واجه الصحفيون/ات ووسائل الإعلام الفلسطينية عدداً متزايداً من الانتهاكات ضدهم في عام 2019 وفقًا لتقرير سنوي صادر عن المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)
تم نشر هذا التقرير اولاً على موقع المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) بتاريخ 3 شباط 2020
نشر المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الاعلامية “مدى” وبدعم من الإتحاد الاوروبي ضمن مشروع “خطوة الى الامام نحو تعزيز حرية التعبير في فلسطين” نتائج تقريره السنوي حول الحريات الاعلامية في فلسطين خلال العام الماضي 2019.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم الثلاثاء في تلفزيون وطن، شارك فيه كل من الدكتور غازي حنانيا رئيس مجلس ادارة مركز مدى، والسيد موسى ريماوي المدير العام للمركز، والصحفي معاذ عمارنة، والصحفية كريستين ريناوي.
في بداية المؤتمر الصحفي وجه السيد موسى الريماوي التحية لكافة الصحفيين وخاصة الصحفيين الفلسطينيين الذين يواجهون ادوات القمع الاسرائيلية لنقل حقيقة ما يجري على ارض الواقع، وأكد الريماوي على رفض ما يسمى بصفقة القرن والتي تكرس دولة ابارتهيد وانتهاكات حقوق الانسان في فلسطين ومن ضمنها الحريات الإعلامية والصحفية في فلسطين، كما رحب مجدداً بالنهج الذي اعلنت عنه الحكومة الفلسطينية في بداية توليها والذي يرفض الاعتداءات والانتهاكات ضد الصحفيين وعلى خلفية الرأي والتعبير، والذي لُمس على أرض الواقع من خلال انخفاض اعداد الانتهاكات في الضفة الغربية لكن لكن حجب 49 موقعا بقرار من محكمة الصلح في رام الله شكل نكسة لحرية التعبير.
ومن جانبه استعرض الدكتور غازي حنانيا نتائج التقرير السنوي للحريات الاعلامية 2019، مشيراً في البداية الى جهود مركز مدى في تسليط الضوء على الانتهاكات التي تمارس ضد الحريات الاعلامية في فلسطين من قبل سلطات الاحتلال او او شركة فيس بوك، بالاضافة للاطراف الفلسطينية، واضاف ان مركز مدى كان قد عقد اجتماعا مع رئيس الوزراء الفلسطيني د.محمد شتية لاطلاعه على حالة الحريات الاعلامية والمطلوب من الحكومة الفلسطينية.
وقد بين أن مركز مدى رصد ووثق ما مجموعه 678 انتهاكا ضد الحريات الاعلامية في فلسطين (ارتكبت قوات وسلطات الاحتلال الاسرائيلية ما مجموعه 297 اعتداء (نحو 44%)، فيما ارتكبت شركات التواصل الاجتماعي 181 انتهاكا (27%)، في حين ارتكبت جهات فلسطينية مختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة ما مجموعه 200 انتهاك (29%) من مجمل الانتهاكات) ، مشيرا الى ان ارتفاع اعداد الانتهاكات جاء نتيجة لما ارتكبته شركات التواصل الاجتماعي (فيسبوك تحديدا) من انتهاكات ضد المحتوى الفلسطيني، واستهدافها للصفحات الاخبارية والحسابات الخاصة لصحافيين واعلاميين.
وجه الصحفي معاذ عمارنه الشكر لكل من تضامن معه من صحفيين ومؤسسات بعد إصابته برصاص قوات الاحتلال والتي ادت الى فقدان عينه، وشدد عمارنه على ضرورة المحافظة على تماسك الجسم الصحفي لمواجهة اعتداءات الاحتلال الاسرائيلي ضد الصحفيين الفلسطينيين والذي يحارب الصورة والرواية الفلسطينية بكافة الطرق ويحاول منع الصحفي من نقل حقيقة ما يجري على أرض الواقع، كما أشار عمارنة الى ان جيش الاحتلال يتعامل مع الصحفي الفلسطيني كعدو على الأرض ويستهدفه بشكل مقصود، وخير دليل على ذلك هو اصابته المتعمدة من قبل قناصة الاحتلال الذين أطلقوا عليه الرصاص بشكل مباشر وعمدوا على تصوير مكان الاصابه لتوثيقها، وفي هذا رسالة مباشرة وواضحة للصحفيين من قبل الاحتلال بأن صورتك الصحفية القوية ستكون سبب إصابتك. وقد أوصى عمارنة كافة الصحفيين الميدانيين بضرورة اتخاذ كافة اشكال السلامة المهنية اثناء العمل الاعلامي الميداني والتدريب على اجراءات السلامة المهنية كما وجه رسالة للمؤسسات المعنية بحقوق الصحفيين وحقوق الانسان بأن تعمل على نقل حقيقة ما يجري من انتهاكات ضد الصحفيين الى العالم، والعمل على توفير الحماية الدولية للصحفي الفلسطيني.
أما الصحفية كريستين ريناوي فقد أشارت الى اغلاق مكتب تلفزيون فلسطين في القدس من قبل سلطات الاحتلال بتاريخ 20/11/219 ومنع الصحفيين العاملين فيه من ممارسة العمل الصحفي لمدة 6 شهور، وبينت ريناوي بان قرار الاغلاق هو قرار سياسي يأتي ضمن الهجمة الممنهجة ضد مدينة القدس، كما أكدت ريناوي أن الاحتلال يتعامل مع الصحفي كجزء من المشكلة بسبب قوة الصور وقدرتها على نقل الحقيقة وأضافت بأنها كانت قد تعرضت للتحقيق معها 3 مرات خلال شهر واحد وتم منع طواقم العمل في مكتب القدس من مواصلة تقديم برامجهم في الميدان حيث تم اعتقال زملاءها على الهواء مباشرة وأخضعوا للتحقيق. وفي ختام حديثها بينت ريناوي انه مهما حاولت قوات الاحتلال عرقلة عمل الصحفي الفلسطين إلا ان التغطية ستبقى مستمرة لان الصحفي الفلسطين صاحب رسالة.
ملخص حول نتائج تقرير الحريات الاعلامية 2019
يشير التقرير الى ان العام 2019 لم يحمل أي جديد ايجابي ملموس على صعيد احترام الحريات الاعلامية ووضع حد للاعتداءات ضد الصحافيين/ات ووسائل الاعلام، حيث واصلت قوات وسلطات الاحتلال الاسرائيلية وبوتيرة كبيرة ارتكاب مختلف انواع الاعتداءات لا سيما الاعتداءات الجسدية منها، وباتت شركات/شبكات التواصل الاجتماعي تشكل بوابة أخرى لقمع الحريات الاعلامية ومحاربة المحتوى والرواية الفلسطينية، وذلك استنادا لرؤية ولمعايير دولة الاحتلال الاسرائيلية، منذ الاتفاق او التفاهمات التي توصلت اليها شركة “فيسبوك” مع دولة الاحتلال سنة 2016.
وحسب التقرير، فان مركز “مدى” رصد ووثق خلال العام 2019 ما مجموعه 678 انتهاكا ضد الحريات الاعلامية في الضفة الغربية وقطاع غزة (بما فيها مدينة القدس المحتلة)، ما يشكل ارتفاعا اجماليا مقداره 94 نقطة (16%) عن مجمل عدد الانتهاكات المسجلة في العام 2018 الذي سبقه، مشيرا الى ان هذا الارتفاع جاء أساسا كنتاج لما ارتكبته شركات التواصل الاجتماعي (فيسبوك تحديدا) من انتهاكات.
وارتكبت قوات وسلطات الاحتلال الاسرائيلية خلال العام 2019 ما مجموعه 297 اعتداء (نحو 44% من مجمل ما وقع من اعتداءات)، فيما ارتكبت شركات التواصل الاجتماعي 181 انتهاكا (27%)، في حين ارتكبت جهات فلسطينية مختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة ما مجموعه 200 انتهاك (29% من مجمل الانتهاكات المسجلة).
وطالت هذه الاعتداءات ما مجموعه 503 من الصحفيين، منهم 456 صحافيا و47 صحافية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويشير “مدى” في تقرير السنوي الى ان الصحافيين/ات ووسائل الاعلام الفسلطينية كانوا قبل عشر سنوات يتعرضون لما معدله 18 اعتداء في الشهر الواحد، لكن ذلك ارتفع تدريجياً حتى بلغ في العام 2019 ما معدله 56.5 اعتداء كل شهر، اي ان الصحافيين/ات ووسائل الاعلام الفلسطينية اصبحوا يتعرضون لما معدله اعتداء واحد كل 12.7 ساعة.
الانتهاكات الاسرائيلية:
ويوضح التقرير ان عدد انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي شهد خلال العام 2019 تراجعا ملحوظا (حوالي 35%) مقارنة بما كانت عليه في العام الذي سبقه، لكن هذا التراجع لم يعكس تحسناً في احترام قوات وسلطات الاحتلال الاسرائيلية لحرية الصحافة في فلسطين، بل يعود لمحدودية الاحداث والاحتكاكات الميدانية، وان تعامل قوات الاحتلال مع وسائل الاعلام ازداد عنفا، وان نظرة تفصيلية لنوعية الاعتداءات الاسرائيلية تفضح ذلك حيث ان نسبة الاعتداءات الجسدية (على سبيل المثال) من مجموع الاعتداءات الاسرائيلية المسجلة ازدادت مقارنة بما كانت عليه وشكلت ما نسبته 54% من مجمل الاعتداءات الاسرائيلية.
وجاءت الاعتداءات الاسرائيلية ضمن 11 نوعا، منها خمسة أنواع تعتبر الاشد خطورة على حياة الصحافيين/ات والحريات الاعلامية وهي: الاعتداءات الجسدية، واعتقال الصحافيين/ات او توقيفهم، ومصادرة او احتجاز او اتلاف معدات العمل، واستخدام بعض الصحافيين كدروع بشرية اثناء عملهم في الميدان، واغلاق او تدمير المؤسسات الاعلامية. وشكلت (الانواع الخمس الاشد خطورة) حوالي 72% من مجمل الاعتداءات الاسرائيلية المسجلة في العام 2019.
ويشير مركز “مدى” في تقريره السنوي الى ان العنف الشديد والاستهداف المباشر والمتعمد اصبح الخيار الاول لقوات وسلطات الاحتلال الاسرائيلية في تعاطيها اليومي مع الصحافيين/ات ووسائل الاعلام، ضمن مساعيها لاقصائهم عن ميادين العمل، فمن بين مجموع الاصابات الجسدية البالغة 159 اعتداء ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلية ضد الصحافيين/ات خلال العام 2019، فان 94 صحافيا/ة من ضحايا هذه الاعتداءات أصيبوا باعيرة نارية ومعدنية ومطاطية وبقنابل غاز مباشرة، ما الحق بالعشرات منهم اصابات شديدة وخطيرة، كحالة الصحفي معاذ عمارنة الذي فقد عينه اليسرى جراء عيار ناري اطلق نحوه بينما كان يغطي احتجاجا شعبيا سلميا في صوريف بالخليل.
وعلى سبيل الماثل فقد بلغ عدد الصحافيين/ات الذين اصيبوا بقنابل غاز مباشرة اطلقها الجنود الاسرائيليون عليهم 42 صحافيا/ة، 18 منهم اصيبوا في الاجزاء العلوية الحساسة من الجسد، (تسعة من هؤلاء اصيبوا في الرأس والوجه والتسعة الاخرون اصيبوا في الرقبة او الصدر او الظهر).
انتهاكات شركات التواصل الاجتماعي:
شهد عام 2019 دخول شركة “فيسبوك” كمُنتهك رئيسي للحريات الاعلامية في فلسطين، وذلك ترجمة لتفاهمات كانت توصلت لها الحكومة الاسرائيلية مع شركة “فيسبوك” عام 2016، تحت يافطة محاربة “التحريض”.
رصد “مدى” ووثق خلال العام 2019 ما مجموعه 181 انتهاكا ارتكبتها شركات/شبكات التواصل الاجتماعي (180 منها ارتكبتها فيسبوك وواتس اب التابعة لها) اي ما نسبته 27% من مجمل الانتهاكات، وهذا رقم يضاهي مجمل ما ارتكبته الجهات الرسمية الفلسطينية في كل من الضفة وغزة مجتمعتين، والذي شكل نحو 29%.
وتمثلت هذه الانتهاكات بقيام شركة فيسبوك باغلاق صفحات اخبارية (تتبع مؤسسات اعلامية مختلفة)، واخرى خاصة بصحافيين/ات فلسطينيين، او حجبها لفترات محددة، او حذف محتويات نشرت عليها، او منع القائمين عليها من القدرة على النشر، الامر الذي طال الى جانب الصحافيين/ات ووسائل الاعلام، مئات اخرى من المواطنين/ات الفلسطينيين الذين اغلقت “فيسبوك” حساباتهم ايضا.
ويوضح مركز “مدى” في تقريره السنوي ان شركة “فيسبوك” تتصرف بشكل احادي الاتجاه، وتحصر تحركها بما تعتبره اسرائيل محتوى فلسطينيا “تحريضيا” ضدها، دون ان تلتفت (فيسبوك)، الى ما تزخر به شبكات التواصل الاجتماعي الاسرائيلية من خطاب يُحرض على العنف والكراهية ضد الفلسطينيين، حيث ذكرت فيسبوك في تقرير الشفافية الذي اصدرته انها تلقت خلال العام 2018 ما مجموعه 1321 طلبا اسرائيليا بخصوص اغلاق وحجب مواقع وانها “تعاملت” مع حوالي 72% منها، كما وتلقت في النصف الاول من العام 2019، ما مجموعه 709 طلبات اسرائيلية قالت انها “تعاملت” مع 76% منها.
الانتهاكات الفلسطينية:
شهد عدد الانتهاكات الفلسطينية التي سجلت في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال العام 2019 ارتفاعاً ملحوظاً، نجم عن ارتفاع شديد سجل في قطاع غزة مقارنة بما كانت عليه في العام 2018.
ورصد مركز “مدى” ووثق خلال العام 2019 ما مجموعه 200 انتهاك ارتكبتها جهات فلسطينية في الضفة وغزة، ما يشكل ارتفاعا نسبته 55% عما سجل في العام 2018 الذي شهد 129 انتهاكا فلسطينيا، علما ان هذا الارتفاع سجل حصراً في قطاع غزة.
وتوزعت هذه الانتهاكات على 87 انتهاكا وقعت في الضفة، (وهو رقم مماثل لما كان سجل بالضفة عام 2018 الذي شهد 88 انتهاكا)، و113 انتهاكا فلسطينيا وقعت عام 2019 في غزة، ما يشكل ارتفاعا نسبته حوالي 276% عما سجل في العام الذي سبقه، حيث كان شهد 41 انتهاكا.
ويشير الى ان حكومة الدكتور محمد اشتية اشاعت أجواء ايجابية فيما يتصل بالحريات الاعلامية في فلسطين وعدم المساس بها، وأبدت التزاماً واضحاً بذلك، وان عدد الانتهاكات المعتاد تسجيلها في الضفة الغربية لامس الصفر تقريبا على امتداد الشهور التي اعقبت تنصيبها في نيسان 2019، ولكن محكمة صلح رام الله اصدرت بتاريخ 17/10/2019 قرارا يقضي باغلاق ما مجموعه 49 موقعا اخباريا وصفحة على فيسبوك، ما بدد الاجواء الايجابية التي أشاعتها حكومة اشتية، وأعاد احياء المخاوف بهذا الشأن الى سالف عهدها.
ومن ابرز الانتهاكات الفلسطينية التي سجلت عام 2019 اضافة الى اغلاق عشرات المواقع الالكترونية، تسجيل ما مجموعه 46 حالة توقيف واعتقال ارتكبتها جهات فلسطينية، (15 منها في الضفة و 31 في غزة) خاصة وان قسما كبيرا من الاعتقالات التي وقعت في غزة تحديداً (18حالة منها) ترافقت مع عمليات تعذيب جسدية شديدة علما ان حالة تعذيب وحيدة سجلت في الضفة.
الرجاء الضغط هنا لقراءة التقرير كامل