أيار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: موجز لأهم أخبار حرية التعبير، كتبه محرر آيفكس الإقليمي نسيم الطراونة، بناءً على تقارير أعضاء آيفكس والأخبار من المنطقة.
تمت الترجمة من مقال أصلي باللغة الانجليزية
لا يزال عصر الإغلاق الوبائي يوفر دافعاً للدول الاستبدادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتقييد حرية التعبير واسكات المعارضة العامة. من تزايد عدد منتقدي مصر في السجون المكتظة إلى الحيز المدني الذي يتقلص بسرعة في الجزائر وعودة المتظاهرين اللبنانيين إلى الشوارع، أكد الوباء مدى تعرض أصوات المعارضة للتهديد عبر المنطقة.
حالة طوارئ دائمة في مصر
مع استمرار ارتفاع الحالات في مصر، استخدم الرئيس السيسي الوباء لتضييق الخناق على حرية التعبير. وشمل ذلك المصادقة على التعديلات المثيرة للجدل لقانون الطوارئ، والتي تقول جماعات حقوقية إنها ستزيد من تقويض استقلال القضاء، وتمنح الرئيس والقوات المسلحة سلطات إضافية أثناء الوباء. في بلد كان في حالة الطوارئ منذ عقود، سيمنح القانون المعدل الأجهزة الأمنية المزيد من السلطات لاحتجاز المشتبه بهم والاستيلاء على الممتلكات دون مراجعة قضائية.
في هذه الأثناء، استمرت معاناة سجناء الرأي في مصر خلال كوفيد-19. ولا زالوا عالقين في الزنازين المزدحمة بنظام السجون السيئ السمعة في البلاد، بعد أن لاقت الدعوات لإطلاق سراحهم آذاناً صماء. علاوة على ذلك، جددت المحاكم بالفعل الاحتجاز السابق للمحاكمة لمئات السجناء السياسيين دون حضورهم، في ما وصفه معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بـ“الحملة الأمنية التي تشنها السلطات المصرية” والتي تسعى إلى إضافة المزيد من سجناء الرأي إلى “سجونها المكتظة بالفعل بشكل خطير”.
قاد الفنان رامي عصام الدعوات لإجراء تحقيق في وفاة المخرج شادي حبش في السجن الشهر الماضي. وكان الفنان الشاب البالغ من العمر 24 عاماً قد أخرج فيديو كليب أغنية “بلحة” لعصام، حيث تسخر الأغنية من الرئيس السيسي. وأكد موت حبش الذي كان مسجون بدون محاكمة، إلى الحاجة الملحة إلى إطلاق سراح المحتجزين قبل المحاكمة، وسط أزمة الصحة العامة المتزايدة.
قدم عصام ومحامي حقوق الإنسان أندرا ماتي قضية حبش إلى مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفية، أغنيس كالامارد، وقاما بدعوتها إلى التوسط مع السلطات المصرية للتحقيق في الوفاة ومحاسبة الجناة.
ومن بين الأشخاص المسجونين لصلتهم باغنية “بلحة” أيضاً مصطفى جمال، مسؤول وسائل التواصل الاجتماعي الذي كان يدير صفحة الفنان على الفيسبوك في عام 2015 عندما تم نشر أغنية “بلحة”، وتم الإفراج عن جمال مؤخراً بعدما سلّطت جماعات حقوقية الضوء على قضيته.
وسط حملة القمع الكبيرة التي شملت المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، تم استهداف وسائل الإعلام المستقلة بشكل متزايد. واحتُجِزَت مديرة مدى مصر لينا عطا الله لفترة وجيزة بعد عملها مقابلة مع الناشطة ليلى سويف، والدة الناشط المسجون علاء عبد الفتاح، أمام سجن طره. كما اعتقلت السلطات الصحفيين المستقلين سامح حنين وشيما سامي، ونشرت وزارة الداخلية فيما بعد مقطع فيديو لحنين يُزعم أنه اعترف فيه بتلقي تمويل قطري لإنتاج مقاطع فيديو تنتقد الدولة المصرية. وساهمت سامي مؤخراً في موقع درب الإخباري المحظور، حيث انتقدت اعتقال الحكومة قبل المحاكمة للسجناء السياسيين، بما فيهم المدون علاء عبد الفتاح.
ترجمة التغريدة: حجبت الحكومة المصرية موقع “درب” بتاريخ 9 نيسان، بعد أقل من شهر من إطلاقه. وهو الموقع الثالث الذي يتولى الصحفي المصري خالد البلشي رئاسه تحريره ويتعرّض للحجب من قبل السلطات.
للبيان المشترك: https://wp.me/pbmsKw-yt
موت النقد الساخر وتطورات أخرى
خلال جميع مراحل الوباء، كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يستخدم عمليات الإغلاق بشكل متزايد كفرصة لقمع حركة حراك، وإبعاد المتظاهرين عن الشوارع من خلال حظر التجوال الممتد، وحجب المواقع الإخبارية، واعتقال الصحفيين الناقدين.
في ظل عدم وجود معارضة نشطة، قدم تبون مؤخراً مسودة دستور كان يُنظر إليها على أنها فشلت في تقديم التغييرات النظامية المطلوبة خلال الاحتجاجات التي استمرت لمدة عام في البلاد.
أشارت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى المفارقة في نصوص مشروع القانون الذي أعدته الحكومة حيث أنه يؤكد على النص الدستوري القائل “لا يعاقَب على أي جريمة صحفية بالسَّجن”، بينما يعزز في نفس الوقت البند الحالي الذي يُعرّف الحبس الاحتياطي بأنه “إجراء استثنائي”، بالإضافة إلى استمرارها سجن زعماء المعارضة والصحفيين المستقلين مثل خالد درارني.
تعرّض الصحفي والمحرر ومراسل منظمة مراسلون بلا حدود الذي غطى احتجاجات حركة حراك للاعتقال في شهر آذار، وسُجِن بتهمة “التحريض على المشاركة في تجمع عام” و”العمل ضد سلامة الأمة”. وتقوم الجماعات الحقوقية والمثقفون بلفت الانتباه بشكل متزايد إلى محنة دراريني، إلا أن احتجازه المستمر هو تذكير بأن السجون الجزائرية لا تزال موطناً للعديد من الصحفيين والنشطاء والمتظاهرين، بما فيهم ثلاثة نشطاء معارضة تلقوا أحكاماً قاسية بسبب منشوراتهم على فيسبوك.
ترجمة التغريدة: الجزائر: اعتقال مراسل مراسلون بلا حدود خالد دراريني في ظل أزمة جائحة كوفيد-19.
إن هذا العمل يسبب خطر جسدي بالإضافة إلى انتهاكه الحقوق الأساسية. ساعدوا خالد من خلال مشاركة هذه المعلومات على أوسع نطاق ممكن. الحرية لخالد: https://t.co/LnRpCurT6E
في الوقت الحالي، أدى الانحدار الحكومي الذي يجتاح المساحة المدنية المتقلصة في البلاد إلى بث الخوف والرقابة الذاتية في الساحة العامة. قد يكون أفضل مثال على هذا الواقع هو الإغلاق الأخير للمنشار، وهي الصحيفة الاخبارية الساخرة الوحيدة في الجزائر.
وأصدرت الصحيفة بيان جاء فيه: “لقد دفعنا مناخ قمع الحريات وسجن المواطنين بعد أنشطتهم على الشبكات الاجتماعية إلى التفكير في المخاطر التي نواجهها. عشنا لحظات من الخوف وقاومنا لمدة 5 سنوات محاولين المساهمة بطريقتنا الخاصة، عن طريق الهجاء، في الصعوبات التي يمر بها بلدنا ومواطنونا. لم نكن نعتقد أننا سنصل إلى هناك”.
مسألة غير مضحكة: الهجمات على وسائل الإعلام المستقلة في المنطقة
إن حالة حرية التعبير خلال الوباء لم تكن أفضل بكثير في تونس والمغرب المجاورتين، حيث كان للدعابة ثمناً أيضاً أثناء عمليات الإغلاق. ففي المغرب، ألقي القبض على شابة لنشرها مقطع فيديو على تيك توك مدته 15 ثانية قلّدت فيه شخصية أمنية محلية سيئة السمعة لطريقتها الفريدة في توبيخ المغاربة الذين لا يمتثلون للحجر الإلزامي.
في تونس، نشرت المدونة آمنة الشرقي على الفيسبوك نصاً قصيراً بعنوان “سورة كورونا” – نظرة ساخرة على الوباء، مكتوبة ومنسقة بطريقة سورة قرآنية. بعد ذلك بيومين، تم استجوابها من قبل فريق من المدعين العامين. وقال أحد أعضاء الفريق لها: “لا توجد حرية تعبير عندما يتعلق الأمر بالدين”. وتم اتهام الشرقي بـ “التحريض على الكراهية بين الأديان بوسائل عدائية أو عنف” وقد تقضي عقوبة بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
في خضم هذه البيئة القمعية الزاحفة، والتي تضمنت إزالة فيسبوك المفاجئة لعشرات الصفحات للمدونين والناشطين السياسيين التونسيين، واصل المجتمع المدني في البلاد الضغط ضد محاولات تقييد حرية التعبير. فقد أدانت المنظمات التونسية التحركات الأخيرة لتعديل الأحكام الدستورية التي تنشيء الهيئة المنظمة للإعلام المستقل في البلاد باعتبارها محاولة منسقة لحرمان الهيئة من استقلالها. وفقاً لجماعات حقوقية، فإن مبادرة حركة النهضة التي تقود هذه المبادرة: “تشكل حلقة جديدة في مسلسل طويل الأمد، تهدف إلى جعل المشهد الإعلامي أكثر فوضوية”.
يستمر استهداف الناشطات والصحفيات والسياسيات التونسيات من خلال هجمات قائمة على النوع الاجتماعي وحملات تضليل على الإنترنت. في شهر شباط، قالت وحدة الرصد بالنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بأن هناك انخفاض في الاعتداءات الجسدية ضد الصحفيين، لكنها قالت إن الهجمات على الإنترنت تتزايد بحقهم. وفي شهر آذار، حذرت النقابة من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي “كحقل لحملات التشهير والتحريض ضد الهويات الجنسية”.
في المغرب، تم اعتقال المحرر في صحيفة أخبار اليوم، سليمان الريسوني، ووجهت إليه تهمة “هتك العرض بالعنف والاحتجاز”. وذلك بعد أن اتهمه عضو من مجتمع الميم بالاعتداء عليه جنسياً في عام 2018. إن العلاقات الجنسية المثلية غير قانونية أيضاً في المغرب، وتصل أحكامها بالسجن لغاية ثلاث سنوات. ومع ذلك، يقول منتقدون وجماعات حقوقية في المنطقة إن الاتهامات مشكوك بها، ولفتوا الانتباه إلى الاستهداف المتعمد لصحيفة أخبار اليوم، بما في ذلك اعتقال وإدانة الصحفية هاجر الريسوني (وهي ابنة أخت سليمان) في عام 2019، والتي أدينت بتهمة ممارسة الجنس قبل الزواج والإجهاض.
#احتجاجات لبنان 2
في لبنان، عادت الاحتجاجات مع تفاقم المشاكل المالية التي سببها الوباء، وأجبرت الناس على التخلي عن المبادئ التوجيهية للتباعد الاجتماعي من أجل سعيهم للتغيير. ونظم المتظاهرون اعتصامات خارج منازل المسؤولين الحكوميين، في حين واجه النشطاء والصحفيون الاعتقالات والموت.
وفي الوقت نفسه، أنتجت منظمة هيومن رايتس ووتش سلسلة من القصص المقنعة من مجتمع المثليين وثنائي الجنس وثنائي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً والكوير وغيرهم الذي حشد بنشاط لحركة الاحتجاج الأكبر في البلاد للمطالبة بحقوقهم أيضاً.
بالمختصر
في المملكه العربيه السعودية:
في حملة القمع المستمرة على المعارضة، استهدفت الحكومة النساء بشكل خاص. ومؤخراً، اعتقلت الناشطة السعودية على الإنترنت أماني الزين، بعد حملة على مواقع التواصل الاجتماعي قام بها موالون ومؤيدون للحكومة بنشر تسجيل قديم لمحادثة فيديو بينها وبين الناشط المصري على الانترنت وائل غنيم. في الفيديو، وصفت الزين محمد بن سلمان باسم مستعار “أبو المنشار”، في إشارة إلى إصداره أوامر بمقتل الصحفي جمال خاشقجي. واشتملت حملة التشويه على الإنترنت من قبل مستخدمي تويتر المؤيدين للحكومة على توبيخ الزين لظهورها بسترة بدون أكمام، قائلين أن ملابسها كانت مكشوفة للغاية.
مع استهداف النساء بشكل متزايد عبر الإنترنت بسبب نشاطهن، ورد أن المعتقلات في المملكة العربية السعودية يواجهن تحرشاً جنسياً وتعذيباً وأشكالاً أخرى من سوء المعاملة التي لا يتم كبحها في بلد أصبحت فيه ثقافة الإفلات من العقاب سياسة بشكل سريع، وذلك وفقاً لمنظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين.
في غضون ذلك، أدرج مؤشر منظمة بن الأمريكية لحرية الكتابة، مؤخراً المملكة العربية السعودية كواحدة من أكبر سجاني الكتاب والمثقفين العامين في العالم. وبحسب المنظمة، فإن حوالي 60 بالمائة من المعتقلين محتجزون في ثلاث دول فقط: الصين وتركيا والمملكة العربية السعودية التي لديها 53 كاتباً ومثقفاً محتجزين بتهم سرية أو غير معروفة أو لم يتم الكشف عنها.
في اليمن:
لا تزال حياة أربعة صحفيين يمنيين في خطر تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقهم في شهر نيسان من قبل سلطات الحوثيين. لقد دعت أكثر من 150 منظمة من جميع أنحاء العالم إلى إطلاق سراحهم على الفور. وفي ضربة أخرى للصحافة في البلاد، اغتيل المصور الصحفي لوكالة فرانس برس نبيل القعيطي في سيارته، فيما اعتقلت قوات الأمن الصحفي البارز عبد الله عوض بكير في محافظة حضرموت.
ترجمة التغريدة: رفع صورة المصور الراحل والمساهم لدى وكالة فرانس برس نبيل حسن القعيطي، الذي توفي تاركاً وراءه أطفالاً صغاراً وأرملة حامل، وحشود غاضبة في جنازته رددوا شعارات تطالب بحرية التعبير في اليمن.
في إيران:
قامت الشرطة الإلكترونية بقمع النساء اللاتي يشاركن صورهن على منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل انستاغرام دون حجاب بتهمة “الترويج للفسوق“. وتركزت الاعتقالات على اللواتي أطلق عليهن المسؤولون اسم “مشاهير الإنستاغرام”. وقال الكولونيل رامين باشاي، نائب رئيس الشرطة الالكترونية، إن قانون جرائم الكمبيوتر الإيراني لن يميز ضد مستخدمي إنستغرام بناءً على عدد متابعيهم. فباعتبارها واحدة من الشبكات الاجتماعية المفتوحة القليلة المتبقية في البلاد، ازدادت شعبية الانستاغرام فقط خلال عمليات الإغلاق الأخيرة بسبب كوفيد-19.
في فلسطين:
وفقاً لتقرير جديد لمركز مدى يفحص تأثير جائحة كوفيد-19 على الصحافة الفلسطينية وصمودها في المستقبل، فإن التحديات المالية المتزايدة التي تواجهها وسائل الإعلام المستقلة خلال الأزمة قد تؤدي إلى اضطرار الكثير منها للإغلاق. كما سلط التقرير الضوء على احتمالية أن يسفر ذلك عن مشهد الإعلامي حيث “تحصر الساحة بصحافة اللون الواحد، وتحديداً وسائل الاعلام الرسمي والحزبي”.
أخيراً، أصدر مركز حملة كتيباً للحقوق الرقمية من اجل إعلام المستخدمين بحقوقهم الرقمية، ويقدم الكتيب نظرة ثاقبة حول كيفية حماية أمنهم الرقمي.