يلفت مركز الخليج لحقوق الإنسان الانتباه إلى الناشطات اللواتي يدافعن عن التقدم في ساحة الاحتجاج، والحاجة الملحة لحماية حقهن في التجمع السلمي.
تم نشر هذا المقال أولاً على موقع مركز الخليج لحقوق الإنسان بتاريخ 4 تشرين الثاني 2019
يقف مركز الخليج لحقوق وقفة تضامنيّة مع المدافعات عن حقوق الإنسان اللواتي يقفن في الخطوط الأماميَة للإحتجاجات السلميّة المستمرة والتي اندلعت بسبب تدهور الأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة والسياسيّة في لبنان. جاءت التظاهرات كنتيجة لفشل الحكومة بالتعامل مع فترة طويلة من التدهور الإقتصادي، كما اندلعت المظاهرات الجماهيريّة بعد قرار الحكومة فرض عدد من الضرائب على الغاز والتبغ والمكالمات الهاتفيّة عبر الإنترنت والرسائل النصية من خلال بعض التطبيقات مثل واتس آب.
كما و يدعم مركز الخليج لحقوق الإنسان مطالب المدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات النسويّات القويَات في لبنان واللواتي يقمن بقيادة ودعم هذا النضال والعمل بلا كللٍ من أجل ضمان حقوقهن الأساسيّة والمطالبة بإعطائهن المساحة في كل جبهة. إن مركز الخليج لحقوق الإنسان يدعم أصواتهن ويرددها بقوة لتكن مسموعة على نطاق أوسع ويشجع جهودهن المستمرة لضمان بقاء جميع الإحتجاجات سلميَة وشاملة.
لقد شارك بالإحتجاجات أناس من أجناس ومن أديان وخلفيات مختلفة داخل لبنان و في المهجر. و لذلك يود مركز الخليج لحقوق الإنسان أن يؤكَد على أهميَة إنتهاز الفرصة الحالية لدفع حقوق الإنسان قدماً من خلال هذه الحركة الموحّدة، وأن أي تغيير قد ينشأ من خلال هذه الإحتجاجات ينبغي أن يركز على تغيير القوانين والممارسات التمييزيّة في البلاد. احتلت النساء والنسويات اللبنانيات شوارع المدن اللبنانية الرئيسية للمطالبة بإنهاء التمييز بين الجنسين باعتباره أحد المطالب الرئيسية. لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال التركيز على أولوية واحدة، وهي تغيير الحكومة من خلال الإصلاح الشامل.
إن قضايا المرأة متداخلة مع جميع المطالب التي تثيرها الحركة الحاليّة بما فيها حق المرأة بإعطاء الجنسيّة لأطفالها وتغيير جميع القوانين التمييزيّة الأخرى التي تتيح الفرصة للرجال بأن يفلتوا من العقاب من خلال النظام القانوني الحالي. كما أثار المتظاهرون قضايا نسوية عديدة كالقتل وجرائم الشرف والإغتصاب الزوجي والعنف القائم على النوع الإجتماعي باعتبارها القضايا الملحّة التي يجب التركيز عليها بعد تغيير الحكومة الحاليّة.
وقد وقفت النساء اللواتي ملأن الساحات والطرقات كحاجزٍ بين قوات الأمن والمتظاهرين، ومنحت هذه المشاركة الشجاعة الإحتجاجات بعداً نسويّاً قويَاً. وكانت الهتافات والدعوات والمطالبات والحس الخلّاق للحركة الإجتماعيّة النسوية جلية في كل جانب من جوانب الإحتجاجات، كما وقد ساعد التواجد النسائي في الإحتجاجات على تخفيف التوتر ومهّد الطريق للعب الدور القيادي النسوي الذي حرمت منه النساء لمدة طويلة. يتم تصنيف لبنان بأنها الدولة 140 من أصل 149 دولة في تقرير الفجوة العالميّة بين الجنسين والذي يغطي نطاقاً واسعاً من العوامل المتعلقة بوضع المرأة اقتصاديّاً وفي التعليم والصحَة والتمكين السياسي. وهذه الحركة الشعبيّة تبدو فرصةً لإنهاء هذا التمييز.
نادين جوني، وهي تلك المدافعة المتفانية عن حقوق المرأة، تبلغ نادين من العمر 29 عاماً، قد توفيت مؤخرا في 06 أكتوبر/تشرين الأول 2019 بحادث سير على طريق الدامور العام.، وكانت متواجدة في جميع الإحتجاجات. لقد أمضت حياتها وهي تصارع لتغيير القوانين التمييزيّة. قبل ساعات قليلة فقط من وفاتها، كان من المفترض أن تشارك في الإحتجاجات المدنيّة ضد تدهور ظروف المعيشة، في وسط بيروت. خلال حياتها المهنيّة، قامت نادين بتنظيم حملات لأجل آلاف النساء اللواتي حرمن من أطفالهن بسبب المحاكم الدينيّة. وقد هدفت حملتها لتغيير قانون الحضانة لبصبح عادلاً ومنصفاً للمرأة. ويندرج قانون الأسرة في لبنان بشكل خاص تحت اختصاص المحكمة الدينيّة، وهذا يعني أنّه يحق لكل طائفة أن تملي قوانينها فيما يتعلق بقضايا الزواج، الطلاق، الميراث، وحضانة الأطفال. وقد اختبرت جوني ذلك التمييز بنفسها حيث حرمت من رؤية طفلها الوحيد كرم بعد طلاقها من زوج ظالم.
لقد كانت جوني مهندسة، وقامت بتصميم العديد من الحملات الإفتراضيّة والإحتجاجات العامّة ضد اغتصاب الفتيات القاصرات (عار على من؟) وضد زواج القاصرات (ليس قبل ال18)، حيث يختلف الحد الأدنى لسن الزواج وفقاً للقوانين الدينيّة المختلفة، والتي تتراوح مابين سن 9 وحتى سن 18. لقد تحدثت بصوت عالٍ، وحشدت النساء والرجال في حملات افتراضيّة وفي مسيرات ملأت شوارع بيروت للوقوف ضد الإغتصاب والإعتداء على الفتيات (حملة مين الفلتان؟).
في عام 2014، أصدر لبنان قانوناً يخص العنف المنزلي. ومع ذلك، فقد أشارت دراسة استقصائيّة نشرت عام 2016 أن 31% من النساء في لبنان قد تعرضن للعنف المنزلي. و لذلك يشجع مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات اللبنانيّة بأن تكون أكثر وعياً بالتزامها لمكافحة التمييز. كما ويود المركز التأكيد على أهميّة تغيير القوانين التميزيّة، إلّا أن تغيير القوانين لن يكون كافياً لوحده.
هذا و قد دوت صيحات الإحتفال بالنصر في جميع أنحاء المدن اللبنانيّة بتاريخ الثلاثاء 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019 حين أعلن رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته، هذا بعد موجة من الإحتجاجات التي حشدت الكثيرين وكان لها أثر كبير داخل لبنان وخارح حدوده منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وقد أضاءت استقالة رئيس الوزراء بصيصاً من الأمل بأن التغيير ممكن، وذلك بالرغم من الأحداث المؤسفة التي حصلت مسبقاً في ذات يوم الاستقالة، عندما استهدف مؤيدوالحكومة بمنتهى العنف المتظاهرين السلميين بمن فيهم المدافعات عن حقوق الإنسان، بوجود قوات الأمن التي وقفت صامتة و مراقبة بحيث سمحت لمثل هذه الإنتهاكات بالحصول في وسط العاصمة اللبنانيّة، بيروت.
لذا، يحث مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات المعنيّة والجهات الفاعلة ذات الصّلة الموجودة في لبنان على مايلي:
– ضمان تمكين المدافعات عن حقوق الإنسان وحمايتهن لممارسة حقوقهن في النشاط والتجمّع السلمي دون أي خوف من ممارسات انتقاميّة، بما في ذلك من الجهات الحكومية وغير الحكومية؛
– إصلاح القوانين التمييزية التي تؤثر على رفاه المرأة ونشاطها، ومشاركتها الإجتماعية والإقتصادية والسياسية؛
– استثمار جميع الموارد المتاحة لتحقيق العدالة والكرامة والحرية في المجتمع اللبناني وفي نفس الوقت دعم عمل المدافعات عن حقوق الإنسان، بما فيهن الناشطات في مجال حقوق المرأة اللبنانية واللاجئات، من أجل تحقيق التغيير الإيجابي والسلام المستدام والتعايش والمساواة؛
– الإحترام والتمسّك بالإلتزامات القانونيّة للدولة لدعم اتفاقيّة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.