تعرض ثلاثة من الصحفيين الأربعة الذين حكم عليهم المتمردون الحوثيون بالإعدام في عام 2020 للتعذيب لمدة 45 يومًا على الأقل أثناء الاحتجاز.
نشر أولًا على مراسلون بلا حدود
تعرض الصحفي توفيق المنصوري للتعذيب على مدى 45 يومًا، وهو الذي لا يزال قيد الاحتجاز في صنعاء مع اثنين من زملائه، حيث حكم عليهم الحوثيون بالإعدام في 2020. ويوجد الثلاثة في الحبس الانفرادي حيث تعرضوا لسوء المعاملة خلال عدة أسابيع. وإذ تدين مراسلون بلا حدود أعمال التعذيب هذه، فإنها تلفت انتباه الممثل الخاص للأمم المتحدة في اليمن إلى أن حياتهم تواجه خطرًا حقيقيًا.
تعرض ثلاثة من الصحفيين الأربعة الذين حكم عليهم المتمردون الحوثيون بالإعدام عام 2020 للتعذيب داخل السجن لمدة 45 يومًا على الأقل، حيث تقوم إدارة السجن منذ أغسطس/آب بإخراج أحدهم، وهو توفيق المنصوري، من الزنزانة المشتركة بانتظام لتعريضه للتعذيب والضرب المبرح، قبل حبسه في زنزانة انفرادية لفترات طويلة. وبحسب مختلف الشهادات التي استقتها مراسلون بلا حدود، أُصيب الصحفي بكسر في الجمجمة دون أن يتلقى العلاج اللازم. وتُضاف هذه الإصابة إلى المشاكل الصحية التي يعانيها، وعلى رأسها مرض السكري والروماتيزم وآلام القولون، علمًا أن شقيقه عبد الله المنصوري أكد أن الصحفي أصيب بهذه الأمراض أثناء احتجازه، حيث يتعرض لسوء المعاملة داخل الحبس منذ عام 2015. وقد رفض الحوثيون أي زيارات طبية رغم الطلبات المتكررة من أفراد عائلته.
وفي هذا الصدد، قال جوناثان داغر، مدير مكتب الشرق الأوسط في مراسلون بلا حدود:
“بتعذيب هؤلاء الصحفيين، فإن الحوثيين ينفذون حكم الإعدام الصادر بحقهم على نار هادئة، ولذلك نحن ندعو المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، السيد هانس غروندبرغ، إلى اتخاذ كل الخطوات اللازمة لضمان الإفراج الفوري عنهم، كما ندعو الحوثيين إلى الوفاء باقتراحهم المتمثل في السماح لممثلي الأمم المتحدة بزيارة الرهائن وتخصيص فريق طبي لتشخيص حالتهم”.
وفي اتصال أجرته معه مراسلون بلا حدود، أعرب عبد الله المنصوري عن مخاوفه قائلًا:
“ندعو مبعوث الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للتحقيق في هذه الجريمة ومعاقبة مرتكبيها. يجب أن نوفر الحماية لتوفيق وزملائه من أي اعتداء قد يطالهم في المستقبل. إنهم يموتون في السجن”.
كما احتُجز في الحبس الانفرادي الصحفيان الآخران المحكوم عليهما بالإعدام، عبد الخالق عمران وحارث حميد، وتعرضا للضرب لأسباب مجهولة، كما نُقل الصحفيون الثلاثة إلى زنازين تحت الأرض في سجن صنعاء المركزي، حيث يتم احتجازهم منذ عام 2020. ذلك أن الزنازين الانفرادية صغيرة المساحة بلا نوافذ ولا مرافق صحية.
ويعاني الرهائن من سوء التغذية كما يُحرمون من الرعاية الطبية ويُمنعون من إجراء المكالمات الهاتفية الشهرية التي يُسمح بها عادةً. وفي هذا الصدد، أوضح عبد الله المنصوري أن آخر اتصال أجراه مع شقيقه كان عبارة عن مكالمة هاتفية قصيرة في يونيو/حزيران 2022. يُذكر أن الصحفيين الرهائن الأربعة – الرابع هو أكرم الوليدي – كانوا غائبين عن الجلسة التي انعقدت في “محكمة” الحوثيين بتاريخ 4 ديسمبر/كانون الأول 2022، حيث أقيمت لهم محاكمة صورية للنظر في الاستئناف بشأن الحكم الابتدائي الصادر بحقهم.
وقال محاميهم عبد المجيد صبرا في تصريح لمنظمة مراسلون بلا حدود:
“طلبنا من القاضي التابع للحوثيين التحقيق في أسباب غيابهم وأبلغناه بما يتعرضون له من تعذيب وأن من يحتجزونهم لم يقوموا بإحضارهم، لكن القاضي لم يأبه بكل ذلك فقرر تأجيل الجلسة إلى 20 يناير/كانون الثاني 2022”.
مفاوضات سياسية على حساب الصحفيين الرهائن
يَعتبر المتمردون الحوثيون الصحفيين الأربعة ورقة مساومة يستعينون بها في مفاوضاتهم، إذ طلبوا عام 2020 استبدالهم بسجناء سياسيين محتجزين لدى الحكومة المعترف بها دوليًا والتي تتخذ من عدن مقرًا لها. وبحسب محاميهم، فإن حُكم الإعدام الصادر بحقهم وسجنهم وتعذيبهم ليس سوى وسيلة من وسائل الضغط التي يلجأ إليها المتمردون من أجل تبادل الأسرى.
وكانت عائلة توفيق المنصوري قد كتبت رسالة تتهم فيها رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى في المعسكر الحوثي، عبد القادر المرتضى، بالإشراف بنفسه على تعذيب المحتجزين. كما أشار وزير الإعلام في عدن إلى عبد القادر المرتضى في تغريدة على تويتر واصفًا إياه بأنه الشخص الذي نقل الرهائن إلى الحبس الانفرادي وعذبهم، بينما نفى الأخير الاتهامات الموجهة إليه، مقترحًا أن تقوم لجنة تحقيق من الأمم المتحدة والصليب الأحمر بزيارة السجون، وذلك بمشاركة ممثلين من الطرفين.
في عام 2020، حُكم بالإعدام على الصحفيين الأربعة – عبد الخالق عمران، وأكرم الوليدي، وحارث حميد، وتوفيق المنصوري – وهم محتجزون لدى المتمردين الحوثيين منذ 2015، حيث أصدرت المحكمة (غير المعترف بها) قرارًا تعسفيًا يدينهم بارتكاب جرائم “إنشاء وإدارة العديد من المواقع والصفحات على الإنترنت وعلى منصات التواصل الاجتماعي” بقصد “نشر معلومات وإشاعات كاذبة ومغرضة”.
هذا ويوجد حاليًا تسعة صحفيين رهائن لدى المتمردين الحوثيين في شمال اليمن، حيث قضى العديد منهم مدة عقوبتهم لكنهم مازالوا محتجزين في انتظار إعطاء الضوء الأخضر لعملية تبادل الأسرى، بينما أفرج الحوثيون عن الصحفي يونس عبد السلام في 7 ديسمبر/كانون الأول، أي بعد 15 شهرًا من الاحتجاز التعسفي، وهو الذي تعرض بدوره للتعذيب وسوء المعاملة لمدة طويلة داخل السجن.