نيسان/أبريل ٢٠٢٤ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: ملخص لحرية التعبير من إعداد نسيم طراونة، المحرر الإقليمي لآيفكس، بالاستناد إلى تقارير أعضاء آيفكس وأخبار المنطقة.
دعوات لاتخاذ إجراءات عالمية لمعالجة مسألة سلامة الصحفيين الفلسطينيين؛ الأردن ومصر تقمعان الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين؛ البحرين وإيران تطلقان سراح سجناء الرأي؛ استمرار انقطاع الاتصالات في السودان.
محنة الصحفيين في غزة بعد مرور ستة أشهر
بينما نتصارع مع الحقيقة الصادمة المتمثلة في قيام إسرائيل بقتل أكثر من ١٠٠ صحفي فلسطيني منذ أن بدأت حربها على غزة – قبل ما يقرب السبعة أشهر تقريبا – لا يزال القطاع المحاصر محظور إلى حد كبير، ولا يزال الصحفيون الفلسطينيون يخاطرون بحياتهم لنقل الأحداث هناك.
في إطار دعوة مراسلون بلا حدود المجتمع الدولي إلى تكثيف الضغوط على إسرائيل لوقف المجزرة التي ترتكبها في غزة، طرحت سؤالًا مؤثرًا: “مع مقتل أكثر من ١٠٠ صحافي خلال ستة أشهر في غزة، أين هو المجتمع الدولي؟”
أدى القلق المتزايد من إفلات إسرائيل من العقاب إلى تصاعد مطالب مجموعات من المجتمع المدني. في شهر مارس/آذار، انضمت آيفكس إلى المنظمات الحقوقية التي تدعو الدول الأعضاء في ائتلاف حرية الإعلام إلى اتخاذ إجراءات هادفة من أجل سلامة الصحفيين والوصول إلى المعلومات في غزة:
“إن الصمت الرسمي الجماعي للدول الأعضاء في ائتلاف حرية الإعلام كمجموعة فيما يتعلق بعمليات القتل هذه، بالإضافة إلى تزايد الأدلة على استهداف الصحفيين على وجه التحديد، إلى جانب عدم اتخاذ إجراءات لتمكين وصول الصحفيين الدوليين إلى غزة وتغطية الأحداث فيها، يقلل بشكل خطير من قدرتنا الجماعية على الدفاع بمصداقية عن حرية الإعلام على مستوى العالم.”
على الرغم من الدعوات المستمرة لفتح معبر رفح الحدودي، إلا أن الوصول إلى غزة لا يزال مقيدًا إلى حد كبير. وفقًا لمراسلون بلا حدود، لم تسمح السلطات الإسرائيلية إلا لعدد قليل من الصحفيين في غزة بالخروج من القطاع خلال الأشهر الستة الماضية. أفاد هؤلاء الصحفيون أن المدنيين كانوا يخشون من التواجد بالقرب منهم.
قال المصور الصحفي في وكالة الأنباء الفرنسية محمود همس: “خلال عملية الإجلاء من مدينة غزة [في تشرين الأول/أكتوبر]، لم يرغب البعض أن اقترب منهم خوفا من استهدافي كصحفي،” وأكمل، “كما رفض آخرون أن يؤجرونا منازلًا للعيش، والعمل، والراحة بسبب قناعتهم الراسخة بأن جميع الصحفيين في غزة مستهدفين”.
دعت لجنة حماية الصحفيين إلى إجراء تحقيقات مستقلة في الاعتداءات الإسرائيلية على الصحفيين، بما في ذلك تحقيق عن الاعتداء على أربعة صحفيين من مخيم النصيرات للاجئين؛ كما طالبت لجنة حماية الصحفيين بإجراء تحقيق في حادثة الاعتداء على مستشفى شهداء الأقصى، حيث أصيب ما لا يقل عن ثمانية صحفيين جراء غارة إسرائيلية أصابت مخيما خارج مجمع المستشفى في دير البلح، وسط غزة، في ٣١ مارس/آذار.
وصف ضياء الكحلوت، مدير مكتب العربي الجديد في غزة، الذي اعتقلته القوات الإسرائيلية، واحتجزته في ديسمبر/كانون الأول، والذي تم إجلاؤه إلى مصر من وقتها، ما واجهه خلال ٣٣ يومًا من احتجازه لدى إسرائيل: “خضعت للتعذيب اليومي بأسلوب “الشبح” وهي طريقة تنطوي على تقييد اليدين باتجاه الأعلى أو خلف الظهر مع تعصيب العينين، بالإضافة إلى التعذيب النفسي والجسدي. حتى الذهاب إلى الحمام كان وفقًا لجدول زمني يضعونه هم.”
وصف آلاف السجناء الفلسطينيين المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية بعد ستة أشهر من الاعتقال الإداري، من بينهم أكاديميون ونشطاء مجتمعيون ما تعرضوا له من انتهاكات غير مسبوقة. في تقرير مروع بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، حذرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أن آلاف الأسرى الذين يحتجزهم الجيش الإسرائيلي يتعرضون للانتهاكات الجسدية، والجنسية، والنفسية، بشكل روتيني.
في غضون ذلك، تم إيقاف واعتقال نادرة شلهوب كيفوركيان، أستاذة القانون في الجامعة العبرية في القدس، الشهر الماضي بعد إدلائها بتصريحات معادية للصهيونية في تسجيل صوتي في مارس/آذار. وصف المركز الحقوقي الفلسطيني عدالة – المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية الحقوقية الفلسطينية اعتقال الأستاذة بأنه “انتهاك صارخ لحقوقها، بدافع من أجندة التحريض، والاضطهاد السياسي، والعنصرية”.
إن آرائها وخطابها محمي بموجب حق حرية التعبير والحرية الأكاديمية”.
في خضم هذه الشدائد، فاز المصور الصحفي الفلسطيني محمد جاد سالم بجائزة صورة العام الصحفية العالمية المرموقة عن الصورة المؤثرة التي التقطها والتي عبرت عن حزن امرأة فلسطينية وهي تحمل جثة ابنة أخيها البالغة من العمر خمس سنوات في مستشفى ناصر في خان يونس في جنوب غزة.
قمع إقليمي للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين
في الأردن، لا يزال الهجوم الإسرائيلي على غزة يثير غضبًا وحراكًا واسع النطاق. ففي الشهر الماضي، خرج آلاف الأردنيين إلى الشوارع تضامنا مع الفلسطينيين، مطالبين الحكومة باتخاذ إجراءات حاسمة لدعم غزة، بما في ذلك قطع العلاقات مع إسرائيل وإلغاء الاتفاقيات الاقتصادية.
كما هو متوقع، استجابت السلطات باعتقال المتظاهرين، والناشطين السياسيين، وكذلك الصحفيين الذين يغطون الاحتجاجات. وفقًا لمركز الخليج لحقوق الإنسان، يوفر قانون الجرائم الإلكترونية الأردني لعام ٢٠٢٣ إطارًا قانونيًا للسلطات لتقييد الحريات وفرض الرقابة على التعبير عن التضامن مع غزة، حيث يواجه العديد من المتظاهرين السلميين اتهامات تتعلق بمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي والدعوات لمزيد من المظاهرات.
بالمثل، في مصر، قوبلت المظاهرات الدعمة لفلسطين بقمع شديد من قبل قوات الأمن، وسرعان ما تم تفريق الاحتجاجات المنددة بالفظائع في غزة والمطالبة بالمحاسبة على جرائم الحرب، أمام مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في القاهرة، حيث تم اعتقال العديد من الناشطات لفترة وجيزة، ومنهن شخصيات بارزة مثل لبنى درويش ومحاميتي حقوق الإنسان ماهينور المصري وراجية عمران.
انقطاع الاتصالات في السودان
بعد مرور عام على اندلاع الحرب الأهلية في السودان، لا تزال وسائل الإعلام في البلاد تواجه تهديدات خطيرة؛ فمنذ بدء القتال في ١٥ أبريل/نيسان من العام الماضي، واجه الصحفيون اعتداءات، واعتقالات، وقتل على أيدي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
أدى التعتيم المفروض على شبكات الاتصالات إلى إعاقة التغطية الإعلامية، مما جعل العديد من الصحفيين عالقين أو غير قادرين على تغطية الأخبار من المناطق المحاصرة، مما أغرق البلاد في معركة معلوماتية مسمومة. في الشهر الماضي، أوقفت السلطات عمل ثلاث وسائل إعلامية، فيما وصفته نقابة الصحفيين السودانيين بأنه “انتهاك صريح لحرية التعبير وحرية الصحافة.”
ذكر منتدى الإعلام السوداني (SMF)، وهو تجمع للصحفيين المستقلين والمؤسسات الإعلامية السودانية، في افتتاحية مشتركة:
إلى جانب إسكات وسائل الإعلام الحرة، تشن الأطراف المتحاربة حرب معلومات موازية؛ إذ تتلاعب الدعاية، وخطاب الكراهية، والأخبار الملفقة بالمدنيين، وتعيق الوصول إلى الحقيقة، كما تؤدي شبكات الاتصالات المقطوعة إلى عزل المواطنين عن أحبائهم والموارد الأساسية.
قال عطاف محمد، رئيس تحرير صحيفة السوداني المحلية المستقلة، معربا عن أسفه لحجم التعتيم، وتأثيره على التغطية الإخبارية: “يبدو الأمر وكأننا عدنا إلى العصور المظلمة،” وأكمل “في هذه المرحلة، قد يكون من الأسهل الاعتماد على الحمام الزاجل لإرسال الرسائل إلى جميع أنحاء البلاد، لكنني متأكد من أن قوات الدعم السريع ستطاردها وتبيعها كغذاء مقابل ثمن باهظ.”
إيران: إطلاق سراح دعاة حماية البيئة، لكن القمع مستمر
اتُهمت قوات الأمن الإيرانية بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاغتصاب، والتعذيب، والاعتداء الجنسي، خلال قمع الاحتجاجات واسعة النطاق في عامي ٢٠٢٢ و٢٠٢٣، وفقًا لتقرير جديد صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش (HRW). وثق التحقيق حالات لمعتقلين، لا سيما من مناطق الأقليات العرقية، تعرضوا لمعاملة وحشية من أجل انتزاع اعترافات كاذبة. وصف الناجون بمن فيهم نساء، ورجال، وأطفال، تجارب مروعة من الاغتصاب والتعذيب على أيدي قوات الأمن.
سلطت التطورات الأخيرة الضوء على الحاجة الملحة للمساءلة وحماية الحقوق الأساسية في الفضاء المدني القاتم في إيران.
تم العفو عن أربعة من دعاة حماية البيئة في إطار عفو عام، بعد قضائهم ست سنوات من الاعتقال. على الرغم من الأخبار مرحب بها، إلا أن إطلاق سراحهم المتأخر، لم يغير كثيرًا لتغيير من المناخ القمعي في إيران، خاصة في شهر تم فيه الحكم على مغني الراب المسجون، توماج صالحي، بالإعدام بسبب تعبيره. في نوفمبر/تشرين الثاني، ألغت المحكمة العليا الإيرانية حكم السجن لمدة ست سنوات على صالحي وأفرجت عنه بكفالة، لكن قوات الأمن أعادت اعتقاله بعد ١٢ يومًا.
اعتقل رسول جالبهان، رئيس تحرير صحيفة أورمية ٢٤ الإخبارية الناطقة باللغة الكردية، بتهم غير معروفة، بينما اعتقلت قوات الأمن رسامة الكاريكاتير، أتينا فرقداني، بعنف لمحاولتها عرض رسومها الكاريكاتورية الناقدة. اعتُقلت الصحفية الطالبة دينا قاليباف بعد أن نشرت تقارير عن حوادث الاعتداء الجنسي وسوء المعاملة العنيفة على يد عملاء شرطة الآداب ضدها وضد نساء أخريات على وسائل التواصل الاجتماعي.
كما رفعت السلطات أيضًا دعاوى قضائية ضد العديد من الصحف والصحفيين، بتهمة “إزعاج الرأي العام”، حسبما ورد.
أكبر عفو عن السجناء في البحرين
كان الإفراج غير المشروط عن أكثر من ١٥٠٠ سجين في البحرين الشهر الماضي، بما في ذلك معتقلين سياسيين، بمثابة أكبر عفو ملكي منذ الانتفاضات العربية عام ٢٠١١. كان المدافع البارز عن حقوق الإنسان، ناجي فتيل، والصحفي محمود عبد الرضا الجزيري من بين أولئك الذين أفرج عنهم بعد سنوات من جهود المناصرة التي بذلتها المنظمات الدولية. نسبة إلى المراقبين تعكس هذه الخطوة المفاجئة الجهود التي تبذلها البلاد لمعالجة المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان والتي أدت إلى توتر العلاقات مع الحلفاء الغربيين.
مع ذلك، لا تزال المخاوف قائمة حيث لا يزال المئات من السجناء السياسيين محتجزين، بما فيهم أعضاء مجموعة البحرين ١٣، مما أثار دعوات للإفراج عنهم وتحسين ظروفهم. يواصل أعضاء آيفكس إثارة قضايا النشطاء الحقوقيين البارزين مثل حسن مشيمع، وعبد الهادي الخواجة، والدكتور عبد الجليل السنكيس، المضرب عن الطعام لمدة أكثر من ١٠٠٠ يوم، ولا يزال محرومًا من العلاج الطبي.
العراق: تجريم نشاط مجتمع الميم، ومقتل مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي
أقر البرلمان العراقي تعديلًا يجرم نشاط مجتمع الميم، وقد تصل العقوبة إلى السجن لمدة تصل إلى ١٥ عامًا في حال ممارسة نشاط جنسي مثلي. كما يعاقب القانون “الممارسات التي تشبه النساء”، ويحظر المنظمات التي تروج لحقوق المثليين. في غضون ذلك، فتحت السلطات تحقيقا في مقتل ناشطة مواقع التواصل الاجتماعي، غفران مهدي سوادي، المعروفة بإسم “أم فهد” بعد إطلاق النار عليها خارج منزلها وسط بغداد. في فبراير/شباط ٢٠٢٣، حكمت عليها محكمة بالسجن لمدة ستة أشهر بعد أن قررت أن مقاطع الفيديو الخاصة بها تحتوي على “خطاب غير لائق يمس بالحياء والأخلاق العامة”. تأتي وفاتها في إطار نمط من العنف ضد شخصيات بارزة على وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد.
الجدير بالذكر أيضًا
على مدى الشهرين المقبلين، سيتعاون عضوا آيفكس سمكس وحملة لمواجهة التحديات الملحة في المجال الرقمي، حيث سيُعقد مؤتمر سمكس غير المخصص خبز ونت أونلاين: الحقوق الرقمية في أوقات الحرب، في الفترة من ١٣ إلى ١٥ مايو/أيار، ويتناول الحقوق الرقمية في أوقات النزاع، بما في ذلك موضوعات مثل الوصول إلى الإنترنت، والإشراف على المحتوى، والمعلومات المضللة، وخصوصية البيانات. في ٤ و٥ حزيران/يونيو، سيتناول منتدى فلسطين للنشاط الرقمي الذي تنظمه “حملة” استخدام الذكاء الاصطناعي في أنظمة الاستهداف وتقنيات التعرف على الوجه في زمن الحرب.
يحلل تقرير سمكس الأخير، “من المشاركة إلى الصمت“، سياسات وممارسات إدارة المحتوى لمنصات التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بمحتوى الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية (SRHR) في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا.
تتناول ورقة بحثية جديدة من حملة “تأثير اليوتيوب على الحقوق الرقمية الفلسطينية خلال الحرب على غزة” وكيف أدى نشر المحتوى الإشكالي إلى زيادة التحريض على الكراهية والعنف ضد الفلسطينيين.