استهدفت السلطات الأردنية قادة الاحتجاجات والمشاركين والنقاد على وسائل التواصل الاجتماعي ، في محاولة لكبح الاحتجاجات.
يواجه معظم المحتجزين اتهامات تتعلق بمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر مشاركتهم في المظاهرات أو انتقاد قيادة البلاد. يحظر قانون العقوبات الأردني “إطالة اللسان” على الملك، أو الملكة، أو ولي العهد، أو أحد “أوصياء العرش”. تتهم السلطات نشطاء آخرين بـ “التحريض على تقويض نظام الحكم”، وهي جريمة تصنف على أنها إرهابية وتخضع لاختصاص “محكمة أمن الدولة”. ينبغي للسلطات الأردنية وقف استخدام أحكام جزائية غامضة للحد من حرية التعبير، والإفراج عن أي محتجز بسبب التعبير السلمي عن آرائه.
قال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يواجه الأردن مشاكل اقتصادية وسياسية كبيرة تزيد من غضب المواطنين، لكن سجن النشطاء وانتهاك حقوق المتظاهرين لن يؤدي سوى إلى إخفاء السخط الشعبي. من الضروري السماح بحرية التعبير ليثق المواطنون بأن مخاوفهم مسموعة وتؤخذ بعين الاعتبار.
في 13 أكتوبر/تشرين الأول، احتجزت السلطات مؤيد المجالي (47 عاما)، وهو موظف في وزارة العدل وباحث مستقل كان يبحث في ممتلكات للدولة مسجلة باسم الملك. في يوليو/تموز، قدم المجالي طلب حق الحصول على المعلومات إلى مكتب رئيس الوزراء، والذي رفض الطلب.
قال أحد أفراد أسرته لـ هيومن رايتس ووتش إنه في 13 أكتوبر/تشرين الأول، فتش عناصر شرطة “البحث الجنائي” الأردني منزله، وصادروا أجهزته الإلكترونية، واعتقلوه. نقلته السلطات في اليوم التالي إلى المدعي العام، الذي اتهمه بـ “إطالة اللسان على جلالة الملك”، والافتراء على الملك، و”إثارة النعرات والحض على النزاع” بسبب مقال نُشر على موقع إخباري محلي حول طلبه وأبحاثه.
في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، أخذته السلطات إلى النيابة العامة مرة أخرى، حيث اتُهم بـ “إطالة اللسان” على الملكة والذم والقدح والتحقير بسبب منشور على “فيسبوك” في يناير/كانون الثاني يتعلق بمزاعم استغلال أراضي الدولة. قدم محامو المجالي عشر طلبات كفالة، لكنها رُفضت. أوقفته وزارة العدل عن العمل في 15 أكتوبر/تشرين الأول، وهو محتجز حاليا قيد المحاكمة في سجن ماركا في عمان.
في 31 أكتوبر/تشرين الأول، بدأت مجموعة من الأردنيين العاطلين عن العمل في مدينة الكرك جنوب المملكة اعتصاما مفتوحا أمام مبنى المحافظة. في 15 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتقلت السلطات مشاركا في الاعتصام، خالد الصرايرة (23 عاما)، وناشطين آخرين، لعدم حملهم بطاقات الهوية. قال أحد أفراد العائلة لـ هيومن رايتس ووتش إن أفرادا من عائلة الصرايرة ذهبوا إلى مركز الشرطة المحلي لتقديم هويته، لكن الشرطة رفضت إطلاق سراحه. قال أفراد من العائلة إن المدعي العام أمر باحتجازه لأسبوع للاشتباه في انتقاده للملك، ثم أُطلق سراحه في 21 نوفمبر/تشرين الثاني.
في 25 أكتوبر/تشرين الأول، اعتقل عناصر من “الأمن الوقائي” ناشطا آخر، علاء ملكاوي (34 عاما)، بينما كان متوجها إلى مظاهرة مقررة في الدوار الرابع في عمان، بجانب مبنى رئاسة الوزراء. نقله العناصر إلى “وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية” التابعة للشرطة، حيث اتهمته السلطات بإطالة اللسان على الملك والمشاركة في تجمهر غير مشروع. مددت السلطات احتجازه إداريا في 25 نوفمبر/تشرين الثاني. قال محاميه لـ هيومن رايتس ووتش إن الاتهام مبني على مقطع فيديو نُشر على الإنترنت في 2018 يظهر فيه في مظاهرة يسأل فيها السلطات الأردنية، “ماذا فعلتِ في آخر 20 عاما؟”
كما احتجزت السلطات أربعة نشطاء ينتمون إلى حراك بني حسن، وهو تحالف نظمته إحدى أكبر العشائر في البلاد مطالبة بإصلاحات سياسية. في الأشهر الأخيرة، نظم حراك بني حسن مظاهرات في محافظات مختلفة، لكنه انضم أيضا إلى المظاهرات الأسبوعية أمام مكتب رئيس الوزراء في عمان.
وقال شاهد لـ هيومن رايتس ووتش إن أحد أعضاء الحراك، هشام السراحين (50 عاما)، اعتُقل في 25 أكتوبر/تشرين الأول عندما أغلق حوالي 50 شرطيا بالزي الرسمي وعناصر بملابس مدنية الطريق لإيقاف السيارة التي كان يستقلها. أخذت الشرطة السراحين إلى الأمن الوقائي في عمان لاستجوابه ثم نقلته إلى النيابة العامة لأمن الدولة. قال محاميه لـ هيومن رايتس ووتش إن المدعي العام أمر باحتجازه بتهمة “التحريض على تقويض نظام الحكم” استنادا إلى مقطع فيديو نُشر على الإنترنت لمظاهرة كان يهتف فيها.
قال ناشط وأحد أفراد أسرته لـ هيومن رايتس ووتش إن مجموعة من حوالي 25 رجلا ملثما اعتقلوا عضوا آخر في الحراك، عبد الله الخلايلة (42 عاما)، في 27 أكتوبر/تشرين الأول في صالة رياضية بينما كان يتمرن. قال محاميه إنه متهم بـ “التحريض على تقويض نظام الحكم” وإطالة اللسان على الملك والملكة استنادا إلى مقاطع فيديو منشورة على حسابه في فيسبوك. يوجد حاليا في سجن ماركا. أدت اعتقالات السراحين والخلايلة إلى مظاهرات عنيفة في الشارع من قبل سكان حي عوجان في الزرقاء، حيث يُقيم كلا الناشطين.
قال ناشط لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات اعتقلت عضوا آخر في الحراك، خالد الخلايلة (53 عاما)، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني بعد تنظيمه مظاهرة سلمية أمام مبنى محافظة الزرقاء للمطالبة بالإفراج عن الرجلين. أمر المدعي العام باحتجازه لأسبوعين بسبب “إطالة اللسان” على الملك والملكة. ما زال محتجزا قيد التحقيق.
قال أحد أفراد عائلة عضو رابع في الحراك، عبد الرحمن الشديفات (30 عاما)، لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات اعتقلته في 10 نوفمبر/تشرين الثاني بعد انتهائه من مقابلة عمل في المفرق. ظل مكان الشديفات مجهولا حتى 15 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما تمكنت عائلته من زيارته في سجن “باب الهوى” في إربد.
قال أحد أفراد العائلة الذي تحدث إلى شديفات إن سبعة رجال ملثمين على الأقل أحاطوا به لدى مغادرته المقابلة واعتقلوه دون تقديم مذكرة توقيف. أخذوه إلى قسم الأمن الوقائي في عمان، حيث استُجوب لأربع ساعات حول نشاطه. في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، نقلته السلطات إلى مدعي عام أمن الدولة، الذي أمر باحتجازه بتهمة التحريض على تقويض نظام الحكم، وإطالة اللسان على الملك، وإطالة اللسان على الملكة، وإثارة الفتنة التي من شأنها الإخلال بالشأن العام.
عبد الكريم الشريدة (52 عاما)، محام ورئيس منظمة غير حكومية محلية، يخضع حاليا للمحاكمة بسبب إطالة اللسان على الملك. قال لـ هيومن رايتس ووتش إن وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة للشرطة الأردنية استدعته في 2 سبتمبر/أيلول واحتجزته. أُطلق سراحه بعد أسبوعين في انتظار المحاكمة. الدليل ضد الشريدة هو مقطع فيديو نشره على صفحته على فيسبوك عن مستويات الفقر المرتفعة في البلاد والفساد الظاهر. في المقطع، يخاطب الملك، قائلا: “اتقي لله في الي بتسويه في الناس”.
منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، بدأ الأردنيون بتغريد وسم #بكفي_اعتقالات #stop_arrestjo للفت الانتباه إلى الاعتقالات وللضغط على السلطات للإفراج عن جميع المحتجزين بتهم تتعلق بتصريحاتهم السلمية وانتقاداتهم للسلطات.
حرية التعبير مكفولة بموجب المادة 15 من “الدستور الأردني”. يحمي “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، والأردن دولة طرف فيه، حق كل إنسان في حرية التعبير، بما في ذلك “حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها” (المادة 19).
لا يسمح القانون الدولي سوى بقيود ضيقة التعريف على هذه الحقوق، تكون متسقة مع القانون وضرورية في مجتمع ديمقراطي لحماية الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. نادرا ما تحد هذه القيود من النقد العلني والسلمي لقادة الدولة ومؤسساتها.
قال بَيج: “تخيير الناشطين الأردنيين بين غلق أفواههم والعودة إلى بيوتهم أو التعرض للاعتقال لن ينهي المخاوف المشروعة بشأن الوضع الاقتصادي أو ما يعتُبر أنه فساد حكومي”.