نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: تقرير حول حرية التعبير، بالاستناد إلى تقارير أعضاء آيفكس وأخبار المنطقة، من إعداد المحرر الإقليمي في آيفكس، نسيم الطراونة.
تُرجمت هذه المقال عن هذه النسخة الأصلية
المحتجون المحتجزون يواجهون خطر عقوبة الإعدام في إيران؛ معايير مزدوجة لحرية التعبير في كأس العالم في قطر؛ حصانة محمد بن سلمان في جريمة قتل جمال خاشقجي؛ مكتب التحقيقات الفدرالي يحقق في قضية شيرين أبو عاقله.
إيران: معلومات مضللة وأحكام بالإعدام
صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في 24 نوفمبر / تشرين الثاني، على اعتماد قرار تاريخي بإنشاء بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق، مكلفة بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد المتظاهرين الإيرانيين. نسبة إلى كوين ماكيو، المدير التنفيذي لمنظمة أرتكل 19: “هذا التحرك الهام نحو المساءلة يوفر أملاً متجددًا لضحايا حملة القمع الدموية التي تشنها السلطات ضد الاحتجاجات”.
استمرت قوات الامن في استهداف المتظاهرين المناهضين للحكومة في الأسابيع الأخيرة، مما أسفر عن مقتل المئات وإصابة الآلاف. أدى غياب الشفافية من قبل السلطات الإيرانية إلى صعوبة الحصول على أرقام دقيقة، مما يعزز الحاجة الملحة لإجراء تحقيق مستقل.
كثرت المعلومات المضللة في البيئة الإعلامية المقيدة؛ تم تداول ادعاء خاطئ على وسائل التواصل الاجتماعي، في أوائل الشهر الماضي، مفاده بأن إيران فرضت عقوبة الإعدام على 15 ألف متظاهر محتجز، حتى أن رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو والعديد من المشاهير ساهموا في نشره لفترة وجيزة، قبل أن يشير الصحفيون إلى عدم دقة الخبر.
نشأ هذا الادعاء من مقال نشرته نيوزويك، تم تصحيحه منذ ذلك الحين، يدور حول بيان صادر عن 227 عضواً في البرلمان يدعو السلطة القضائية في البلاد إلى معاقبة الأشخاص المنخرطين في “المحاربة” – أي “شن معركة ضد الله”، وهي تهمة تُفرض عادة على المتظاهرين، إلى جانب “نشر الفساد في الأرض” ويمكن أن تؤدي إلى عقوبة الإعدام. في أعقاب انتقادات واسعة النطاق، زعمت وكالة أنباء تابعة للبرلمان الإيراني أن الرسالة كانت “مزيفة في الأساس“.
بعد أسابيع، انتشرت أنباء عن قيام إيران بالحل المفترض “لشرطة الأخلاق” سيئة السمعة كمثال أخر على التقارير غير المؤكدة. تَرَكَز الادعاء، الذي نقلته وسائل الإعلام الغربية بشكل خاطئ، على بيان غامض أدلى به المدعي العام الإيراني، محمد جعفر منتظري خلال مؤتمر صحفي، حيث أشار إلى أن شرطة الأخلاق لا تقع ضمن اختصاص النظام القضائي، عندما سُئل عن سبب عدم رؤية وحدة الشرطة المكلفة بفرض قواعد الزي في البلاد مؤخرًا في الشوارع، مضيفًا بشكل غامض: ” الجهة التي أسستها في الماضي هي ذاتها التي أغلقتها. ”
[ترجمة: تحدثت مع@AFP لتفكيك الهستيريا التي سببتها المعلومات المضللة لشرطة الآداب من إيران. يجب أن تبقى كل الأنظار موجهة إلى الإضرابات، والاحتجاجات في إيران، لمواصلة المطالبة بتفكيك الجمهورية الإسلامية وأنظمة القتل، وعدم المساواة، والفساد. [
يكتنف ضباب المعلومات المضللة الواقع القاسي للقمع الوحشي الذي تمارسه الدولة، حيث تم اعتقال آلاف المتظاهرين بما فيهم أكثر من 70 صحفيا، منذ سبتمبر/ أيلول، وفقا لإحصاء صادر عن لجنة حماية الصحفيين (CPJ).
يواجه ما لا يقل عن 22 شخصًا خطر عقوبة الإعدام، حيث يتعرضون لمحاكمات بتهمتي “المحاربة” و “الفساد في الأرض”، بمن فيهم فنانين مثل مغني الراب المنشق، توماج صالحي، الذي تم اعتقاله في أكتوبر/ تشرين الأول بعد برهة قصيرة من إجراء مقابلة مع قناة سي بي سي نيوز والذي ناقش فيها القمع واستهداف الفنانين، قائلاً: “أنتم تتعاملون مع مافيا مستعدة لقتل الأمة بأكملها … من أجل الحفاظ على سلطتها، وأموالها، وأسلحتها. ”
قالت كارين دويتش كارليكار، مديرة برامج حرية التعبير في خطر في بيان: “تعرض الحكومة الإيرانية حياة الكتاب لخطر شديد من خلال انتهاكها الفاضح لحقوق الإنسان الأساسية التي تشمل الانتهاكات المنهجية والتعذيب في الحجز، إلى جانب أحكام سريعة وقاسية لمجرد ممارسة الحق في حرية التعبير.“
أثار إعدام إيران لمحسن الشجري، أحد المتظاهرين الـ 11 المحكومين بالإعدام الفزع في مجتمع حقوق الإنسان، من إتباع النظام نهج عمليات الإعدام في مساعيه لإسكات المتظاهرين، ولا سيما بالنظر إلى وجود الكثير من الأشخاص وراء القضبان بسبب حرية التعبير.
استهداف للمتظاهرات والناشطات المميت في إيران مقلق بشكل خاص كدليل على تفاقم القمع. في الشهر الماضي، عُثر على عاطفة نعامي، الناشطة الإيرانية العربية في مجال الحقوق المدنية، ميتة في شقتها، فيما وصفته عائلتها بأنه “انتحار” ملفق.
كأس العالم في قطر: ساحة مسيّسة لحرية التعبير
انطلقت أول بطولة لكأس العالم في المنطقة على خلفية مشحونة سياسياً، في خضم حوار مشجعي كرة القدم والنقاد حول ازدواجية المعايير في الانتقادات الموجهة لسجل قطر في مجال حقوق الإنسان.
أدت التوترات المتصاعدة في أعمال العنف الإسرائيلية الفلسطينية إلى رفع العديد من الأعلام الفلسطينية خلال المباريات كبادرة تضامن، في نفس الوقت، تجاهل المشجعون وسائل الإعلام الإسرائيلية بشكل ملحوظ. في حين سُمح ببث المشاعر المؤيدة للفلسطينيين، قامت قوات الأمن بقمع المشجعين الذين يسعون للتعبير عن دعمهم للمحتجين المناهضين للحكومة في إيران.
[ترجمة: أُجبرت مشجعة كرة قدم إيرانية على تغيير قميصها الذي كتب عليه “امرأة، حياة، حرية” – وهو شعار يستخدمه المتظاهرون من أجل حقوق المرأة في إيران وخارجها – قبل أن يُسمح لها بمشاهدة مباره كأس العالم ما بين ويلز و إيران في قطر. ]
سار المنتخب الإيراني على حبل مشدود سياسيً مع استمرار الاحتجاجات على الوطنية في البلاد؛ وبحسب التقارير، فقد تم تهديد عائلات اللاعبين إذا فشلوا في “التأدب” قبل المباراة ضد الولايات المتحدة. رفض اللاعبون الإيرانيون غناء النشيد الوطني للبلاد خلال مباراة سابقة مع إنجلترا كبادرة تضامن مع المتظاهرين، وبحسب ما ورد فقد تمت مراقبتهم عن كثب من قبل وكالات الأمن الإيرانية العاملة في قطر خلال الحدث. في نفس الوقت، أثيرت مخاوف بشأن سلامة الفريق عند عودته إلى الوطن بعد خروجه من كأس العالم.
سعى الصحفيون إلى تسليط الضوء على قضايا حقوق الإنسان الأساسية في قطر، ومسؤولية الفيفا عن وفيات المهاجرين أثناء البناء لتحضير الفعالية العالمية. شككت جماعات حقوق الإنسان في عدد العمال الذين لقوا حتفهم أثناء بناء البنية التحتية للبلاد قبل الألعاب، والذي حدده رئيس كأس العالم في قطر، خلال مقابلة، بحوالي 400-500 عامل، معظمهم من دول جنوب آسيا. تعتقد جماعات حقوق الإنسان بأن العدد أكبر بكثير، وضغطوا على السلطات لتعويض أسر الضحايا.
الحصانة من قتل الخاشقجي؛ مكتب التحقيقات الفدرالي يحقق في مقتل أبو عاقلة
أدانت جماعات حقوقية قرار إدارة الرئيس الأمريكي بايدن بمنح ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، حصانة سيادية من الملاحقة القضائية في قضية مدنية بسبب دوره في القتل المروع للصحفي جمال خاشقجي.
قدمت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا إلى محكمة أمريكية محلية في دعوى مدنية مرفوعة ضد محمد بن سلمان و20 آخرين يُزعم أنهم متورطون في القتل، قائلة إنها “تعترف وتسمح بحصانة رئيس الوزراء، محمد بن سلمان، كرئيس حالي لحكومة دولة أجنبية “.
تم تعيين محمد بن سلمان رئيسا للوزراء في سبتمبر/أيلول، قبل أيام من الموعد النهائي لوزارة الخارجية لتقديم رد على تحقيق محكمة محلية أمريكية بشأن الحصانة المحتملة في القضية المدنية لعام 2020 التي رفعتها خطيبة خاشقجي، خديجة جنكيز، ومنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي الديمقراطية من أجل العرب (دون).
قال شريف منصور، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين: “إن تصريح إدارة بايدن بأن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان مؤهل للحصول على حصانة من الملاحقة القضائية هو تراجع مخجل عن أي مظهر من مظاهر العدالة للصحفي جمال خاشقجي”، وأضاف: “لا ينبغي على حكومة الولايات المتحدة عرقلة إجراءات العدالة من خلال محاولة منع هذه القضية من المضي قدمًا”.
رفض القاضي القضية في وقت لاحق قائلا بأنه ليس لديه سوى خيار رفض الدعوى، مستشهدا باقتراح إدارة بايدن بالحصانة.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة العدل الأمريكية عن تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي في مقتل الصحفية الفلسطينية الأمريكية، شيرين أبو عاقله في 11 مايو/ أيار، فيما وصفته لجنة حماية الصحفيين بأنه “خطوة أولى مهمة نحو احتمالية تحقيق العدالة في قضيتها”. يأتي هذا الإعلان بعد شهور من المناصرة متصاعدة بقيادة عائلة الصحفية المغتالة. أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها لن تتعاون مع التحقيق، واصفة إياه “بالتدخل في الشؤون الداخلية لإسرائيل”.
لمواصلة السعي لتحقيق العدالة، قدمت شبكة الجزيرة، التي عملت الصحفية البارزة لديها، طلبًا رسميًا إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق مع المسؤولين عن قتلها ومقاضاتهم.
قمة المناخ دولة المراقبة، مصر
هيمنت قضايا حقوق الإنسان على مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) في نوفمبر/ تشرين الثاني في مصر. في حملة قمع أعقبت دعوات للاحتجاجات قبل مؤتمر المناخ العالمي، احتجزت السلطات مئات المصريين، بينهم صحفيون، في مساحة مدنية شديدة التقييد بالنسبة للتعبير ومشاركة المجتمع المدني.
حتى الحاضرين شعروا بدولة المراقبة، مصر، مع ورود تقارير تفيد بأن اتصال الإنترنت للمؤتمر حجب مواقع منظمات حقوقية دولية مثل هيومن رايتس ووتش. نصح مستشارو الأمن بعض الحاضرين في القمة بعدم تنزيل تطبيق الحكومة المصرية الرسمي للهواتف الذكية، خشية استخدامه لاختراق رسائل البريد الإلكتروني الشخصية، والنصوص، والمحادثات الصوتية؛ أعلنت الأمم المتحدة أنها ستنظر في مزاعم ألمانيا بأن المشاركين كانوا يخضعون للمراقبة من قبل السلطات المصرية.
لفت قرار الكاتب والناشط المعتقل، علاء عبد الفتاح، بالإضراب الكامل عن الطعام، رافضًا حتى الماء، الانتباه الدولي إلى سجل حقوق الإنسان في مصر وسط مخاوف متنامية على حياته. استضافت شقيقة عبد الفتاح، الناشطة سناء سيف، مؤتمرا صحفيا في COP27، حيث تمكنت من جذب أكبر تجمع للصحفيين شوهد في الحدث. أنهى الناشط البريطاني المصري إضرابه عن الطعام في نهاية المطاف، ولكن ليس قبل أن يساهم في إشعال فحص عالمي لسجل حقوق الإنسان في البلاد، تحديداً آلاف السجناء السياسيين.
[ترجمة: “الأمل هنا هو إجراء ضروري”. – ناشطون وسناء سيف في # COP27 بشرم الشيخ يتحدثون علانية عن أزمة حقوق الإنسان في مصر، ويرفعون الدعوة إلى #FreeAlaa.]
دعا أعضاء البرلمان الأوروبي الحكومات الأوروبية إلى التدخل للإفراج الفوري عن عبد الفتاح، والمطالبة بنقله إلى خارج البلاد، بسبب تدهور صحته واحتمال إعادة اعتقاله. كما رحبت جماعات حقوقية مصرية بتبني البرلمان لقرار يدعو الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر.
[ترجمة: لم يكن الاتحاد الأوروبي صارمًا بما يكفي بشأن #مصر لفترة طويلة جدًا. جلب #COP27 و #FreeAlaa أنظار أوروبا إلى مدى سوء الأمور. @AlsisiOfficial: الرجاء إطلاق سراح جميع الصحفيين المصريين والأفراد المسجونين بسبب تعبيرهم عن آرائهم، الآن وبدون شروط.]
اعتقل الصحفي، أحمد فايز بسبب منشور على فيسبوك زعم فيه أن عبد الفتاح كان يتلقى إطعامًا قسريًا من قبل سلطات السجن في محاولة لإبقائه على قيد الحياة خلال إضرابه المطول عن الطعام.
باختصار
العراق: في تقرير جديد صادر عن هيومن رايتس ووتش إن الحكومة العراقية فشلت في الوفاء بوعودها بمحاسبة أفراد أمن الدولة والجماعات المسلحة المدعومة من الدولة المسؤولة عن قتل، وتشويه، واختفاء مئات المتظاهرين والنشطاء منذ عام 2019 في عهد رئيس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي.
قُتل مئات المتظاهرين في الاحتجاجات التي بدأت في أكتوبر/تشرين الثاني 2019 في جنوب ووسط العراق، حيث أنشأ الكاظمي لجنة لتقصي الحقائق، لكنها لم تنشر أي معلومات جوهرية حول نتائجها، أو الحالات التي فحصتها بعد. طبقا لمنظمة هيومان رايتس ووتش، على الرغم من تقديم الضحايا، وعائلات القتلى أو المختفين شكاوى قانونية، فقد تقاعست السلطات في المتابعة، حيث ورد أن بعض الحالات “نومت” ببساطة.
بعد أيام من تعيين رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني في أكتوبر/ تشرين الأول، أعلنت الحكومة عن تحقيق في “سرقة” 2.5 مليار دولار اختُلِست من سلطات الضرائب في البلاد؛ وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن السوداني أنه تم استرداد ما يقرب من 125 مليون دولار من الأموال المسروقة في غضون أسبوعين من تحقيقات اللجنة الخاصة، لكن التحقيقات في وفيات المتظاهرين لم تشهد نفس الإلحاح.
البحرين: واجه المدافع البارز عن حقوق الإنسان، عبد الهادي الخواجة تهماً جديدة الشهر الماضي فيما يتعلق باحتجاجاته في السجن. شملت التهم إهانة موظف حكومي، وإهانة تطبيع البحرين مع إسرائيل، بالإضافة إلى كسر كرسي بلاستيكي بعد حرمانه من الاتصال ببناته. على الرغم من أن الخواجة كان يقضي بالفعل عقوبة بالسجن مدى الحياة، فقد أدين وغرم بعد محاكمة لم يكن حاضرا فيها، كما حُرم من التمثيل القانوني للطعن في القضية.
جديد وجدير بالملاحظة
خبز ونت بعد خمس سنوات: اجتمع أكثر من 800 مشارك الشهر الماضي في خبز ونت لمواجهة التحديات الأكثر تهديدًا لتقيد الحقوق والحريات في المجال الرقمي. بمناسبة عامه الخامس، بحث المؤتمر الإقليمي للحقوق الرقمية، الذي استضافه عضو آيفكس سمكس، في مجموعة متنوعة من القضايا الحاسمة، واستكشف فرصًا للدعوة المشتركة، والتضامن داخل مجتمع الحقوق الرقمية الناطق باللغة العربية.
أخيرًا وليس آخرا، في فلسطين، شهد العنف القائم على النوع الاجتماعي زيادة كبيرة في الفضاء الرقمي الفلسطيني على مدى السنوات العديدة الماضية، وفقًا لتقرير جديد صادر عن المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة).