تعكس موجة الاعتقالات في الأردن الضغط المتزايد على المراسلين في جميع أنحاء المنطقة منذ اندلاع الحرب على غزة.
نشر أولًا على مراسلون بلا حدود.
اعتُقل ثلاثة صحفيين في غضون عشرة أيام، بينما تعرض العديد من زملائهم للترهيب في عمان أثناء تغطيهم لتظاهرات تندد بالحرب في غزة. وفي هذا الصدد، تدعو مراسلون بلا حدود الحكومة الأردنية إلى التوقف فورًا عن قمع الفاعلين الإعلاميين الذين لا يقومون إلا بواجبهم المهني، مطالِبة في الوقت ذاته بالإفراج عن شربل ديسي، صحفي موقع حبر، الذي لا يزال رهن الاحتجاز.
كان الصحفي البالغ من العمر 25 عامًا والمعروف باسمه المستعار شربل ديسي يؤدي بعمله الإعلامي عندما اعتقلته الشرطة الأردنية في 30 مارس/آذار بينما كان يغطي لموقع حبر مظاهرة أمام مبنى السفارة الإسرائيلية، حيث رُفعت شعارات تطالب بإغلاقها احتجاجًا على الحرب التي تطال قطاع غزة، علمًا الصحفي يقبع قيد الاحتجاز منذ ذلك التاريخ بتهمة “المشاركة في تجمع غير مشروع”.
كما اعتُقل صحفيان آخران لنفس الأسباب، وفقًا للمعلومات التي توصلت إليها مراسلون بلا حدود. ففي 21 مارس/آذار، ألقت قوات الأمن الأردنية القبض على المصور المستقل عبد الجبار زيتون بينما كان يغطي بدوره مظاهرة نُظمت احتجاجًا على الحرب على غزة، لتُفرج عنه بعد سبعة أيام من الاحتجاز. وفي 26 من الشهر ذاته، اعتُقل أيضًا خير الجابري صحفي موقع عربي بوست، بينما كان يغطي مظاهرة مماثلة، حيث قضى ثلاثة أيام رهن الاحتجاز لعدم حيازته البطاقة الصحفية.
“تغطية التظاهرات ليست جريمة. من غير المقبول بتاتًا معاملة هؤلاء الصحفيين بتلك الطريقة، فقط لأنهم أدَّوا عملهم في نقل المعلومة. ولذا فإن هذه الاعتقالات تقوِّض حرية الصحافة. وإذ تدعو مراسلون بلا حدود السلطات الأردنية إلى التوقف فورًا عن أساليب الترهيب هذه، فإنها تطالب بإطلاق سراح الصحفي الذي لا يزال قيد الاحتجاز.
جوناثان داغر – مدير مكتب الشرق الأوسط في مراسلون بلا حدود
الضغوط والتخويف على الصحفيين
في 21 مارس/آذار، اعتُقل الصحفي عبد الجبار زيتون ونُقل إلى مختلف الأقسام في إدارة الأمن، رغم أنه أخبر عناصر الشرطة بطبيعة عمله أثناء تغطيته المظاهرة الاحتجاجية. وبعد استجوابه، تأكد الحاكم الإداري للمنطقة من أنه صحفي بالفعل، لكنه أبقاه سبعة أيام قيد الاحتجاز، علمًا أن هذا القرار يعود إلى المدعي العام بحسب القانون الأردني. وقال زيتون إن الحاكم الإداري أخبره بشكل استفزازي أن “السجن مليء بالمواضيع المثيرة للاهتمام التي يمكن التطرق لها”.
كما أكدت مصورة صحفية أخرى أنها تعرَّضت بدورها لشتى أنواع الضغوط، مفضلة عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، حيث قالت في تصريح لمنظمة مراسلون بلا حدود إن الشرطة استدعتها في 1 أبريل/نيسان واستجوبتها حول عملها على مدى ساعات، مضيفة أن بعض الأسئلة تمحورت حول “أفكارها عن فلسطين والأردن”، لتضطر في نهاية المطاف إلى التوقيع على “تعهد” بعدم “المشاركة في المظاهرات” التي من شأنها أن “تعرض أمن البلاد للخطر”، علمًا أن الشرطة أقدمت على تفتيش منزلها أيضًا.
تدابير احترازية لا مفر منها
في هذا المناخ السالب للحرية، بات الصحفيون مجبرين على اتخاذ تدابير احترازية أكثر من أي وقت مضى، وذلك لتجنب الوقوع في وضع مشبوه من منظور الشرطة، علمًا أن هذه البيئة الخانقة تطال الصحفيين المستقلين بشكل خاص. وفي هذا الصدد، أكدت صحفية مستقلة – فضَّلت بدورها عدم الكشف عن هويتها – أن هناك شعورًا عامًا بين هذه الفئة من الفاعلين الإعلاميين بأن “لا شيء يمكن أن يحميهم”. فبينما كانت تغطي المظاهرات، “بقيت وسط الحشود دون الاقتراب من قوات الأمن” لتجنب الاعتقال، علمًا أن العديد من الصحفيين الآخرين الذين تواصلت معهم مراسلون بلا حدود أكدوا تفاقم العراقيل التي تعيق تغطية المظاهرات.
توترات متزايدة في المنطقة
تعكس هذه الموجة من الاعتقالات في الأردن مدى الضغط المتزايد على المراسلين في جميع أنحاء المنطقة منذ اندلاع الحرب على غزة، حيث ألقت قوات الاحتلال الإسرائيلية القبض على ما لا يقل عن 33 صحفيًا في الضفة الغربية المجاورة، بينما قتلت قنابل الجيش الإسرائيلي ثلاثة صحفيين كانوا يغطون الحرب من جنوب لبنان. يُذكر أن الجيش الإسرائيلي قتل في غزة أكثر من 100 صحفي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، علمًا أن 22 منهم على الأقل لقوا حتفهم أثناء قيامهم بعملهم.