مع استمرار حجب مئات مواقع الأخبار وحقوق الإنسان ، استهدفت السلطات المصرية أحد آخر الأصوات المستقلة في البلاد.
تم نشر هذا البيان أولاً على موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 26 تشرين الثاني 2019
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن قوات الأمن المصرية داهمت مقر موقع “مدى مصر” الإخباري المستقل في القاهرة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 كجزء من قمع الحكومة لحرية الإعلام في مصر.
احتجز ضباط أمن بملابس مدنية الصحفيين والإعلاميين في مقر مدى مصر لعدة ساعات وصادروا مقتنيات الموظفين. احتجزت قوات الأمن لفترة وجيزة رئيسة تحرير الموقع لينا عطا الله، وصحفيَين مصريين، وصحفييَن أجنبيَين، بحسب تغريدات نشرها مدى مصر. جاءت المداهمة بعد نشر الموقع في 20 نوفمبر/تشرين الثاني تقريرا عن إبعاد نجل الرئيس عبد الفتاح السيسي، محمود السيسي، من منصبه كضابط كبير في جهاز “المخابرات العامة”.
قال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “تبدو مداهمة قوات الأمن لمدى مصر، أحد آخر وسائل الإعلام التي ليست بوقا للحكومة في مصر، جزءا لا يتجزأ من هجمات الرئيس السيسي على حرية الإعلام. يبدو أن الرئيس السيسي مصمم على تدمير جميع المؤسسات الصحفية المستقلة في البلاد”.
في 23 نوفمبر/تشرين الثاني، قبل يوم من المداهمة، اعتقلت السلطات المصرية الصحفي في مدى مصر شادي زلط من منزله بالقاهرة واحتجزته في مكان سري لأكثر من 30 ساعة. ألقته قوات الأمن على قارعة الطريق الدائري في القاهرة في وقت لاحق من اليوم التالي، في تزامن مع انتهاء مداهمة مكتب مدى مصر.
قال مدى مصر إن تسعة عناصر أمن بملابس مدنية اقتحموا المكتب حوالي الساعة 1:30 ظهرا في 24 نوفمبر/تشرين الثاني، وصادروا حواسيب محمولة وهواتف خلوية تعود إلى الموظفين. رفضت قوات الأمن إخبار العاملين عن هويتها ولم تبرز مذكرة تفتيش.
احتجزت قوات الأمن جميع الموجودين في المكتب لساعات ورفضت السماح بدخول المحامين إلى أن اقتادت لاحقا عطا الله وزميلَيها، محمد حمامة ورنا ممدوح، إلى قسم شرطة الدقي في القاهرة. ثم اقتيد الثلاثة في ميكروباص للشرطة، متجهين على ما يبدو إلى نيابة أمن الدولة. لكن العربة غيّرت مسارها فجأة وأعادتهم إلى قسم الشرطة، حيث أطلق سراحهم حوالي الساعة 6:15 مساء.
غرد مدى مصر أن قوات الأمن رافقت صحفيَين أجنبيَين يعملان مع مدى مصر، الأمريكي إيان لوي، والبريطانية إيما سكولدينغ، إلى شقتيهما، حيث صورت جوازَي سفرهما. كما اعتقلت الشرطة لفترة وجيزة طاقم “فرانس 24” الذي كان في مكتب مدى مصر وقت المداهمة لمقابلة عطا الله. غرد مدى مصر أن ممثلي السفارة الفرنسية حاولوا لمدة ساعة ونصف الدخول إلى مكتب مدى مصر لمرافقة طاقم فرانس 24 قبل أن يُسمح له بذلك.
في وقت متأخر من ليلة 25 نوفمبر/تشرين الثاني، قالت نيابة أمن الدولة في بيان إن المداهمة وقعت بتوجيه النيابة العامة “بعدما عُرض على النيابة محضر تحريات جهاز الأمن الوطني والذي أفاد بإنشاء جماعة الإخوان الموقع لنشر أخبار وشائعات كاذبة لتكدير الأمن العام”. وثّقت هيومن رايتس ووتش ومنظمات عديدة أخرى كيف أن مذكرات الأمن الوطني هي مزاعم من ضباطه بلا أي سند. غالبا لا تشكل هذه المزاعم أي جريمة معترف بها بموجب القانون الدولي وتنتهك الحقوق الأساسية.
قامت حكومة السيسي باحتجاز أو سجن عشرات الصحفيين. لا يزال حوالي 30 صحفيا مسجونين، ما يجعل مصر من بين الدول التي تضم أكبر عدد من الصحفيين المسجونين، وفقا لمنظمة “مراسلون بلا حدود”، والتي وضعت مصر في المرتبة 163 دولة لحرية الصحافة في العام 2019 من أصل 180 دولة. في السنوات الأخيرة، أقر الرئيس السيسي عدة قوانين تحد بشكل أسوأ من حرية التعبير وتزيد الرقابة بلا مراجعة قضائية.
حجبت السلطات موقع مدى مصر الإلكتروني ومئات المواقع الإخبارية والحقوقية على مدار العامين الماضيين بلا أوامر قضائية. تقوم السلطات روتينيا بحظر الروابط البديلة للوصول إلى مقالات مدى مصر في مصر أيضا.
مدى مصر هو موقع مرموق ينشر باللغتين العربية والإنغليزية، تأسس العام 2013 على يد صحفيين مصريين بعد إغلاق مكان عملهم السابق، مجلة “إيجيبت إندبندنت” الأسبوعية. معظم وسائل الإعلام الرئيسة في مصر مملوكة إما لشركات مرتبطة بأجهزة المخابرات المصرية أو لرجال أعمال تربطهم علاقات وثيقة بالحكومة. أصبح من المعتاد رؤية الصحف الكبرى الخاصة والحكومية تنشر نفس العناوين المشيدة بالحكومة بأسلوب كاد يختفي من أواخر الستينيات.