أغسطس/آب ٢٠٢٤ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: ملخص حول حرية التعبير والفضاء المدني، من إنتاج نسيم طراونة، محرر آيفكس الإقليمي، استنادًا على تقارير أعضاء آيفكس والأخبار من المنطقة.
يستمر استهداف الصحفيين الفلسطينيين بدون عقاب، في حين تؤدي المضايقات التي يتعرض لها الشباب الفلسطيني عبر الإنترنت إلى فرض الرقابة الذاتية؛ وتقوم إيران بإعدام المنتقدين؛ بينما تسجن مصر النشطاء؛ في نفس الوقت الذي يتم فيه رفض الانتخابات التونسية باعتبارها “مهزلة سيئة”.
فلسطين: إسكات الرسل، والمراقبة تغذي الرقابة الذاتية
يستمر تدهور وضع الصحفيين في فلسطين إلى مستويات غير مسبوقة، مع ورود تقارير عن تعمد القوات الإسرائيلية استهدافهم وقتلهم في غزة وخارجها. في ١٨ أغسطس/آب، فتحت دبابة إسرائيلية النار على مجموعة من الصحفيين الذين كانوا يرتدون سترات صحفية في غزة، مما أسفر عن قتل المراسل المستقل، إبراهيم محارب، وإصابة زميلته، سلمى القدومي.
وقع الهجوم بعد أيام من مقتل صحفي الجزيرة، إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي، إثر إصابة سيارتهما بغارة إسرائيلية أثناء تغطيتهما بث مباشر من مخيم الشاطئ للاجئين.
وفقا لقناة الجزيرة، فإن الغول والريفي هما من بين أحدث الصحفيين الفلسطينيين الذين اتهمتهم إسرائيل بانتمائهم إلى حركة حماس، استنادًا إلى أدلة “لا أساس لها من الصحة“؛ دعت الشبكة الإعلامية إلى إجراء تحقيق دولي مستقل في مقتل موظفيها منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة.
[ترجمة: “هذا الدرع لم يحمي زميلي إسماعيل” زملاء صحفيي الجزيرة الشهيدين، إسماعيل الغول ورامي الويفي يخلعون ستراتهم الصحفية احتجاجا على مقتلهما. ]
دعت لجنة حماية الصحفيين إسرائيل إلى التوقف عن تشويه سمعة الصحفيين الفلسطينيين المقتولين بوصمة “الإرهاب” التي تخلو من الصحة، وقد أدينت هذه التسميات على نطاق واسع على أساس أنها جزء من جهد أوسع لإسكات الصحفيين الفلسطينيين، وتقويض التقارير الواردة من غزة. وفقًا إلى مدير برنامج لجنة حماية الصحفيين، كارلوس مارتينيز دي لا سيرنا، “تعرض حملات التشهير الصحفيين للخطر، وتؤدي إلى تآكل ثقة الجمهور في وسائل الإعلام. يجب على إسرائيل أن تضع حدًا لهذه الممارسة، وأن تسمح بإجراء تحقيقات دولية مستقلة في مقتل الصحفيين”.
كما أدان المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)، العضو في آيفكس، عمليات القتل المتعمد، ودعا المجتمع الدولي إلى الاعتراف بفشله في حماية الصحفيين في غزة، مؤكدا على أن إفلات إسرائيل من العقاب يشكل عاملًا رئيسيًا في تصاعد الجرائم ضد الصحفيين ووسائل الإعلام الفلسطينية.
في نفس الوقت، قُتل نجم التيك توك، ميدو حليمي،المعروف بتوثيق الحياة في غزة، بشظايا غارة جوية إسرائيلية خلال الشهر الماضي.
[ترجمة: كان هذا هو الفيديو الأخير لمنشئ المحتوى الفلسطيني، ميدو حليمي، البالغ من العمر ١٩ عامًا، قبل مقتله على يد القوات الإسرائيلية. ]
بالإضافة إلى العنف الجسدي والخسائر الفادحة في صفوف الصحفيين والمدنيين، لا يزال الفلسطينيون يواجهون تهديدات أمنية رقمية. وفقًا لدراسات أجراها المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة)، عضو آيفكس، أن المضايقات والمراقبة الإلكترونية يتعرض لها الشباب الفلسطينيين على الإنترنت قد أفضت إلى ارتفاعٍ مخيفٍ في الرقابة الذاتية.
وفقًا لإحدى الدراسات، فإن ٧٠% من الشباب الفلسطينيين، المواطنين في إسرائيل، يمارسون الرقابة الذاتية على الإنترنت، ويتجنبون استخدامه كأداة للنشاط الجماهيري. في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، أعرب ٦٠% من الشباب الفلسطينيين المشاركين في الدراسة عن مشاعر مماثلة، مما يشير إلى أن المراقبة الإسرائيلية الصارمة، والملاحقة القانونية لنشاط الفلسطينيين على الإنترنت تعزز مناخ الخوف.
تتخبط شركة ميتا في الإشراف على المحتوى المتعلق بإسرائيل وفلسطين على منصاتها المختلفة، لا سيما باللغة العبرية. كشفت وثائق داخلية وموظف سابق، أن سياسات شركة التواصل الاجتماعي التي تحكم خطاب الكراهية حول فلسطين غير عادلة، وتفتقر إلى آليات مماثلة للتحقق من دقة اعتدال المحتوى العبري مقارنة بالمحتوى العربي. سجل مؤشر العنصرية والتحريض في حملة أكثر من ١٠ ملايين حالة من المحتوى العنيف باللغة العبرية في العام الماضي، حيث شكلت نسبة المحتوى العنيف على فيسبوك ما نسبته ٢٣.٦%.
كشفت التحقيقات الأخيرة عن دور عمالقة التكنولوجيا مثل أمازون، وجوجل، ومايكروسوفت في تمكين انتهاكات حقوق الإنسان في إسرائيل، مما أثار مخاوف بشأن تواطؤها في مراقبة الاحتلال وعنفه؛ وتوفر هذه الشركات خدمات مثل التخزين السحابي، وأدوات الذكاء الاصطناعي للجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الوحدة ٨٢٠٠، التي طورت ونشرت تقنيات المراقبة منتقدة بسبب عدم دقتها، وقدرتها العالية على استهداف المدنيين.
تصاعد مثير للقلق في عمليات الإعدام والقمع في إيران
شهدت إيران تصاعدًا مقلقًا في عمليات الإعدام والقمع في الأشهر الأخيرة، حيث ورد أنه تم إعدام ما لا يقل عن ٨٧ شخصًا على الأقل في الأسابيع التي تلت الانتخابات الرئاسية في يونيو/حزيران.
كان من بين الذين أُعدموا رضا رسايي، وهو رجل كردي يبلغ من العمر ٣٤ عامًا،اعتقل أثناء احتجاجات “المرأة، الحياة، الحرية” التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد عام ٢٠٢٢. حُكم على رسايي بالإعدام لتورطه المزعوم في “القتل العمد” لمسؤول أمني في محاكمة استندت إلى “اعترافات” قسرية، وسط أنباء عن تعرضه للتعذيب، وغيره من ضروب سوء المعاملة أثناء الاحتجاز.
شهدت إيران تصعيدًا كبيرًا في استخدام عقوبة الإعدام، حيث تم الإبلاغ عن تنفيذ ٨٥٣ عملية إعدام في عام ٢٠٢٣، وتنفيذ ما لا يقل عن ٢٧٤ عملية إعدام أخرى بحلول ٣٠ يونيو/حزيران ٢٠٢٤. من المثير للقلق، أن منظمة العفو الدولية تشير إلى أن عقوبة الإعدام قد تم تطبيقها بشكل غير متناسب على أقلية البلوش العرقية في إيران. على الرغم من أنهم يشكلون ٥٪ فقط من السكان، إلا أنهم يمثلون ٢٠٪ من عمليات الإعدام المسجلة، مما يسلط الضوء على اتجاه مثير للقلق من الاضطهاد المستهدف.
ارتفع عدد النساء المحكوم عليهن بالإعدام، منذ احتجاجات ٢٠٢٢ التي أعقبت وفاة مهسا جينا أميني. حُكم على الناشطة العمالية، شريفة محمدي، بالإعدام بتهمة “التمرد المسلح ضد الدولة”، في حين حُكم على الناشطة السياسية الكردية، بخشان عزيزي، بالإعدام بتهمة الانتماء إلى جماعات معارضة.<
دعت جماعات حقوق الإنسان إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام، وإجراء إصلاحات قضائية لضمان إجراء محاكمات عادلة ومراعاة الإجراءات القانونية الواجبة، كما حثت الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بيزشكيان، على اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في البلاد.
تظل الآمال في إحراز البلد تقدمًا في قضايا حقوق الإنسان بعد انتخابات قوبلت بمقاطعة كبيرة، وجاءت بـ “بزشكيان” إلى السلطة. رغم أن البرلمان الإيراني المتشدد قد وافق على الحكومة الإصلاحية للرئيس الجديد، لأول مرة منذ عام ٢٠٠١، إلا أن السلطات لم تظهر أي نية لإنهاء الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت، وخاصة ضد النشطاء، والنساء، والأقليات العرقية، التي لا تزال تواجه الإعدام بسبب تعبيرها الحر.
“المهزلة السيئة” للانتخابات في تونس
يتسم الفضاء المدني في تونس بتصعيد القمع مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في أكتوبر/تشرين الأول؛ إذ يواجه الرئيس قيس سعيد، الذي عزز سلطته بشكل مطرد منذ استيلائه على السلطة عام ٢٠٢١، انتقادات لتقويض العملية الديمقراطية، بما في ذلك إعادة هيكلة اللجنة الانتخابية للعمل تحت السيطرة الرئاسية.
من بين ١٧ مرشحا محتملا، وافقت اللجنة على ثلاثة فقط، من بينهم سعيد. في الأسابيع التي تلت، واجه العديد من المرشحين المحتملين المستبعدين إدانات جنائية، يُنظر إليها على أنها ذات دوافع سياسية، بما في ذلك الحظر مدى الحياة من الترشح للانتخابات.
نسبة إلى بسام خواجة من منظمة هيومن رايتس ووتش: “بعد سجن عشرات المعارضين والنشطاء البارزين، أبعدت السلطات التونسية جميع المنافسين الجديين تقريبا من السباق الرئاسي، ما جعل هذا التصويت مجرد اجراء شكلي.”
أُطلق سراح المرشح الرئاسي السابق، صافي سعيد، الشهر الماضي، بعد أن قضى حكمًا بالسجن لمدة أربعة أشهر في يونيو/حزيران الماضي. انسحب سعيد، وهو أبرز منتقدي الحكومة، من الانتخابات، واصفًا إياها “بالمهزلة سيئة”، حيث أصدر بيانًا على الإنترنت يسلط الضوء على “عدم تكافؤ الفرص، والعقبات الكبيرة، وعدم الوضوح في القواعد” بالنسبة للمرشحين المحتملين.
في غضون ذلك، ردت المحكمة دعوى الصحفي، وليد الماجري، مدير مؤسسة الكتيبة الإعلامية المستقلة، بعد أن طعن على حكم بالسجن لمدة عام صدر في يناير/كانون الثاني ٢٠٢٣، بتهمة “إزعاج الغير عبر شبكات الاتصالات العمومية” بسبب منشوراته التي تنتقد شخصيات حكومية رئيسية.
في ذات الوقت، ألغت لجنة الانتخابات في البلاد اعتماد الصحفية، خولة بوكريم، لتغطية الانتخابات المقبلة. رفضت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين القرار، قائلة إنه يهدف إلى إسكات الانتقادات وأنها ستقوم بالاستئناف.
تعرب لجنة حماية الصحفيين عن قلقها إزاء قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس بعزل التصريح الإعلامي للصحفية خولة بوكريم، ومنعها من تغطية الانتخابات الرئاسية المقبلة. يجب على السلطات التونسية أن تسمح لرئيس تحرير @TunimediaM، وجميع الصحفيين في البلاد، تغطية الانتخابات دون أي ترهيب. نسبة إلى @ YeganehSalehi
استمرار حرب مصر على المعارضة
في أغسطس/آب، واصلت السلطات المصرية حملتها على المعارضة بسلسلة من الملاحقات القضائية المتعلقة بحرية التعبير. شككت جماعات حقوق الإنسان المبادرات الأخيرة لتعديل الحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطي، معتبرة أنه من غير المجدي تقليل مدة الحبس الاحتياطي، دون معالجة المعضلة الأساسية المتعلقة باستقلال القضاء، وإساءة استخدام الحبس الاحتياطي كإجراء انتقامي.
في ١ أغسطس/آب، ألقي القبض على يحيى حسين عبد الهادي، المتحدث السابق باسم الحركة المدنية الديمقراطية، من سيارته بعد نشره منشورًا على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقد فيه الدولة، والمعارضة السياسية، وقادة القوات المسلحة. وفقًا لما ذكره موقع مدى مصر، تم حبس عبد الهادي ١٥ يومًا على ذمة التحقيقات في تهم الانضمام إلى تنظيم إرهابي، وإساءة استخدام منصات التواصل الاجتماعي، وإذاعة ونشر أخبار كاذبة، وتمويل الإرهاب والتحريض عليه.
وجهت العديد من هذه التهم نفسها إلى ٣٥ شخصًا مثلوا أمام مقر نيابة أمن الدولة العليا في ١٨ أغسطس/آب بعد فترات من الاختفاء القسري، حيث تم احتجازهم لمدة ١٥ يومًا على ذمة التحقيق.
استهدفت السلطات أيضًا منظمات ثقافية مستقلة، حيث داهمت قوات الأمن مقر مؤسسة المرايا للثقافة والفنون في ٢٧ يوليو/تموز. اعتقل مؤسس الشركة، وصودر عدد من الكتب والمطبوعات الثقافية خلال المداهمة؛ وقد أدانت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، عضو آيفكس، مداهمة المرايا كجزء من نمط أوسع من السياسات الأمنية التي تقيد التعبير الإبداعي والفني في مصر.
علاوة على ذلك، طالبت مجموعات حقوقية وزارة الداخلية بحماية سلامة الناشط السياسي، الشاعر أحمد دومة، الذي استهدفه دعاة موالون للحكومة، واتهموه بالكفر، والجنون، والردة، بسبب ديوانه الشعري “مجعد”. تهدد هذه الاتهامات حياة دومة، حيث حذرت الجماعات الحقوقية من ملاحقته قضائيا بحجة ازدراء الإسلام.
بالمختصر
حث خبراء الأمم المتحدة البحرين على معالجة الظروف القاسية في سجن جو، حيث تدهورت حالة السجناء بعد احتجاجاتهم؛ فمنذ مارس/آذار ٢٠٢٤، حُرم المعتقلون من الرعاية الطبية الأساسية، والغذاء الكافي، ومياه الشرب الآمنة، مع تقارير عن انقطاع مكيفات الهواء، مما يعرض السجناء للحرارة الشديدة.
حذر الخبراء من أن مثل هذه الظروف قد ترقى الى مستوى التعذيب، مشيرين إلى أن “خفض المعايير كعقاب عندما يمارس السجناء حقوقهم المشروعة في الشكوى لا يعتبر مناسبًا”، كما طالبوا الحكومة باستعادة الأوضاع الإنسانية، والدخول في حوار هادف مع السجناء وعائلاتهم.
في كردستان العراق، أدت غارة جوية تركية بطائرة بدون طيار في ٢٣ أغسطس/آب إلى مقتل الصحفيين غولستان تارا وهيرو بهادين، كما أصيب محرر الفيديو، ريبين باكير. كان الثلاثة، الذين كانوا يعملون لدى شركة شتر للإنتاج الإعلامي متعدد الوسائط “Chatr Multimedia Production Company” يعملون في إعداد تقرير في ذلك الوقت. قالت يجانيه رضائيان من لجنة حماية الصحفيين: “يجب على السلطات التركية التحقيق بسرعة في هذا الهجوم وتحديد ما إذا كان فريق إعداد التقارير قد استهدف بسبب عمله”. تأتي هذه الضربة في إطار العمليات التركية المكثفة ضد حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان.
تكثف دول الخليج حملتها على حرية التعبير، باستخدام قوانين غامضة لمكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية لإسكات المنتقدين تحت ستار حماية المصالح الاستراتيجية والأمن القومي، وفقًا لتقرير تبادل وسائل التواصل الاجتماعي (سمكس)، عضو آيفكس. سلطت مجموعة الحقوق الرقمية الضوء على القضايا الأخيرة في المنطقة، بما في ذلك حكم السعودية على البروفيسور أسعد الغامدي بالسجن لمدة ٢٠ عامًا بسبب منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، وسجن النائب السابق وليد الطبطبائي في الكويت بسبب انتقاده حل الأمير للبرلمان في مايو/أيار. سلطت “سمكس” الضوء أيضًا على حالات في الإمارات العربية المتحدة، حيث تم استدعاء العشرات وترحيلهم دون توجيه تهم إليهم بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تنتقد الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة.