يوليو/تموز ٢٠٢٣ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: ملخص حول حرية التعبير، من إعداد المحرر الإقليمي لمنظمة آيفكس، نسيم طراونة، بالاستناد إلى تقارير أعضاء آيفكس وأخبار المنطقة.
قوانين جديدة تحد من حرية التعبير الإلكتروني في الأردن والعراق؛ حكم على صحفية في لبنان يشكل سابقة قانونية مثيرة للقلق؛ وتحميل مصر وتونس المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
الجرائم الإلكترونية، والرقابة، والاضطهاد العابر للحدود في الأردن
صادق مجلس النواب الأردني، خلال الشهر الماضي على قانون جديد صارم لمكافحة الجرائم الإلكترونية، على الرغم من المعارضة الشديدة من المجتمع المدني. أعرب التحالف العربي للحقوق الرقمية، وهي شبكة من منظمات حقوقية إقليمية تهدف إلى حماية الحريات على الإنترنت، عن قلقه إزاء استخدام القانون مصطلحات فضفاضة، وغير محددة التعريف في عدة فقرات، مما يسمح للسلطات بمعاقبة الأفراد لممارسة حقهم في حرية التعبير.
[ترجمة: وافق مجلس الأعيان الأردني، يوم الثلاثاء، على قانون #جرائم_الإنترنت #CyberCrime الذي يقيد #حرية_التعبير وحرية وسائل الإعلام، والآن ينتظر توقيع الملك عبد الله الثاني للموافقة النهائية.]
يواجه الصحفيون والنشطاء المتهمين بنشر “أخبار مضللة” أو نشر أي شيء من شأنه “الإضرار بالسمعة”، أو “التحريض على الأخلاق السيئة”، أو “تقويض الوحدة الوطنية “، عقوبات قاسية بالإضافة إلى ثلاث سنوات في السجن. سيكون مدراء المواقع مسؤولين عن التعليقات التي ينشرها الآخرون على مواقعهم الإلكترونية وصفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يحولهم إلى مراقبين.
تمنح الأحكام الواردة في القانون الجديد أيضًا الحكومة السلطة لحجب المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي من الشبكة الوطنية في حال عدم الامتثال لطلبات إزالة المحتوى، كما تطلب من شركات التواصل الاجتماعي التي تضم أكثر من ١٠٠ ألف مستخدم بفتح مكاتب فعلية في البلاد للامتثال لمثل هذه الطلبات.
“نظرًا لانعدام استقلالية النظام القضائي الأردني واستخدامه بشكل متكرر لمحاكمة المدافعين عن حقوق الإنسان، والنشطاء، والصحفيين، والخصوم السياسيين، يظهر القانون صورة قاتمة للفضاء المدني في الأردن”. – التحالف العربي للحقوق الرقمية
يأتي القانون الجديد، الذي لا يزال في انتظار الموافقة النهائية من الملك، كجزء من اتجاه أوسع، تقوم فيه السلطات بمحاربة حرية التعبير على الإنترنت، وعرقلة الوصول إلى المعلومات في البلاد وخارجها. في ديسمبر/كانون الأول، حظرت السلطات تطبيق تيك توك بعد بث مباشر لاحتجاج على المنصة؛ وفي الشهر الماضي، تم حجب موقع “الحدود” الإخباري الساخر دون أي تفسير.
وفقًا لعصام عريقات، أحد مؤسسي الحدود، فإن عملية الحجب مرتبطة، على الأرجح، بمقال نشر مؤخرًا يسخر من حملة حكومية تروج لحفل الزفاف الملكي. وصف المعهد الدولي للصحافة (IPI)، عضو آيفكس، الرقابة بأنها “إشارة مقلقة بشأن حرية التعبير وحرية الإعلام “، داعيا السلطات إلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات من شأنها تهديد حق الجمهور في الوصول إلى المعلومات.
في غضون ذلك، أفادت التقارير الواردة إلى استهداف نشطاء أردنيين في المنفى من قبل السلطات الأمنية الأردنية، فيما تعتبره منظمات حقوقية بإنه جزءٌ من اتجاه متصاعد في القمع العابر للحدود في البلاد. وثق تحقيق أجرته منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) في يونيو/ حزيران المنصرم استهداف عدة نشطاء في الخارج بمضايقات خارج الحدود الإقليمية، بما في ذلك محاولات رشوتهم بالمال أو الوظائف، والتهديد بالملاحقة القضائية بناءً على تهم وهمية، والانتقام من أفراد الأسرة الذين لا يزالون يقيمون في البلاد.
ترديد القمع: العراق يعيد إصدار تشريعات مقيدة
مستوحاة من نهج الأردن للحد من التعبير عبر الإنترنت، شهد العراق المجاور إعادة تقديم مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، المثير للجدل، الشهر الماضي. من المقرر أن يؤدي التشريع القمعي المقترح إلى زيادة في كبت الفضاء المدني الإلكتروني في البلاد، من خلال تزويد السلطات بأداة قانونية للمحاكمة التعسفية لأولئك الذين يقوضون “المصالح الاقتصادية، أو السياسية، أو العسكرية، أو الأمنية العليا للبلاد” التي لم يتم تعريفها صراحة. قد يواجه منتهكو هذه الجريمة السجن مدى الحياة، فضلا عن غرامات قد تصل إلى ٥٠ مليون دينار عراقي (٣٨٠٠٠ دولار أمريكي)، في حين تؤدي الإساءة إلى شعائر أو رموز دينية إلى عقوبة بالسجن لمدة ١٠ سنوات وغرامة قدرها ١٠ ملايين دينار عراقي (٧٦٠٠ دولار أمريكي).
بالتوازي مع مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، أعادت الحكومة إدخال تعديلات على مشروع قانون مقترح بشأن حرية التعبير والتجمع من شأنه أن يلاحق التعليقات العامة التي تنتهك مصطلحات أكثر غموضًا مثل “الآداب العامة” و”النظام العام”.
أعربت منظمة العفو الدولية والشبكة العراقية للإعلام المجتمعي (أنسم) عن قلقهما بسبب عدم الوصول إلى معلومات عامة حول التعديلات المقترحة، فضلا عن عدم إشراك المجتمع المدني قبل التصويت في ظل إجراء المشرعين للنقاش حول التعديلات على كلا القانونين خلف أبواب موصدة.
“من غير المقبول أن نعاني في العراق اليوم من نقص في الوصول إلى المعلومات حول مشاريع القوانين قيد النظر من قبل مجلس النواب. الوصول إلى المعلومات حق من حقوق الإنسان الأساسية، وهو أحد العوامل الأساسية لسيادة القانون.” – المدير التنفيذي للشبكة حيدر حمزوز
سابقة قانونية خطيرة واستهداف مجتمع الميم في لبنان
في الشهر الماضي، حُكم على الإعلامية التلفزيونية اللبنانية، ديما صادق بالسجن لمدة عام بتهمة “التشهير، والقذف، والتحريض على الفتنة الطائفية” في حكم صدر بشأن الدعوى القضائية التي رفعها حزب التيار الوطني الحر وزعيمه جبران باسيل عام ٢٠٢٠. أتت الشكوى ضد صادق بعد أن نشرت مقطع فيديو متداول على نطاق واسع لهجوم طائفي قام به أعضاء في التيار الوطني الحر، وصفته الصحفية بـ “الأفعال العنصرية والنازية”.
أثار الحكم غير المسبوق، الذي تضمن غرامة قدرها ١١٠ ملايين ليرة لبنانية (٧٣١٦ دولار أمريكي) موجة من الدعم والتضامن من نشطاء المجتمع المدني الذين يخشون أن تتجرأ الأحزاب السياسية على مضايقة المعارضين وكبت المنتقدين عبر استغلال القضاء. وفقا لما ذكره أيمن مهنا، المدير التنفيذي لمؤسسة سمير قصير (SKF) في مقابلة حول تأثير الحكم على حرية التعبير في لبنان بأنه: “تنبعث منه رائحة الدافع السياسي، يبدو كذلك، ويعطي الإحساس بذلك “.
وصفت مؤسسة مهارات، وهي عضوة في آيفكس، الحكم بالسجن بأنه مؤشر خطير على تراجع حرية التعبير والإعلام في البلاد، مما يشكل سابقة قضائية خطيرة لاستمرار محاكمة الصحفيين في المحاكم الجنائية.
صرح تحالف حرية الرأي والتعبير أن قوانين الذم والقدح أصبحت تستخدم بشكل متصاعد كأسلحة، بموجب القانون الجنائي في البلاد؛ ودعا التحالف إلى إصلاح القوانين العقابية التي لا تزال تُمارس ضد الصحفيين بهدف إسكاتهم ومحاكمتهم بسبب جهودهم في محاسبة المسؤولين الحكوميين في بيان سلط الضوء على العدد المتزايد من الصحفيين والنشطاء الذين تستدعيهم السلطات للتعبير عن حرية التعبير على الإنترنت.
[ترجمة: بمناسبة صدور الحكم بالسجن على الصحفية ديما صادق، بسبب وصفها للتيار الوطني الحر بأنه حزب عنصري، إليكم قائمةٍ] ببعض المواقف العنصرية أو البغيضة للتيار الوطني الحر]
في الوقت نفسه، تسبب الخطاب العنيف المناهض لمجتمع الميم الذي ألقاه حسن نصر الله، زعيم حزب الله، خلال الشهر الماضي بإثارة “الذعر والرعب” بين أفراد هذا المجتمع. وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، أفاد أفراد من مجتمع الميم، الذين يواجهون بالفعل مخاطر وعنفًا متزايدا، بأنهم تعرضوا لمضايقات عبر الإنترنت، وتلقوا تهديدات بالقتل بعد خطاب نصر الله في ٢٢ يوليو/تموز الذي دعا فيه إلى قتلهم.
نسبة إلى طارق زيدان، مدير مجموعة حلم اللبنانية التي تركز على قضايا التوجه الجنسي والهوية الجنسية في مقابلة، بأن هناك “سحابة من الخوف والقلق في المجتمع”، وأضاف زيدان بعد الخطاب التحريضي، إن المنظمة تلقت “عشرات المكالمات” من أشخاص يبحثون عن نصائح حول ما يجب فعله في حالة تعرضهم لهجوم، فضلًا عن المساعدة في مغادرة البلاد.
لكن حتى حلم نفسها تتعامل مع الهجمات عليها. في وقت سابق من هذا الصيف، طلب المركز الثقافي الإسلامي في البلاد من القضاء بالتحقيق في المنظمة، ودعا إلى “حلها بسبب أعمالها الاستفزازية في الأماكن العامة “.
مقاومة العقد الأكثر قمعًا في مصر
أطلق سراح الباحث الحقوقي باتريك زكي، والمحامي الحقوقي محمد الباقر في شهر يوليو/تموز، بعد حصولهما على عفو رئاسي. قبل ذلك بأيام، حكمت محكمة مصرية على زكي بالسجن ثلاث سنوات بتهمة “نشر أخبار كاذبة”، مما أثار غضب الجماعات الحقوقية ودفع العديد من النشطاء إلى الانسحاب من مناقشات “الحوار الوطني” للحكومة؛ اعتُقِل الباقر منذ عام ٢٠١٩، حين تم إلقاء القبض عليه أثناء حضوره استجواب موكله، الناشط السياسي البارز، علاء عبد الفتاح.
على الرغم من الإفراج، لا يزال آلاف السجناء السياسيين مثل عبد الفتاح رهن الاعتقال لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير. يتوقف أملهم الأكبر في الإفراج على العفو الرئاسي الذي عادة ما يكون مدفوعا بضغوطات من المجتمع الدولي والمجتمع المدني على الحكومة المصرية.
دعت جماعات حقوقية الرئيس الأمريكي بايدن إلى وقف كامل للمساعدات العسكرية التي وعدها للبلاد بالنظر إلى سجلها المقلق في مجال حقوق الإنسان. يجب على إدارة بايدن أن تقرر بحلول ٣٠ سبتمبر/ أيلول ما إذا كانت مصر تفي بستة شروط لحقوق الإنسان ربطها الكونجرس الأمريكي بمبلغ ٣٢٠ مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي للبلاد.
تم تجميد أكثر من ١٣٠ مليون دولار على مدى العامين الماضيين بسبب فشل مصر في تلبية الشروط، مما لعب دورًا محوريًا في إطلاق سراح أكثر من ١٠٠٠ سجين سياسي. في رسالة مفتوحة وجهتها جماعات حقوقية إلى إدارة بايدن، أبرزت فيها أنه بالرغم من هذه الإفراجات، فقد تم اعتقال حوالي ٤٩٦٨ آخرين في نفس فترة العامين، وواجه الآلاف من السجناء السياسيين تجديد الاحتجاز السابق للمحاكمة، معظمهم رهن الاعتقال بناء على تهم “الإرهاب” التي لا أساس لها.
انضم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (CIHRS)، العضو في آيفكس، إلى مجموعات حقوق الإنسان المصرية في دعوتها إلى إجراء تحول جذري كامل لقوانين مكافحة الإرهاب، وسياساته في مصر التي يتم استخدامها لـ”تعزيز الاستبداد وقمع الرأي السلمي”، مما ساهم في مرافقة “أكثر العقود قمعية في تاريخ مصر الحديث”.
تراجع خطير في حرية التعبير في تونس
بعد مرور عامين على انتزاع الرئيس قيس سعيّد للسلطة، لا تزال هناك مخاوف عميقة بشأن تآكل الفضاء المدني في البلاد. قدمت مجموعات حقوقية شكوى مشتركة إلى فريق العمل التابع للأمم المتحدة لمكافحة الاعتقال التعسفي، من أجل التصدي لاعتقال ثمانية سجناء سياسيين تونسيين بتهم ملفقة تتعلق بـ”التآمر ضد الدولة”.
شهدت تظاهرة نظمها التحالف المعارض، جبهة الإنقاذ الوطني، مشاركة حوالي ٣٠٠ متظاهر للتعبير عن مطالبهم بالإفراج عن ٢٠ شخصية معارضة محتجزة. فيما تم الإفراج عن الوزير السابق، لزهر العكرمي، والكاتبة شيماء عيسى في وقت سابق من الشهر، لا يزال راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة المعارض الرئيسي في تونس، رهن الاعتقال. كان الغنوشي قد اعتقل في أبريل / نيسان الماضي، وحُكم عليه في وقت لاحق بالسجن لمدة عام بتهمة التحريض. بمناسبة مرور ١٠٠ يوم على اعتقاله، أعربت مئات الشخصيات العامة البارزة في المنطقة عن تضامنهم في رسالة مفتوحة تدعو إلى الإفراج الفوري عن الغنوشي.
في الأول من أغسطس/ آب أقال الرئيس سعيد رئيسة الوزراء نجلاء بودن – أول امرأة عربية تتولى هذا المنصب – ليحل محلها الرئيس التنفيذي السابق للبنك المركزي، أحمد حشاني. تأتي هذه الخطوة وسط أزمة اقتصادية متفاقمة دفعت الدولة التي تعاني من ضائقة مالية إلى طلب دعم من الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية. نبّه برلمانيون أوروبيون “النهج قصير الأفق” الذي يتبعه الاتحاد الأوروبي تجاه تونس في أعقاب الجهود الأخيرة لتأمين التعاون في احتواء الهجرة، على الرغم من تدهور حالة حقوق الإنسان في البلاد التي تشمل الانتهاكات المتصاعدة للمهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة.
جديد وجدير بالملاحظة
سحبت وزارة الإعلام السورية اعتماد صحفيين محليين في هيئة الإذاعة البريطانية (البي بي سي) بسبب تقارير “كاذبة” و “مسيّسة“. في الوقت نفسه، شارك العشرات من العاملين في البي بي سي في إضراب دام ثلاثة أيام للتنديد بالتمييز الذي أدى إلى تخفيض معدلات الأجور بشكل كبير للمصريين مقارنةً بزملائهم الأجانب.
في المغرب، رفضت أعلى محكمة في البلاد الاستئناف النهائي للصحفيين، سليمان الريسوني وعمر الراضي، بعد عام ونصف من صدور حكم الاستئناف السابق بالسجن لمدة خمس وست سنوات على التوالي.