الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: ملخص حول حرية التعبير من إنتاج نسيم طراونة، محرر آيفكس الإقليمي، بالاستناد إلى تقارير أعضاء آيفكس وأخبار المنطقة.
يستهدف العنف في السودان المجتمع المدني والوصول إلى المعلومات؛ في حين تكبح تونس والجزائر الاحتجاج السياسي، ويحتفل أعضاء آيفكس في المنطقة بيوم حرية الصحافة العالمي.
السودان: صحفيون محاصرون، وحملات دعاية وتضليل في السودان
شهد الصراع المستمر بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح برهان، وقوات الدعم السريع، الميليشيا الفرعية بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم “حميدتي”، مقتل مئات الأشخاص، وإصابة الآلاف منذ اندلاع القتال في ١٥ أبريل/نيسان.
دعت مجموعات حقوقية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى عقد جلسة طارئة وإنشاء آلية مستقلة للمساءلة عن الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان، مؤكدة أن الوضع الحالي يأتي في ظل قيود صارمة على الحريات الأساسية.
أثيرت مخاوف تتعلق بسلامة الصحفيين السودانيين وسط وضع “غير محمول” بالنسبة لملايين المدنيين المحاصرين في العنف في السودان. تعرضت مكاتب عدد من القنوات الإعلامية الإقليمية في العاصمة للهجوم، في ذات الوقت، أفاد اتحاد الصحفيين السودانيين بأن السبل قد تقطعت ب ١٥ صحفيًا وعاملًا في وسائل الإعلام داخل مبنى وكالة الأنباء السودانية لمدة ثلاثة أيام دون طعام أو إمدادات أساسية، بعد بدء القتال.
مع اشتداد النزاع في الخرطوم، أوقفت السلطات بث التلفزيون الرسمي السوداني بعد دخول قوات الدعم السريع إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون في مدينة أم درمان مقابل الخرطوم، عبر النيل. استخدمت قوات الدعم السريع الشبكات الإذاعية لتضخيم الدعاية التي تدّعي بأن القوة، متعددة الجنسيات، قد سيطرت على التلفزيون الرسمي وغيره من المنشآت الاستراتيجية، مما دفع السلطات إلى قطع البث لمنع تناقل المزيد من رسائلهم.
وفقًا للتقارير، تعرض الصحفي المصور، فايز أبو بكر لإطلاق النار أثناء تغطيته للأحداث في العاصمة، في حين اعتدت مجموعة من ضباط قوات الدعم السريع على محمد عثمان، الصحفي في قناة البي بي سي عربي، بالضرب والاعتقال، ومنعوه من الوصول إلى مكتبه. فر عثمان لاحقًا من البلاد، موثقًا الرحلة الخطيرة التي تعرض لها الكثيرون.
يعد الوصول إلى المعلومات أمرًا حاسمًا خلال الأزمة المتفاقمة؛ بالتالي، أدى تعطيل الإنترنت إلى ترك ملايين الأشخاص الذين يحتاجون للحصول على الموارد الأساسي مثل الطعام، والماء، وإيجاد مسارات إخلاء آمنة في تخبط، مما أثار القلق حول غياب مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان.
“إن قطع الإنترنت يعني أنّ من يحجب الخدمة لا يريد للمعلومات أن تنتشر، وقد تكون لديه أسباب خبيثة أو حتّى جرمية في أغلب الأحيان، وكلّ هذا يدفع للتشاؤم تجاه الوضع في السودان، للأسف”، حسب محمد نجم، المدير التنفيذي لسمكس، مؤسسة عضو في آيفكس
لم يثنِ عدم استقرار شبكة الانترنت الأطراف المتنازعة من شن حروبهم عبر الإنترنت؛ حيث يستخدم كلا الطرفين الدعاية والأخبار المزيفة للترويج لأجنداتهم، والتحكم في السردية.
كشفت بحث حديث أجراه فريق مختبر الأبحاث الرقمية الجنائية (Digital Forensic Research Lab) عن استخدام ما لا يقل عن ٩٠٠ حساب تويتر، قد تكون مخترقة، في حملة دعائية تروج لقوات الدعم السريع، حيث تعيد هذه الحسابات نشر محتوى مرتبط بحميدتي لتضخيم السردية الخاصة بقوات الدعم السريع، وتعزيز شعبية القوة شبه العسكرية، من خلال إظهارها كأنها أكثر شعبية مما هي عليه فعلا على المنصة عبر نشر تغريداتهم، ومن خلال جذب جمهور دولي عن طريق التغريد باللغة الإنجليزية.
أفضت إزالة علامات التحقق الزرقاء الموثوقة من حسابات تويتر إلى تفاقم فوضى المعلومات في السودان؛ حيث شاهد ما يقرب من مليون شخص تغريدة مزيفة على حساب يدّعي تمثيل قوات الدعم السريع والإعلان عن وفاة حميدتي، مما تسبب في الارتباك وخاصة مع تزايد صعوبة الوصول إلى معلومات موثوقة.
[ترجمة: هناك الكثير من المعلومات المضللة والبيانات من كلا الجانبين، يدّعي كل منهما دعم العملية الديمقراطية وحماية السيادة الوطنية في السودان’ @AhmedSolHoA، في اليوم الثالث من القتال في معركة الصراع للحقيقة في #السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع.]
تطهير المعارضة السياسية في تونس، وتهديد الإعلام في الجزائر
استجوبت السلطات التونسية الصحفيين، منية عرفاوي ومحمد بوغلاب، بعد أن تقدّمت وزارة الشؤون الدينية بشكوى ضدهما بسبب عملهما النقدي. أدانت مجموعات حقوقية استخدام تونس لقوانين قمعية لكبح انتقادات السياسات العامة، مشيرة إلى أن السلطات اعتمدت المرسوم الرئاسي رقم ٥٤ لمقاضاة الصحفيين، كأحدث أداة قانونية لقمع الانتقادات وملاحقة المنتقدين.
شهد الفضاء المدني في تونس تدهورًا آخر خلال الشهر المنصرم، حيث كثفت السلطات هجومها على الخصوم السياسيين للرئيس قيس سعيد. في ١٧ أبريل / نيسان، داهمت السلطات مقر أكبر حزب معارض في تونس، واعتقلت رئيسه، الناقد البارز، راشد الغنوشي؛ أدين الرئيس السابق للبرلمان لاحقًا بتهم محاولة “تغيير طبيعة الدولة” و”التآمر ضد الأمن الداخلي للدولة”، وهي جرائم يعَاقب عليها بالإعدام. انضم الغنوشي إلى ما لا يقل عن ٣٠ عضوًا من أعضاء حركة النهضة المعتقلين، بمن فيهم نائبا رئيس الحزب، علي العرايضي، ونور الدين بحيري.
في أعقاب سجن الغنوشي، قدم أفراد عائلات المعتقلين السياسيين طلبًا للاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على الرئيس سعيد ومسؤولين تونسيين رفيعي المستوى، متهمين إياهم بـ”انتهاكات جسيمة ومستمرة لحقوق الإنسان.”
[كانت تونس المصباح الوحيد للديمقراطية في الربيع العربي. الآن، يقبع السياسي المعارض، راشد الغنوشي في السجن. سألتُ ابنة الغنوشي، يسرى @yusraghkh عن حالته، وعما إذا كانت الديمقراطية في تونس على فراش الموت.”]
في غضون ذلك، حكمت محكمة في الجزائر، بالسجن خمس سنوات، على الصحفي إحسان القاضي، وحلت بذات الوقت اثنتين من آخر مؤسسات الإعلام المستقلة في البلاد. اعتُقل القاضي في ديسمبر/ كانون الأول ٢٠٢٢، واتُهم بتلقي “تمويلًا أجنبيًا لنشاطه التجاري،” حيث حُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات، ثلاثة منها يجب أن يقضيها في السجن، بالإضافة إلى دفع غرامة قدرها ٧٠٠ ألف دينار جزائري (٥٢٠٠ دولار أمريكي)، كما حكمت المحكمة بحل شركة “إنترفيس ميديا،” التي تدير كلا المحطتين التي يديرها القاضي، وحجز أصولها، وفرض غرامات مالية بملايين الدنانير على أصحابها.
“هذا القرار، الذي اتُخِذ ضد الصحفي الشجاع ومالك وسائل الإعلام، الذي استمر في ممارسة صحافته بحرية بالرغم من كل الصعاب، يصدم، بالفعل، معظم ممارسي هذه المهنة” وفقًا للصحفي وممثل منظمة مراسلون بلا حدود في شمال أفريقيا، خالد درارني.
في ١٣ أبريل/ نيسان، صادق البرلمان الجزائري على قانون يحظر على وسائل الإعلام المحلية تلقي تمويل أو مساعدات مالية أو مادية من أي “كيان أجنبي”، كما يشدد قواعد ملكية الوسائط الإعلامية، بمنع المواطنين مزدوجي الجنسية من امتلاك وسائل إعلام، ومنع الصحفيين من حماية مصادرهم. على الرغم من أن القانون الجديد ينص على أن “السرية المهنية حق”، إلا إنه يمنح المحاكم السلطة لإجبار الصحفيين على الكشف عن مصادرهم، وفرض غرامات على أي صحفي يعمل لصالح منظمات إعلامية دولية دون ترخيص.
رفع الأصوات من أجل حرية التعبير: أعضاء آيفكس يحتفلون بيوم حرية الصحافة العالمي
تعمل العديد من المنظمات في شبكة آيفكس على نصرة حرية الصحافة في الفضائيين الواقعي والإلكتروني على مدار العام. شارك أعضاء آيفكس في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مبادرات وأنشطة مختلفة للدفاع عن حقوق الصحفيين، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحقوق الأفراد في حرية التعبير والمعلومات، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة؛ فيما يلي بعض أبرز المحطات التي توضح كيف احتفل الأعضاء بهذا اليوم:
- في لبنان، نظمت اليونسكو مؤتمرًا إقليميًا للاحتفال بيوم حرية الصحافة لمدة يومين، جمعت فيه الجمعيات الحقوقية، بما فيها مركز الخليج لحقوق الإنسان، ومؤسسة سمكس، لمناقشة التحديات التي تواجه الصحفيين في المنطقة العربية. في جلسة حول “دور حرية الصحافة في ضمان الوصول إلى معلومات موثوقة على الإنترنت؛ ” شددت المنظمات الحقوقية على أهمية حماية خصوصية البيانات، وضمان سلامة الصحفيين.
- تمت تسمية الصحفيات الإيرانيات السجينات، نيلوفر حامدي، وإيلاهي محمدي، ونرجس محمدي، كفائزات بجائزة يونسكو/جييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة للعام الجاري، تقديرًا لعملهن رغم التهديدات المتزايدة التي تواجه الصحفيات في المنطقة.
- أصدرت جمعية حرية الفكر والتعبير بيانًا دعت فيه الحكومة المصرية إلى الإفراج عن الصحفيين المحتجزين، كما أكدت الجمعية على ضرورة تعزيز حرية الصحافة، وتوفير الحماية للصحفيين، وتوفير بيئة قانونية تضمن حرية عملهم.
- أصدرت مؤسسة “مهارات” في لبنان عددًا جديدًا من مجلتها “مجلة مهارات” حول “نقابات الصحفيين في العالم العربي: لا تمثيل ولا حماية”، حيث رصدت المجلة القوانين الإقليمية التي تحد من حرية اتحادات الصحفيين، والتحديات المتزايدة التي تعوق النقابات الحالية عن حماية الصحفيين.
- قبل الاحتفال بيوم حرية الصحافة، حصلت المنصة الإعلامية المستقلة المصرية، “مدى مصر” على جائزة حرية الإعلام لعام 2023 من كندا والمملكة المتحدة، تقديرًا لالتزامها بتغطية الأحداث رغم التهديدات المتصاعدة التي تواجه صحفييها.
بالمختصر
اليمن: في أخبار سارة، أُطلق سراح أربعة صحفيين الشهر الماضي، بعد أن حكم عليهم بالإعدام لمدة ثلاث سنوات. أعتُقل الصحفيون في عام ٢٠١٥ بتهم ملفقة تتعلق بتغطيتهم الإخبارية، وحُكم عليهم بالإعدام في عام ٢٠٢٠ بتهم التجسس، ونشر الأخبار الكاذبة. جاء إطلاق سراحهم نتيجة لاتفاق تبادل الأسرى الأخير بين الحوثيين والسعودية، الذي أسفر عن إطلاق سراح مئات الأسرى، وذلك في إطار المفاوضات المستمرة لوقف إطلاق النار.
في حين رحبت منظمات حقوق الإنسان بالإفراج، فإنها أكدت على أهمية إطلاق سراح جميع السجناء المعتقلين بدوافع سياسية، وضرورة منح المجتمع المدني اليمني دورًا حقيقيًا في أي هدنة، بالإضافة إلى آليات مساءلة لإحالة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان للعدالة. حثت تلك المنظمات جميع الأطراف المتورطة في النزاع على الكشف عن مكان المفقودين قسرًا أو المحتجزين تعسفيًا، منذ بدء الصراع في عام ٢٠١٤.
لبنان: أصدر ائتلاف عالمي من منظمات مجتمعية ومؤسسات إعلامية بيانًا تضامنيًا مع المؤسسات الإعلامية المستقلة التي تعرضت للاستهداف في لبنان مؤخرًا. في نهاية شهر مارس/آذار، استدعى أمن الدولة جان قصير، مؤسس منصات الإعلام المستقلة عبر الإنترنت، “ميجافون،” بالإضافة إلى لارا بيطار، رئيسة تحرير “مصدر عام” بسبب تغطيتهم الإخبارية. في وقت لاحق، قام المدعي العام، غسان عويدات، بسحب الدعوة المرفوعة ضد قصير، بعد اعتصام نظمته النقابة البديلة للصحافة في بيروت الشهر الماضي.
وفقًا لسمكس، عضو شبكة آيفكس، ” شابت الاستدعاءان انتهاكات قانونية، سواء من حيث طريقة الإخطار أو الجهة المستدعية”، مؤكدة أن السلطات التشريعية تحاول ترويع الصحفيين الناقدين، والحيلولة دون محاولات الكشف عن حالات الفساد التي قد تشملهم.
استدعى مجلس نقابة محامي بيروت المحامي اللبناني البارز، والمدير التنفيذي للمؤسسة المعنية بالحقوق “المفكرة القانونية”، نزار صاغية للمثول أمامها، بعد أن تحدث ضد قرار النقابة بقيود تعسفية وغير قانونية على ما يمكن للمحامين قوله في الأماكن العامة.
وفقًا لائتلاف الدفاع عن حرية التعبير في بيان: “نحن قلقون ومنزعجون من الاتجاه الذي اتخذته نقابة المحامين مؤخرًا، ومن الاستدعاءات المستهدفة للصحفيين، حيث تزيد مثل هذه الإجراءات من القيود المفروضة على حرية التعبير وحرية الصحافة، في ظل تصاعد استخدام أحكام التشهير الجنائي والتي تنتهك المعايير الدولية”.