الحكم الصادر أمس بمثابة انتهاك للقانون ولإجراءات المحاكمة العادلة، ويعد أقسى الأحكام التي أصدرتها المحاكم المصرية ضد إعلاميين بمناسبة تأدية عملهم.
تدين المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان، الحكم الصادر أمس من محكمة جنايات القاهرة التي انعقدت بمعهد أمناء الشرطة بطرة في القضية المعروفة إعلاميًا “بخلية الماريوت”، والذي انتهى في منطوقه إلى معاقبة ستة من المتهمين حضوريًا بالسجن المشدد لمدة 7 سنوات، ومعاقبة متهم آخر حضوريًا بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات، وغيابيًا بمعاقبة أحد عشر متهمًا بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات، وببراءة اثنين من المتهمين.
وتقول المنظمات الموقعة أن الحكم الصادر أمس بمثابة انتهاك للقانون ولإجراءات المحاكمة العادلة، ويعد أقسى الأحكام التي أصدرتها المحاكم المصرية ضد إعلاميين بمناسبة تأدية عملهم. وترى المنظمات أنه يمثل اعتداءً سافرًا على حرية الرأي والتعبير، وتجسيدًا للزج بالقضاء في إسكات وسائل الإعلام التي توجه انتقادات للإدارة الحالية ومعاقبة الصحفيين والإعلاميين بملاحقتهم قضائيًا.
تعود وقائع القضية التي حملت رقم 1145 لسنة 2014 جنايات قصر النيل إلى قيام أجهزة الأمن، في غضون شهر ديسمبر 2013، بضبط عدد من المحكوم عليهم أمس من أماكن متفرقة منها فندق “الماريوت” بالقاهرة، وأحالتهم لنيابة أمن الدولة العليا التي تولت التحقيقات قبل أن تقرر إحالتهم لمحكمة الجنايات، وبعد أن وجهت لهم اتهامات بالانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها تعطيل العمل بأحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها من ممارسة أعمالها، وحيازة مطبوعات وتسجيلات تتضمن ترويجًا لأغراض الجماعة، وإمدادها بمعونات مادية ومالية، وحيازة أجهزة اتصالات وبث (هاتف ثريا – جهاز موبيل فيو بوينت) دون الحصول على ترخيص من الجهات المختصة، وإذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة وبثها عبر شبكة المعلومات الدولية حول الأوضاع الداخلية للبلاد، وذلك عبر إحدى القنوات الفضائية (الجزيرة)، وحيازة وسيلة من وسائل التسجيل والعلانية، وحيازة –بقصد العرض– صور غير حقيقية عن الأوضاع الداخلية للبلاد من شأنها الإساءة لسمعتها.
وتقول المنظمات أن المحكوم عليهم يواجهون عقوبة بالغة القسوة بالرغم من أن المحكمة لم تنسب لهم استخدام القوة أو العنف باعتبارهما من الوسائل التي يتحقق بها الغرض من الجريمة، كما أن القضية شهدت تضاربًا واضحًا في شهادة الشهود، ولم تستطع نيابة أمن الدولة إثبات انضمام المحكوم عليهم إلى جماعة غير قانونية. وأن كل هذا يؤدي إلى انتفاء الجزم واليقين حول ارتكاب أيًا منهم للأفعال المنسوب إليهم ارتكابها، ولا نعلم على أي أساس قامت المحكمة بتأسيس حكمها الصادر أمس.
وتؤكد المنظمات الموقعة على البيان أن المؤسسة القضائية أصبحت تعصف بكل المبادئ الدستورية التي تستوجب احترام حريات التعبير والصحافة والإعلام وتبادل المعلومات، ومن ثم أهانت منصة القضاء وحولت المحاكمات إلى إجراء صوري يهدف إلى وضع مسحة قانونية على التنكيل بالمعارضين السياسيين.
كذا فإن هذا الحكم يشير إلى تنصل السلطات المصرية من التزاماتها الدولية الواردة في عدد من المواثيق والمعاهدات بشأن حرية التعبير والصحافة، خاصةً المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والتي حظرت تقييد حرية التعبير إلا لضرورة، وبناءً على قانون ولسبب مشروع، وهي المعايير التي غابت عن الحكم الصادر ضد صحفيي الجزيرة الذين لم يأت أيًا منهم بما هو مؤثم قانونًا، بل أن كل ما قاموا به هو ممارسة مهنة الصحافة التي حصَّنها الدستور المصري وكذلك قانون الصحافة رقم 96 لسنة 1996 الذي نص في مادته السابع على أنه “لا يجوز أن يكون الرأي الذي يصدر عن الصحفي أو المعلومات الصحيحة التي ينشرها سببًا للمساس بأمنه…”
أخيرًا تطالب المنظمات الموقعة على البيان المجلس الأعلى للقضاء بالتصدي لحالة الانفلات القضائي المتمثل في الأحكام الصادرة عن المحاكم مؤخرًا، ومنها الحكم في قضية صحفي الجزيرة والحكم الأخر القاضي بإعدام 183 متهم في أحداث مركز شرطة العدوة وبضرورة مراجعة تلك الأحكام وإجراءات المحاكمة، للبيان ما إذا كان قد توافرت فيها شروط المحاكمة العادلة والمنصفة.