وفقًا للمركز العربي لتطوير وسائل التواصل الإجتماعي - حملة - يتم استهداف الحقوق الرقمية الفلسطينية، والخصوصية، وحرية التعبير عبر الإنترنت، من خلال قانون الطوارئ وسط جائحة كورونا.
تم نشر هذا التقرير أولاً على موقع مركز حملة بتاريخ 7 أيار 2020
اعدت ورقة الموقف هذه من قبل حملة- المركز العربي لتطوير الاعلام الاجتماعي كجزء من عمل المناصرة للمركز ، الذي يتخصص في الدفاع عن الحقوق الرقمية الفلسطينية. هذه الورقة جزء من سلسلة من أوراق الموقف التي تبحث في آثار سياسات وممارسات الحكومات والشركات على الحقوق الرقمية الفلسطينية.
خلفية
أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوماً رئاسياً في الخامس من آذار/ مارس 2020 أعلن فيه حالة الطوارئ في جميع الأراضي الفلسطينية لمدة 30 يوماً لمواجهة خطر فيروس كورونا ومنع تفشيه. ثم أصدر قراراً بقانون في 22 آذار/ مارس، بشأن حالة الطوارئ، فرض بموجبه، من بين أمور أخرى، عقوبات على كل من يخالف القرارات والتعليمات والإجراءات المتخذة من قبل الجهات الرسمية المختصة لتحقيق غايات إعلان حالة الطوارئ التي تصل إلى الحبس مدة عام وفرض الغرامات المالية ودون الإخلال بأي عقوبات أشد ينص عليها أي قانون فلسطيني آخر. وأصدر مرسوماً رئاسياً في الثالث من نيسان/ أبريل الماضي، ينص على تمديد حالة الطوارئ في جميع الأراضي الفلسطينية، 30 يوماً آخر، لمواجهة تفشي فيروس كورونا، اً رئاسياً بإعلان جديد لحالة الطوارىء
استهدفت تشريعات الطوارئ، من بين أمور أخرى، الحقوق الرقمية والخصوصية بوضوح، واستخدمت مصطلحات فضفاضة في مجال التجريم والعقاب، دون أي ضوابط أو ضمانات قانونية أو معايير قابلة للقياس عليها؛ حيث نصت المادة (3) فقرة (3) من قرار بقانون حالة الطوارئ على ما يلي: “يحظر على غير الجهات المخولة قانونا بذلك، إصدار أي تصريحات أو بيانات تتعلق بحالة الطوارئ، أو إشاعة أخبار تتعلق بها، ولا تستند في ذلك إلى مصدر رسمي، بأي شكل كان، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي كافة، المكتوبة والمسموعة والمرئية، وكل من يخالف ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن عام واحد وبغرامة مالية لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار أو ما يعادلها بالعملة المتداولة”.
واستخدم قرار بقانون حالة الطوارئ مصطلحات لا تعريف ولا وجود لها في قوانين العقوبات النافذة، ولا في المنظومة التشريعية الفلسطينية، ويمكن استخدامها بكثافة للتضييق على المحتوى الرقمي وتجريمه، حيث نصت المادة (3) فقرة (7) من قرار بقانون حالة الطوارئ على الآتي” كل مَن يرتكب أي جريمة ضد النظام العام والسلم والاستقرار الأهليين أثناء حالة الطوارئ يعاقب بالحد الأقصى من العقوبة المنصوص عليها قانونا”. مما يفتح المجال واسعا أمام التجريم والعقاب.
تأتي تشريعات الطوارئ في ظل انتكاسات تعرضت لها الحقوق الرقمية في فلسطين، تمثلت بصدور قرار بقانون الجرائم الإلكترونية رقم (16) لعام 2017 في الضفة الغربية، واستحداث ما يُسمى بجرائم “إساءة استخدام التكنولوجيا” بموجب تعديل جرى على قانون العقوبات في قطاع غزة. وصدرت تلك التشريعات بسرية تامة، وتعتبر من أخطر التشريعات الفلسطينية التي أُقرت في تاريخ السلطة الفلسطينية على حرية التعبير عن الرأي والحقوق الرقمية والحق في الخصوصية.
أدى قرار بقانون الجرائم الإلكترونية لاعتقال عشرات الصحافيين وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، وجرى حجب نحو 30 موقعاً إلكترونياً دفعة واحدة بالاستناد إلى قرار بقانون الجرائم الإلكترونية لعام 2017، والتي لا تزال محجوبة. ولا يزال بعض الصحافيين يُحاكمون لغاية الآن بتهم تتعلق بـ”الجرائم الإلكترونية”ومنهم الصحافية نائلة خليل والصحافي رامي سمارة.ومنذ إعلان الطوارىء بات الصحفيون ونشطاء الرأي يلاحقون من خلال الجرائم الإلكترونية وتشريعات الطوارىء..
قوبلت تشريعات الجرائم الإلكترونية، باحتجاجات واسعة من قبل مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، ووجه المقرر الخاص في الأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، ديفيد كاي، مذكرة للحكومة الفلسطينية بتاريخ 16 آب/ أغسطس 2017 عبّر فيها عن قلقه العميق من حجب المواقع الإلكترونية الفلسطينية على شبكة الإنترنت بما يشمل المواقع التي تنتقد أداء السلطة الفلسطينية، ومن تأثير قرار بقانون الجرائم الإلكترونية على حرية الرأي، والإعلام، والحقوق الرقمية، والحق في الخصوصية على شبكة الإنترنت في فلسطين، ومن المصطلحات الفضفاضة والعقوبات القاسية المستخدمة، وتأثيرها على الرقابة الذاتية التي يفرضها الأفراد كما وسائل الإعلام، على أنفسهم، خاصة أولئك الذين يوجهون انتقادات للسلطة الفلسطينية. وتأتي في ظل غياب قانون بشأن الحق في الوصول إلى المعلومات، بما لا يتماشى مع المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي انضمت إليه فلسطين بدون تحفظات، وطالب السلطة الفلسطينية باتخاذ جميع الخطوات الضرورية لمراجعة القرار بقانون، وضمان انسجامه مع الالتزامات التي يُرتبها القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وردت الحكومة الفلسطينية على مذكرة المقرر الخاص في الأمم المتحدة بشأن الجرائم الإلكترونية في أيلول/ سبتمبر 2017 بمذكرة تضمنت 15 بندا، أكدت، من بين أمور أخرى، على “تعهد رئيس دولة فلسطين ودولة رئيس الوزراء بتعديل أيّ مادة تخالف القانون الأساسي أو لا تتواءم مع التزامات دولة فلسطين التي ترتبت بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية”. وبعد فشل ثلاث جولات حوار جرت بين المجتمع المدني والحكومة،بهدف ضمان انسجام قرار بقانون الجرائم الإلكترونية لعام 2017، مع الاتفاقيات والمعايير الدولية، أُقر قانون الجرائم الإلكترونية رقم (10) لعام 2018 بذات النهج السري المذكور سابقا، ونُشر في الجريدة الرسمية.
يواصل قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2018 النافذ حاليا، انتهاك القانون الأساسي (الدستور) والاتفاقيات والمعايير الدولية، وخاصة حرية الرأي، والحقوق الرقمية والخصوصية. وفي 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، أصدرت محكمة صلح رام الله قرارا بحجب 59 موقعا إلكترونيا دفعة واحدة استنادا إلى قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2018 وتحديداً المادة (39) التي نصت على أنه: “1. لجهات الضبط والتحري المختصة (المقصود الأجهزة الأمنية) إذا ما رصدت قيام مواقع إلكترونية مستضافة داخل الدولة أو خارجها بوضع أي عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أي مواد دعائية أو غيرها، من شأنها تهديد الأمن القومي أو النظام العام أو الآداب العامة، أن تعرض محضرا بذلك على النائب العام أو أحد مساعديه، وتطلب الإذن بحجب الموقع أو المواقع الإلكترونية أو حجب روابطها من العرض. 2. يقدم النائب العام أو أحد مساعديه طلب الإذن لمحكمة الصلح خلال (24) ساعة مشفوعا بمذكرة برأيه وتصدر المحكمة قرارها في الطلب في ذات يوم عرضه عليها إما بالقبول أو بالرفض، على أن لا تزيد مدة الحجب على ستة أشهر ما لم تُجدد المدة وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة”.
يتضح أن النص القانوني المذكور أعلاه (وغيره)، يستخدم مصطلحات واسعة وفضفاضة كـ”الأمن القومي، و”النظام العام”، و”الآداب العامة”، ليتيح إمكانية حجب المواقع الإلكترونية خلال 24 ساعة دون ضمانات ومحاكمة عادلة، وخلافا للمعايير الدولية، وأن مدة الحجب (التي تستمر لستة أشهر) قابلة لتمديد مفتوح زمنياً، وأن محاضر الأجهزة الأمنية تلعب دوراً حاسما في عملية الحجب، وهذا ما يُفسّر استمرار حجب مواقع إلكترونية منذ عام 2017 حتى اليومً، وملاحقة واعتقال الصحافيين وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، والتضييق على الفضاء الإلكتروني، والتي تجري في ظل غياب المجلس التشريعي منذ أعوام،هو خلل دستوري خطير مع تعطل الانتخابات العامة، واستمرار التدهور الحاصل في القضاء ومنظومة العدالة في فلسطين.
واتسعت مساحات التضييق على حرية الرأي والخصوصية، والحقوق الرقمية، في تشريعات الطوارئ، من خلال تجريم ومعاقبة الأفراد أو الجهات على أي تصريحات، أو بيانات، أو أخبار منشورة على مواقع التواصل الإجتماعي، وبأي وسيلة كانت، تتعلق بحالة الطوارئ، صحيحة كانت أم غير صحيحة، لمجرد عدم استنادها إلى مصدر رسمي، في ظل غياب الشفافية وغياب خطة حكومية للتعامل مع الجائحة، واستمر اعتقال الأفراد بسبب المحتوى الرقمي، والذي وثقته مؤسسات المجتمع المدني، لتبقى الأخبار الرسمية هي السائدة، بما يُنذر بمزيد من التضييق في المرحلة القادمة مع اشتداد التبعات الصحية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية للأزمة.
تحليل تشريعات الطوارئ ارتباطاً بالحقوق الرقمية
مرسوم إعلان حالة الطوارئ في جميع الأراضي الفلسطينية، غير دستوري، لانتهاكه المادة (110) من القانون الأساسي الواردة في الباب السابع (أحكام حالة الطوارئ) حيث أن النص المذكور يحصر الحالات التي تُجيز إعلان حالة الطوارئ بأربع حالات فقط، وهي الحرب، والغزو، والعصيان المسلح، والكارثة الطبيعية. وبالتالي فإن الهدف من إعلان حالة الطوارئ المتمثل في مواجهة فيروس كورونا ومنع تفشيه لا يندرج ضمن الأسباب الدستورية الحصرية الأربعة التي تُجيز إعلان حالة الطوارئ. إذ يُستخدم وصف الوباء العالمي أو الجائحة (pandemic) في وصف الأمراض المعدية عندما تشهد تفشياً وانتقالاً من شخص لآخر في عدد من بلدان العالم في الفترة ذاتها، ولا يمكن الجزم بأن فيروس كورونا هو بفعل الطبيعة رغم خطورته.
كما أن مرسوم تمديد حالة الطوارئ 30 يوماً آخر يُخالف أيضاً أحكام المادة (110) من القانون الأساسي التي تشترط موافقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني لفرضه، ولا يمكن دستورياً، أن تُمدد حالة الطوارئ دون هذا الإجراء الذي لم يُتخذ في هذه الحالة. ونظراً إلى أن قرار بقانون حالة الطوارئ، الذي عمّق التضييق على المحتوى والحيّز الرقمي، يستند إلى تشريعات طوارىء غير دستورية بسبب مخالفتها أحكام القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور)، فإنه يصبح غير دستوري في هذه الحالة. والقانون الأساسي، لا يُجيز مطلقاً، أي إعلان جديد للطوارىء، بعد انتهاء التمديد الوارد في النص.
ومع أن الجهات الرسمية الفلسطينية تدعي أن تشريعات الطوارئ صدرت لحماية صحة وأرواح الناس، فلا بدّ أن نؤكد على أنه ما من أساس لهذا القول (الحجة)، وأن القوانين الفلسطينية العادية السارية عالجت هذا الهدف (حماية صحة وأرواح الناس) بوضوح وتفصيل ومهنية أكبر، وأشد في العقاب، مما ورد في تشريعات الطوارئ.
وفي سبيل الحفاظ على صحة وأرواح الناس، ينبغي تفعيل القوانين الفلسطينية العادية وليس إقرار تشريعات طوارئ غير دستورية، وتنتهك الحقوق والحريات، وخاصة حرية التعبير، والحقوق الرقمية، والخصوصية، لأن قانون الصحة العامة الفلسطيني الصادر عام 2004 وتعديلاته، عالج على نحو مفصّل مختلف الجوانب المتعلقة بمكافحة الأمراض المعدية وغير المعدية، والوسائل والإجراءات الصحية اللازمة للتعامل معها، ومراقبة معدلات انتشارها وجمع المؤشرات بشأنها، والتدابير الوقائية والعلاجية اللازمة لحصر انتشارها، وبرامج التثقيف الصحي، والإجراءات اللازمة لمنع انتقالها من وإلى فلسطين، وإجراءات فرض الحجر الصحي، وإجراءات عزل المصابين والمشتبه بهم والمخالطين، وإجراءات الرقابة والتفتيش، وفرَض عقوبات جزائية أشد من تلك الواردة في تشريعات الطوارئ. كما أن قانون حماية المستهلك لعام 2005 وتعديلاته، نظم على نحو تفصيلي حقوق المستهلك، وعدم تعرضه لأي مخاطر صحية، وحصوله على السلع بما يتفق والتعليمات الفنية الإلزامية، وبشفافية، وحظر وجرّم الغش والغبن والتلاعب بالأسعار واحتكار السلع، وتناول بشكل مفصل، سلامة المنتج ونزاهة المعاملات الاقتصادية وغيرها، وفرض عقوبات أشد مما ورد في تشريعات الطوارئ على كل مَن عرض، أو باع، أو خزن سلعا غذائية فاسدة، أو تالفة، أو مغشوشة، أو منتهية الصلاحية، أو تلاعب بتاريخ صلاحيتها، وعلى كل مَن امتنع عن عرض أو بيع السلع التموينية، وكل مَن صنع أو باع أو عرض أو وزع مواد أو سلعا أو معدات تُستخدم في الغش وغيرها من الجرائم المعاقب عليها بعقوبات مشددة. علاوة على النصوص العقابية الواردة في قانون مكافحة الفساد لعام 2005 وقانون الدفاع المدني لعام 1998 وقانون العقوبات لعام 1960 وتعديلاته، وغيرها من القوانين العادية النافذة. وبالنتيجة، ما من مبرر أو هدف مرجو من تشريعات الطوارئ، أمام تلك الحقائق.
وبذلك يتضح أن تشريعات الطوارئ لم تسعى إلى حماية صحة وأرواح الناس، لأن هذا الهدف عالجته أساساً التشريعات العادية النافذة قبل إعلان حالة الطوارئ، ولم تقدم تشريعات الطوارئ أي جديد بهذا الخصوص. وبالتالي، فإن المسألة تتعلق بتقصير الجهات الرسمية المختصة في تطبيق القوانين العادية، ولا يمكن أن يكون هذا التقصير مبرراً لصدور تشريعات طوارىء غير دستورية. ويتضح أيضاً، أن النصوص الواردة في تشريعات الطوارئ، والتي استخدمت مصطلحات واسعة وفضفاضة في تجريم التصريحات والبيانات والأخبار المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبأي وسيلة إعلامية أخرى خلال مرحلة الطوارئ، سواءً أكانت صحيحة أم غير صحيحة، هي “الجديد” الذي جاءت به تشريعات الطوارئ على التشريعات العادية.
وهناك “جديد” آخر جاءت به تشريعات الطوارئ غير الدستورية، على التشريعات الفلسطينية العادية، وهو يتمثل باختلاق جرائم جديدة، بصيغ واسعة وفضفاضة، لا يمكن لأي إنسان قياس سلوكه عليها ومعرفة متى يدخل في مجال التجريم ومتى لا يدخل (جريمة ضد النظام العام والسلم والاستقرار الأهليين أثناء حالة الطوارئ)، والتي يمكن استخدامها بكثافة للتضييق على المحتوى الرقمي. إن “جديد” تشريعات الطوارئ هو المزيد من التضييق على حرية الرأي والحقوق الرقمية والخصوصية، ونحن أمام انتكاسة جديدة تُضاف إلى قرارات بقانون الجرائم الإلكترونية من خلال تشريعات الطوارئ.
لم تُعلن الحكومة الفلسطينية بعد مضي نحو شهرين على إعلان حالة الطوارئ عن خطتها في مواجهة جائحة كورونا على مختلف مستوياتها الصحية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية، ولم يصدر مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات منذ أكثر من 15 عاما ولا يزال مشروع لم ير النور منذ عام 2005. ولم يصدر أي قانون فلسطيني لحماية البيانات الشخصية والصحية لغاية الآن، على الرغم من أن الحق في الحصول على المعلومات، والذي يندرج في الجيل الثالث من حقوق الإنسان (حق للمجتمع ككل)، والحق في الخصوصية، خاصة عبر الإنترنت، يُعدان من الحقوق الدستورية المكفولة في الباب الثاني من القانون الأساسي الفلسطيني الوارد تحت عنوان الحقوق والحريات العامة. ويُعد انتهاك تلك الحقوق، بما يشمل الحقوق الرقمية، جريمة دستورية بموجب المادة (32) من القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور) ولا تسقط بالتقادم، وتستوجب تعويضا عادلا لمن وقع عليه الضرر من قبل السلطة الفلسطينية وفق هذا النص الدستوري.
وفي المقابل، فإن قانون حالة الطوارئ لا يُجرم نشر الأخبار غير الصحيحة فحسب، بل الأخبار الصحيحة أيضا إذا لم تستند إلى مصدر رسمي. وبذلك، تبقى الأخبار الرسمية حول التعامل مع جائحة كورونا على مختلف مستوياتها وآثارها الصحية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية، هي الرواية السائدة فقط، تحت طائلة المسؤولية والعقاب. ويحُرم الناس من حقهم الدستوري والطبيعي في ممارسة أو فرض الرقابة المجتمعية، وانتقاد أداء السلطات الرسمية في التعامل مع الجائحة.
انتشار الأخبار غير الصحيحة في زمن الأزمات والخوف على الصحة والحياة مسألة متوقعة، وخاصة في ظل تقصير الجهات الرسمية في نشر خطة تبين كيفية التعامل مع الجائحة على مختلف المستويات، وغياب الشفافية في الأداء العام، وغياب الشراكة المجتمعية، وعدم تمكين الناس من حقهم في الحصول على المعلومات، وحقهم في حماية بياناتهم الشخصية. ولا يُعالج هذا التقصير من خلال شرعنة انتهاك الحقوق والحريات الدستورية والتزامات دولة فلسطين بموجب الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان التي انضمت إليها دون تحفظات، ولا من خلال التنمر على الناس في الخطاب الرسمي، واستغلال خوف وقلق الناس، واستباحة بياناتهم الشخصية والصحية، وتمرير تشريعات تشكل طعنة في خاصرة حقوق الإنسان.
وتُعزل الأخبار غير الصحيحة، بأساليب وأدوات متعددة، تحترم حقوق الإنسان وكرامته، عبر الإعلان عن خطة واضحة المعالم للناس بشأن كيفية مواجهة الجائحة على مختلف المستويات، ومع الحفاظ على احترام حق الناس في الحصول على المعلومات، وخصوصيتهم، وتكثيف برامج نشر الوعي بين الناس على نطاق واسع، وتنظيم أداء إعلامي وحقوقي مثابر من أجل تقديم الحقائق للناس في مواجهة الشائعات، ونشر أوراق حقائق، وتكثيف استخدام منصات فحص صدقية الأخبار والتوعية بها والترويج لها، وإدماج تلك الوسائل في المدارس والمعاهد والجامعات والتعليم القانوني وفي أساليب التدريس.
حقوق الإنسان، فردية كانت أم جماعية، لا تقبل التجزئة أو المساومة، ولا التنازل عنها أو التفريط بها، في جميع الظروف والأحوال، كما أنها أساس التضامن والتكافل بين الناس. وإن التنازل عنها أو التفريط بها تحت عناوين على شاكلة “هذا ليس وقت الدستور، والقانون، والحقوق لأننا في خطر”، يُعرض حقوق الفرد والجماعة معا للخطر الشديد، والندم عاجلا أم آجلا. وما من فراغ تشريعي لمواجهة انتشار فيروس الكورونا، أما تشريعات الطوارئ، فهي مجرد فوضى تشريعية انتهكت الدستور ومنظومة الحقوق.
من الضروري أن نؤكد على أن تشريعات الجرائم الإلكترونية، وتشريعات الطوارئ، شديدة الخطورة على حرية التعبير عن الرأي، والخصوصية والحقوق الرقمية، وأنه عند فرض حالة الطوارئ على نحو دستوري، فإن معالجة الموقف تتم بالحفاظ دوما على توازن حقيقي بين الحقوق، وليس بتفريغ الحقوق من مضمونها وتعريضها للخطر الشديد، وباحترام الضمانات الدستورية في القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور) بشأن حالة الطوارئ، وتحديدا شرطي “الضرورة والتناسب” الواردين في المادة (111) من القانون الأساسي التي نصت على أنه “لا يجوز فرض قيود على الحقوق والحريات الأساسية إلا بالقدر الضروري لتحقيق الهدف المعلن في مرسوم إعلان حالة الطوارئ”. ويرد احترام الفحص الصارم ثلاثي الأجزاء، في أي ضابط، على الحقوق، ومن بينها الحقوق الرقمية بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان سواء في الأوضاع الطبيعية أم خلال مرحلة الطوارئ.
ينبغي أن يجتاز أيّ قيد على حرية التعبير والحقوق الرقمية، والخصوصية، ثلاثة مستويات من “الفحص المتشدد” بنجاح، من أجل الحكم على صحته في المعايير الدولية. الأول: أن يكون منصوصا عليه في القانون بنص واضح ودقيق يمّكن الأفراد من الحكم على تصرفاتهم من خلاله، وأن يتوافق مع القانون الدولي وألا يتم استخدام أي مصطلحات غامضة وفضفاضة كونها تفرّغ الحقوق من مضمونها. والثاني: أن يستهدف هذا القيد، والذي اجتاز المستوى الأول بنجاح، حماية مصلحة مشروعة ومعترف بها في القانون الدولي. والثالث: أن يكون هذا القيد، الذي اجتاز بنجاح المستويين السابقين، ضروريا لحماية تلك المصلحة المشروعة في القانون. ولا بد للجهات الرسمية أن تثبت اجتياز القيد للمستويات الثلاثة بنجاح، أو نكون أمام انتهاك للحقوق.
من المهم أن نذكر بأن تجارب الدول، أثبتت أن الحكومات تملك قوّة هائلة في السيطرة على داتا المعلومات والبيانات الشخصية والصحية للأفراد، بوسائل وأساليب متعددة، وأنها وأجهزتها الأمنية تستطيع أن تستخدم داتا المعلومات والبيانات الشخصية التي حصلت عليها في زمن الأزمات واستغلال خوف الناس، في أوقات زمنية مختلفة، وبأشكال مختلفة، تُمكنها من انتهاك الحقوق والكرامة الإنسانية، وأن التوسع في الجرائم الإلكترونية وغياب الخصوصية والتوسع في تشريعات الطوارئ والعمل على استمراريتها خلافا للدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان يشكل بيئة خصبة في هذا المجال.
تشريعات الطوارئ وانتهاكات الحقوق الرقمية
وثقت مؤسسات المجتمع المدني انتهاكات طالت حرية الرأي والتعبير والحقوق الرقمية، منذ صدور المرسوم الرئاسي في الخامس من آذار/ مارس 2020، بإعلان حالة الطوارئ في جميع الأراضي الفلسطينية لمواجهة فيروس كورونا ومنع انتشاره كما ورد في المرسوم.
ونشر المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) تقريره الشهري لانتهاك الحريات الإعلامية في فلسطين في آذار/ مارس 2020، على موقع المركز الإلكتروني، والذي بيّن أن المركز رصد 31 انتهاكا في الشهر المذكور، وأن شركة “فيسبوك” ارتكبت نصف تلك الانتهاكات (16 انتهاكا)، بينما ارتكبت السلطة الفلسطينية 11 انتهاكاً موزعين على النحو التالي (9 في غزة و2 في الضفة)، والتي تمثلت في اعتقالات تخللها تعذيب وسوء معاملة، فيما ارتكبت سلطات الاحتلال أربعة انتهاكات للحريات الإعلامية.
وفي الخامس من آذار/ مارس 2020، اقتحمت الأجهزة الأمنية منزل عضو المجلس التشريعي السابق والقيادي الفتحاوي حسام خضر في مخيم بلاطه شرقي نابلس، بسبب منشورات على صفحته على “فيسبوك”، تنتقد أداء الرئيس محمود عباس على خلفية إضراب الأطباء الفلسطينيين في الضفة الغربية ومطالبته الرئيس بتقديم اعتذار. كما واعتقلت الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية الطبيب عميد مسعود من عيادته في بلدة حوارة جنوب نابلس على خلفية منشورات له على صفحته على “فيسبوك” بشأن إضراب الأطباء ومنشورات أخرى تنتقد الرئيس محمود عباس وأبنائه.
وفي 20 آذار/ مارس 2020، اعتُقل رسام الكاريكاتير اسماعيل البزم، في بلدة جباليا شمال قطاع غزة على خلفية منشورات له على “فيسبوك”، تطالب بالإفراج عن الكاتب أبو شرخ. وفي 25 آذار/ مارس 2020، اعتقلت الأجهزة الأمنية في غزة المواطن و. ف (الاسم محفوظ بملف التحرير بطلب من الضحية) من سكان خان يونس على خلفية منشورات على “فيسبوك”، انتقد فيها أماكن وظروف الحجر الصحي بغزة ووصفها بسجن غوانتانمو؛ وجرى عرضه على النيابة العامة وتوقيفه 15 يوماً بتهمة “إساءة استخدام التكنولوجيا”، وسجنه، وقد حذف المنشور قبل يومين من اعتقاله.
وفي 31 آذار/ مارس 2020، اعتقلت الأجهزة الأمنية في غزة، الكاتب والناقد عبد الله أبو شرخ، بسبب آرائه وكتاباته المنشورة على صفحته على موقع “فيسبوك”، تطرق فيها إلى حريق نشب في مخيم النصيرات، وإلى انتشار وباء كورونا، ووُجهت له تهمة “إساءة استخدام التكنولوجيا ونشر الإشاعات التي تكدر الطمأنينة”، وأوقف لـ 15 يوما، واعتُقل في سجن أبو عبيدة المركزي في بيت لاهيا في قطاع غزة.
وفي 12 نيسان/ أبريل 2020، وثقت مؤسسة الحق، في الضفة الغربية، اعتقال ثلاثة مواطنين بينهم الناشط في الحراك الشبابي رائد مراعبة، على ذمة محافظ قلقيلية بسبب منشورات لهم على صفحاتهم على “فيسبوك” تتعلق بالعمال داخل الخط الأخضر وجائحة كورونا. كما وفي ذات اليوم، اعتقلت أجهزة الأمن في غزة المواطن محمد صقر من سكان خان يونس على خلفية منشورات على “فيسبوك”، انتقد فيها حركة حماس ورئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار؛ وعُرض على النيابة وأوقف 15 يوما على ذمة التحقيق بتهمة “إساءة استخدام التكنولوجيا” وأودع في السجن.
وفقاً لتوثيقات مؤسسة الحق في قطاع غزة، فقد اعتقلت الأجهزة الأمنية في 25 نيسان/ أبريل 2020، كل من مراسل “تلفزيون فلسطين” سليم أبو حطب، من سكان خان يونس وزميله المصور الصحافي محمد نصار، خلال إعدادهما تقريرا صحفيا حول انعكاس أزمة كورونا على التجار والأجواء الرمضانية في الأسواق العامة. وأُجبرا على توقيع تعهد بعدم التصوير دون الحصول على تصريح مُسبق من وزارة الداخلية في قطاع غزة.
وقد أصدرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بياناً صحافياً أدانت فيه اعتقال الأجهزة الأمنية في قطاع غزة لطاقم “تلفزيون فلسطين” خلال أداء عمله في مخيم جباليا شمال القطاع، واعتبرته تعديا على حرية العمل الصحافي. وأكدت الهيئة في بيانها على أن اشتراط حصول الصحافيين على تصريح لأداء عملهم، هو بمثابة تقويض لحرية العمل الصحافي.
وفي 29 نيسان/ أبريل 2020، نشر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومقره جنيف، بياناً طالب فيه محافظ رام الله د. ليلى غنام، بالإفراج عن الشاب أحمد الخواجا المعتقل على خلفية تعليق له على الصفحة الشخصية للدكتورة غنام على “فيسبوك”، يستغرب فيه إغلاق المساجد بسبب جائحة كورونا في حين سُمح بإقامة احتفالات عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية وفق قوله، وأوضح البيان أن الأجهزة الأمنية اعتقلت الخواجا وجرى توقيفه من النيابة العامة 15 يوماً للتحقيق بتهمة “إثارة النعرات الطائفية” وأضاف البيان أن التعليق يأتي في إطار حرية الرأي وهو مجرد تساؤل من مواطن على صفحة شخصية لمسؤولة ولا يمثل إهانة ولا إثارة للنعرات الطائفية، وكان بالإمكان التوضيح له ولجمهور المتابعين حقيقة ما جرى.
التوصيات
- الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين لدى السلطة الفلسطينية والسلطة القائمة في قطاع غزة، والذين اعتقلوا على خلفية حرية التعبير عن الرأي ونشاطهم الرقمي، وإنصاف الضحايا، ومساءلة كل مَن انتهك حقوقهم، واحترام حرية التعبير والولوج الحر للفضاء الإلكتروني ودون تمييز، باعتباره حقاً مكفولاً للمواطنين في القانون الأساسي (الدستور) والاتفاقيات والمعايير الدولية.
- إصدار السلطة الفلسطينية لقانون الحق في الحصول على المعلومات منسجم بالكامل مع الاتفاقيات والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما يعزز حرية التعبير والحقوق الرقمية، ويحد من الأخبار الكاذبة في ظل جائحة كورونا.
- إصدار السلطة الفلسطينية لقانون يضمن حماية البيانات الشخصية والصحية منسجم بالكامل مع المعايير الدولية، والقانون الأساسي (الدستور) الذي كفل الحق في الخصوصية والحق في الحصول على المعلومات.
- قيام الجهات المختصة في السلطة الفلسطينية بمساءلة كل مَن انتهك الحق في حماية البيانات الشخصية والصحية للمواطنين،إذ سُربت قوائم بأسماء وبيانات صحية للمواطنين صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية وتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعويض وإنصاف المتضررين وفق ما تنص عليه المادة (32) من القانون الأساسي.
- إجراء السلطة الفلسطينية مراجعة كاملة لقرار بقانون رقم (10) لعام 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية الذي يُلاقي اعتراضات واسعة من قبل المجتمع المدني الفلسطيني، التزاما بتعهداتها الواردة في ردها على مذكرة المقرر الخاص في الأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية حرية الرأي والتعبير منذ أيلول/ سبتمبر 2017، تعزيزا لحرية الرأي والحقوق الرقمية والخصوصية. وضمان التزامها الكامل بالاتفاقيات والمعايير الدولية لحقوق الإنسان والممارسات الفضلى؛ وخاصة اتفاقية بودابست للجرائم الإلكترونية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمبادىء الدولية لتطبيق حقوق الإنسان في ما يتعلق بمراقبة الاتصالات الصادرة عام 2014، والمبادئ الدولية والتوجيهية ذات الصلة والممارسات الفضلى. وضرورة حذف ما تُسمى “جرائم إساءة استخدام التكنولوجيا” التي جاءت بموجب التعديلات التي جرت على قانون العقوبات في قطاع غزة.
- تتطلب 8 مواد قانونية مراجعة سريعة من السلطة الفلسطينية بالشراكة مع المجتمع المدني في قرار بقانون الجرائم الإلكترونية رقم (10) لعام 2018 لينسجم مع الاتفاقيات والمعايير الدولية والممارسات الفضلى وهي على التوالي:
أ) تعديل المادة (3) التي تنص على إنشاء وحدة متخصصة للجرائم الإلكترونية في جهاز الشرطة وقوى الأمن، وحصرها في وحدة واحدة تتبع الشرطة، وتعمل تحت إشراف النيابة العامة، وحصر الضبط القضائي في الجرائم الإلكترونية بالشرطة.
ب) تعديل المادة (29) التي تُجيز حل الشخص المعنوي (مؤسسة إعلامية مثلا) ووجوب الالتزام بشرطي “الضرورة والتناسب” بموجب المعايير الدولية في أي إجراء يتخذ بهذا الخصوص، وألا يتم الحل، إنْ كان له مقتضى، إلا بموجب حكم قضائي صادر عن محكمة مستقلة تُكفل فيها ضمانات المحاكمة العادلة، وأن يقتصر هذا الإجراء القاسي على جرائم جنائية خطيرة وتحديد تلك الجرائم بوضوح ودقة في القانون وبما ينسجم بالكامل مع الاتفاقيات والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ج) تعديل المادة (31) التي تنص على التزام مزوّد الخدمة بتزويد الجهات المختصة بمعلومات المشترك التي تساعد في كشف الحقيقة بناءً على طلب النيابة العامة أو المحكمة المختصة، بوجوب الالتزام بشرطي “الضرورة والتناسب” وفق المعايير الدولية في أي إجراء يتخذ، وأن يتم من خلال محكمة مستقلة فقط تُكفل فيها المحاكمة العادلة بغاية تحقيق هدف مشروع وجدير بالحماية وفق المعايير الدولية، وأن يقتصر هذا الإجراء على الجرائم الخطيرة وتحديدها وفق المعايير الدولية.
د) تعديل المواد (32) و (33) التي تُجيز للنيابة العامة أو مَن تنتدبه من مأموري الضبط القضائي (الأجهزة الأمنية) الحصول على الأجهزة أو البيانات أو المعلومات الإلكترونية أو بيانات المرور أو البيانات المتعلقة بحركة الاتصالات أو معلومات المشتركين أو تفتيش وسائل تكنولوجيا المعلومات أو الإذن بالضبط والتحفظ على كامل نظام المعلومات أو جزء منه أو نسخ البيانات وغيرها، بإعمال شرطي “الضرورة والتناسب” على أي إجراء يتم اتخاذه ووفقاً للمعايير الدولية، وأن يتم من خلال محكمة مستقلة فقط تكفل فيها ضمانات المحاكمة العادلة، بغاية تحقيق هدف مشروع وجدير بالحماية والرعاية.
ه) تعديل المادة (34) التي تُجيز للنائب العام أو أحد مساعديه أن يأمر بالجمع والتزويد الفوري لأي بيانات بما فيها حركة الاتصالات أو معلومات إلكترونية أو بيانات مرور أو معلومات المشترك التي يراها لازمة لمصلحة التحقيق، بوجوب الحصول على إذن من محكمة مختصة ومستقلة تكفل فيها ضمانات المحاكمة العادلة ويتوفر في الإجراء شرطي “الضرورة والتناسب”.
و) حذف المادة (39) التي تجيز حجب المواقع الإلكترونية بناءً على محاضر الأجهزة الأمنية التي تُرفع للنائب العام أو أحد مساعديه للحصول على قرار من محكمة الصلح بحجبها خلال 24 ساعة تحت مصطلحات فضفاضة تتعلق بالأمن القومي والنظام العام والآداب العامة. وهو النص الذي استندت إليه محكمة الصلح في رام الله لحجب 59 موقعا إلكترونيا دفعة واحدة عام 2019. هذا النص ينبغي حذفه لانتهاكه الخطير للحقوق الرقمية وضمانات المحاكمة العادلة.
ز) حذف المادة (45) التي تنص على معاقبة كل مَن ارتكب فعلا يشكل جريمة بموجب أي تشريع فلسطيني نافذ باستخدام الشبكة الإلكترونية أو بإحدى وسائل تكنولوجيا المعلومات، لأن من شأنه أن يُضيف عشرات الجرائم الواردة بمصطلحات فضفاضة في قوانين العقوبات إلى الجرائم الإلكترونية، ويتعارض بشكل خطير مع الحقوق الرقمية والمعايير الدولية.
ح) إضافة مادة احتياطية عامة على النحو التالي: “يحظر تفسير أو تأويل أي نص وارد في قرار بقانون الجرائم الإلكترونية على نحو يمس بحرية التعبير والحقوق الرقمية والخصوصية المكفولة في الاتفاقيات والمعايير الدولية لحقوق الإنسان”. وذلك من أجل ضمان انسجام قرار بقانون الجرائم الإلكترونية بالكامل مع الاتفاقيات والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
- رفع السلطة الفلسطينية الحجب عن المواقع الإلكترونية التي جرى حجبها عام 2017 (ما يقارب 30 موقعا) والمواقع الإلكترونية التي جرى حجبها في عام 2019 (59 موقعا) كونها لا تزال محجوبة، بما يشكل انتهاكا صارخا لحرية التعبير عن الرأي والحقوق الرقمية المكفولة في القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور) والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين دون تحفظات؛ ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (مادة 19) وإيفاءً لالتزام الحكومة الفلسطينية بردها على مذكرة المقرر الخاص في الأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير في أيلول/ سبتمبر 2017، وقد تعهدت منذ ذلك الوقت بضمان التزام قرار بقانون الجرائم الإلكترونية مع القانون الأساسي والمعايير الدولية.
- وقف العمل بتشريعات الطوارئ المخالفة للقانون الأساسي (الدستور) والاتفاقيات والمعايير الدولية كون إجراءات مواجهة فيروس الكورونا ومنع تفشيه واردة في القوانين العادية الفلسطينية على نحو مُنظم ومُفصل. ولكونها توسّع انتهاكات حرية التعبير عن الرأي والحقوق الرقمية والخصوصية الواردة في قرار بقانون الجرائم الإلكترونية، وعدم تمديد حالة الطوارئ سواء من خلال المراسيم الرئاسية أو القرارات بقانون كونها تشكل تهديدا خطيرا لمنظومة وقيم حقوق الإنسان.
- ضرورة قيام مؤسسات المجتمع المدني بتعزيز جهودها في رصد وتوثيق الانتهاكات بما يشمل الحقوق الرقمية، وبناء قاعدة بيانات مشتركة، وجهد جماعي مشترك ومُنظم للدفاع عن حقوق الإنسان ومساءلة مرتكبي الانتهاكات وإنصاف الضحايا.
- تكثيف الجهود في مواجهة الأخبار الكاذبة في ظل جائحة كورونا من خلال العمل الحقوقي والإعلامي المشترك، وتقديم الحقائق للناس في مواجهة الشائعات ونشر أوراق حقائق وتكثيف استخدام منصات فحص صدقية الأخبار والتوعية بها.
- القيام بحملة مناصرة لحماية وتعزيز حرية الرأي والتعبير والحقوق الرقمية والخصوصية في مواجهة الانتهاكات الناجمة عن قرار بقانون الجرائم الإلكترونية في الضفة الغربية، وإساءة استخدام التكنولوجيا في قطاع غزة، وتشريعات الطوارئ التي عمّقت انتهاكات الحقوق الرقمية، وتنظيم جلسات مساءلة للحكومة على هذا الصعيد، واستخدام آليات الأمم المتحدة.
المصادر
التشريعات الفلسطينية
- القانون الأساسي الفلسطيني المعدل (الدستور) منشور في الجريدة الرسمية “الوقائع الفلسطينية” عدد خاص بتاريخ 19 أذار/مارس 2003 وكذلك التعديلات المنشورة في العدد (57) بتاريخ 18آب/أغسطس 2005.
- تشريعات الطوارئ التي صدرت في ظل جائحة كورونا، منشورة في الجريدة الرسمية “الوقائع الفلسطينية” في العدد (165) بتاريخ 19 آذار/مارس 2020 والعدد (166) بتاريخ 20 نيسان/أبريل 2020 والعدد الخاص (21) بتاريخ 25 آذار/مارس 2020.
- قرار بقانون الجرائم الإلكترونية رقم (16) لعام 2017 منشور في الجريدة الرسمية “الوقائع الفلسطينية” عدد خاص (14) بتاريخ 9 تموز/يوليو 2017.
- قرار بقانون الجرائم الإلكترونية رقم (10) لعام 2018 منشور في الجريدة الرسمية “الوقائع الفلسطينية” عدد خاص (16) بتاريخ 3 أيار/مايو 2018.
- قانون العقوبات رقم (16) لعام 1960 وتعديلاته (الضفة الغربية) منشور في الجريدة الرسمية الأردنية (الحكم الأردني) عدد الجريدة الرسمية رقم (1487).
- قانون العقوبات رقم (74) لعام 1936 وتعديلاته (قطاع غزة) منشور في الوقائع الفلسطينية (الانتداب البريطاني) عدد الجريدة الرسمية رقم (652).
- قانون الصحة العامة رقم (20) لعام 2004، منشور في الجريدة الرسمية (الوقائع الفلسطينية) عدد (54) في نيسان/ أبريل 2005.
- قانون حماية المستهلك رقم (21) لعام 2005، منشور في الجريدة الرسمية “الوقائع الفلسطينية” عدد (63) في نيسان/أبريل 2006.
الاتفاقيات والمعايير الدولية والإقليمية
- مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان. (1976). العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. مُستقاة من
https://www.ohchr.org/AR/ProfessionalInterest/Pages/CCPR.aspx
- المجلس الأوروبي. (2001). اتفاقية بودابست المتعلقة بالجرائم الإلكترونية. مُستقاة من
https://www.coe.int/en/web/conventions/full-list/-/conventions/treaty/185
- المبادئ الدولية لتطبيق حقوق الإنسان فيما يتعلق بمراقبة الاتصالات. (2013). مُستقاة من https://bit.ly/2zbBck3
- مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان.تقارير المقرر الخاص في الأمم المتحدة بشأن حرية التعبير والحقوق الرقمية والخصوصية. مُستقاة من
https://www.ohchr.org/EN/Issues/FreedomOpinion/Pages/Annual.aspx
- مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان.قرارات مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بشأن حرية التعبير والحقوق الرقمية والخصوصية. مُستقاة من
https://documents-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G13/133/01/PDF/G1313301.pdf?OpenElement
https://documents-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/LTD/G16/131/87/PDF/G1613187.pdf?OpenElement
الأوراق القانونية
- عابدين، عصام. مؤسسة الحق. (2018). جهود مؤسسة الحق في مواجهة قرار بقانون الجرائم الإلكترونية. مُستقاة من http://www.alhaq.org/ar/publications/7927.html
- عابدين، عصام. مؤسسة الحق. (2019) ورقة موقف صادرة عن مؤسسة الحق بشأن قرار بقانون الجرائم الإلكترونية وحجب المواقع الالكترونية. مُستقاة منhttp://www.alhaq.org/ar/advocacy/16110.html
- مدى ( آذار/ مارس 2020). 31 انتهاكا ضد الحريات الاعلامية في فلسطين خلال آذار ارتكب “فيسبوك” أكثر من نصفها. مُستقاة من https://www.madacenter.org/article/1614/
- بيانات الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بشأن الانتهاكات في مرحلة الطوارئ. مُستقاة من https://bit.ly/3bdOaL8