لم يُوجّه الحوثيون اتهامات للمحتجزين في الحالات التي وثقها مركز القاهرة وهيومن رايتس ووتش.
نشر أولًا على مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
قالت هيومن رايتس واتش ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان اليوم إن سلطات الحوثيين اعتقلت عشرات الأشخاص في الأسبوع الأخير من سبتمبر/أيلول 2024 بسبب احتفالهم السلمي أو منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي حول «ثورة 26 سبتمبر» في اليمن، وهي ذكرى تأسيس الجمهورية العربية اليمنية عام 1962. يعتقد الحوثيون، الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية صنعاء وجزء كبير من شمال اليمن، أنه ينبغي الاحتفال بدلًا من ذلك بيوم 21 سبتمبر/أيلول، وهو اليوم الذي سيطروا فيه على صنعاء.
لم يوجّه الحوثيون تهمًا إلى الكثير من المحتجين تستوجب الاحتجاز التعسفي. ينبغي على الحوثيين الإفراج فورًا عن جميع المحتجزين لمجرد ممارسة حقهم في حرية التجمع والتعبير، وكذلك عن جميع الذين ما زالوا رهن الاحتجاز التعسفي، بمن فيهم عشرات من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني في اليمن، الذين تم اعتقالهم وإخفائهم خلال الأشهر الأربعة الماضية.
تقول آمنة القلالي، مديرة البحوث بمركز القاهرة: «قمع الاحتجاجات وأي أنشطة تخالف معتقدات الحوثيين وأيديولوجياتهم يمثل انتهاكًا إضافيًا في سجل انتهاكات الحوثيين الطويل لحقوق الإنسان في ظل إفلات تام من العقاب».
منذ 21 سبتمبر/أيلول تقريبًا، بدأ الحوثيون اعتقال عشرات الأشخاص في محافظات صنعاء وعمران وذمار وإب والحديدة والمحويت وتعز والبيضاء والضالع وحجة على خلفية الاحتجاجات. يُفترض أن هذه الاعتقالات وحظر جميع المظاهرات هي محاولة للحيلولة دون التعبئة الجماعية التي يمكن أن تتحدى سلطة الحوثيين. وبحسب صحفي قابله مركز القاهرة، اعتُقِل 209 أشخاص على الأقل في محافظة عمران وحدها، بينهم أطفال وكبار في السن، يتجاوز عمر بعضهم 75 عامًا. ووفقًا لـرابطة أمهات المختطفين، فإن «عددًا كبيرًا من المحتجزين من الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و19 عام».
قابل مركز القاهرة وهيومن رايتس ووتش 11 شخصًا، من أقارب ومحامين وأشخاص على اتصال وثيق ببعض المحتجزين، للوقوف على تفاصيل الاعتقالات. وراجعت هيومن رايتس ووتش ثلاثة فيديوهات تم تداولها على منصة «إكس» (تويتر سابقا)، تُظهر الترهيب والتهديدات المتعلقة بالاحتجاجات.
في الحالات التي وثقها مركز القاهرة وهيومن رايتس ووتش، لم يُوجّه الحوثيون اتهامات للمحتجزين. ذَكر رجل من إب تواصل مع مسئول حوثي بعد اعتقال العديد من أفراد أسرته مستفسرًا عن سبب احتجازهم، أن المسؤول قال إن أقاربه المحتجزين أزعجوا الأمن العام وخالفوا التوجيهات. لكن الرجل يعتقد أن الحوثيين «يختلقون التهم لاعتقال الناس».
في كثير من الحالات، اعتقل الحوثيون أشخاصًا لمجرد توشّحهم بالعلم اليمني أو التلويح به أو تعليقه على سيارتهم. قال أحد أقارب المحتجزين إن اثنين من أبناء عمومته اعتُقِلا وإنهما «لم يحتفلا أو يفعلا أي شيء، كانا يعلقان العلم [اليمني] على سيارتهم، فقال لهما [الحوثيون] أنتما تحتفلان بيوم 26 سبتمبر وليس 21 سبتمبر وأخذوهما إلى السجن». وقال الرجل من إب: «الحوثيون هددوا أي شخص يحتفل بالثورة أو يرفع الأعلام اليمنية».
في حالات أخرى، اعتقل الحوثيون أشخاصًا بسبب منشوراتهم على الإنترنت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي إحياءً لذكرى الثورة. قال رجل اعتُقِل شقيقه، إن هذا الأخير نشر فيديو يحتفل بالثورة في 26 سبتمبر/أيلول، وإن خمس مركبات عسكرية حوثية وصلت إلى منزله في اليوم التالي. ووصف الرجل شقيقه بأنه ناشط مهتم بالقضايا الاجتماعية على وسائل التواصل الاجتماعي. قال الحوثيون لشقيقه إنهم يريدون منه حذف قناته على يوتيوب وأخر منشور له حول 26 سبتمبر. قال شقيق المُحتجَز: «أخذوه لإدارة التحقيقات الجنائية، وعندما شرعوا في الإفراج عن بعض المعتقلين في 30 سبتمبر/أيلول، علمنا أنهم أرسلوه لإدارة الأمن والمخابرات ولم يُفرَج عنه بعد». اعتُقِل أيضا كاتب في صنعاء، له الكثير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بعد مشاركته منشورًا حول 26 سبتمبر. يقول صديقه: «وصل الحوثيون إلى منزله في عدة مركبات عسكرية، واقتحموا المنزل وكسروا الأبواب وأخافوا زوجته وابنه.. ثم أخذوه وأجهزته وحاسوبه المحمول وهواتفه وكاميراته القديمة، بعدما فتشوا المنزل بأكمله». وفي كلتا الحالتين، لم يقدم الحوثيون مذكرة توقيف أو مذكرة تفتيش، في انتهاك للقانون اليمني والقانون الدولي.
ذكر آخرون أيضًا أن الحوثيين هددوهم وتعمدوا ترهيبهم لمنعهم من نشر أي منشور يتعلق بذكرى ثورة 26 سبتمبر. قال المحامي عبد المجيد صبره من صنعاء إنه بمجرد نشره على وسائل التواصل الاجتماعي أنه بصدد تقديم خدمات قانونية للمحامين المحتجزين على خلفية ذكرى 26 سبتمبر، تلقى «تهديدات مباشرة» من حوثيين. وأضاف: “”أتابع حالات الاعتقال عبر الهاتف من المكتب أو المنزل عبر التواصل مع بعض أقارب من نعرفهم من المحتجزين، وليس بشكل رسمي. وذلك لأن الخروج والمتابعة مع الجهات الأمنية يعني الاعتقال. ينتظرون أي ذريعة أو سبب [للاعتقال]».
قالت امرأة أخرى إنها تلقت مكالمة تهديد بسبب منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي في ذكرى ثورة 26 سبتمبر. وأضافت: «لم أشعر أبدا بالخوف [من الحوثيين]، لكن المُحبِط هو أنني لا أستطيع الخروج للاحتفال بذكرى الثورة ولا يمكنني رفع علم الجمهورية اليمنية والخروج مع ابنتي والاحتفال.. أشعر بالإحباط لعدم وجود العلم اليمني في شوارع صنعاء في ذكرى الثورة وكنت أبكي كل يوم».
اعتقال أي شخص دون أمر قضائي واتهامات واضحة يمثل انتهاكًا للمادة 132من قانون أصول المحاكمات الجزائية اليمني. واحتجاز أي شخص دون سند في القانون المحلي أو الدولي، ودون توجيه تهم إليه على وجه السرعة، يُعدّ انتهاكًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان. وثّق فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن في تقريره لعام 2023 العديد من حالات الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب في اليمن، وأشار إلى أن «معظم الانتهاكات التي حقق فيها الفريق منسوبة للحوثيين».
في السنوات السابقة، احتجز الحوثيون أيضا مئات المتظاهرين الذين يحتفلون بذكرى ثورة 26 سبتمبر. في 2023، أشار المحامي عبد المجيد صبره على فيسبوك إلى اعتقال الحوثيين ألف شخص تقريبًا على خلفية احتفالهم بذكرى الثورة. وخلصت منظمة سام للحقوق والحريات، وهي منظمة حقوقية يمنية، إلى أن الحوثيين استخدموا القوة المفرطة ضد الذين يتظاهرون ويحتفلون سلميًا.
كما احتجز الحوثيون تعسفيًا عشرات العاملين في الأمم المتحدة والمجتمع المدني في اليمن منذ 31 مايو/أيار، وذكرت مصادر مطلعة لهيومن رايتس ووتش أن عدد المحتجزين مستمر في الزيادة.
تقول نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: «يواصل الحوثيون دعوة المجتمع الدولي إلى احترام حقوق الفلسطينيين في غزة، بينما ينتهكون في الوقت نفسه حقوق اليمنيين الذين يعيشون في الأراضي التي يُسيطرون عليها. يتعين عليهم أن يُبدوا للشعب اليمني الاحترام نفسه الذي يطالبون به للفلسطينيين، بدءً من وقف هذه الحملة التي لا نهاية لها من الاعتقالات التعسفية».