بعد عقد من حكم السيسي الاستبدادي، أصبحت مطالب المحتجين "بالخبز، والحرية، والعدالة الاجتماعية" بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى.
نشر أولًا على مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
بعد ثلاثة عشر عامًا من اندلاع الثورة المصرية، حينما خرج الشعب المصري بشجاعة إلى الشوارع وأجبر الرئيس المستبد حسني مبارك على التنحي بعد نحو ثلاثة عقود من الحكم. نعبر نحن المنظمات الموقعة على هذا البيان عن تضامننا الدائم مع مطالب الشعب المصري والتي لم يُستجب لها حتى الآن من «الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية». وفي ظل استمرار القمع السياسي وتعمق الأزمة الاقتصادية، ندعو حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي لاحترام التزاماتها في إطار القانون الدولي واتخاذ إجراءات فورية لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في البلاد، بما في ذلك إطلاق سراح عشرات الآلاف من المحتجزين تعسفيًا، ووقف ممارسات الإخفاء القسري، والقتل خارج إطار القانون، والتوقف عن الهجمات ضد وسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني والمحتجين السلميين.
في سبيل التصدي للأزمة الاقتصادية المتصاعدة، نحث حكومة السيسي على الالتزام بدعم وتضمين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للجميع من خلال برامج الحماية الاجتماعية الشاملة والاستثمار في الرعاية الصحية والتعليم على النحو الذي يقتضيه الدستور المصري. كما نحث الحكومة على اتباع سياسات تحمي المجتمعات المهمشة، وتدعم سيادة القانون، وتصد الهجمات على استقلال القضاء ومؤسسات مكافحة الفساد.
في 11 فبراير 2011، وبعد ثمانية عشر يومًا من الاحتجاجات واسعة النطاق والمظاهرات المطالبة بالديمقراطية، تنحي مبارك مُنهيًا حكمه الاستبدادي الذي امتد لعقود. لقد استقبل المحتجون الذين خرجوا في تظاهرات عارمة، ردًا على تفشي الفساد وسوء الحكم والقمع المؤسسي، هذا الإعلان بالاحتفال؛ آملين أن تشكل استقالة مبارك الخطوة الأولى نحو تأسيس دولة ديمقراطية. في المقابل، وعلى مدار السنوات اللاحقة للثورة عمت حالة من الفوضى البلاد، حكم خلالها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ثم الرئيس محمد مرسي في أول انتخابات حرة ونزيهة في تاريخ مصر. في النهاية أُطيح بمرسي في انقلاب عسكري عام 2013، أتاح للسيسي الصعود إلى السلطة.
وبعد مرور عقد من حكم السيسي الاستبدادي، تظل هتافات المحتجين لـ«الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية» في ثورة يناير أكثر تعبيرًا عن الوضع الذي تمر به البلاد الآن من أي وقت مضى. إذ قاد السيسي حملة قمع لا مثيل لها على الحريات المدنية، وهمش دور القانون وسحق المعارضة السياسية. وقد سجلت منظمات حقوق الإنسان زيادات في عدد حالات الاعتقالات التعسفية والأحكام بالإعدام، والتعذيب الذي انتشر بشكل واسع بما يشكل جريمة ضد الإنسانية، بالإضافة إلى ممارسات روتينية للإخفاء القسري والحبس الاحتياطي غير محدد المدة. كما عمد السيسي لتوسيع سيطرته على السلطة القضائية والمؤسسات الحكومية، ولا يزال يستهدف ويضطهد ويراقب المجتمع المدني والخصوم السياسيين ومنظمات الإعلام المستقلة. ومؤخرًا، تصاعد شعورنا بالقلق العميق إزاء تقارير عن ظروف مروعة ووفيات بسبب الإهمال الطبي والانتحار داخل سجن بدر، والحظر لمدة ستة أشهر الذي فُرض مؤخرًا على موقع مدى مصر، وسلسلة الانتهاكات التي حدثت في الانتخابات الرئاسية غير الحرة وغير العادلة في مصر.
كذلك فشلت حكومة السيسي في حماية حقوق المصريين الاقتصادية والاجتماعية. فمؤخرا، أصبح ملايين المصريين يعانون لتلبية احتياجاتهم الأساسية أو تحمل تكاليف السلع الأساسية؛ بسبب تصاعد نسب التضخم، ويبدو الأفق الاقتصادي المصري لعام 2024 على الدرجة نفسها من القتامة.
نحث السلطات المصرية على اتخاذ خطوات فورية لتلبية احتياجات واحترام حقوق المصريين من خلال إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، ووقف ممارسات التعذيب وسوء معاملة المعتقلين، وحماية المجال العام. ونؤكد أنه بدون ذلك لا يمكن تحقيق مطالب «الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية».
بعد إسقاط مبارك آمل المصريون في مستقبل أفضل، ولكن واقع الأمر، بالنسبة للكثير من المصريين الذين يعيشون تحت نظام السيسي، يبدو أسوأ بكثير؛ إذ تتفاقم فيه الآلام التي كانوا يعانونها في عهد مبارك.