وسط حملة مستمرة من الاضطهاد والانتهاكات المتزايدة، يتم استهداف نشطاء “مجتمع الميم” التونسيين من قبل قوات الأمن أثناء الاحتجاجات، في نفس الوقت الذي يواجهون فيه مضايقات عبر الإنترنت في انتهاكٍ لحقهم في الخصوصية وحرية التعبير.
تم نشر هذا التقرير أولاً على موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 23 شباط 2021
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن قوات الأمن التونسية استهدفت المتظاهرين بشكل متكرر، بمن فيهم نشطاء المثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، ومتغيري/ات النوع الاجتماعي، وحاملي/ات صفات الجنسين (مجتمع الميم) في الاحتجاجات. شمل الاستهداف اعتقالات تعسفية، واعتداءات جسدية، وتهديد بالاغتصاب والقتل، ومنع الاتصال بمحام.
وثّقت هيومن رايتس ووتش حالات خصت فيها الشرطة نشطاء مجتمع الميم بسوء المعاملة في المظاهرات. في الوقت نفسه، أساءت منشورات وسائل التواصل الاجتماعي إلى نشطاء مجتمع الميم، وكشفت معلوماتهم الشخصية، بما فيها عناوين المنازل وأرقام الهواتف، وتوجهاتهم الجنسية. شوّه أشخاص أيضا سمعتهم عبر الإنترنت بسبب توجهاتهم الجنسية أو هويتهم الجندرية ونشروا صورهم مرفقة برسائل تحرّض على العنف ضدهم.
قالت رشا يونس، باحثة حقوق مجتمع الميم في هيومن رايتس ووتش: “نشطاء مجتمع الميم المستمرون في الاحتجاج مرعوبون من أن تستهدفهم قوات الأمن في الاحتجاجات، وتعتقلهم، وتضايقهم دون عقاب. هذه القوات ملزمة بحماية الحق في الاحتجاج السلمي، وليس مضايقة النشطاء الذين ساهمت مشاركاتهم الجريئة في تعزيز سمعة تونس كرائدة إقليمية في حقوق الإنسان”.
تم تقديم الروايات الأخيرة عن الانتهاكات على خلفية تزايد اضطهاد أفراد مجتمع الميم خلال تفشي فيروس “كورونا” في تونس، حيث يتم تجريم المثلية الجنسية، بالإضافة إلى القمع المكثف للتنظيم ضمن مجتمع الميم في السنوات الأخيرة.
اندلعت الاحتجاجات، التي بدأت في مناطق عدة في 15 جانفي/يناير 2021 وكانت سلمية إلى حد كبير في أوقات النهار، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، وفاقمها الوباء، وغذّاها استخدام الشرطة للقوة المفرطة ردا على ذلك، ما أدى إلى وفاة رجل ووقوع العديد من الإصابات.
قالت إنصاف بوحفص، منسقة برنامج مجتمع الميم في “محامون بلا حدود“، لـ هيومن رايتس ووتش إن المنظمة وثّقت أكثر من 1,600 حالة اعتقال، حوالي 30% منهم أطفال، خلال الاحتجاجات. في تقرير راجعته هيومن رايتس ووتش، وثقت المنظمة الظروف غير الصحية والاكتظاظ في مركز احتجاز بوشوشة في تونس، في انتهاك للشروط الرسمية الخاصة بالصحة والتباعد الاجتماعي لمكافحة انتشار فيروس كورونا، وكذلك المبادئ التوجيهية العالمية. يقول التقرير إن الأطفال احتُجزوا مع البالغين، وهو ما يحظره القانون الدولي. ما يزال العديد محتجزين في ظروف تشوبها انتهاكات، ويتعرضون للعنف الجسدي من قبل سلطات السجن.
قابلت هيومن رايتس ووتش عشرة نشطاء حقوقيين من مجتمع الميم قالوا إنهم تعرضوا للانتهاكات من قبل السلطات في حوادث مختلفة، وخمسة محامين مثّلوا بعض الضحايا في هذه القضايا، وناشطا قال إنه فر من البلاد هربا من اضطهاد الشرطة. كما راجعت هيومن رايتس ووتش لقطات على الإنترنت لما يبدو أنه عنف من جانب الشرطة، إضافة لتصريحات لأفراد ومنظمات غير حكومية ومواد مصورة قدمها الضحايا لتوثيق حوادث العنف والمضايقات على الإنترنت.
تستخدم الشرطة هتافات معادية للمثليين في الاحتجاجات ضدنا، وتصفنا بـ”المخنثين” و”قوم لوط” الذين يستحقون القتل. ويحاولون استخدام هوياتنا لتشويه سمعة حركة الاحتجاج [العامة]، لكننا نحن الحركة، ومطالبنا متقاطعة
أرسلت هيومن رايتس ووتش ودمج رسالة إلى المقررين الخاصين للأمم المتحدة المعنيين بالحق في حرية التجمع السلمي، وتكوين الجمعيات، وحرية التعبير، والخصوصية، بشأن وضع المدافعين عن حقوق الإنسان، وكذلك الخبير المستقل للأمم المتحدة المعني بالحماية من العنف والتمييز على أساس الميل الجنسي والهوية الجنسانية )الجندرية(، والدول الأعضاء في “الاتحاد الأوروبي”.
حثت المنظمتان المسؤولين على الضغط على الحكومة التونسية لمحاسبة قواتها الأمنية على انتهاكات القانون الدولي وضمان امتناع السلطات عن استخدام أسس غير مبررة، مثل ادعاءات “أخلاقية” غامضة، لتقييد الحريات الأساسية للأقليات الجنسية والجندرية، وتقويض الحق في حرية التجمع، وتكوين الجمعيات، والتعبير.
يوفر إنفاذ الحق في الخصوصية، المحمي بموجب الدستور التونسي، ضمانة ضد التمييز على الإنترنت، لا سيما نشر معلومات عن التوجهات الجنسية المفترضة للأشخاص من مجتمع الميم. قالت هيومن رايتس ووتش إن تجريم المثلية الجنسية، بموجب الفصل 230 من “المجلة الجزائية“، يعرّض الأشخاص من مجتمع الميم في تونس بشكل خاص لمثل هذا التمييز، الذي قد تؤدي عواقبه إلى النبذ، والطرد من السكن، والفصل من الوظائف.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات التونسية التحقيق في مزاعم عنف الشرطة ضد النشطاء، والإفراج الفوري عن جميع المتظاهرين وإسقاط التهم الموجهة ضدهم بسبب تجمعهم السلمي، أو توجههم الجنسي، أو هويتهم الجندرية. على السلطات اتخاذ التدابير المناسبة لمنع الخطاب الذي يحرض على العنف والمعاقبة عليه.
قالت يونس: “على السلطات التونسية أن تعلم بأن قمع الشرطة لن يسكت النشطاء الذين لديهم الحق في الاحتجاج السلمي والتنظيم دون ترهيب ودون تدخل رسمي. على مسؤولي الأمم المتحدة وحلفاء تونس الضغط على الحكومة التونسية لوقف هذه الانتهاكات فورا ومحاسبة قوات الأمن”.
مضايقات على الإنترنت، واعتقالات تعسفية، وسوء معاملة أثناء الاحتجاز لدى الشرطة
أحمد التونسي (38 عاما)
قال التونسي، وهو رجل ترانس )عابر النوع الاجتماعي( وناشط في حقوق مجتمع الميم، إنه كان يغادر مقابلة إعلامية في الباساج وسط تونس العاصمة، في 9 فيفري/فبراير، عندما أجبره أعوان الشرطة على ركوب سيارتهم وهاجموه. قال الأعوان للتونسي إنهم رأوه في الاحتجاجات، وشرعوا في ضربه “من كل جهة”، على حد قوله. عندما رأوا عدم التوافق بين بطاقة هويته وتعبيره الجندري، شتمه أعوان وسخروا من مظهره.
ثم أخذوه إلى مركز شرطة باب السويقة ودعوا رجال شرطة آخرين لمهاجمته. قال إن الشرطة قالوا: “اتفضلوا تعرفوا على الشاذ اللي يدافع عن قوم لوط “. قال: “بدأوا يعنفوني ويضربوني، دفعوني على الأرض، وركلوني”. ثم طردت الشرطة التونسي خارج المخفر، وقال: “قدرت أهرب منهم. كنت في حالة رعب”.
شاهين (23 عاما)
“سنبقيك هنا عشر سنوات، وسيكون تعذيبك مهمتنا”. قال شاهين إن مدير سجن مرناق قال….
في 8 فيفري/فبراير الساعة 12:30 ظهرا، اعتقلت الشرطة شاهين، وهو ناشط كويري، في شارع الحبيب بورقيبة، واقتادته إلى مكان لم يُكشف عنه، بحسب محاميه. قال ممثلون قانونيون من “الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان” إنهم اتصلوا بأربعة مراكز احتجاز على الأقل، بالإضافة إلى وزارة الداخلية، للاستعلام عن اعتقال شاهين، لكن المراكز جميعها نفت أنه كان في حوزة الشرطة.
قالت جمعية دمج التي وثقت قضية شاهين إن الشرطة حرمته من الاتصال بمحام. قال محاميه إنه احتجز احتياطيا 24 ساعة في مركز شرطة بوشوشة، ثم نُقل إلى سجن مرناق، شمال شرق تونس العاصمة، حيث احتجز عشرة أيام في زنزانة مكتظة.
قال محامي شاهين إن رجل أمن في سجن مرناق ضرب الأخير بشكل متكرر على وجهه وقال له: “سنبقيك هنا عشر سنوات، وسيكون تعذيبك مهمتنا”. قال شاهين إن مدير سجن مرناق قال: “هؤلاء الشواذ ملأوا السجون. يعتقدون أن أصبح لديهم الآن صوت”.
قالت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ودمج، والمحامي إن الشرطة استجوبت شاهين دون حضور محام، وإنه في غضون 24 ساعة من اعتقاله، أمر وكيل الجمهورية، بناء على محضر الشرطة، باحتجازه بتهمة “الاعتداء على موظف عام” أثناء أدائه لواجبه، التي يعاقب عليها بالسجن حتى عشر سنوات. في 17 فيفري/فبراير، أصدرت المحكمة الابتدائية في تونس حكما بالسجن خمسة أشهر مع وقف التنفيذ في قضية شاهين. يخطط المحامون للاستئناف.
“دامينو” (29 عاما)
قال/ت دامينو، ناشط/ة كويري/ة بيني/ة الهوية الجنسية، إنه في 26 جانفي/يناير 2021، كان/ت في مظاهرة سلمية في أحد شوارع باردو، قرب البرلمان التونسي، حامل/ة لافتة كتب عليها: “فاسدة المنظومة من الحاكم إلى الحكومة”. يُظهر مقطع فيديو على “فيسبوك” أشخاصا يبدو أنهم أعوان شرطة في ثياب مدنية يبعدون دامينو بالقوة من الاحتجاج.
قال/ت دامينو إن الشرطة اتهمته/ا بـ “إهانة عون شرطة”، واقتادته إلى المتاريس بالقرب من مركز للشرطة، وضايقته/ا بسبب هويته/ا البينية، وقالوا: “سنتصرف فيك كما نريد”. قال/ت دامينو إن أحد الأعوان قال لزميله: “حاول ألا تترك أثرا عندما تضربها”.
قال لـ هيومن رايتس ووتش: “شعرت بالرعب لأنني أدركت أنهم مجرد عصابة من الرجال يمكنهم الاعتداء عليّ جسديا وجنسيا دون عقاب”.
قال/ت دامينو إنه منذ ذلك الحين كان أعوان الشرطة نفسهم يتتبعونه/ا في الاحتجاجات وبالقرب من مكان إقامته/ا. قال له أحدهم: “إذا تظاهرت مرة أخرى، سنجدك ونفعل بك ما هددنا به”.
“سنتصرف فيك كما نريد”. قال/ت دامينو إن أحد الأعوان قال لزميله: “حاول ألا تترك أثرا عندما تضربها”.
حمزة نصري )28 عاما(
في 18 جانفي/يناير الساعة 3 بعد الظهر، اعتقل أعوان من “الأمن الوطني” نصري، وهو ناشط في مجال حقوق مجتمع الميم وعضو في دمج، خلال تظاهرة سلمية بتهمتَيْ “هضم جانب موظف عمومي” و”ارتكاب فعل مخلّ بالآداب العامة علنا”، اللتين يعاقَب عليها بالسجن حتى ستة أشهر، لأنه رفع إصبعه الوسطى بوجه عناصر الشرطة خلال التظاهرة. قال نصري إنّه أمضى ثلاثة أيام في مركز احتجاز بوشوشة، ثم أُفرج عنه مؤقتا بانتظار المحاكمة التي لم يُحدّد موعدها بعد.
مكرم جمام ) 24 عاما(
في 23 جانفي/يناير، الساعة 4:30 بعد الظهر، كان جمام ونشطاء آخرون، بمَن فيهم العيادي، يغادرون اجتماعا حين هاجمهم أعوان الأمن من الخلف، وضربوهم، وأرغموهم على الصعود إلى مركبة للشرطة، على حدّ قول جمام.
اقتاد الأعوان جمام والعيادي إلى مركز الشرطة السابع في العاصمة تونس، حيث، وفق جمام، أصروا على تفتيش هاتفَيهما واعتدوا عليهما لفظيا عندما رفضا، بما في ذلك مناداتهما بـ “شواذ” ومضايقتهما بناءً على توجههما الجنسي المُفترض. قال جمام إنّ الأعوان صوّروهما من دون موافقتهما، ثمّ أفرجوا عنهما من دون تهمة.
في 30 جانفي/يناير، الساعة 2 بعد الظهر، بعد مشادة كلامية بين المتظاهرين وقوات الأمن، قال جمام إنّ صورته ومعلومات الاتصال به نُشرت على الإنترنت. أضاف أنّه ألغى حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي فورا وهرب من تونس، خوفا من استهداف قوات الأمن له وإيذائه. قال لـ هيومن رايتس ووتش إنّه في 2018، احتُجز بتهمة “اللواط” بموجب الفصل 230 وسُجن ثلاثة أشهر.
مريم )25 عاما(
قالت “مريم” (لم يُستعمل اسمها الحقيقي لحمايتها)، والتي كانت ناشطة في المظاهرات، إنّ أربعة أعوان شرطة اعتقلوها في الشارع في 1 فيفري/فبراير، وكان اثنان منهما يرتديان ملابس مدنية:
زجّوني في سيارة الشرطة، واقتادوني إلى شارع مهجور، وراحوا يضربونني. لكموني على عيني، وصفعوني، وركلوني. أخذوا هاتفي وبعثوا رسائل مهينة إلى أصدقائي وأسرتي. ثمّ دفعوني إلى الشارع.
الت مريم إنّ معلوماتها الخاصة نُشرت على فيسبوك، بما في ذلك عنوان سكنها ورقم هاتفها. تلقّت عشرات الاتصالات والرسائل الصوتية التي راجعتها هيومن رايتس ووتش وشملت تهديدات بالاغتصاب والقتل، ونعتها بالـ “عاهرة” التي “تستحقّ أن تتعرّض للاغتصاب الجماعي”.
في 4 فيفري/فبراير، اعتقلها عناصر الشرطة وأخذوها إلى مركز بوشوشة، حيث أمضت الليلة. اتهموها بـ “هضم جانب موظف عمومي” بسبب رفع إصبعها الوسطى خلال مظاهرة.
في مركز الشرطة، جرّدتها شرطيّة من ملابسها وفتّشتها، ثمّ أمرتها بـ “فتح رجلَيْها” كي “تستطيع النظر داخل مهبلها”. قالت مريم: “حين رفضت، شدّت شعري وضربت رأسي مرارا بالحائط، ثمّ صفعتني وشتمتني”.
قالت: “أتعرّض للمضايقة في العمل، ويريدني المالك أن أترك المنزل. يرعبني الخروج إلى الشارع وحدي”.
أُفرج عنها مؤقتا في 5 فيفري/فبراير، بانتظار المحاكمة.
رانيا العمدوني )26 عاما(
قالت العمدوني، وهي ناشطة نسوية كويرية، إنّها تعرّضت للمضايقة على الإنترنت، والتنمّر، والتحريض على العنف ضدّها، بما في ذلك تهديدات بالقتل والاغتصاب. رأت هيومن رايتس ووتش العديد من المنشورات، وبعضها أُرفق بصورها، ومعلومات شخصية، وتفاصيل الاتصال بها. قالت إنّ حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي خُرقت مرّات عديدة.
منذ جانفي/يناير، تلقّت العمدوني مئات الرسائل على فيسبوك، التي راجعت هيومن رايتس ووتش بعضها، وشملت تهديدات لها بسبب نشاطها في مجال حقوق مجتمع الميم والتعبير الجندري. قال رجل في رسالة لعمدوني: ” باش نلاقوك بالمضاهرة ونرعبوك”.
قالت العمدوني:
حياتي مهدّدة. لا أشعر بالأمان، حتى في شقّتي. بحثت عنّي الشرطة في حيّي. سلامتي الجسدية معرّضة للتهديد، وصحتي النفسية تتدهور. يحدّق الناس بي في الشارع ويضايقونني على الإنترنت.
في 11 جانفي/يناير، بحثت الشرطة عن عمدوني في مكان سكنها، ما دفعها إلى مغادرة حيّها والاختباء، وفق قولها. كما أنّها ألغت حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي منذئذ.
في 30 جانفي/يناير، خلال تظاهرة سلمية، ضربها عناصر الشرطة على صدرها، ونعتوها بـ “الشاذة” التي “تدافع عن اللواط”، وفق قولها. أضافت أنّ الشرطة أطلقت لاحقا الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، بمَن فيهم هي، وضربتهم بالعصي.
في 6 فيفري/فبراير، قالت العمدوني إنّ مجموعة من الرجال هاجموها بعد أن رفعت علم قوس قزح خلال تظاهرة سلمية في العاصمة تونس. قالت إنّ أعوان الشرطة شاهدوا الهجوم وسخروا منها، لكنّهم لم يتدخّلوا.
“تيريزا”)21 عاما(
في 2 فيفري/فبراير، الساعة 12 بعد الظهر، قالت تيريزا، وهي امرأة ترانس، إنّ عناصر الشرطة ضربوها وسخروا منها خلال تظاهرة من تنظيم الشرطة في العاصمة تونس، بسبب تعبيرها الجندري. قال نشطاء إنّ أعوان قوات الأمن نظّموا تظاهرات عديدة للمطالبة بـ “إنهاء عنف المتظاهرين ضدّهم وحماية كرامتهم”. راجعت هيومن رايتس ووتش مقطع فيديو يظهر لحظة هجوم العناصر على تيريزا ودفعها أرضا.
قالت:
ما كنت بعلم انو هي مسيرة تابعة للشرطة. قال لي واحد عنصر: “انت مش تبعنا، واحد شاذ بو بلّوطة قذر. انت وكل قوم لوط أمثالك السبب ان الله ما يكرمنا بالشتاء!” انضموا زملاؤه وبدأوا يضربوني في راسي، رموني على الأرض، وداسوا على راسي، وهم يركلوني وأنا أترجى فيهم يوقفوا. هربت منهم، بس بنرعب أخرج من البيت.
قمع مكثّف للتنظيم ضمن مجتمع الميم
“هذه المرّة، التفتيش خفيف، لكن في المرّة المقبلة، سنحرق المنزل”. قال: “أُضطرّ إلى المبيت في أماكن مختلفة لأنّني لا أشعر بالأمان في أيّ مكان”.
قال العيادي إنّ عناصر يعتقد أنّهم من الشرطة اقتحموا منزله في وسط العاصمة في 22 ديسمبر/كانون الأول 2020 في غيابه، وعبثوا بملفاته وأجهزته التي يستخدمها في العمل. لم يأخذوا أيّ حاجيات قيّمة. راجعت هيومن رايتس ووتش صور الشقّة التي أظهرت بابا مخلوعا وملفّات مبعثرة.
في اليوم نفسه، انتشل عناصر الشرطة أحد موظّفي دمج من الشارع في ساحة برشلونة في العاصمة تونس وضربوه في سيارة الشرطة لإرغامه على إعطائهم معلومات عن نشاطات الجمعية، حسب قوله. بعد ثلاث ساعات من الاستجواب، قال إنّ عناصر الشرطة دفعوه خارج السيارة قرب محطة المترو الخفيف في باب عليوة.
قال موظّفون آخرون في الجمعية لـ هيومن رايتس ووتش إنّ عناصر الشرطة يضايقونهم ويخوّفونهم مرارا في الشوارع أو قرب مكاتب دمج، بما في ذلك استجوابهم حول نشاطات الجمعية.
روى بدر بعبو، مدير دمج، أنّ أشخاصا مجهولين سطوا على منزله في نهج الباشا في العاصمة تونس أربع مرّات منذ 2018، وسرقوا أجهزة إلكترونية، منها أجهزة الكمبيوتر الشخصية وتلك الخاصّة بالعمل. قال بعبو إنّ جيرانه أخبروه أنّ عناصر الشرطة كانوا يراقبون شقّته في مارس 2020 وسألوا المالك وبعض الجيران عن عمله وأماكن تواجده. أضاف أنّ العناصر قالوا للجيران: “هذه المرّة، التفتيش خفيف، لكن في المرّة المقبلة، سنحرق المنزل”. قال: “أُضطرّ إلى المبيت في أماكن مختلفة لأنّني لا أشعر بالأمان في أيّ مكان”.
قال بعبو إنّ مكاتب دمج تعرّضت للاقتحام مرّات عديدة، آخرها في ديسمبر 2019، حين جرى خلع المكتب في مدينة صفاقس وأُخذت الملفّات. يعتقد بعبو أنّ عناصر الشرطة على الأرجح كانوا مسؤولين عن الاقتحام لأنّهم كانوا قد هدّدوا بذلك.
انتهاكات متزايدة واضطهاد لأفراد مجتمع الميم
في 8 ديسمبر، اعتقلت الشرطة التونسية ناشطَيْن من مجتمع الميم خلال تظاهرة سلمية أمام البرلمان التونسي. اقتيدا إلى مركز شرطة باردو، ثمّ نُقلا إلى مركز احتجاز بوشوشة، حيث احتُجزا يومَيْن قبل الإفراج المشروط عنهما على ذمّة التحقيق. وجّه وكيل الجمهورية إليهما تهمة “تخريب الممتلكات” التي تصل عقوبتها إلى ثلاث سنوات في السجن، بعد أن “طرقا على الزجاج الأمامي” في محاولة لإيقاف نائب في البرلمان كان قد اقتحم حشدا من المتظاهرين السلميين، حسب قولهما.
في أكتوبر، هاجم عناصر الشرطة ثلاثة متظاهرين واعتقلوهم، بمَن فيهم نشطاء من مجتمع الميم، كانوا يتظاهرون سلميا ضدّ مشروع قانون يقيّد المحاسبة الجزائية على استعمال القوة المفرطة من قبل أعوان الأمن. اتُهم النشطاء بـ “التظاهر من دون إذن” و”انتهاك قانون الطوارئ”، وينتظرون محاكمتهم.
في أوت/أغسطس، اعتدى عناصر الشرطة الذين كانوا يحرسون السفارة الفرنسية في تونس العاصمة جسديا ولفظيا على نشطاء ترانس وحرّضوا المارّة على الهجوم عليهم/ن.
في جوان/يونيو، حكمت المحكمة الابتدائية في مدينة الكاف على رجلَيْن متّهمَيْن بـ “اللواط” بموجب الفصل 230 من المجلّة الجزائية بالسجن عامَيْن، وخُفّض الحكم إلى عام واحد بعد الاستئناف.
قال العيادي إنّ جمعية دمج قدّمت في 2020 المساعدة القانونية لأفراد مجتمع الميم في مراكز الشرطة في 116 قضية، واستجابت لـ 185 طلب استشارة قانونية. قال: “هذه الأرقام أعلى بخمس مرّات من تلك المسجّلة في 2019، ما يشير إلى ارتفاع مقلق في معدّل اضطهاد أفراد مجتمع الميم في ظلّ تفشي فيروس كورونا”.
قالت المجموعة إنّها، منذ اندلاع الثورة التونسية في 2011، سجّلت 1,458 إدانة تراوحت عقوبتها بين شهر وثلاثة أعوام في السجن، بموجب الفصل 230.
التزامات تونس القانونية
القمع المستمرّ ضد النشطاء في تونس ينتهك حقوقهم الأساسية، منها حقّهم في الخصوصية، والسلامة الجسدية، وحرية التنقّل والتعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمّع السلمي، بما في ذلك على الإنترنت، وحقّهم في عدم التمييز ضدّهم وفي الحماية بموجب القانون. تخالف الانتهاكات دستور تونس والمعاهدات الدولية التي هي طرف فيها.
يصون الفصل 37 من الدستور التونسي للعام 2014 الحقّ في “التظاهر والتجمّع السلميَين”، كما يحمي هذا الحقَّ “العهد الدولي الخاصّ بالحقوق المدنية والسياسية“، و”الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب“، و”الميثاق العربي لحقوق الإنسان“، وتونس دولة طرف في هذه المعاهدات.
يتيح الدستور حضور محامٍ خلال الاستجوابات ويستلزم مثول المعتقلين أمام النائب العام في غضون 48 ساعة وإطلاعهم فورا على سبب اعتقالهم، والسماح لهم بالاتصال بمحامٍ وفرد من أسرتهم. يحظر الدستور أيضا “التعذيب المعنوي والمادي”.
يعكس دستور تونس للعام 2014 أيضا الحقّ في الخصوصية وعدم التمييز، إذ يلزم الفصل 24 الحكومة على حماية حقوق الخصوصية وعدم انتهاك حرمة المسكن. ينصّ الفصل 21 على أنّ “المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز”.
تدعو “اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب” صراحة الدول الأعضاء، بما فيها تونس، إلى حماية الأقليات الجنسية والجندرية، بما يتوافق مع الميثاق الأفريقي.