شباط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: موجز لأهم أخبار حرية التعبير، كتبه محرر آيفكس الإقليمي نسيم الطراونة، بناءً على تقارير أعضاء آيفكس والأخبار من المنطقة.
تمت الترجمة من مقال أصلي باللغة الانجليزية
سياسة بايدن الخارجية تبعث إشارات متضاربة، فكيف تبدو العدالة بالنسبة لجمال خاشقجي. ومجموعات حقوقية تدق ناقوس الخطر بشأن الانتهاكات في سجن النساء بمصر. واستهداف المتظاهرين يستمر في جميع أنحاء المنطقة. والحكم على ضابط مخابرات سوري في ألمانيا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
بعد أربع سنوات من المعاناة مع الإدارة الأمريكية التي غضت البصر عن تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة، شهدت الأسابيع الأخيرة أملًا متجددًا ولكنه قصير العمر لقيادة واشنطن الجديدة. وبناءً على تعهدات حملة الرئيس بايدن “بالدفاع عن حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية الأخرى وتعزيزها”، يتحرك المجتمع المدني في المنطقة للمطالبة بتغيير السياسة الخارجية للولايات المتحدة في المنطقة.
قائمة المطالب طويلة: من الضغط على المستبدين للإفراج عن آلاف سجناء الرأي خلف القضبان، إلى إنهاء حقبة الإفلات من العقاب التي شجعت المستبدين على ممارسة أبشع الأساليب القمعية دون مواجهة أي تداعيات.
مثال على ذلك: المملكة العربية السعودية.
الإفلات من العقاب والتضليل والعدالة لجمال
قوبل إصدار إدارة بايدن لتقرير الكونجرس الذي رُفِعت عنه السرية حول مقتل الصحفي جمال خاشقجي بانتقادات من مجتمع حقوق الإنسان. حيث أكد التقرير على موافقة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على العملية التي انتهت بالاغتيال الوحشي للصحفي البارز. لم تكن نتائج التقرير صادمة، حيث أثبت ذلك في تقرير المقررة الخاصة للأمم المتحدة أغنيس كالامارد لعام 2019، والذي توصّل إلى أن خاشقجي كان ضحية “إعدام مع سبق الإصرار” ووجد أدلة موثوقة على تورط محمد بن سلمان.
ترجمة التغريدة: تحركت الولايات المتحدة، لكنها لم تعاقب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لقتل الصحفي جمال خاشقجي.
تخبرنا أغنيس كالامارد بما يجب أن يحدث بعد ذلك من أجل تحقيق العدالة لخاشقجي.
بعد إصدار تقرير الكونجرس، فرضت إدارة بايدن عقوبات على 17 فردًا بموجب برنامج عقوبات ماغنيتسكي العالمي بسبب دورهم في الجريمة، لكنها لم تصل إلى حد محاسبة ولي العهد. وسارعت الجماعات الحقوقية إلى التحذير من أن تحديد محمد بن سلمان على أنه مذنب مع منحه الإفلات من العقاب من شأنه أن يشجع الأعمال القمعية ويعرض الأرواح للخطر، ودعت إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لمحاسبة محمد بن سلمان شخصيًا. كما حذر النشطاء من أن معاقبة الأفراد لن تكون كافية لإنهاء قمع الدولة.
“جمال ضحى بحياته من أجل حقنا في حرية التعبير. فمن أجله، يجب أن نبقي حرية التعبير على رأس جدول الأعمال”، كتب الناشط اياد بغدادي. وتابع: “المستقبل الجيد الذي يكرّم رؤيته، ليس هو المستقبل الذي يتم فيه وضع عقوبات على محمد بن سلمان ولكن يستطيع الاستمرار بممارسة القمع. المستقبل الجيد هو المستقبل الذي يتم فيه فحص محمد بن سلمان داخليًا من قبل السعوديين الأحرار القادرين على مطالبة حكومتهم بالمساءلة”.
على الرغم من رفض الرياض الكامل للتقرير، ظهرت بعد نشره حملة تضليل عبر الإنترنت بقيادة السعودية. حيث حذف موقع تويتر ما يقرب من 3500 حساب مزيف أظهر جهودًا منسقة لتشكيل الرواية العامة للجمهور الأمريكي من خلال دفع الرسائل المؤيدة لمحمد بن سلمان.
مع إشارة إدارة بايدن إلى عدم استعدادها لمحاسبة محمد بن سلمان على مقتل خاشقجي، لجأت الجماعات الحقوقية إلى النظام القانوني. حيث رفعت مراسلون بلا حدود شكوى جنائية في ألمانيا استهدفت محمد بن سلمان ومسؤولين سعوديين كبار آخرين لدورهم في مقتل خاشقجي واستمرار حبس 34 صحفيًا، وقال مدير مراسلون بلا حدود في ألمانيا كريستيان مير بأن فتح تحقيق جنائي سيشكل “سابقة على مستوى العالم“.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه محمد بن سلمان أيضًا ثلاث دعاوى قضائية منفصلة في محاكم أمريكية، بما فيها التي رفعتها منظمة خاشقجي الديمقراطية للعالم العربي الآن وخطيبته خديجة جنكيز، ودعوى أخرى من صحفية الجزيرة غادة عويس، التي كانت هدفًا مستمرًا عبر الإنترنت لحملة تشويه.
احتفل نشطاء وجماعات حقوقية بالإفراج عن الناشطات الحقوقيات السعوديات لجين الهذلول ونوف عبد العزيز، المعتقلتان منذ حملة قمع عام 2018 ضد المدافعات عن حقوق المرأة. على الرغم من إطلاق سراح الهذلول وعبد العزيز، إلا أنهما بعيدتان عن الحرية. حيث فُرِضت قيود على حقهما في السفر والتعبير عن أنفسهما. كما يواجه المدافع عن حقوق الإنسان عصام كوشك والصحفي علاء برينجي، اللذان أفرج عنهما مؤخرًا بعد أن أمضيا أحكامًا بسبب دعم حملات حقوق المرأة في المملكة، حظرًا من السفر.
وقال خالد ابراهيم من مركز الخليج لحقوق الإنسان: “ما يعانيه هؤلاء المدافعون عن حقوق الإنسان هو مأساة بكل معنى الكلمة”. وبحسب المنظمة الحقوقية، فإن النشطاء المفرج عنهم يخضعون للمراقبة عن كثب من قبل رئاسة أمن الدولة، وهي هيئة أمنية تركز على التهديدات الإرهابية ويشرف عليها الملك وتستخدم في اضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين.
منذ إطلاق سراحها، بدأت الهذلول، التي تقضي ثلاث سنوات تحت المراقبة، بالإضافة إلى الحظر من السفر لمدة خمس سنوات، الكفاح للاستئناف على شروط الإفراج عنها.
سلطت هذا الإفراج الضوء على محنة العديد من سجناء الرأي في السجون السعودية، ومنهم نسيمة السادة وسمر بدوي ومياء الزهراني، مما أثار الأمل باحتمال حريتهم. كما تم تخفيف عقوبة ومدة الحظر من السفر بحق المذيع التلفزيوني الأمريكي السعودي البارز الدكتور وليد فتيحي، المسجون منذ عام 2017. كما تم تخفيف أحكام ثلاثة مواطنين كانوا قاصرين عندما تم القاء القبض عليهم واجهوا أحكامًا بالإعدام لمشاركتهم في احتجاجات تندد بإعدام رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر في 2016، إلى السجن لمدة 10 سنوات.
ومع ذلك ، في نفس الأسبوع الذي تم فيه إطلاق سراح الهذلول، حُكم على المدافعة عن حقوق الإنسان إسراء الغمغام بالسجن ثماني سنوات، والحظر من السفر لمدة خمس سنوات بسبب حرية التعبير. وقد يواجه المدون المسجون رائف بدوي تهماً جديدة، تقول جماعات حقوقية إنها ذريعة لتمديد عقوبته البالغة 10 سنوات، والتي تقترب الآن من نهايتها.
المواطنون “المصريون المكسورون” يقبعون في الحجز
“السجن يدمر الناس. السجن غير القانوني أسوأ بكثير”.
أفرج عن صحفي الجزيرة محمود حسين بشروط بعد أكثر من أربع سنوات في الحبس الاحتياطي. كان إطلاق سراحه نبأ ساراً في شهر حافل بانتهاكات حقوق الإنسان واستمرار المظاهرات ضد حكم الرئيس السيسي القمعي.
كما شهدت الأسابيع الأخيرة اختفاء الصحفي جمال الجمل قسريًا ووضعه في الحبس الاحتياطي لدى عودته إلى مصر من منزله في تركيا، حيث قضى السنوات الخمس الماضية في المنفى الاختياري. كما تم اعتقال الباحث أحمد سمير السانتاوي لينضم إلى عدد متزايد من الأكاديميين المحتجزين.
في غضون ذلك، تقدمت الصحفية المسجونة سلافة مجدي بشكوى إلى السلطات بشأن الاعتداءات بحقها، بما فيها الاعتداءات الجنسية التي واجهتها في سجن القناطر للنساء منذ اعتقالها التعسفي. كما يضم السجن المحامية ماهينور المصري والصحفية إسراء عبد الفتاح، اللتين مثلتا مع مجدي أمام المحكمة، وتحدثن عن مجموعة واسعة من الانتهاكات التي تعرضن لها، بما فيها التنمر والتجريد من ممتلكاتهن الشخصية كالملابس الدافئة والبطانيات.
تواجه النساء الثلاث ظروف سجن مروعة تجسد التجربة الأكبر لسجناء الرأي البالغ عددهم 60 ألف سجين. ومن بين هؤلاء المدون محمد “أوكسجين”، الذي أثار تدهور صحته، وفقاً للتقارير، مخاوف بشأن ما إذا كانت السلطات تحاول عمداً قتله ببطء في السجن. حيث ما لا يقل عن 30 ألف من المسجونين بسبب ممارستهم حرية التعبير عالقون في دائرة لا نهاية لها من تجديد الحبس الاحتياطي، الأمر الذي حذرت منه المنظمات الحقوقية مراراً وتكراراً. ومن بين هؤلاء المدون والناشط علاء عبد الفتاح الذي مثل أمام المحكمة مؤخرًا ليندب احتجازه الذي لا نهاية له، وليطلب محاكمته.
ترجمة التغريدة: في عام 2016، أصبح أحمد ناجي أصبح أول مؤلف في مصر الحديثة يُحكم عليه بالسجن بسبب عمل أدبي.
في أحدث إصدار لنا حول ناجي، هل الكلمة المكتوبة تستحق كل هذا التضحية؟
كتب الأكاديمي والروائي المصري عز الدين فيشري مؤخراً: “السجن يدمر الناس. السجن غير القانوني أسوأ بكثير”. وأضاف: “لا يمكن لمصر أبدًا المضي قدمًا مع وجود عشرات الآلاف من المواطنين المنكسرين، وعيش الباقي في خوف”.
المخاوف الاقتصادية تغذي الاحتجاجات الوبائية
مع تفشي الوباء في جميع أنحاء المنطقة، تستمر الحقائق الاقتصادية المتدهورة في دفع المتظاهرين إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير والمساءلة، بينما تواصل قوات الأمن جهودها لقمع المظاهرات بعنف.
في تونس، مع الخلاف بين الفصائل السياسية في البلاد، نزل الآلاف من المتظاهرين أغلبهم من الشباب إلى الشوارع للتعبير عن إحباطهم من عدم المساواة الاقتصادية في البلاد والحكومة الغير فاعلة والقمع من قبل قوات الأمن. وتم القبض على أكثر من 1600 متظاهر منذ انطلاق الاحتجاجات في منتصف كانون الثاني، وتعرض الكثير منهم لاعتداءات مستهدفة من قبل ضباط الشرطة. وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، استُهدف نشطاء من مجتمع المثليات والمثليين وثنائي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً والكوير والغير محددي الهوية الحنسية وغيرهم بشكل خاص في الاحتجاجات، حيث واجهوا اعتقالات تعسفية واعتداءات جسدية، فضلاً عن حملة مضايقات على الانترنت للكشف عن النشطاء.
ترجمة التغريدة: تحتفل نقابات الشرطة باعتقال الناشطة الكويرية رانيا العمدوني على الفيسبوك. مقدار الكراهية التي لا تزال تتلقاها أثناء جلوسها في السجن في انتظار المحاكمة مثير للاشمئزاز. # سيب_رانيا
في العراق، استمرت الاحتجاجات المناهضة للحكومة بالتعرض لعمليات قتل مستهدفة، حيث أطلقت قوات الشرطة النار على المتظاهرين في الناصرية مما أدى إلى مقتل خمس أشخاص. وفي محاولة نادرة لتحميل القتلة مسؤولية موت نحو 600 شخص منذ انطلاق الاحتجاجات في تشرين الأول 2019، ألقت قوات الأمن العراقية القبض على أربعة أفراد يشتبه في انتمائهم إلى شبكة مسؤولة عن الاغتيالات المستهدفة للنشطاء في البصرة.
حكم على خمسة نشطاء وصحفيين اعتُقلوا منذ آب 2020 في إقليم كردستان العراق بالسجن ستة أعوام بسبب مشاركتهم في احتجاجات مناهضة للحكومة. كما شنت قوات الأمن الإيرانية عبر الحدود موجة من الاعتقالات التعسفية التي استهدفت نشطاء المجتمع المدني الأكراد.
في الجزائر، تم إطلاق سراح العشرات من النشطاء المؤيدين للحراك قبل الذكرى الثانية للاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة في البلاد. وشمل العفو على الناشط السياسي رشيد نكاز، والصحفي البارز خالد دراريني، الذي أطلق سراحه بعد قرابة عام في السجن بسبب تغطيته لحركة الاحتجاج. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة لم تفعل الكثير حتى يتراجع المتظاهرين، حيث احتج الآلاف على الرغم من القيود الوبائية. وكررت الجماعات الحقوقية دعوتها للمجتمع الدولي من أجل حث الحكومة الجزائرية على وضع حد للسياسات التي تهدف إلى إسكات الذين يمارسون حقهم في حرية التعبير.
ترجمة التغريدة:
#الجزائر:
عادت احتجاجات #حراك بكامل قوتها يوم الاثنين. أعاد إطلاق سراح السجناء السياسيين إحياء روح الاحتجاج لدى الكثيرين، مما أدى إلى تجمعات جديدة بعد ما يقارب عام.
بالمختصر
في الإمارات العربية المتحدة، حُكم على المقيم الأردني أحمد العتوم بالسجن عشر سنوات بسبب منشورات على فيسبوك تنتقد الأردن. وقال نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، مايكل بيج: “لطالما ضيّقت السلطات الإماراتية الخناق على الانتقاد العلني لسلطات الإمارات وسياساتها، ويبدو أنها وسعت هذا القمع ليشمل منتقدي دول أخرى أيضا”. وتأتي القضية في ظل وفاة الصحفي الأردني تيسير النجار مؤخرًا، الذي توفي – بعد عامين من إطلاق سراحه من أحد السجون الإماراتية – متأثرًا بمضاعفات صحية أصيب بها خلال الفترة الطويلة التي قضاها هناك. لقد لفتت وفاة النجار الانتباه إلى محنة ما لا يقل عن 13 من سجناء الرأي الذين ما زالوا مسجونين في ظروف غير صحية على الرغم من قضاء عقوباتهم.
في لبنان، قُتل المعلق السياسي البارز وناقد حزب الله لقمان سليم بالرصاص في سيارته الشهر الماضي، مما أدى إلى دعوات لإجراء تحقيق في جريمة القتل المروعة. وتقول جماعات حقوقية في المنطقة إن اغتيال سليم يمكن أن يكون له: “أثر مروّع على البلاد، إذ يشهد لبنان سلسلة مقلقة من الإجراءات التي تهدد حرية التعبير“، كما سيزيد من الخطر على الصحفيين.
انتصارات جديرة بالملاحظة
شهدت الأسابيع الأخيرة أيضًا بعض المكاسب المهمة للمجتمع المدني في الطريق نحو العدالة. ففي العراق، أقر البرلمان قانون الناجيات الإيزيديات، الذي اعترف رسميًا بفظائع داعش المرتكبة ضد الأقلية العرقية في البلاد، وتحديداً العنف الجنسي المروع الذي تتعرض له النساء الإيزيديات.
ترجمة التغريدة: يُعد إقرار قانون الناجيات الأيزيديات في العراق اليوم خطوة أولى مهمة في الاعتراف بالصدمة القائمة على النوع الاجتماعي للعنف الجنسي، والحاجة إلى تعويض ملموس. يجب أن يكون تنفيذ القانون مركّزًا بشكل شامل على دعم وإعادة دمج الناجيات على نحو مستدام.
حكمت محكمة في كوبلنز بألمانيا على ضابط مخابرات سوري سابق بالسجن لمدة أربعة أعوام ونصف العام لارتكابه جرائم ضد الإنسانية. اتهم إياد الغريب باعتقال وتعذيب عشرات المتظاهرين لصالح نظام الأسد. وكان الحكم غير المسبوق بمثابة لحظة نادرة للعدالة لعدد لا يحصى من الضحايا والناجين، وشهادة على العمل الدؤوب للنشطاء والجماعات الحقوقية.
“إن الحكم الصادر اليوم في محكمة كوبلنز ليس مجرد لائحة اتهام للمتهم إياد، إنما هو لائحة اتهام قضائية لجميع الأجهزة الأمنية في سوريا وجميع الانتهاكات التي ارتكبتها. وما هذه إلا مجرد البداية”. مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير مازن درويش
أخيرًا، نعى المجتمع الأدبي الشاعر الفلسطيني المحبوب مريد البرغوثي، الذي قضى معظم حياته في المنفى، والذي عبّر عمله المشهود له على نطاق واسع ببلاغة عن تجربة الشتات الفلسطيني.