مايو/ أيار 2022 في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: تقرير حول حرية التعبير، بالاستناد إلى تقارير أعضاء آيفكس وأخبار المنطقة، من إعداد المحرر الإقليمي في آيفكس، نسيم الطراونة.
تُرجمت هذه المقال عن هذه النسخة الأصلية
تحميل إسرائيل مسؤولية “القتل المشين” للصحفية شيرين أبو عاقلة؛ خنق الأصوات الناقدة في تونس والجزائر؛ الباب الدوار للسجناء السياسيين في مصر؛ قطع الإنترنت وسط قمع الاحتجاجات في إيران.
“بدم بارد”: اغتيال صوت الجيل
أثار الاغتيال المروع الذي تعرضت له صحفية الجزيرة، شيرين أبو عقلة، الشهر الماضي على يد القوات الإسرائيلية غضبًا دوليًا وأفضى إلى دعوات فورية لإجراء تحقيق؛ حمّلت الجزيرة إسرائيل المسؤولية، حيث صرحت بأن أبو عاقلة قد “اغتيلت بدم بارد” أثناء تغطيتها للغارات العسكرية الإسرائيلية على مخيمٍ للاجئين في جنين، وتعهدت بملاحقة الجناة قضائيا.
يبرز استهداف الصحفية المخضرمة والمنتج علي السمودي، الذي أصيب أيضًا في الهجوم ذاته، النمط الأوسع للعنف الذي يواجه الصحفيين والإعلاميين في فلسطين، وثقافة الإفلات من العقاب في إسرائيل، والتي أشارت اليها مجموعات من المجتمع المدني مرارًا وتكرارًا.
حسب المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى): “إن إفلات مرتكبي جميع هذه الجرائم والانتهاكات الاسرائيلية ضد الصحفيين ووسائل الإعلام في فلسطين هو الذي يشجع الاحتلال في ارتكابه المزيد منها.”
[ترجمة: مصرع شيرين أبو عاقلة دليل على الحصانة التي تشعر بها إسرائيل … ليس هناك أي طفل بمأمن.
بالنسبة إلى #AJOpinion، تقول الكاتبة مريم برغوثي @MariamBarghouti إن الوقت قد حان لأن يشعر المجتمع الدولي بعدم الارتياح مع نفسه بسبب علاقته بإسرائيل]
انضمت آيفكس إلى 34 منظمة حقوقية في الدعوة إلى تحقيق فوري ومستقل؛ في بيان مشترك، أفادت المنظمات الحقوقية بأن مقتل الصحفية المخضرمة “يمثل هجومًا مريعا، للغاية، على الصحافة؛ ليس بسبب التقارير الموثوقة التي صرحت بأن استهداف أبو عاقلة وصحفيين آخرين من قبل القوات الإسرائيلية كان عمدًا وحسب، بل أيضًا في ضوء تزايد المخاوف بشأن الإفلات من العقاب على الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الصحفيين، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة “.
مع إعلان الجيش الإسرائيلي أنه لن يفتح تحقيقًا جنائيًا في اغتيال الصحفية، احتل إفلات إسرائيل من العقاب مركز الصدارة الشهر الماضي، حيث هاجمت قوات الجيش الإسرائيلي المعزين الذين كانوا يحملون نعش أبو عاقلة أثناء جنازتها، مما أثار نداءات من ميشيل باشليه، المفوضة السامية لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة من أجل وضع حد لـ “ثقافة الإفلات من العقاب هذه”.
جابه الصحفيون والعاملون في وسائل الإعلام الفلسطينية هجمات من قبل القوات الإسرائيلية بقيادة المستوطنين الإسرائيليين في القدس الشرقية المحتلة أثناء تغطيتهم “مسيرات الأعلام” الشهر الماضي، في نفس الوقت الذي قُتلت فيه الصحفية غفران الوراسنة، البالغة من العمر 31 عامًا برصاص القوات الإسرائيلية في يومها الأول كصحفية في الخليل.
[ترجمة: وصفت @AFP هذه الصورة لصحفي فلسطيني مسن يتعرض للكم في رأسه من قبل القوات الإسرائيلية كالتالي: “قوات الأمن الإسرائيلية تصطدم بصحفي خلال مسيرة لإحياء يوم القدس في البلدة القديمة بالقدس، في 29 مايو 2022”]
من المرجح أن يؤدي السعي لتحقيق العدالة في قضية اغتيال أبو عاقلة إلى بذل جهود لمحاسبة إسرائيل على عدة جبهات قانونية، بما في ذلك خطط قناة الجزيرة لإحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية. في أعقاب وفاتها، روى الزملاء الصحفيون والكتاب قصص عن حياتها وإرثها، لا سيما تأثيرها على جيل من الصحفيات.
“اغتيلت في جنين ودفنت في القدس، حزنت عليها كل قرية في فلسطين” قالت الصحفية وشاهدة العيان الفلسطينية، شذا حنايشة، للجنة حماية الصحفيين. “سمعت شخصا يقول انه “نشأ مع شيرين”، كلنا نشأنا معها، عشنا جميعًا مع شيرين لأنها كانت في جميع منازلنا منذ انضمامها إلى قناة الجزيرة في عام 1997…تركت بصمة في قلوبنا، في كل قلوب الفلسطينيين”.
[ترجمة: @ShazaAbed، صحفية وشاهدة عيان في عملية اغتيال إسرائيل لشيرين أبو عاقلة#ShireenAbuAqla ، تشارك بعض الكلمات حول اغتيال المرأة التي كانت تعشقها كمثلها الأعلى وهي تكبر، ثم عملت جنبًا إلى جنب معها. انها معجزة ان شذا نفسها لم تصب برصاصة إسرائيلية.]
قمع المعارضة في تونس والجزائر
في تونس، يواصل الرئيس قيس سعيد ترسيخ حكمه الفردي من خلال التغييرات الدستورية المخطط لها في يونيو/حزيران، في نفس الوقت الذي يتزايد فيه استهداف الأصوات المنتقدة. بالتوازي مع إعلان سعيد الشهر الماضي عن إقامة “حوار وطني” وإجراء استفتاء دستوري، حُكم على المدونة وناشطة المجتمع المدني، أمينة منصور بالسجن ستة أشهر لتعليقاتها الساخرة التي نشرتها على فيسبوك، والتي تنتقد فيها الرئيس وشركائه.
احتج الصحفيون التونسيون على تصعيد القمع والترهيب ضد الصحافة في مظاهرة نظمتها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. احتلت البلاد المرتبة 94 في أحدث مؤشر لحرية الصحافة العالمي لمنظمة مراسلون بلا حدود، متراجعة 21 مرتبة منذ عام 2021؛ وفقًا للمنظمة، أصبح ترهيب الصحفيين أمرًا طبيعيًا.
واجه الصحفيون الذين يغطون الأزمة السياسية في البلاد “مضايقات، ومحاكمات عسكرية، وحملات تشهير على وسائل التواصل الاجتماعي، وأحيانًا تحريض رسمي من قبل الرئيس نفسه”، حسب تقرير جديد، يتناول الانتهاكات ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية في تونس بموجب الإجراءات الاستثنائية الصادرة عن الرئيس سعيد العام الماضي.
في الجزائر، أطلقت جماعات حقوقية حملة على الإنترنت الشهر الماضي، لفتت فيها الانتباه إلى الطريقة التي حاولت بها السلطات خنق الأصوات المعارضة والمجتمع المدني المستقل؛ صرحت المنظمات: “استمرت الاعتقالات، والحكم على النشطاء السلميين، والنقابيين المستقلين، والصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان بلا هوادة، حتى بعد كبح حركة الاحتجاج”؛ بحسب ما ورد، خلال في الأشهر الأخيرة، اعتُقل المئات لمشاركتهم في احتجاجات الحراك الشعبية، وكذلك من يدافعون عنها، مثل محامي حقوق الإنسان، عبد الرؤوف أرسلان.
أشار المحامي البارز، مصطفى بوشاشي لوكالة أسوشيتيد برس بأنه: “على مدى العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، كانت هناك آلاف القضايا القانونية ضد نشطاء”. “خطأهم الوحيد أنهم عبروا عن آرائهم السياسية على وسائل التواصل الاجتماعي … وأنهم يقاتلون من أجل دولة القانون”.
الباب الدوار للسجناء السياسيين في مصر
لا يزال نظام السجون في مصر يعمل كبابٍ دوار لسجناء الرأي والضمير؛ في حين تم الإفراج عن العديد من السجناء السياسيين البارزين خلال الشهر الماضي، بمن فيهم الصحفي خالد غنيم، والناشط عبد الرحمن طارق (موكا)، صدرت أحكام بالسجن لفترات طويلة على ثلاث شخصيات معارضة عامة بارزة، في نفس الوقت الذي واصلت فيه السلطات قمع المعارضين السياسيين والمنتقدين؛ حكم على المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح بالسجن لمدة 15 عاما، كما حكم على نائبه، محمد القصاص، ومعز الشرقاوي، نائب رئيس اتحاد طلاب جامعة طنطا السابق بالسجن لمدة 10 سنوات.
في بيان مشترك، قالت عدة مجموعات حقوقية في مصر، بما فيها أعضاء آيفكس في البلاد، إن الأحكام: “تهزأ من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أصدرتها الحكومة المصرية في سبتمبر/أيلول، وتدل على خواء إعلان رفع حالة الطوارئ، طالما استمر استخدام قوانين قمعية أخرى للسجن ظلمًا “.
شددت جماعات حقوقية مصرية مستقلة على ضرورة تفادي السلطات لأخطاء الماضي في التعامل مع احتجاز آلاف السجناء السياسيين، وإنشاء آلية عادلة وشفافة للإفراج عنهم.
قالت المنظمات الحقوقية: “استمرت إضافة أعداد جديدة من المعتقلين بتهم سياسية، بأعداد تفوق عدد المفرج عنهم بكثير، مما أدى إلى استمرار أزمة السجناء السياسيين وتفاقمها منذ سنوات دون حل”.
لا يزال الناشط المسجون، علاء عبد الفتاح مضربًا عن الطعام منذ فترة طويلة، بينما بدأت المناصرة لقضيته باكتساب دعم دولي بشكل تدريجي؛ أدى منح الجنسية البريطانية مؤخرًا للناشط المعني بحرية التعبير إلى فرض ضغوط جديدة على حكومة المملكة المتحدة للتدخل وإنقاذ حياته.
انضمت شبكة آيفكس إلى الجماعات الحقوقية في دعوة وزيرة الخارجية البريطانية، إليزابيث تروس، للتدخل الفوري نيابة عن المواطن البريطاني-المصري، وتأمين إطلاق سراحه، ونقله بأمان إلى المملكة المتحدة؛ قد يكون الضغط المتزايد قد أتى أُكُلَه، حيث نُقل عبد الفتاح فجأة الشهر الماضي إلى سجن به مرافق طبية أفضل لمعالجة تدهور صحته.
باختصار
قطر: حكمت محكمة على الأخوين والمحامين، هزاع وراشد بن علي أبو شريدة المري، بحكم صادم، وهو السجن المؤبد بتهم شملت “الطعن في القوانين والقرارات التي صادق عليها الأمير ورفضها”؛ وكانا من بين عشرات القطريين الذين اعتقلوا العام الماضي خلال احتجاجات شعبية غير مسبوقة، تندد بالتصديق على قانون الانتخابات الذي يهمش الآلاف من المشاركة السياسية، حسب الناقدين. كما أصدرت المحكمة حكما غيابيا بالسجن المؤبد على الشاعر القطري، محمد العجمي، لنشره مقطع فيديو ينتقد فيه القانون.
إيران: قُبض على عدد من النشطاء البارزين باتهامات لا أساس لها من الصحة، خلال إضرابات النقابات العمالية، والاحتجاجات المستمرة ضد ارتفاع الأسعار، مع استخدام قوات الأمن “للقوة المفرطة والقاتلة” لتفريق المتظاهرين المناهضين للحكومة في عدة محافظات؛ وفقًا لأرتكل 19، قوبلت الاحتجاجات الاقتصادية بالغاز المسيل للدموع، والاعتقالات التعسفية، فضلًا عن قطع الإنترنت، والاضطرابات التي تشير إلى أن السلطات قامت باستعدادات مسبقة لخنق حرية التعبير.
العراق: يبحث تقرير جديد بعنوان “لن يقتلوا حلمنا بالرصاص” من إعداد مركز الخليج لحقوق الإنسان (GCHR) في تفاقم المناخ المعادي ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين في أعقاب مظاهرات أكتوبر 2019 في البلاد.
يوثق التقرير أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، والنشطاء الذين أعربوا عن حاجة ماسة للدعم الدولي في تعزيز حقوق الإنسان، وحرية الصحافة، والمساءلة في البلاد؛ كما أشار التقرير إلى تصاعد العنف الذي يستهدف المدافعات عن حقوق الإنسان، حيث قالت إحدى المدافعات عن حقوق الإنسان: “نحن نعيش في رعب، ونخشى أن تكون عمليات القتل جزءًا من حملة أوسع تهدف إلى إسكات المدافعات عن حقوق الإنسان”.
جدير بالملاحظة أيضًا
كان المحامون والناشطون السوريون، مازن درويش وأنور البني من بين قائمة مجلة تايم لأكثر 100 شخصية مؤثرة لعام 2022، تقديرًا لعملهم في تقديم المسؤولين السوريين إلى العدالة. قدم رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM)، عضو آيفكس، ودرويش، إلى جانب البني، أدلة وشهادات حاسمة ضد مسؤولين سوريين متهمين بارتكاب جرائم حرب، بما يتضمن القضية التاريخية الخاصة بأنور رسلان الذي حُكم عليه بالسجن المؤبد من قبل محكمة ألمانية في وقت سابق من هذا العام.
في غضون ذلك، فازت الفنانة الإيرانية المنفية، زار أمير إبراهيمي بجائزة أحسن ممثلة في مهرجان كان السينمائي الخامس والسبعين عن دورها كصحفية في الفيلم الإيراني، “هولي سبايدر”. “لقد قطعت شوطًا طويلًا لأكون على هذه المنصة الليلة،” قالت للجمهور في خطاب قبولها. “لم تكن قصة سهلة”.
أخيرًا وليس آخرا، في إحدى حلقات بودكاست “الصامتون” من المادة 19، يتحدث الناشط المنفي والكاتب البارز، إياد البغدادي عن اغتيال صديقه الصحفي السعودي، جمال خاشقجي.