قالت هيومن رايتس ووتش إن الحكم الصادر بحق أحمد علي عبد القادر، 31 عاما، يتعلق بتغريدات ومقابلات إعلامية شاركها على تويتر، ناقش فيها وأعرب عن دعمه لثورة السودان 2018-2019، وانتقد تصرفات السعودية في السودان واليمن.
تم نشر هذا البيان أولاً على موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 27 تموز 2021
حُكم بأربع سنوات على أساس اتهامات مبهمة
قالت “هيومن رايتس ووتش” إن محكمة سعودية حكمت على إعلامي وصحفي سوداني بالسَّجن أربع سنوات في 8 يونيو/حزيران 2021، بتهمتَيْ “الإساءة لبعض مؤسسات الدولة ومؤسساتها” و”الحديث سلبا عن التحدث سلبا عن سياسة المملكة”، من بين تهم مبهمة أخرى.
يرتبط الحكم الصادر بحق أحمد علي عبد القادر (31 عاما) بتغريدات ومقابلات إعلامية نشرها على “تويتر” وناقش فيها ثورة السودان 2018-2019 وأعرب عن دعمها، وانتقد تصرفات السعودية في السودان واليمن.
قال مايكل بَيج، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “سجن إعلامي بتهم مفبركة يظهر سلبية سياسات السعودية أكثر من أي شيء آخر قد نشره أحمد علي عبد القادر. تُظهر هذه الملاحقة القضائية وغيرها مدى عزم السلطات السعودية على القضاء على أدنى انتقاد أو حتى النقاش في وسائل التواصل الاجتماعي، وردع جميع المعارضين تحت التهديد بالسجن لفترات طويلة”.
اعتقلت السلطات السعودية عبد القادر عندما وصل إلى “مطار الملك عبد العزيز الدولي” في جدة في 19 أبريل/نيسان، واحتجزته أولا في مركز للشرطة في جدة 20 يوما، ثم نقلته إلى سجن الشميسي قرب مكة. حُرم عبد القادر من الاتصال بمحام، بما يشمل حرمانه من التمثيل القانوني في محاكمته.
تضمنت محاكمته جلستين قصيرتين فقط. في الأولى، قُرأت التهم عليه وحرمه القاضي من فرصة الدفاع عن نفسه. في الثانية، تلا القاضي حكم عبد القادر فورا، بحسب ما قال مصدر مطلع على القضية لـ هيومن رايتس ووتش.
عاش عبد القادر وعمل في السعودية لخمس سنوات، بين 2015 وديسمبر/كانون الأول 2020. في البداية كمنسق إعلامي في “الاتحاد الآسيوي لكرة القدم” ثم في إدارة التسويق والاتصالات لسلسلة متاجر استهلاكية. في ديسمبر/كانون الأول، غادر البلاد بتأشيرة خروج نهائية، وهي إلزامية للمغادرة الدائمة. في أبريل/نيسان، عاد إلى السعودية بتأشيرة عمل جديدة وقُبض عليه عند دخوله. قال المصدر إن النيابة العامة السعودية استجوبته مرتين أثناء احتجازه واتهمته بالإضرار بالسعودية من خلال تويتر.
حكمت عليه محكمة جنايات في جدة على أساس تغريدات وتصريحات أدلى بها لوسائل الإعلام خلال وبعد فبراير/شباط 2018، نشر معظمها أثناء وجوده في السعودية، بالإضافة إلى مراسلاته الإلكترونية مع منظمات حقوقية دولية كبرى استفسر فيها عن العضوية، واشترك من خلالها في نشرات إخبارية وتلقاها. راجعت هيومن رايتس ووتش تسع تغريدات ومقابلات إعلامية مذكورة صراحة في حكم المحكمة، وتوصلت إلى أنها لا تحرّض على العنف أو الكراهية أو التمييز، وهي الفئات الوحيدة من الخطاب التي يمكن أن تستهدفها الدول بعقوبات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
تشير بعض تغريداته إلى العلاقات السعودية مع السودان، بما فيها تغريدة في مارس/آذار 2020، ردا على تغريدة لرئيس “حزب المؤتمر السوداني” بشأن إجراءات فيروس “كورونا”، اتهم فيها الحكومة العسكرية السودانية بتلقي أوامر من الرياض. في تغريدة في سبتمبر/أيلول 2020 حول إمكانية تطبيع السودان مع إسرائيل بناء على طلب الإمارات، قال عبد القادر إن السودان لا يمكنه العمل خارج مدار السعودية ومن غير المرجح أن يطبّع مع إسرائيل ما لم تفعل السعودية ذلك أيضا.
في تغريدة في يوليو/تموز 2018، ردا على استطلاع في تويتر أجرته قناة “العربية” التلفزيونية في السعودية يسأل عن سبب انضمام الشباب السوداني إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف (المعروف أيضا بـ “داعش”)، اتهم عبد القادر وسائل الإعلام السعودية باستهداف السودان والسعودية بشأن تمويل داعش. في سبتمبر/أيلول 2020، شكر عبد القادر الحكومة القطرية، التي كانت على خلاف مع الحكومة السعودية، على ما قال إنه دعمها للشعب السوداني.
استشهد حكم المحكمة أيضا بتفاعلات عبد القادر على تويتر مع الصحفي المصري في قناة “الشرق” الفضائية، معتز مطر، بالإضافة إلى أنه احتفظ برقم هاتف مطر المحمول في قائمة الاتصال بهاتفه، كدليل على أنه ينتمي إلى “جماعة الإخوان المسلمين”. قناة الشرق التلفزيونية المعارضة مقرها اسطنبول، ومعروفة على نطاق واسع بأنها داعمة للإخوان المسلمين. لم يشر الحكم إلى تفاعلات معينة.
كما أشار الحكم إلى مقابلتين إعلاميتين أجراهما عبد القادر مع قناة الشرق في يناير/كانون الثاني 2019، وقناة “إن 1” التلفزيونية البوسنية في يونيو/حزيران 2019، ناقش فيها الثورة السودانية 2018-2019.
أدانته المحكمة بتهمة نشر تغريدات تسبب “الإساءة لبعض مؤسسات الدولة ورموزها ولقوات التحالف في حربها ضد ميلشيات الحوثي الإرهابية”، و”الحديث سلباً عن سياسة المملكة وعلاقتها بحكومة السودان”، و”اتهام المملكة بالتدخل في الشأن السوداني”، و”استغلاله موسم الحج لأغراض اقتصادية”، و”اتهام الإعلام السعودي بدعم تنظيم داعش الإرهابي”، و”وظهوره على منصات إعلامية موالية لجهات معادية للمملكة والحديث فيها بما يسيء للمملكة”.
بالإضافة إلى التهم التعسفية المذكورة أعلاه، والتي تفتقر إلى أي أساس في القانون المكتوب أو الذي يمكن الوصول إليه، أدانته المحكمة أيضا بموجب المادتين 6 (1) و13 من نظام مكافحة الجرائم الإلكترونية القمعي الصادر عام 2007. تفرض المادة 6 (1) عقوبات بالسجن لا تزيد على خمس سنوات أو غرامة لا تتجاوز 3 ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين لنشر معلومات على الإنترنت تمس “بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة”. بموجب المادة 13 من القانون، أمرت المحكمة السعودية بإغلاق حسابات عبد القادر على تويتر و”فيسبوك” و”تيك توك”، ومصادرة هاتفه الخليوي.
كثيرا ما استخدمت السلطات السعودية اتهامات فضفاضة الصياغة، مثل المادة 6 من نظام مكافحة الجرائم الإلكترونية، لتقييد الممارسة المشروعة والسلمية لحرية التعبير، في انتهاك للالتزامات الدولية لحقوق الإنسان. يكفل “الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، الذي صادقت عليه السعودية، الحق في حرية الرأي والتعبير في المادة 32.
قال بيج: “لم يُحرم عبد القادر من حقوقه الأساسية في الإجراءات القانونية فحسب، ولكن عندما تستخدم الحكومة تهما مبهمة تهدف إلى تقييد حرية التعبير ومعاقبة الانتقادات السلمية بقسوة، لا توجد فرصة فعلية في محاكمة عادلة”.