يوليو/أيلول 2022 في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: تقرير حول حرية التعبير، بالاستناد إلى تقارير أعضاء آيفكس وأخبار المنطقة، من إعداد المحرر الإقليمي في آيفكس، نسيم الطراونة.
تُرجمت هذه المقال عن هذه النسخة الأصلية
جولة بايدن في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تترك الصحفيين أكثر عرضة للخطر في المنطقة؛ دستور تونس الجديد يهدد حرية التعبير؛ اعتقال صانعي أفلام إيرانيين؛ الافراج عن سجناء في مصر لكن #فين_علاء؟
“فوق حقه دقه”: كيف تركت زيارة بايدن الصحفيين أكثر عرضة للخطر
أثارت زيارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن إلى المنطقة في يوليو/ تموز انتقادات واسعة النطاق بين الجماعات الحقوقية والنشطاء، لفشله في المعالجة المجدية لقضايا حقوق الإنسان المُلحّة، ومحاسبة الحكومات على سجلاتها في مجال حقوق الإنسان، وانتهاكاتها الجسيمة في مجال حرية التعبير.
من تزايد التهديدات التي تشكلها برامج التجسس والمراقبة، إلى تنامي البيئة المعادية للصحفيين في المنطقة، إلى المساءلة الحقيقية عن القتل المستهدف للصحفيين، وحرية سجناء الرأي – شهدت جولة بايدن انحدار قضايا حقوق الإنسان من كونها “في طليعة ” السياسة الخارجية للولايات المتحدة إلى مجرد ذكرها بشكل عابر خلال الاجتماعات مع القادة الإقليميين.
خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس لتكريم الصحفية الفلسطينية الأمريكية، شيرين أبو عاقله، التي اغتيلت في مايو/أيار على يد القوات الإسرائيلية، قال بايدن إنه سيواصل “الإصرار على محاسبة كاملة وشفافة” لاغتيالها. ذكر بيان صحفي لوزارة الخارجية الأمريكية، نُشر قبل رحلة بايدن، أن تحليلًا حكوميًا خلص إلى أن إطلاق النار من مواقع القوات الإسرائيلية “كان على الأرجح مسؤولاً عن مقتل شيرين أبو عاقله” ولكن “لا يوجد سبب للاعتقاد بأنه كان متعمدًا”.
[ ترجمة: صورة مؤثرة من مؤتمر بايدن / عباس الصحفي، صورة شيرين على كرسي فارغ مع عنوان “شيرين أبو عاقلة، صوت فلسطين”..” #ShireenAbuAkleh صورة: مانديلا نان ]
أدانت جماعات حقوقية التقرير، ووصف المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)، عضو آيفكس، الخلاصة بأنها صفعة جديدة للجهود المبذولة لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين. تعهد أفراد عائلة أبو عاقلة بمواصلة الدعوة لتحقيق العدالة لشرين، حيث التقوا بمسؤولين أمريكيين في واشنطن العاصمة في وقت لاحق من الشهر، للمطالبة بإجراء تحقيق مستقل في اغتيالها.
وصفت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) زيارة بايدن إلى جدة للقاء زعماء المنطقة بأنها “خيانة” لكل من تم سجنهم وقتلهم بسبب التظاهر السلمي في الأماكن العامة، مشيرة إلى عدم التزام بايدن بتعهد حملته بـوضع حقوق الإنسان على رأس سياسته الخارجية، حيث وعد بجعل المملكة العربية السعودية “تدفع ثمن” اغتيال الخاشقجي.
[ترجمة: الرئيس الأمريكي جو بايدن استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بقبضة يد. قبل أقل من عامين، تعهد بجعل المملكة العربية السعودية “منبوذة” بسبب مقتل صحفي الواشنطن بوست، جمال خاشقجي في عام 2018]
قال شريف منصور، منسق لجنة حماية الصحفيين في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “”لدقه فوق حقة”، كان علينا أن نراقب مصافحته بقبضة يده، وتملقه البغيض لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الرجل الذي قالت المخابرات الأمريكية إنه وافق على اغتيال الخاشقجي” وأضاف: ” للأسف ، أصبح الصحفيون في المنطقة – والعالم –أكثر عرضة للخطر بعد هذه الرحلة.”
في نهاية المطاف، من المحتمل أن يكون فشل بايدن في محاسبة قادة المنطقة الذين التقى بهم، على سجلهم الحقوقي، قد ساعد في إعادة تبييض صورهم، في نفس الوقت الذي تتنبأ فيه جماعات حقوق الإنسان والنشطاء بتعاظم القمع مرة أخرى في الأشهر المقبلة. خلال رحلة بايدن إلى جدة، حكم على المواطن الأمريكي، عاصم غفور، وهو المحامي السابق لخاشقجي، بالسجن لمدة ثلاث سنوات، من قبل محكمة في الإمارات العربية المتحدة، بتهمتي “التهرب الضريبي وغسيل الأموال”.
دستور تونس الجديد يهدد حرية التعبير
شهد الفضاء المدني في تونس تنامي حملة القمع ضد أصوات المعارضة في الفترة التي سبقت استفتاء 25 يوليو/تموز على الدستور الجديد للرئيس قيس سعيد.
فرقت الشرطة بشكل عنيف مئات المتظاهرين السلميين، الذين احتشدوا بوقفة احتجاجية ضد مسودة دستور سعيد، كما اعتقلت العديد من المتظاهرين، بمن فيهم ناشط مجتمع الميم، سيف عيادي؛ بالإضافة إلى ذلك، تعرضت الصحفية يسرا الشيخاوي للصفع من قبل أحد رجال الشرطة، فيما تم علاج رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، مهدي الجلاصي، من آثار الغاز المسيل للدموع الذي تم رشه على وجهه.
[ترجمة: اعتقالات عديدة لمتظاهرين وسط مدينة تونس من قبل الشرطة الذين كانوا يستخدمون القنابل المسيلة للدموع والضرب بالهراوات؛ كما تفيد تقارير بأنه قد تم دفع حمة الهمامي، زعيم حزب العمال بعنف؛ تم القبض على ناشط بارز في مجال حقوق المثليين واحتجازه #تونس #democraxit]
في غضون ذلك، تم تجميد حسابات عشرات المسؤولين الكبار من حزب النهضة المعارض، بمن فيهم رئيس البرلمان السابق، راشد الغنوشي، وسط مزاعم غسل أموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى استجواب الغنوشي في تحقيقٍ لمكافحة الإرهاب.
في الذكرى السنوية الأولى لانتزاع سعيد للسلطة، تم تمرير استفتاء 25 يوليو/تموز (المقرر لتوسيع السلطات الرئاسية بشكل أكبر) على الرغم من انخفاض إقبال الناخبين، ومقاطعة جماعات المعارضة، ومزاعم تزوير النتائج.
أشارت جماعات حقوقية إلى أن عملية الصياغة التي أدت إلى الاستفتاء قد شابها خرق للمعايير الدولية بشأن انتخابات حرة ونزيهة والحكم الرشيد، مع احتواء الدستور على تعديلات تدفن أي أمل في نظام قضائي مستقل في البلاد.
أنتجت لجنة الخبراء القانونيين التي اختارها سعيد، مسودة دستور في غضون أربعة أسابيع فقط، فقام الرئيس بنشر نسخة في الأول من تموز/ يوليو، “لا علاقة لها بالنص الذي صغناه وقدمناه إلى الرئيس” حسب صادق بلعيد، رئيس اللجنة الاستشارية المكلفة بكتابة الدستور؛ أدت الانتقادات واسعة النطاق لمسودة الوثيقة إلى نشر نسخة معدلة في 8 يوليو/تموز، مما منح الناخبين القليل من الوقت للنظر فيما يصوتون عليه، وعمّق اضمحلال الثقة في العملية السياسية.
أثار أعضاء آيفكس مخاوف بشأن الدستور الجديد، لا سيما السلطات الموسعة التي يمنحها لسعيد على السلطتين التشريعية والقضائية والتي من المحتمل أن يكون لها تأثير حاسم على حرية التعبير وعمل الصحفيين في البلاد.
قالت أرتكل 19 إن العديد من البنود في مسودة الدستور تضعف الضوابط والتوازنات، وتقوض استقلال القضاء، ولا تفي بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان؛ بحسب المجموعة الحقوقية، فإن مسودة الدستور تقريبا ألغت جميع أحكام دستور 2014 ، التي كانت تهدف إلى ضمان استقلال القضاء، مما أدى إلى إلغاء أحد الإنجازات البارزة التي أعقبت الثورة التونسية.
حذرت مراسلون بلا حدود من أن التعديلات المقترحة على الدستور، وإعادة صياغة مواد محددة، تشكل تهديدًا كبيرًا للتقدم المحرز فيما يتعلق بحرية الصحافة خلال العقد الماضي. كررت المجموعة الحقوقية دعوتها لضمانات واضحة للحريات الأساسية، بما فيها حرية الصحافة، “دون الاضطرار إلى الاعتماد على حسن نية الرئيس”.
مصر: الإفراج عن المزيد من السجناء، ومزاعم تعذيب، و#فين_علاء؟
أنباء طيبة شهدها شهر يوليو/ تموز تلخصت بالإفراج عن عشراتٍ من سجناء الرأي في مصر، جميعهم مكثوا محتجزين على ذمة المحاكمة منذ أكثر من أربع سنواتٍ ونصف؛ من الإفراجات البارزة كان عبد الناصر سلامة، وهو رئيس التحرير السابق لجريدة الأهرام اليومية ومحامي حقوق الإنسان، عمرو إمام، ومحمد رمضان.
[ترجمة: تحدثت للتو مع صديقي العزيز المحامي عمرو إمام، صوته وضحكته أقوى من أي وقت مضى! [قلب]
يسعدني سماع صوته الحر ولكنني لا زلت حزينةً لأنني أعرف أن هناك آلافًا من المعتقلين الحقوقيين الآخرين ما زالوا قابعين في زنازين السجن المظلمة. تحتاج #مصر إلى [الإفراج عنهم جميعا] #FreeThemAll]
جاءت الإفراجات في شهر شهد لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي بالرئيس الأمريكي، بايدن في جدة، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون في باريس، كما شهد الشهر إطلاق الحكومة المصرية لسلسلة من “الحوارات الوطنية” مع مجموعات سياسية معارضة مختارة، وصفها بعض النقاد بأنها حيلة دعائية.
بالرغم من الإفراجات، لا يزال عدد سجناء الرأي في مصر، البالغ عددهم 60 ألفًا، يواجهون ظروفًا قاسية خلف القضبان، بدون استثناء هذا الشهر. ف روى الناشط السياسي، أحمد دومة ، في رسالة مسربة من زنزانته بتاريخ 19 يوليو/ تموز، انتهاكات عديدة تعرض لها هو والباحث أحمد سمير سنطاوي في سجن طرة.
اتهم دومة سلطات السجن بتعذيبه، والاعتداء عليه جسديا، وسبه لفظيا، بعد مشاجرات مع إدارة السجن بسبب إهمالهم الطبي لسنطاوي، الذي ظهرت عليه أعراض كوفيد-19 شديدة. دعت جماعات حقوقية إلى إجراء تحقيق فوري، محذرة من أن استمرار إفلات الجناة من العقاب لن يؤدي إلا إلى طغيانهم و”سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع المتردية والمتدهورة بالفعل في السجون المصرية”.
#فين_علاء: ناشط بارز معتقل بمعزل عن العالم الخارجي
أثارت عائلة الكاتب المعتقل، علاء عبد الفتاح، الذي تجاوز إضرابه عن الطعام 117 يومًا، القلق بشأن حالة الناشط البارز بعد أن فقدت كل سبل التواصل معه منذ منتصف يوليو/ تموز. أبلغت سلطات السجن أفراد الأسرة أن عبد الفتاح يرفض تلقي زيارات من والدته، ولم تقدم أي دليل على هذا الادعاء.
طالبت أسرة الناشط المصري البريطاني من سلطات السجن بتقديم دليل بكونه على قيد الحياة، كما اتهمت الأسرة وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تروس بتجاهل قضيته في خضم محاولتها لقيادة حزب المحافظين.
“في أم دلوقت، اسمها ليلى سويف، قاعدة على باب سجن وادي النطرون، مستنية ورقة بخط إيد ابنها، تفهمها إنه عايش، وتفهمها إيه اللي بحصل دا…” أفادت شقيقته منى السويف في فيديو موبخة فيه كلا الحكومتين المصرية والبريطانية، محملة إياهما مسؤولية سلامة وحياة شقيقها علاء.
باختصار
إيران: تم اعتقال صانعي الأفلام الإيرانيين، محمد رسولوفف، ومصطفى الأحمد، وجعفر بناهي، بعد دعمهم للاحتجاجات المناهضة للحكومة التي أعقبت انهيار مبنى من 10 طوابق أودى بحياة 40 شخصًا في مدينة عبادان في مايو الماضي.
تم اعتقال رسولوف والأحمد بعد توجيه دعوة للحكومة إلى وقف استخدامها للعنف ضد المتظاهرين، أعتُقِل بناهي في أعقاب زيارته لسجن إيفين للاستعلام عن احتجاز رسولوف؛ بعد ذلك، صدر أمر بإنهاء عقوبة بالسجن لمدة ست سنوات صدرت بحقه منذ عام 2010 ، قضى منها شهرين قبل أن يطلق سراحه بشكل مشروط.
كما تم اعتقال السياسي الإصلاحي البارز، مصطفى تاج زاده، حيث اتُهم “بنشر معلومات كاذبة تهدف إلى الإضرار بالرأي العام” بسبب دعمه الاحتجاجات. قالت تارا سبهري فر، باحثة أولى في الشؤون الإيرانية في هيومن رايتس ووتش: “لا يوجد سبب للاعتقاد بأن هذه الاعتقالات الأخيرة ليست سوى خطوات ساخرة لردع الغضب الشعبي من إخفاقات الحكومة الواسعة النطاق”.
أدانت “پين أمريكا” اعتقالات صانعي الأفلام ووصفتها بأنها “انتهاكاً صارخاً لحقهم الإنساني في حرية التعبير”، في حين اختار مهرجان البندقية السينمائي أربعة أفلام إيرانية في تشكيلته الرسمية لعام 2022، بما فيها أحدث أفلام بناهي، “نو بيرز”.
الإمارات العربية المتحدة: في الذكرى العاشرة لصدور الأحكام في المحاكمة الجماعية للمدافعين البارزين عن حقوق الإنسان، والمحامين، والقضاة، والأكاديميين، والطلاب – المعروفين باسم “الإمارات 94” – انضمت شبكة آيفكس إلى الجماعات الحقوقية في الدعوة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنهم؛ لا يزال العديد من المدانين، المقرر إطلاق سراحهم هذا العام/ رهن الاحتجاز بعد انتهاء عقوبتهم البالغة عشر سنوات في انتهاك صارخ لحقوقهم المدنية والإنسانية.
جدير بالملاحظة أيضًا
نظمت مجموعات حقوق المرأة في المنطقة احتجاجات وإضرابًا نسائيًا للمطالبة بعمل سياسي ضد سلسلة جرائم قتل النساء التي ارتكبت مؤخرًا في أماكن عامة والتي أثارت موجة من الغضب. وفقًا لمركز الخليج لحقوق الإنسان (GCHR)، أدى عدم وجود مساءلة حقيقية عن جرائم القتل المرتكبة داخل المنزل إلى عدم خوف الجناة من قتل النساء في وضح النهار.
في العراق، من شأن مشروع قانون الجرائم الإلكترونية الذي أعيد تقديمه أن يمنح السلطات الحق في مراقبة، ومقاضاة المواطنين بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وقمع حرية التعبير، وفقًا لتقارير تبادل وسائل التواصل الاجتماعي (SMEX).
أخيرًا، يشرح نديم الناشف، مؤسس المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) كيف يمنح قانون فيسبوك الإسرائيلي الصارم الحكومة الإسرائيلية سلطة مراقبة المحتوى عبر الإنترنت، مما يزيد من انتهاك حقوق الفلسطينيين في انتقاد جرائم إسرائيل.