إسراء عبد الفتاح. وقد تعرض العديد من المعتقلين للتعذيب، وحُجبت عنهم الرعاية الطبية المناسبة حيث يتم احتجازهم في ظروف غير صحية.
يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى اغتنام فرصة انتشار وباء كورونا في جميع أنحاء العالم لاطلاق سراح جميع المدافعين عن حقوق الإنسان وسجناء الرأي لأنهم لا يشكلون خطراً على الجمهور، ولكنهم يتعرضون لخطر كبير بأنفسهم. أثناء الاحتجاز، يجب على السلطات التمسك بقواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لمعاملة السجناء، والمعروفة أيضًا باسم “قواعد مانديلا”، وتوفير مستويات أعلى من نظافة الزنزانات، والوصول المناسب إلى الرعاية الصحية والمرافق الصحية.