منذ بداية جائحة COVID-19، هناك تزايد في قمع السلطات الأردنية للصحفيين من خلال إصدار تشريعات جديدة تفاقم من تقييد حرية التعبير.
تم نشر هذا البيان أولاً على موقع مركز الخليج لحقوق الإنسان بتاريخ 29 حزيران 2022
تم تقييد حرية الصحافة والتعبير من قبل الحكومة الأردنية على مر السنين مع تعرض الصحفيين والمؤسسات الإعلامية للمراقبة المستمرة، على غرار دول الجوار. ومع ذلك، وفقًا لبحث أجراه مركز الخليج لحقوق الإنسان، منذ بداية جائحة كوفيد-19، قامت الحكومة الأردنية بقمع الصحفيين بشكلٍ أكبر من خلال إصدار تشريع جديد يحد من حرية التعبير داخل المملكة.
تندرج قوانين الصحافة الأردنية ضمن المادة 15 (1) و (3) من الدستور الأردني اللتين تنصان على التوالي على ما يلي، “تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون”؛ و “تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام ضمن حدود القانون.” وبالرغم من ذلك، لطالما تم ضبط “حرية” التعبير والصحافة من قبل سلطات الدولة التي استخدمت قانون مكافحة الإرهاب، وقانون الجرائم الإلكترونية، وقانون الصحافة والمطبوعات، وقانون العقوبات لاعتقال الصحفيين والتضييق على المطبوعات الإعلامية المحلية.
يجرم القانون الأردني انتقاد الملك والمسؤولين والمؤسسات الحكومية، والكلام التشهيري محظور. ومع ذلك، في يوليو/تموز 2020، نفذت السلطات الأردنية رقابة أكثر صرامة على وسائل الإعلام من خلال إصدار أوامر منع النشر الصحفي التي تحظر تغطية الاحتجاجات المحلية رداً على إغلاق نقابة المعلمين الأردنيين. أصدر النائب العام أمراً بصمتٍ صحفي حظر فيه مناقشة الموضوع من قبل الصحفيين ووسائل الإعلام المحلية. لقد أدى ذلك إلى المزيد من أوامر منع النشر التعسفية في الصحافة خلال عام 2021، والتي كان من المفترض أن تستهدف التقارير المستمرة حول نقابة المعلمين الأردنيين، واعتقالات أبريل/نيسان2021 للأمير حمزة ومسؤولين آخرين متهمين بالتآمر لتقويض قيادة البلاد. علاوة على ذلك، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، مُنعت وسائل الإعلام الأردنية من الإبلاغ عن إصدار أوراق باندورا، التي كشفت عن فضيحة فساد للملك فيما يتعلق بحيازته ممتلكات عقارية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
على الرغم من القيود المفروضة على حرية التعبير والصحافة في السنوات الأخيرة، في 25 أبريل/نيسان 2022، أجرى البرلمان تعديلاً على المادة 225 من قانون العقوبات الأردني والذي زاد من عقوبة الصحفيين الذين ينشرون أخباراً عن التحقيقات الجنائية و/ أو المحاكمات السرية قبل إعلانها الرسمي. قبل هذا التعديل، كانت المادة 225 تنص على غرامات لمن يخالف أوامر حظر النشر، ولكن تمت إضافة عقوبة السجن لمدة ثلاثة أشهر إلى هذه المخالفات.
تتشابه هذه الشروط الجديدة مع قانون منع الجرائم الإلكترونية المثير للجدل في الأردن (المادة 11) التي تجرم القذف والتشهير بالسجن لمدة ثلاثة أشهر. استهدف هذا القانون مئات النشطاء السياسيين والصحفيين والمواطنين بسبب تعبيرهم عن آرائهم السياسية عبر حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي. وبالمثل، فإن التعديل الجديد للمادة 225 يجعل من غير القانوني عدم تنفيذ أوامر منع النشر على الأخبار التي تغطي نقابة المعلمين الأردنيين والتطورات المستمرة لوضع الأمير حمزة مع العائلة المالكة. يمكن الشعور بالفعل بالتأثيرات المتتالية على الأرض، حيث يبدو أن القليل من الأردنيين يدركون أن الملك قد شجب مؤخراً الأمير حمزة من العائلة المالكة، وهو ما غطته صحيفة واشنطن بوست.
منذ وضعه قسرا رهن الإقامة الجبرية العام الماضي، تخلى الأمير حمزة عن لقبه الملكي في وقتٍ سابق من هذا العام ونشر على وسائل التواصل الاجتماعي أنه لا يستطيع التوافق مع، “النهج والسياسات والأساليب الحالية لمؤسساتنا.” وقد أدى ذلك بالملك إلى التنديد العلني بالأمير حمزة ووصفه بأنه، “غريب الأطوار” وصرح بأنه، “لن يسمح أبداً بأن تكون بلادنا رهينة لأهواء شخص لم يفعل شيئًا لخدمة بلاده.” لا يزال الأمير حمزة محتجزاً في قصره حيث تحركاته واتصالاته محدودة، مما يدل على أنه لا أحد مستثنى من الالتزام بالسياسات التقييدية الموضوعة، بما في ذلك داخل العائلة المالكة الهاشمية. تهدف هذه السياسات إلى إسكات أولئك الذين لديهم آراء ووجهات نظر مختلفة بغض النظر عن الوضع الاجتماعي الذي يتمتعون به.
إن التعديل الجديد ليس استثناءً لأنه يهدف إلى إسكات أصوات الأردنيين المحليين وترهيب الصحفيين من أجل التفكير مرتين قبل تغطية قضايا معينة. يمكن ملاحظة ذلك في قضية باسل العكور، محرر موقع جو 24، الذي تم اعتقاله في صيف عام 2020 بعد تغطية احتجاج نقابة المعلمين، ولكن تم إطلاق سراحه لاحقاً وأقرت براءته. بالرغم من ذلك، مع التشريع الجديد المعمول به، كان سيواجه عقوبة السجن لمثل هذه التغطية.
إلى جانب قضية العكور، وثق مركز الخليج لحقوق الإنسان في مايو 2020 اعتقال مدير عام قناة رؤيا الفضائية، فارس الصايغ، ومدير الأخبار محمد الخالدي بعد تقريرٍ إخباري عن مخاوف العمال من التأثير الاقتصادي لحظر التجول المرتبط بكوفيد-19. اتُهم الصايغ والخالدي بموجب قانون مكافحة الإرهاب، لكن تم الإفراج عنهما بكفالة بعد ثلاثة أيام في 12 أبريل/نيسان 2020. وبموجب التعديلات الجديدة، سيواجه الصايغ والخالدي عقوبة السجن بسبب تغطية هذه الأحداث.
في وقتٍ سابق من هذا العام، خلال شهري فبراير/شباط ومارس/آذار 2022، تم اعتقال 12 ناشطًا بموجب قانون منع الجرائم وقانون منع الجرائم الإلكترونية بزعم “نشر أخبار كاذبة”. تم القبض على بعض المعتقلين بالقوة من قبل السلطات لمجرد التخطيط للاحتجاجات أو المشاركة في الاحتجاجات المحلية بعد الانتخابات. تستمر هذه الاعتقالات في التجاوز على الحريات الأساسية للأردنيين وتسمح للحكومة بمواصلة حكمها المطلق دون الحاجة إلى مواجهة أسئلة أو انتقادات من الجمهور.
على الرغم من أن مركز الخليج لحقوق الإنسان قد تلقى تقارير عن رد فعل شديد ضد الحكومة من الصحفيين مما يشير، استناداً إلى تجربتهم في الماضي، إلى أن التعديل الجديد يزيد من خنق حرية التعبير، إلا أن السلطات في الأردن لا تزال غير مستعدة لحماية الحريات العامة وبدلاً من ذلك تضع كل جهودها لمزيد من التقييد على حرية التعبير في اتجاه قمعي تم توثيقه جيداً من قبل منظمات حقوق الإنسان في السنوات الأخيرة.
يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات في الأردن، بما في ذلك الحكومة، إلى:
1. الإسراع في إصدار التشريعات التي تحمي الحريات العامة وعلى وجه الخصوص حرية التعبير والصحافة وفق أحكام الدستور وبما يتماشى مع المعايير والمواثيق القانونية الدولية؛
2. تعديل كافة التشريعات التي تقيّد الحريات العامة، وإلغاء المادة 225 من قانون العقوبات التي تحد من حرية التعبير؛
3. وضع حد لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان بمن فيهم الصحفيون ونشطاء الإنترنت أو كل من يشارك في أعمال أو كتابات أو خطابات سلمية في مجال حقوق الإنسان؛
4. الاعادة الكاملة لأعضاء نقابة المعلمين الأردنيين إلى مسؤولياتهم السابقة، والسماح بافتتاح فروعها بالكامل، بما في ذلك الهيئات الإدارية لمجلس النقابة، والمجلس المركزي والأجهزة الفرعية؛ و
5. التأكد من أن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم الصحفيون والمدونون ونشطاء الإنترنت في الأردن، قادرون على القيام بعملهم المشروع دون خوفٍ من الانتقام وبطريقة خالية من جميع القيود، بما في ذلك المضايقة القضائية واضطهاد أسرهم.