تشعر آيفكس بالذعر من الخسائر غير المسبوقة في صفوف الصحفيين، بصفتها شبكة من المنظمات التي تعمل على تعزيز حرية التعبير والمعلومات والدفاع عنها، كما تشعر بقلق عميق إزاء قمع التضامن الفلسطيني واحتجاجات وقف إطلاق النار في العديد من الأماكن حول العالم.
ندرك في شبكة آيفكس التأثير الخبيث والمدمر للإفلات من العقاب، وبالتالي نحن متضامنون مع أعضائنا في الأرض الفلسطينية المحتلة، وندعو إلى وضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب وسط تزايد انتهاكات حق حرية التعبير لجميع الفلسطينيين، بما في ذلك الصحفيين، والفنانين، والكتاب، والمدافعين عن حقوق الإنسان. بصفتنا شبكة من المنظمات التي تعمل على تعزيز حرية التعبير والمعلومات، والدفاع عنها، نشعر بالذعر إزاء الخسائر غير المسبوقة التي لحقت بالصحفيين، كما نشعر بقلق عميق إزاء قمع احتجاجات التضامن الفلسطيني ووقف إطلاق النار في العديد من الأماكن حول العالم.
هناك ضغوط متزايدة لإنهاء الحصانة الإسرائيلية من خلال الآليات القانونية الدولية؛ تشمل هذه الجهود قضية جنوب أفريقيا بخصوص الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية، التي أفضت إلى إصدار أوامر مؤقتة في يناير/كانون الثاني لمنع إسرائيل مما وصفه قضاة المحكمة العالمية بـ “معقولية خطر” الإبادة الجماعية في غزة. أكد الحكم مجددا على أن جميع الأطراف، بما في ذلك حماس، ملزمة بالقانون الإنساني الدولي، كما دعا إلى إطلاق سراح الرهائن.
تم تحديث الحكم مؤخرًا ليشمل طلبًا بوقف العمليات العسكرية في رفح، والتي أدت إلى فرض ظروفًا معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدمير فلسطينيي غزة بشكل كليً أو جزئيً، كما شمل الحكم أمرًا لإسرائيل بتسهيل وصول وسائل الإعلام دون عوائق إلى غزة.
كرر خبراء الأمم المتحدة هذه الأوامر، مشددين على الدور الحاسم الذي يلعبه المجتمع المدني في تفعيل الحكم؛ بالإضافة إلى هذه الأحكام، تشير التحقيقات التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المحتملة التي ترتكبها إسرائيل وحماس، والإصدار المحتمل لأوامر اعتقال بحق قادتها، إلى خطوة حيوية أخرى نحو المساءلة.
حثت الشكاوى التي قدمتها منظمة مراسلون بلا حدود المحكمة الجنائية الدولية على النظر أيضًا في الصحفيين الذين قتلتهم إسرائيل في قطاع غزة كجزء من تحقيقاتها ستكون حاسمة بشكل خاص لمعالجة الانتهاكات الصارخة لحرية الصحافة.
بالرغم من هذه التطورات، إلا إن الهجوم الإسرائيلي على جنوب غزة قد تصاعد منذ ذلك الحين. بتجاهلها المعايير القانونية الدولية، القت إسرائيل بظلال الشك على وجود نظام قائم على القواعد، وأدى الفشل في إنفاذ قرارات هذه الآليات، وعدم مساءلتها عن انتهاكات حقوق الإنسان، إلى زيادة جرأة منتهكي حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، مما يعرض عمل أعضاء آيفكس وكل من يعتمد على عملهم لتحقيق العدالة للخطر. يتحمل حلفاء إسرائيل الرئيسيون، مثل الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، والاتحاد الأوروبي، مسؤولية دعم عمليات المساءلة هذه، ويجب عليهم ممارسة ضغوط سياسية أكبر بكثير على إسرائيل، مع وقف الإجراءات والدعم التي يمكن أن تشكل تواطؤًا في تمكين إسرائيل للقيام بهذه الانتهاكات.
أسفر الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة إلى قيام قواتها بقتل أكثر من ٣٦,٠٠٠ فلسطيني عالق في القطاع المحاصر في أعقاب هجوم حماس في ٧ أكتوبر/ تشرين الأول، بما في ذلك ٧,٧٩٧ طفلًا و٤,٩٥٩ امرأة حتى ٣٠ أبريل/نيسان. إن هذه المأساة المتكشفة متجذرة بعمق في عقود من القمع والعنف الإسرائيلي الممنهج ضد المدنيين الفلسطينيين الذين يعيشون في سياق الاحتلال غير القانوني والذي وصفه خبراء الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان مثل عضو آيفكس، هيومن رايتس ووتش، وغيرها بأنه فصل عنصري. لقد أدى الهجوم الوحشي على غزة إلى تدمير المستشفيات، والمناطق السكنية، والجامعات، ودور العبادة، والبنية التحتية الحيوية، مما أدى إلى القضاء على أي مساحة مدنية متبقية وترك سكانها مشردين مرة أخرى في سياق يوصف بأنه مجاعة منهجية ويمكن أن يصل إلى حد التطهير العرقي المستمر.
بالإضافة إلى المخاطر الشديدة في نقل التقارير من المناطق الخاضعة للقصف، يواجه الصحفيون الذين يوثقون هذه الفظائع هجمات مستهدفة. وفقًا لعضو آيفكس، المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)، فقد قُتل ١٤٦ صحفيًا وعاملًا إعلاميًا في غزة وحدها منذ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠٢٣. كما وثقت إعلام، العضوة في آيفكس، أكثر من ٥٠ انتهاكًا ضد الصحفيين الفلسطينيين في إسرائيل، بما في ذلك مصادرة المعدات، وعرقلة التغطية، والاعتقالات، والاعتداءات الجسدية، مما يسبب في انتشار مناخ من الخوف والرقابة الذاتية. مع ذلك، فإن إفلات إسرائيل من العقاب على الهجمات على الصحفيين يسبق تاريخ ٧ أكتوبر/ تشرين الأول فترة طويلة.
من الأمثلة الصارخة على هذا النقص الخبيث في المساءلة هي قضية الصحفية الفلسطينية البارزة شيرين أبو عاقلة. بعد مرور عامين، وعلى الرغم من الاحتجاجات الدولية، والأدلة الدامغة على استهدافها المتعمد من قبل القوات الإسرائيلية، فإن العدالة في مقتلها لا تزال بعيدة المنال. إن هذا التجاهل الصارخ للمساءلة عن جرائم الدولة الإسرائيلية ضد الصحفيين لا يؤدي إلى تفاقم معاناة الصحفيين الفلسطينيين والعاملين في مجال الإعلام فحسب، بل يشكل أيضًا تهديدًا خطيرًا للصحفيين على مستوى العالم، مما يشجع المعتدين، ويشكل سابقة خطيرة لارتكاب هجمات مستقبلية ضد الصحفيين دون عقاب.
من شأن الجهود التي تبذلها إسرائيل لتقييد الوصول إلى المعلومات، سواء عن طريق الحد من وصول وسائل الإعلام الأجنبية، أو حظر وسائل الإعلام مثل قناة الجزيرة، أو زيادة الاعتقالات والاعتداءات ضد الصحفيين في الضفة الغربية من قبل الجيش الإسرائيلي والمستوطنين غير الشرعيين، أو فرض رقابة منهجية على محتوى الإنترنت المؤيد للفلسطينيين، من خلال السياسات التمييزية، وإذعان منصات وسائل التواصل الاجتماعي، أن تسبب في زيادة قمع الأصوات المعارضة، كما تساهم في خلق مناخ يتصرف فيه الجناة دون خوف من المساءلة والتدقيق العام.
إن تصرفات إسرائيل تغذي قمع حرية التعبير على نطاق عالمي، بدءًا من التطوير غير المنضبط لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتقنيات المراقبة التي تم اختبارها ضد الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال العسكري، ثم تم تصديرها عالميًا إلى الحكومات التي تستخدمها لقمع المعارضين والمنتقدين، بالإضافة إلى التكتيكات العنيفة المستخدمة في كبح احتجاجات التضامن الفلسطينية السلمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وباقي أنحاء العالم.
على سبيل المثال، استخدمت السلطات القوة المفرطة لكبح الانتقادات المشروعة للسياسات الإسرائيلية في أوروبا، والولايات المتحدة، والدول العربية مثل مصر، وأماكن أخرى فقد استهدفت الدعوات الطلابية لسحب الاستثمارات من إسرائيل بالاعتقالات والهجمات. إن الآثار المترتبة على ذلك واضحة وعميقة، حيث ترسخ ثقافة الإفلات من العقاب وتؤدي إلى تصرف الحكومات بجسارة، كما تؤدي إلى تآكل نسيج الديمقراطية وحرية التعبير.
دعت آيفكس وأعضاؤها إلى المساءلة عن الهجمات الإسرائيلية على الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان منذ ٧ أكتوبر/تشرين الأول، كما أطلقت آيفكس جنبا إلى جنب مع مركز مدى و٣٩ منظمة أخرى، في حث الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة على معالجة استهداف إسرائيل للصحفيين الفلسطينيين، والضغط على ائتلاف حرية الإعلام، لحماية الصحفيين في غزة.
ساعدت آيفكس بالتعاون مع أعضائها، المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة)، ومدى، وجمعية الاتصالات التقدمية (APC)، في تنظيم ندوة عبر الإنترنت في مارس/ آذار بعنوان “تشريع إسكات الصحافة في فلسطين”، حيث أكد المشاركون على أهمية محاسبة إسرائيل من خلال الآليات الدولية مثل محكمة العدل الدولية، رغم الضغوط والتحديات. علاوة على ذلك، عندما التقى أعضاء آيفكس شخصيًا في اجتماع شبكتنا في برلين، كان من الواضح أن الوضع في فلسطين كان على رأس اهتمامات الشبكة.
نتضامن في شبكة آيفكس مع أعضائنا الفلسطينيين، مع تصاعد الضغوط من الهيئات القانونية الدولية لمحاسبة إسرائيل، ومنع المزيد من الانتهاكات، كما نجدد مطالبتنا بوضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب ومساءلتها عن الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، والمجتمع المدني، وغيرها من الانتهاكات للقانون الدولي، من أجل خلق مستقبل تتمتع فيه فلسطين والعالم بتقدير وحماية الحق في حرية التعبير، والوصول إلى المعلومات، وحماية المؤسسات التي تدعمهما.