عرقلت عوائق عمليات التنظيم والتواصل الفعال في احتجاجات التضامن الفلسطيني.
نشر أولًا على سمكس.
[من المحرر] أثناء نشر هذه المقالة، نقف لدى آيفكس شاهدين على التصعيد الفظيع للعنف في فلسطين وإسرائيل، وفي هذا السياق شديد القلق، نعرب عن تضامننا مع أعضاء آيفكس، مدى وحملة وإعلام و Visualizing Impact، ومع زملائنا في المنطقة، حيث انتشرت تبعات الصراع إلى حدودهم.
خرج الأردنيون/ات خلال الأيام القليلة التي تلت يوم 8 تشرين الأول/ أكتوبر إلى الشوارع، في تظاهراتٍ نظّموها دعمًا لأهالي قطاع غزة الذي ما زال حتى لحظة نشر هذا المقال تحت القصف الإسرائيلي المستمر. طالب المتظاهرون خلال تحرّكاتهم/ن بوقف إطلاق النار وإلغاء الاتفاقيات بين الأردن و”إسرائيل”، وسط عقباتٍ وتعقيداتٍ صعّبت عليهم/ن تنظيم صفوفهم/ن والتواصل فيما بينهم/ن.
واجه الفلسطينيون/ات، في مناطق الضفة الغربية تحديدًا، والأردنيون/ات، بدورهم/ن حصارًا بالتزامن مع الأحداث الجارية في غزة. في الأردن، واجه المواطنون/ات خلال فتراتٍ معينة تضييقًا كبيرًا تمثّل بتعطيلهم/ن وتفتيشهم/ن عند خروجهم/ن للمشاركة بتحركات هدفها إظهار التضامن مع الغزاويين/ات والتنديد بجرائم الاحتلال، فضلًا عن تشويشٍ كبيرٍ على شبكة الانترنت وكافة الاتصالات، بحسب متظاهرين/ات تحدّثوا إلى سمكس وفضّلوا عدم الإفصاح عن هويّاتهم/ن حفاظًا على أمنهم الشخصي.
تقول بيان أبو طعمية، وهي شابة أردنيّة كانت من بين المشاركين/ات في التظاهرات، في مقابلةٍ مع سمكس، إنّه ومنذ 8 تشرين الأول/أكتوبر، بدأت شبكة الإنترنت تضعف تدريجيًا خاصة خلال أيام الاعتصامات، مشيرة إلى أنّ نشر تغريدة بات يتطلّب ساعةً كاملة في بعض الأحيان، وكان المتظاهرون/ات عاجزين عن التواصل فيما بينهم/ن لتنسيق تحرّكاتهم/ن والاطمئنان على بعضهم/ن البعض.
إضافة إلى ذلك، تضيف أبو طعمية لـسمكس أنّ شبكة الاتصالات كانت تتعطّل بالتزامن مع تعطّل خدمة الإنترنت، وأنّ التشويش يزداد خلال الأيام التي تشهد أعمال شغبٍ أو عنف، واشتباكاتٍ بين المتظاهرين ورجال الأمن.
تتفق ريم (اسم مستعار فضّلت استخدامه حفاظًا على سلامتها) مع أبو طعمية حول التشويش على الإنترنت أثناء الاعتصامات، وتروي تجربتها لـسمكس قائلة إنّه وفي المناطق المحيطة لمواقع المظاهرات، يصعب الوصول إلى الإنترنت، ويتعذّر إرسال الصور أو رفع الفيديوهات على مواقع التواصل أو حتى فتح قنوات “تلغرام”، لافتةً إلى أنها استطاعت بعد جهدٍ جهيد الاتصال بخدمة الإنترنت بسرعة “ثري جي” (3G).
يختلف الوضع في الضفة الغربية عما هو عليه في الأردن. في حديثٍ لـسمكس، يوضح جلال أبو خاطر، مدير المناصرة في “مركز حملة”، وهو مؤسسة أهلية غير ربحية تعمل على مناصرة الحقوق الرقمية الفلسطينية، أنّ المتظاهرين عانوا من انتهاكٍ سافر في الخصوصية بسبب اقتحام قوات الاحتلال للمساحات الرقمية الخاصة بهم، بعد أن انتزعت هواتفهم بالقوة، وأجبرتهم/ن على الإفصاح عن كلمات السر الخاصة بحساباتهم على مواقع التواصل.
سُجّلت انتهاكاتٌ أخرى في الضفة الغربية بين مضايقاتٍ وتشهيرٍ عبر مواقع التواصل، أدّت بدورها إلى استدعاءاتٍ أمنية واعتقالاتٍ ونتائج وصلت حدّ الأذى الجسدي والصّرف من العمل. أما في قطاع غزة، رُصد قطع كافة أشكال الاتصال والانترنت بشكل كامل من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدّة مرات، ما يشكّل تعديًا واضحًا على حقوق الإنسان الأساسية، يضيف أبو خاطر لـسمكس.
في الأردن، كان التشويش الذي عرقل الاتصالات واضحًا، إلا أنّه كان صعب التقفّي والرصد. في هذا الصدد، يقول الخبير التقني عيسى محاسنة لـسمكس، إنّه من الصعب التأكّد مما إذا كان هناك تشويشٌ على الشبكة، إلا في حال فحصها أثناء المظاهرات.
تشتمل العوامل المؤثرة في عملية رصد التشويش، وفقًا لمحاسنة، على عدد الأشخاص المشاركين في المظاهرة مقارنةً بعدد الأبراج القريبة من المنطقة قيد الدراسة، مؤكّدًا أنّ التجمعات القليلة التي تتألف من 100 شخص مثلًا لا تشكّل ضغطًا على الشبكة، إلا أنّ وجود الآلاف في منطقة واحدة قد يؤثّر على عملها.
ويشير محاسنة لـسمكس إلى وجود أجهزةٍ تُستخدم خصيصًا للتشويش على شبكات الاتصالات والإنترنت، وهي منتشرة ومستخدمة حول العالم، “إلا أننا ما زلنا غير قادرين على التأكّد مما إذا كانت قد استُخدمت بالفعل خلال المظاهرات التي خرجت دعمًا لغزة في فلسطين والأردن”، لافتا إلى أن التشويش يؤثّر على كافة مستخدمي شبكات الاتصال بالقدر نفسه، أي بمعنى آخر، وعلى سبيل المثال، لا يُميز التشويش بين مستخدمي شبكة “أورنج” أو “زين”، إذ يطال الجميع.
وفي ظلّ غياب الدليل التقني، لا يمكن لأيّ جهة إثبات حدوث التشويش، كما أنّ التفاوت في شدة اتصال الشبكة بين يومٍ وآخر لا يُعتبر دليلًا على وجود ضغط على الشبكة، بحسب محاسنة.
منذ 9 تشرين الأول/أكتوبر، يعاني سكّان غزّة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من انقطاع مدمّر وشبه كامل للاتصالات، ما أدّى إلى تفاقم معاناتهم تزامنًا مع تعرّضهم للقصف العنيف من قبل القوات الإسرائيلية التي تطبق الحصار عليهم من دون ماء أو طعام أو وقود أو دواء. تساهم عدم قدرة سكّان غزّة على الوصول إلى الإنترنت ووسائل الاتصال بشكلٍ دائم في تعزيز حالة الخوف وعدم اليقين التي يعيشونها، إذ لا يستطيعون الاطمئنان على أحبّائهم، أو التواصل معهم، أو الوصول إلى المعلومات المنقذة للحياة، أو توثيق انتهاكات حقوق الإنسان والأعمال الوحشية التي تحدث على أرض الواقع.
للمرة التاسعة منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، انقطعت خدمات الاتصالات والإنترنت، اليوم الأربعاء، عن أهالي قطاع غزة بسبب القصف الإسرائيلي المستمرّ. وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إنّ قطع هذه الخدمات “جريمة متكاملة مع سبق الإصرار”، لافتًا إلى أن استمرارها يعمل على “تعميق الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع”. وكانت شركتا الاتصالات الفلسطينيتان العاملتان بقطاع غزة قد أعلنتا يوم الجمعة الماضي أن انقطاعا طرأ على خدمات الاتصالات والإنترنت في معظم أنحاء القطاع.
وانخفضت حركة الإنترنت في كلّ غزة بنسبة تزيد عن 80% طوال شهر تشرين الأوّل/أكتوبر 2023، كما كان انقطاع التيار الكهربائي في غزة نتيجة عدّة هجمات مباشرة على البنية التحتية المدنية للاتصالات، والقيود المفروضة على الوصول إلى الكهرباء، والأعطال التقنية لخدمات الاتصالات.