"على الصحفيين واتحادات كرة القدم والمشجعين وغيرهم الضغط على مسؤولي الفيفا والسلطات القطرية بشأن حقوق الإنسان في قطر، لا سيما حقوق العمال الوافدين، وحقوق المرأة، وحقوق المثليين/ات ومزدوجي/ات التوجه الجنسي وعابري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم)". - هيومن رايتس ووتش
تم نشر هذا المقال أولاً على موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 29 آذار 2022
عندما تعقد “الفيفا” (الاتحاد الدولي لكرة القدم) مؤتمرها الـ 72 في العاصمة القطرية الدوحة في 31 مارس/آذار 2022، استعدادا لكأس العالم، على الصحفيين واتحادات كرة القدم والمشجعين وغيرهم الضغط على مسؤولي الفيفا والسلطات القطرية بشأن حقوق الإنسان في قطر، لا سيما حقوق العمال الوافدين، وحقوق المرأة، وحقوق المثليين/ات ومزدوجي/ات التوجه الجنسي وعابري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم).
منذ 2010، وثقت المنظمات الحقوقية، والنقابات العمالية، ووسائل الإعلام باستمرار الانتهاكات الحقوقية المتفشية في البلاد، لا سيما ضد العمال الوافدين، بما فيها انتشار سرقة الأجور، ورسوم الاستقدام المرتفعة، والوفيات غير المفسرة، ومصادرة جوازات السفر، من بين أمور أخرى. رغم إدخال قطر إصلاحات عديدة رافقتها دعاية كبيرة، إلا أن هذه الإصلاحات جاءت متأخرة جدا، وأثبتت أنها غير كافية إطلاقا، وتُنفذ بشكل سيئ. بالمثل، لم تقدم السلطات إصلاحات جادة بشأن التمييز الشديد في القانون والممارسة ضد المرأة ومجتمع الميم.
فيما يلي عشرة أسئلة مهمة يجب طرحها:
1) لماذا تواصل الفيفا الإشادة بالإصلاحات القطرية رغم الانتهاكات الحقوقية المستمرة في البلاد؟
2) لماذا ما يزال العمال الوافدون في قطر لا يتقاضون رواتبهم رغم الإصلاحات العمالية المعلنة؟
8) ما هي الخطوات التي اتخذتها الفيفا لضمان دعم قطر لحقوق المرأة؟
9) ما هي الخطوات التي اتخذتها الفيفا لحماية حقوق مجتمع الميم في قطر؟
10) هل سيواجه الصحفيون أي قيود في تغطية الأخبار في قطر إذا حضروا كأس العالم؟
1) لماذا تواصل الفيفا الإشادة بالإصلاحات القطرية رغم الانتهاكات الحقوقية المستمرة في البلاد؟
رغم التحذيرات المتكررة والأدلة الملموسة على انتهاكات الحقوق، لم تستخدم الفيفا نفوذها أو سلطتها للضغط على قطر للوفاء بوعودها الإصلاحية. بدل ذلك، تستّرت الفيفا على التقدم البطيء الذي أحرزته قطر، وأيّدت رواية السلطات بشأن الإصلاحات المتعلقة برعاية العمال، والتي من الواضح أنها لا تُظهر واقع العمال الوافدين.
كما لم تتصدَّ الفيفا بفعالية للقوانين القمعية الأخرى المتعلقة بحرية الصحافة، وحقوق مجتمع الميم، وحقوق المرأة. لم تكن الفيفا فقط وكيلا سيئا لحماية وتعزيز حقوق الإنسان في قطر، بحيث لم تستخدم نفوذها لجعل كرة القدم “قوة من أجل الخير“، لكنها أيضا لم تفِ بالتزاماتها الحقوقية الخاصة بالمنظمة نفسها بموجب “مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان” المعتَمدة عام 2016. وفقا للمبادئ التوجيهية، على الفيفا المبادرة بتعويض آلاف العمال الوافدين أو عائلاتهم الذين تعرضوا للانتهاكات ليجعلوا كأس العالم 2022 ممكنا، بما فيها الوفيات غير المفسرة.
كان قرار الفيفا بمنح قطر حق استضافة كأس العالم 2022 مثيرا للجدل، بداية من مزاعم وزارة العدل الأمريكية أن مسؤولي الفيفا تلقوا رشوة لمنح قطر كأس العالم 2022. اتخذت الفيفا قرار منح قطر حق التنظيم رغم سجلها الحقوقي السيئ، والعجز الهائل في البنية التحتية، مع علمها أنها ستعتمد في البناء على العمال الوافدين المعرضين للانتهاكات.
2) لماذا ما يزال العمال الوافدون في قطر لا يتقاضون رواتبهم رغم الإصلاحات العمالية المعلنة؟
في مارس/آذار 2022، أفادت هيومن رايتس ووتش بأن عمالا في “بن عمران للتجارة والمقاولات”، وهي شركة تجارة وإنشاءات قطرية بارزة، لم يتلقوا رواتبهم لمدة تصل إلى خمسة أشهر. تشمل مشاريع الشركة تجهيز المساحات الخضراء وأعمال المرافق تحت الأرض لملعب “البيت“، حيث ستقام المباراة الافتتاحية.
بالفعل، تكشف أبحاث هيومن رايتس ووتش أن سرقة الأجور لا تزال تمثل تقصيرا منهجيا في قطر حيث يفلت عديد من أصحاب العمل من العقاب. ما يزال العمال مجبرين على دفع رسوم استقدام باهظة لتأمين وظائفهم في قطر، تتراوح بين 700 و2,600 دولار أمريكي. يعني ذلك أنهم يصبحون مدينين قبل وصولهم إلى قطر، ما يجعلهم عرضة لسوء المعاملة وعبودية الديون.
غالبا ما تحجب الشركات مدفوعات العمل الإضافي ومزايا نهاية الخدمة المضمونة تعاقديا، وتنتهك بانتظام عقودها مع العمال الوافدين دون عقاب. في أسوأ الحالات، بحسب العمال، توقف أصحاب العمل ببساطة عن دفع أجورهم، وكثيرا ما عانى العمال لشراء الطعام.
تستمر هذه الانتهاكات رغم عديد من الإصلاحات التي أدخلتها قطر منذ 2015 لتحسين حماية أجور العمال الوافدين. “نظام حماية الأجور” الحكومي، المصمم لضمان حصول العمال على رواتبهم من خلال التحويل المصرفي المباشر بحلول اليوم السابع من كل شهر، يسمح للحكومة بمراقبة مدفوعات الأجور وفرض عقوبات على أصحاب العمل لعدم امتثالهم.
أنشئ “صندوق دعم وتأمين العمال“، الذي أصبح يعمل بكامل طاقته في 2020، خصيصا لضمان حصول العمال على أجورهم المستحَقة عندما لا تدفعها الشركات أو تتوقف عن العمل.
إلا أن هيومن رايتس ووتش وجدت أن نظام حماية الأجور بالكاد يقدم أي حماية ويمكن وصفه بشكل أفضل بأنه نظام لمراقبة أجور فيه ثغرات كبيرة في قدرته الرقابية. لم تُزِل السلطات بشكل كامل أسباب سرقة الأجور، والتي تكمن في نظام الكفالة، وممارسات التوظيف الخادعة بما فيها رسوم الاستقدام المرتفعة، والممارسات التجارية بما فيها ما يسمى بند “الدفع عند الدفع”، والذي يسمح للمقاول الفرعي بتأخير مدفوعات العمال حتى يُدفع له، ويترك العمال الوافدين عرضة للتأخير في السداد في التسلسل الهرمي لسلسلة التوريد.
لو كانت قطر عالجت الأسباب الحقيقية لسرقة الأجور ونفّذت الإصلاحات المعلنة بشكل جيد، لكان نظام حماية الأجور أبلغ عن شركات مثل بن عمران للتجارة والمقاولات، التي كانت لتواجه عقوبات، ولكانت دُفعت أجور العمال في الوقت المناسب باستخدام صندوق دعم وتأمين العمال. بدل ذلك، فإن العمال الذين لم يتقاضوا أجورهم يحتجون جماعيا رغم المخاطر، لأن قطر تحظر الإضرابات العمالية.
3) لماذا لم تنشر الحكومة القطرية إحصاءات رسمية عن إجمالي عدد وفيات الوافدين مصنفة حسب الجنسية والقطاع والسبب، من بين عوامل أخرى؟
إحدى أبرز القضايا الحقوقية منذ حصول قطر على حقوق استضافة كأس العالم عام 2010 هي وفيات آلاف العمال الوافدين بدون تفسير.
رغم الاهتمام العالمي والضغوط المستمرة على السلطات القطرية من أجل الشفافية، إلا أنها لم تنشر بيانات كافية عن وفيات العمال. لذلك، تختلف الأرقام المتداولة بشكل كبير. تقول السلطات القطرية إن عدد الوفيات غير القطرية بين عامي 2010 و2019 كان 15,021 لجميع الأعمار، والمهن، والأسباب. لكن نظرا لأن البيانات ليست مفصلة ولا شاملة، من الصعب إجراء أي تحليل ذي مغزى لوفيّات العمال الوافدين.
أظهر تحقيق أجرته صحيفة “غارديان” أنه بين عامي 2010 و2020، كان هناك أكثر من 6,751 حالة وفاة في قطر لأشخاص من خمس دول فقط في جنوب آسيا، والتي لم تُصنّف بحسب المهنة ولا مكان العمل. وفقا لتقرير صدر بتكليف من “منظمة العمل الدولية” مؤخرا، كانت 50 حالة وفاة مرتبطة بالعمل في قطر في 2020، وصُنفت حسب الخصائص الرئيسية مثل أماكن الإصابة، والوفاة، والسبب الأساسي عند توفرها.
رغم الانتقادات الواسعة، تباطأت السلطات في نشر بيانات شاملة عن وفيات العمال الوافدين. الفيفا أيضا لم تستخدم نفوذها للضغط من أجل مزيد من الشفافية حول وفيات الوافدين، بل أدلت بملاحظات خاطئة بشأنها. بحسب تقارير إعلامية، أشار رئيس الفيفا جياني إنفانتينو إلى وقوع ثلاث وفيات فقط مرتبطة بالعمل فقط في ملاعب الفيفا في قطر، وهو ادعاء ليس له مصداقية، وأقل حتى مما أعلنته السلطات القطرية.
4) هل تنوي الفيفا والسلطات القطرية تعويض عائلات العمال الوافدين الذين ماتوا لسبب غير مفهوم في قطر لجعل كأس العالم ممكنا؟
بحسب تحقيقات الغارديان، 69% من وفيات العمال الوافدين من الهند ونيبال وبنغلاديش بين 2010 و2020 تُعزى إلى “أسباب طبيعية”. أفادت منظمة العمل الدولية أن خُمس الوفيات المرتبطة بالعمل من 2020، البالغ عددها 50 حالة، تُعزى إلى “أسباب غير معروفة”. وفقا لتقارير “اللجنة العليا للمشاريع والإرث” المعنية بالعمال في قطر، 18 حالة وفاة من أصل 33 مسجلة بين أكتوبر/تشرين الأول 2015 وأكتوبر/تشرين الأول 2019 تعزو سبب الوفاة إلى “أسباب طبيعية” أو “سكتة قلبية” أو “فشل تنفسي حاد”، وهي مصطلحات تحجب السبب الأساسي للوفيات، مثل الإجهاد الحراري، ما يجعل من المستحيل تحديد ما إذا كانت مرتبطة بظروف العمل.
عندما تُعزى الوفيات إلى “أسباب طبيعية” وتصنف على أنها غير مرتبطة بالعمل، يحرم قانون العمل القطري العائلات من التعويض، ما يترك العديد منها معوزة في غياب مصدر دخلها الوحيد في كثير من الأحيان. بالنسبة لدولة لديها نظام رعاية صحية متقدم جدا، لا مبرر لعدم توافر بيانات شفافة عن وفيات العمال وعدم إجراء تحقيقات ذات مغزى عن الوفيات، في حين تُنسب الوفيات ببساطة إلى “أسباب مجهولة” أو “طبيعية”. هذا لا يمنع حدوث وفيات في المستقبل ولا يقدم أي عزاء للعائلات المكلومة التي تُركت بدون معلومات.
بموجب مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، تتحمل الفيفا أيضا مسؤولية تقديم تعويضات عن الانتهاكات التي تسببت أو ساهمت فيها. بصفتها كيان لديه موارد هائلة، فليس للفيفا أي عذر لعدم الوفاء بالتزاماتها. في 2014، مثلا، جلبت جولات التصفيات والبطولة النهائية للفيفا 4.6 مليار دولار أمريكي، مع أرباح بلغت أكثر من 2 مليار دولار.
الاتحادات الوطنية لكرة القدم، التي يمكن أن تلطخ سمعتها بالارتباط بالانتهاكات الحقوقية، لها أيضا نفوذ على الفيفا يمكنها وينبغي عليها استخدامه. لن يرغب أي لاعب أن يشارك بصمت في بطولة تسببت في خسارة هائلة في أرواح العمال الوافدين وسبل عيشهم. من المشجع أن عديدا من الاتحادات الوطنية بدأت في التحدث عن هذه القضية، وينبغي أن تستمر في الضغط لتحقيق التزامات ملموسة بما فيها تعويض الذين تعرضوا لسرقة الأجور، والعائلات التي فقدت أحباءها. هذا يضمن أن آلافا من عائلات الوافدين الذين فقدوا حياتهم في قطر أثناء عملهم لجعل كأس العالم ممكنا لن يُترَكوا بلا شيء.
5) كيف تنوي السلطات القطرية والفيفا حماية العمال الوافدين في قطر، وخاصة عمال البناء الذين قد يتأثر عملهم مؤقتا خلال فترة البطولة؟
حصلت هيومن رايتس ووتش على تعميم صادر عن “هيئة الأشغال العامة” القطرية يطلب من الشركات تقليص عدد العمال الوافدين لديها من 21 سبتمبر/أيلول 2022 إلى 18 يناير/كانون الثاني 2023. وفقا للتعميم، على جميع المقاولين إعداد خطة إستراتيجية لإجازة العمال تزيد من انخفاض عدد العاملين بالدولة خلال الفترة. بحسب التعميم، لا ينبغي أن يؤثر ذلك سلبا على رعاية العامل الوافد وعلى أهداف إدارة مشاريع الطرق. وفقا لمنظمة “حقوق المهاجرين“، أفادت أيضا شركات البناء، وبشكل أساسي المقاولون، عن تلقي التوجيهات بشكل غير رسمي.
ينبغي أن تتجنب هذه السياسة التأثير السلبي على حقوق العمال الوافدين، بما فيه الفصل التعسفي وسرقة الأجور بالحرمان من الإجازة مدفوعة الأجر، ومدفوعات نهاية الخدمة، وتعويضات نهاية الخدمة. ينبغي أن تُدفع أجور العمال عن أي إجازة يضطرون إلى الحصول عليها، ويتعيّن منحهم جميع الأجور والمزايا الأخرى قبل أخذ هذه الإجازة.
لا يحصل العمال الوافدون المعيّنون في وظائف بقطر على إجازة غير مدفوعة الأجر لفترات طويلة. أغلب العمال، لا سيما المُعيَنين مؤخرا، لديهم قروض مستحقة مرتبطة برسوم الاستقدام المفروضة عليهم بشكل غير قانوني، والتي ستستمر بالتراكم خلال أشهر عودتهم إلى بلادهم إذا لم يتقاضوا أجرا. العمال وأسرهم يعتمدون على الرواتب في قطر دون أن يتمكنوا من الادخار أو إيجاد نظام دعم يمكنهم السحب منه. ينبغي منح العمال الذين يواجهون الفصل المبكر أو الذين لن تُجدد عقودهم الوقت لإيجاد صاحب عمل آخر في البلاد. يبنغي أن تُدفع لجميع هؤلاء العمال جميع مستحقاتهم، بما فيها أي إجازة غير مأخوذة، والأجور، ومدفوعات العمل الإضافي، ومدفوعات نهاية الخدمة، وأي تعويضات للفصل من الخدمة.
من المهم أن تُبلِّغ السلطات والشركات القطرية العمال بوضوح بتفاصيل الترتيب، مع إيجاد أنظمة قوية لضمان عدم استغلال الشركات الوضع لخداع العمال.
6) ما الإجراءات التي ستتخذها السلطات القطرية والفيفا لمراقبة ومحاسبة الأشخاص عن أي انتهاكات يتعرض لها العمال في قطاع الخدمات؟
كما حصل في مرحلة الإنشاءات، ستُلقي بطولة كأس العالم بأعبائها على العمال الوافدين، والذين يشكلون 95% من إجمالي القوى العاملة القطرية، وسيعمل هؤلاء العمال والعاملات في المطاعم، والفنادق، والمتاجر، والمنازل، والملاعب، وكحراس أمن، وكسائقين بهدف خدمة اللاعبين والمشجعين والزائرين الآخرين. أظهرت الأدلة الحديثة استمرار تكبّد عمال الفنادق وحراس الأمن رسوم استقدام باهظة. بالتالي، سيكون الاحتمال كبيرا أن كل عامل يصادفه المشجعون أو اللاعبون قد يكون ضحية شكل من أشكال الانتهاكات، مثل تكبد تكاليف استقدام باهظة.
وضعت “اللجنة العليا للمشاريع والإرث”، الجهة المنظمة لكأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر، “معايير رعاية العمال” لقطاع البناء، والتي توسعت لاحقا لتشمل قطاع الضيافة. كما اشتركت عدة جهات ذات صلة في وضع أداة إرشادية للاستقدام والتوظيف العادلين في قطاع الضيافة في قطر يُتوقع من الفنادق اتباعها.
إجراءات العناية الواجبة من قبل الاتحادات الوطنية لكرة القدم أمر أساسي لضمان عدم مساهمتها في الانتهاكات أو ارتباطها بها. على وسائل الإعلام الإخبارية أيضا الإدراك أن عليها النظر من زاوية أوسع حيال معاملة العمال الوافدين، وعدم اقتصار تركيزها الإعلامي على فئات عمال محددة تخدم الزوار النخبة (مثل اللاعبين والمدربين) كما حصل حين ركّز بعضها فقط على عمال الملاعب (ممن يشكلون 1.5% من إجمالي العمالة الوافدة). ستخضع ظروف العمال الذين يخدمون الزوار النخبة بلا شك لتدقيق إضافي أكثر من البقية، لكنهم يشكلون نسبة ضئيلة من إجمالي العمال في قطاع الخدمات الذين سيلبّون احتياجات 1.2 مليون زائر يُتوقع حضورهم البطولة في قطر، بشكل مباشر أو غير مباشر.
7) ما الإجراءات التي ستتخذها الفيفا لضمان تمتع العمال الوافدين بنفس الحرية التي يتمتع بها جميع زوار كأس العالم الآخرين أثناء المباريات، مثل مشاهدة المباريات والاختلاط بالزوار؟
سيتابع كأس العالم 3 مليارات شخص، منهم العمال الوافدون في قطر والذين كانت مساهمتهم أساسية في جعل البطولة ممكنة. وقد صور الفيلم الوثائقي “كأس العالم” مدى شعبية اللعبة بين أولئك العمال.
ومع تدفق المشجعين من كل أنحاء العالم، يجب احترام حرية تنقل العمال الوافدين، وعدم حصرهم في أجزاء محددة من البلاد أو مخيمات عمل ضيقة، أو فعل ما هو أسوأ من ذلك وإعادتهم إلى بلدانهم، أو إخفائهم بعيدا عن أنظار الزائرين الذي قد يصابون بالفزع إذا لمحوا ظروفهم المعيشية.
غالبا ما يُطلَق على كرة القدم اسم “اللعبة الجميلة”، ما يعني وجوب عدم التمييز بين المشجعين، سواء أكانوا عمالا منخفضي الأجر قاموا ببناء وصيانة الملاعب والبنية التحتية لكأس العالم، أم زوارا اشتروا أغلى التذاكر وجاؤوا من الخارج. يجب السماح باختلاط العمال الوافدين بالزوار، وعدم منع الزوار من زيارة مخيمات العمل، بما يشمل الصحفيين الراغبين في إعداد التقارير عن وضع العمال الوافدين، والمشجعين والأطراف المعنية – مثل الاتحادات الوطنية لكرة القدم، والجهات الراعية، والمنظمات الحقوقية.
8) ما هي الخطوات التي اتخذتها الفيفا لضمان دعم قطر لحقوق المرأة؟
تشترط السلطات القطرية نيل المرأة إذن ولي أمرها للزواج، والعمل في العديد من الوظائف الحكومية، والسفر إلى الخارج في بعثة دراسية حكومية أو أسباب أخرى (لغاية سن معينة)، وتلقّي بعض أشكال رعاية الصحة الإنجابية. كما تشترط بعض الفنادق على المرأة أن تكون متزوجة أو برفقة ولي أمرها لتتمكن من الحجز والإقامة في غرفة. كما تمنع بعض الفعاليات، مثل الحفلات الموسيقية التي تُقدّم فيها مشروبات كحولية، حضور النساء القطريات. هذه السياسات تمييزية وتسهّل العنف ضد المرأة.
بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد في قطر قانون للعنف الأسري، حيث يمكن إعادة النساء اللواتي يحاولن الفرار من سوء المعاملة إلى أسر مسيئة أو اعتقالهن أو إرسالهن إلى مستشفيات للأمراض النفسية. الافتقار إلى الشفافية بشأن القواعد التمييزية يحول دون تحدي المرأة لتلك القواعد. ناشدت النساء في قطر السلطات لإلغاء هذه القوانين. إلا أن القوانين القمعية التي تقيّد حرية التعبير وتكوين الجمعيات، فضلا عن الترهيب من قبل السلطات، والمضايقات عبر الإنترنت تمنع النساء من تحدي هذه القواعد أو تعاقبهن عند قيامهن بذلك. لا توجد منظمات مستقلة لحقوق المرأة.
لم تُجرِ السلطات إصلاحات جادة تجاه التمييز الشديد في القانون والممارسة المفروض على المرأة والتي تؤثر على النساء القطريات والنساء الأجنبيات الكثيرات المقيمات في البلاد. على السلطات إلغاء جميع قواعد وممارسات ولاية الرجل التمييزية، وإقرار قانون ينهي التمييز في الممارسة العملية، وإلغاء القوانين والممارسات التي تقيّد المشاركة المدنية للنساء للمطالبة بحقوقهن.
تجرّم السلطات القطرية ممارسة الجنس خارج الزواج، وهو ما يؤثر بشكل غير متناسب على النساء، إذ يمكن مقاضاتهن إذا أبلغن عن الاغتصاب نظرا لأن الحمل يشكل دليلا على الجريمة المزعومة. تعتبر العقوبات على هذه الجرائم هي الأقسى في المنطقة، وتصل إلى السَّجن سبع سنوات، والجَلد إذا كانت المرأة مسلمة. لا تصدق الشرطة في كثير من الأحيان النساء اللواتي يبلغن عن العنف، ويُطلب منهن أيضا إبراز شهادة زواج لتلقي أشكال معينة من رعاية الصحة الجنسية والإنجابية.
في الأحداث الرياضية الكبرى مثل كأس العالم، يزداد خطر العنف الجنسي بشدّة بين المشجعين، ولكن بشكل خاص النساء المهاجرات في القطاعات منخفضة الأجر. أبلغت امرأة مكسيكية كانت مسؤولة في اللجنة العليا للمشاريع والإرث الشرطة عن تعرضها لاعتداء جسدي من قبل رجل في قطر في يونيو/حزيران 2021، لكن بدل نيلها الحماية والعدالة، وجدت نفسها متهمة بما يسمى جريمة الزنا لأن الرجل ادّعى وجود علاقة بينهما، الأمر الذي نفته. ورغم تمكنها من مغادرة البلاد، شرعت السلطات في ملاحقتها بهذه التهمة وما زالت قيد المحاكمة. ينبغي لقطر إلغاء الأحكام القانونية التي تجرّم ممارسة الجنس خارج الزواج، بما في ذلك المادة 281 من قانون العقوبات. على السلطات ضمان تقديم الدعم لضحايا العنف الجنسي، مثل المساعدة الطبية والقانونية والنفسية، بما في ذلك وسائل منع الحمل الطارئة، وفحوصات الصحة الجنسية، والوقاية بعد التعرض لفيروس نقص المناعة البشرية. ينبغي للسلطات السماح لجميع النساء بتلقي رعاية الصحة الجنسية والإنجابية دون الحاجة إلى شهادة زواج؛ وضمان تلقي الشرطة والمدعين العامين تدريب يراعي النوع الاجتماعي.
9) ما هي الخطوات التي اتخذتها الفيفا لحماية حقوق مجتمع الميم في قطر؟
طمأنت قطر الزوار المحتملين إلى أنها ترحب بالزوار المثليين/ات، مزدوجي/ات التوجه الجنسي، وعابري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم) وأن المشجعين لهم حرية رفع علم قوس قزح في الملاعب. إلا أن زوارا محتملين، منهم مشجعون من مجتمع الميم، سيمتنعون عن حضور المباريات، بحسب ما صرّح المدير الفني للمنتخب الإنغليزي لكرة القدم، غاريث ساوثغيت، بعد تواصله مع مشجعين إنغليز.
قال أشخاص تعرضوا للقمع من قبل السلطات لـ هيومن رايتس ووتش إن الحكومة القطرية تراقب وتعتقل أفراد مجتمع الميم وتتبع نشاطهم على الإنترنت، كما تفرض رقابة على وسائل الإعلام التقليدية فما يتعلق بالتوجه الجنسي والهوية الجندرية، بما في ذلك من يُظهرون دعما لمجتمع الميم، وتستبعد عمليا محتوى مجتمع الميم من الفضاء العام.
الاقتراحات أن تعلق قطر مؤقتا القوانين والممارسات المحلية أثناء البطولة من شأنها تعزيز الفكرة القائلة إن الانجذاب إلى أشخاص من الجنس نفسه والاختلاف الجندري هو أمر غريب على المجتمع. يترك ذلك أفراد مجتمع الميم في قطر يعانون خلال خوض حياتهم الجنسية والتعبير عن هويتهم الجندرية في بيئة قد تستأنف قمعها بالكامل بعد كأس العالم.
مع تعزيز قطر قدراتها في مجال المراقبة، بما في ذلك داخل ملاعب كرة القدم، فإن احتمال تعرض أفراد مجتمع الميم القطريين للاضطهاد لدعمهم العلني لحقوق مجتمع الميم سيستمر طويلا بعد مغادرة المشجعين الدوليين. المساحات المادية والافتراضية الخالية من المراقبة آخذة بالاختفاء في قطر، حيث يسمح قانون حماية البيانات باستثناءات واسعة تقوض الحق في الخصوصية. يتم استهداف السلوك الجنسي بالتراضي خارج الزواج عبر الجمع بين الاستهداف الرقمي والقوانين.
يجب أن يعطي الإصلاح القانوني طويل الأمد الأولوية لواقع مجتمع الميم في قطر، بما في ذلك عبر سن تشريعات تحمي من التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية، سواء على الإنترنت أو خارجها. ينبغي للحكومة القطرية إلغاء المادة 285 وجميع القوانين الأخرى التي تجرم العلاقات الجنسية الطوعية خارج الزواج.
10) هل سيواجه الصحفيون أي قيود في تغطية الأخبار في قطر إذا حضروا كأس العالم؟
تقيّد قطر حرية الصحافة، واحتلت المرتبة 128 في قائمة حرية الصحافة العالمية لعام 2021. أدخلت البلاد مؤخرا تعديلا على قانون العقوبات يفرض عقوبة السجن حتى خمس سنوات لنشر شائعات أو أخبار كاذبة مُغرضة دون تحديد ما هي “الإشاعة” أو “الأخبار الكاذبة”، وما المعايير المستخدمة.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، تم اعتقال واحتجاز صحفيَّين نرويجيين كانا يحققان في قضايا العمال الوافدين في قطر لمدة 36 ساعة، وتدمير فيلم يُظهر أدلة على وضع العمال الوافدين في قطر. في حادثة منفصلة في الشهر نفسه، احتُجز صحفي نرويجي آخر انفراديا لمدة 24 ساعة. مثل هذه الحالات شائعة في قطر، وتتحدى فعليا الرواية التي تحاول الدولة بناءها عبر ماكينتها الضخمة للعلاقات العامة.
وبالمثل، يتعرض العمال الوافدون الذين يتحدثون عن واقعهم ويصبحون مصادر مهمة للمعلومات لخطر الاعتقال أو الترحيل الفوري والتعسفي. العام الماضي وحده، أخفت السلطات القطرية قسرا الناشط العمالي الكيني مالكولم بيدالي قبل إطلاق سراحه، وحاكمت عبد الله ابحيص، الموظف الأردني السابق في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، بتهمة الرشوة وسوء استخدام الأموال كإجراء انتقامي لانتقاده ظروف العمل السيئة للعمال الوافدين، بحسب ما تشير إليه بعض الأدلة.
كان ينبغي لقطر توقُّع اهتمام وتغطية إعلامية عالمية واسعة على مدار العقد الذي سبق كأس العالم وفي عام البطولة. ينبغي ألا تتفاجأ السلطات القطرية أو الفيفا من اهتمام الصحفيين الزوار بقصص خارج نطاق المباريات والهدافين. يجب أن يحصل الصحفيون على ضمانات بأنهم سيكونون في أمان وسيتمكنون من أداء عملهم دون تدخل، وأنهم لن يواجِهوا أي قيود غير ضرورية في إعداد التقارير عن القضايا الاجتماعية أو الاقتصادية إن رغبوا. كما يجب ألا يواجه المشجعون والداعمون الآخرون أي مخاوف تتعلق بالسلامة عند نشرهم على منصات التواصل الاجتماعي.
إذا كانت قطر والفيفا تؤمنان بالفعل برواياتهما حول الإصلاح، عليهما النظر إلى وصول آلاف الصحفيين والمعلقين من جميع أنحاء العالم إلى البلاد كفرصة مهمة للشهادة على التحول الإيجابي، وعدم تقييد وصولهم أو قمع أصواتهم.