يونيو/حزيران ٢٠٢٣ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: تقرير حول حرية التعبير، من إعداد نسيم طراونة، محرر آيفكس الإقليمي، بالاستناد إلى تقارير أعضاء آيفكس وأخبار المنطقة.
الأمم المتحدة تنشئ هيئة مستقلة للتحقيق في مصير المختفين قسرًا في سوريا؛ وإجراءات مكافحة الإرهاب تخنق حرية التعبير وتهدد الفضاء المدني؛ وقطع الإنترنت أثناء الامتحانات المدرسية تعطل الوصول إلى المعلومات في جميع أنحاء المنطقة؛ وخلاف قضائي يعيق التحقيق في انفجار مرفأ بيروت.
البحث عن الحقيقة، والعدالة، والمساءلة في سوريا
شهد شهر حزيران / يونيو تقدمًا كبيرًا في السعي لتحقيق العدالة والمساءلة لضحايا الحرب في سوريا وعائلاتهم. في ٢٩ يونيو/ حزيران، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا تاريخيًا بإنشاء هيئة مستقلة للمساعدة في الكشف عن مصير الألاف من المفقودين، بمن فيهم متظاهرون مناهضون للحكومة، ومدافعون عن حقوق الإنسان.
في حين أن الأرقام الدقيقة غير معروفة، تشير التقديرات إلى أن عدد الأشخاص الذين اختفوا قسريًا منذ بدء النزاع في عام ٢٠١١ لا يقل عن ١٠٠ ألف شخص، مما ترك آلاف العائلات في اضطراب بسبب عدم معرفتهم لمصير أحبائهم.
[ترجمة: هذه لحظة تاريخي – صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة للتو على إنشاء هيئة جديدة تعمل على الكشف عن مصير أكثر من ١٠٠ ألف شخص مفقود أو مختف قسريًا في #سوريا. ٨٣- صوتوا نعم، ١١ – صوتوا لا، ٦٢ امتنعوا عن التصويت. احترام كبير لنشطاء حقوق الإنسان السوريين الذين قادوا هذا العمل.]
الهيئة المستقلة تتويج للجهود الجماعية الدؤوبة من قبل منظمات المجتمع المدني، والنشطاء، وعائلات المفقودين في سوريا.
قبل التصويت، حثت أكثر من ١٠٠ مجموعة حقوقية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على تمرير القرار في رسالة مشتركة، واصفة الهيئة المستقلة التي ستُنشأ بأنها “أول استجابة دولية لتبعات ونتائج الصراع السوري لتي طالما دفع بها الضحايا، والعائلات في سوريا، والمنظمات الحقوقية”.
[ترجمة: ياسمين المشعان، وفدوى محمود، وخليل الحج صالح، يتواجدون في مقر الأمم المتحدة اليوم لتمثيل عائلات تحطمت بسبب اختفاء أحبائها. هم يطالبون بجذب انتباه العالم وتحقيق العدالة للمفقودين في سوريا. الحق في الحقيقة]
رحب المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، عضو آيفكس، بقرار الأمم المتحدة، واصفا إياه بأنه “خطوة أولى لإيجاد حلول منصفة لقضية المختفين قسريًا والمفقودين” و “مقدمة لمسار وطني للعدالة الانتقالية.”
نسبة إلى مازن درويش، محامي حقوق الإنسان والمدير العام للمركز السوري للإعلام وحرية التعبير:
“هذا القرار بارقة أمل حقيقية، وخطوة أولى بحاجة الى تعاون صادق وعمل دؤوب من كافة الأطراف المحلية والدولية لإنجاحها في الوصول إلى الحق في المعرفة والحقيقة.”
في وقت سابق من الشهر، رفعت حكومتا كندا وهولندا قضية مشتركة ضد الدولة السورية أمام محكمة العدل الدولية في جهد متضافر لمحاسبة النظام على انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب، والعنف على أساس النوع الاجتماعي، والاختفاء القسري لآلاف المدنيين.
وفقًا للمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، إن الإجراء الهولندي-الكندي يساهم في الجهود الدولية الرامية إلى معالجة حالة الإفلات من العقاب في سوريا، كما يزيل عقبة حق النقض التي تتمتع بها كل من روسيا والصين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتي منعت إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية.
في الوقت الذي تسعى فيه كندا لتحقيق العدالة للسوريين في محكمة العدل الدولية، فإنها تعرض المدافعة السورية البارزة عن حقوق الإنسان نورا الجيزاوي، لخطر الترحيل من قبل وكالة الهجرة الكندية؛ كانت شهادة نورا حول احتجازها وتعذيبها جزءًا من الأدلة المقدمة في القضية المشتركة. اعتُبِرت الناشطة، التي فرت إلى كندا في عام ٢٠١٧، على أنها تمثل خطرًا أمنيًا بعد الإدلاء بشهادتها، مما أثار مخاوف من تدخل سياسي محتمل في قضيتها.
[ترجمة: تعرضت واحدة من أغلى باحثينا في معمل سيتيزين، نورا الجيزاوي، لمعاملة سيئة من قبل السلطات الكندية حول وضعها كمهاجرة، بينما تتحدث علنًا عن الترحيب باللاجئين؛ الواقع مختلف. عيب على دائرة الجنسية والهجرة الكندية]
سياسات مكافحة الإرهاب: أدوات “قمع وانتقام”
شهد أسبوع مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة خلال الشهر الماضي انخراط منظمات المجتمع المدني في حوار حاسم حول تأثير سياسات مكافحة الإرهاب على حقوق الإنسان في المنطقة.
سلط أعضاء آيفكس، مركز الخليج لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالإضافة إلى تحالف من المجتمع المدني لحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب الضوء على كيفية قيام الدول بتبني سياسات مكافحة الإرهاب بحجة حماية الأمن القومي لتقويض سيادة القانون، وتقييد الحقوق والحريات الأساسية.
أشار المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان، خالد إبراهيم، إلى استخدام الحكومات القمعية في المنطقة لقوانين مكافحة الإرهاب لاستهداف المجتمع المدني، حيث يواجه العديد من الصحفيين، والمعارضين السياسيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومن ضمنهم نساء الاعتقالات التعسفية، والاحتجاز، والتعذيب، بالإضافة إلى أحكام بالسجن بناء على تهم ملفقة.
كما شدد إبراهيم على الدور الذي تلعبه الحكومات، وشركات تكنولوجيا المراقبة في الغرب، في تقديم الدعم غير المشروط للدول القمعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واصفا إياه بأنها: ” أحد الأسباب الرئيسية التي تبقي رفاقنا قابعين في السجون.”
على هامش فعالية الأمم المتحدة، أصدرت فيونوالا ني أولين، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، أول دراسة عالمية مستقلة توضح بالتفصيل تأثير تدابير مكافحة الإرهاب على المجتمع والفضاء المدنيين. تكشف الدراسة كيف أدى الاستهداف الواسع والمنهجي للمجتمع المدني إلى تقويض فعالية جهود مكافحة الإرهاب.
رحب ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بإصدار الدراسة، ودعا إلى تطوير آليات للمراقبة والتوثيق بهدف مواجهة الأنماط الراسخة لانتهاكات حقوق الإنسان ومحاسبة مرتكبيها على الصعيدين الوطني والدولي.
كجزء من مساهماته في التقرير، سلط مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الضوء على “نمط متكرر يتمثل في استغلال سياسات مكافحة الإرهاب لوصم المعارضة السلمية والنشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بالإرهابيين كأداة للقمع والانتقام في كل من الجزائر، ومصر، وليبيا، وفلسطين.”
#لا_لقطع_الإنترنت_خلال_الامتحانات: إبقاء نور المعلومات مضاء
تزايد لجوء الحكومات في أنحاء المنطقة إلى قطع الإنترنت أثناء الامتحانات المدرسية. يستخدم منع الغش كذريعة، ولكن التأثير هو قطع الخدمات الأساسية، ومنع الوصول إلى المعلومات أثناء هذه الممارسة.
دعت أكثر من ٣٠٠ مجموعة حقوقية تمثل تحالف #KeepItOn رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني إلى وضع حد لهذه الممارسة، خلال الشهر الماضي، قبل الامتحانات الوطنية، مسلطة الضوء على كيف يعمل تعطيل الإنترنت على: ” الحدّ من قدرة الأشخاص على التواصل، والتعبير عن نفسهم، والوصول إلى المعلومات الضرورية في أثناء حالات الطوارئ والأزمات انتهاكًا للحقّ الأساسي في حريّة التعبير”.
يراقب سمكس، العضو في آيفكس، عن كثب التأثير الأكبر لتعطيل الإنترنت أثناء الاختبارات، وتدق ناقوس الخطر بشأن تأثير هذه الممارسة على المجتمعات والاقتصادات في المنطقة، لا سيما في الأماكن التي تشهد صراعات.
[ترجمة: قارن بين الأسبوعين، تهدف عمليات إغلاق الإنترنت المرتبطة بالامتحانات هذا الأسبوع في الجزائر إلى حظر خدمات معينة على الإنترنت. فيما يلي مقارنة بين الأسبوع الماضي وهذا الأسبوع. اتخذوا إجراء ضد عمليات تعطيل الإنترنت أثناء الاختبارات لا لقطع الإنترنت أثناء الامتحانات]
في سوريا على سبيل المثال، يتسبب تعطيل الإنترنت في إلحاق ضرر بالغ بسكانها حيث يوفر الإنترنت الطريقة الحقيقية الوحيدة للوصول إلى المعلومات، ومراقبة انتهاكات حقوق الإنسان، والتواصل مع العائلات في الشتات. في الجزائر، لاحظ الصحفيون كيف أدى الإغلاق إلى تأخير دورة الأخبار لعدة ساعات، “كما لو كنا لا نزال في التسعينيات”.
لبنان: استدعاء النشطاء، والمساءلة حول انفجار الميناء بعيدة المنال
ما زالت السلطات المحلية تستدعي النشطاء في منطقة جنوب جبل لبنان بسبب منشوراتهم النقدية على وسائل التواصل الاجتماعي. قام مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية وحماية والملكية الفكرية باستجواب كل من رشاد زيدان وسلام صعب بشأن شكاوى بسبب إدارتهما لصفحة على فيسبوك تنشر قصص فساد في المجتمع الدرزي.
وفقًا لسمكس، أدت الاستدعاءات ذات الدوافع السياسية إلى وضع ضغوط على النشطاء لتوقيع تعهدات تقيدهم وتمنعهم من ممارسة حقهم في انتقاد أفراد ومؤسسات محددة، بما في ذلك الطرف المشتكي، في محاولة لإسكاتهم.
في سياق منفصل، تواصل السلطات اللبنانية عرقلة الجهود المبذولة لمحاسبة المسؤولين وتحقيق العدالة للضحايا وعائلاتهم، مع اقتراب الذكرى الثالثة لانفجار ميناء بيروت الذي أودى بحياة أكثر من ٢٠٠ شخص. يستمر الخلاف القضائي في إفشال التحقيق في الانفجار، بعد أن وجه قاضي التحقيق، طارق بيطار، اتهامات ضد مسؤولين سياسيين وأمنيين رفيعي المستوى في الحكومة في وقت سابق من هذا العام.
جدد هذا التقاعس الدعوات للأمم المتحدة لتشكيل بعثة دولية ومستقلة لتقصي الحقائق لكشف الحقيقة، وتحديد المسؤولية عن الحدث المأساوي.
في الشهر الماضي، حصل الصحفي الاستقصائي اللبناني رياض قبيسي على جائزة نايت للصحافة الدولية لعام ٢٠٢٣، الصادرة عن المركز الدولي للصحفيين، لعمله في الكشف عن الفساد داخل الحكومة، بما في ذلك فساد مسؤولي الجمارك قبل تفجير ميناء بيروت.
جديد وجدير بالملاحظة
في إيران، اعتُقلت رسامة الكاريكاتير والناشطة، أتينا فرغداني بتهم غير معلنة بعد نشرها رسما كاريكاتوريا سياسيا ساخرا على حسابها في إنستجرام لأول مرة منذ عام ٢٠٢٠. لا تزال المعلومات المتعلقة بمكان وجودها غير معروفة. في عام ٢٠١٦، تم الإفراج عن فرغداني بعد أن أمضت ١٨ شهرًا في السجن لتصويرها المشرعين على أنهم حيوانات، ردًا على مشروع قانون يقيد وسائل منع الحمل.
[اعتقلت الرسامة الإيرانية، أتينا فرغاني في ٧ يونيو/حزيران بعد نشرها هذه الرسمة على إنستجرام. قضت فترة في السجن من عام ٢٠١٥ إلى ٢٠١٥ بتهمة الاستهزاء بالقادة الإيرانيين وتصويرهم على أنهم حيوانات. تضامنوا معها!]
كرّمت المادة ١٩، بالاشتراك مع يوتيوب، ومنظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة حياة المدوّنة الإيرانية، سارينا إسماعيل زاده كرمز لحركة النساء التي اندلعت بعد اغتيال مهسا جينا أميني في العام الماضي. حسبما ورد، قُتلت المدوّنة، البالغة من العمر ١٦ عامًا، على يد قوات الأمن خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
[ترجمة: سارينا إسماعيل زاده ستكون في عمر السابعة عشر اليوم. في ٢١ سبتمبر/أيلول ٢٠٢٢، هتفت “المرأة، الحياة، الحرية”. تعرضت للضرب حتى الموت. سارينا كانت مدوّنة مليئة بالحياة والطاقة الشبابية. هذه مجموعة من مقاطع فيديو سجّلتها خلال الأشهر السابقة لمقتلها المأساوي…]
في مصر، قامت السلطات بإضافة موقعين إخباريين آخرين – السلطة الرابعة ومصر ٣٦٠ – إلى القائمة المتزايدة من المواقع المحجوبة في البلاد. تأتي هذه الخطوة في نفس الوقت الذي يتم فيه مناقشة حق الوصول إلى المعلومات خلال جلسات الحوار الوطني المستمرة، مما يثير مخاوف كبيرة بشأن جدية السلطات المصرية في توفير المعلومات.
أطلق مركز الخليج لحقوق الإنسان مبادرة جديدة للموارد الطارئة على موقعه الإلكتروني المحدث، تربط المستخدمين بأدوات الدعم، والسلامة، والصحة النفسية، بالإضافة إلى تمويل ومنح الطارئة.