تدين المؤسسات الموقعة أدناه الحكم الصادر غيابيًا من محكمة جنح ببا بني سويف ضد الكاتب والحقوقي كرم صابر مدير مركز الأرض لحوق الإنسان، حيث قضت المحكمة بحبسه خمس سنوات وكفالة 1000 جنيهًا، وذلك بسبب مجموعته القصصية "أين الله"، والتي صدرت في 2011، حيث اتهمه عدد من المواطنين بسب الذات الإلهية والدعوة للإلحاد.
تدين المؤسسات الموقعة أدناه الحكم الصادر غيابيًا من محكمة جنح ببا بني سويف ضد الكاتب والحقوقي كرم صابر مدير مركز الأرض لحوق الإنسان، والذي يحمل رقم 8729 لسنة 2013، حيث قضت المحكمة بحبسه خمس سنوات وكفالة 1000 جنيهًا، وذلك بسبب مجموعته القصصية “أين الله”، والتي صدرت في 2011، حيث اتهمه عدد من المواطنين بسب الذات الإلهية والدعوة للإلحاد.الحكم على كرم صابر خمس سنوات بتهمة ازدراء الأديان اعتداء فاضح على حرية الرأي والتعبير
وتعود وقائع القضية إلى 12 أبريل 2011 عندما قام عدد من المواطنين بمحافظة بني سويف بتقديم بلاغ يحمل رقم 600 لسنة 2011 إلى المحامي العام لنيابات بني سويف، يتهمون فيه كرم صابر بإصدار مجموعة قصصية تحمل اسم “أين الله”، تحتوي على 11 قصة، تدعو إلى الإلحاد وسب الذات الإلهية وتحض على الفتن وإهدار الدماء.
قامت النيابة بعمل التحريات وأرسلت العمل لكل من مطرانية بني سويف والأزهر لإبداء الرأي فيه، وما إذا كانت الاتهامات الموجهة لهذه المجموعة القصصية صحيحة أم لا.
أبدت مطرانية بني سويف رأيها في هذا العمل الأدبي، حيث أوضحت أنه يخالف الشرائع السماوية ويتهكم على المقدسات ويبتكر قصصًا بعيدة عن الأدب السامي والراقي، أما رأي الأزهر فلم يكن بعيدًا عن رأي الكنيسة، حيث أكد أن هذا العمل يهدم القيم الفكرية للمجتمع المصري ويمزق النسيج المصري، وطالبت المؤسستان منع الكتاب من التداول، لأنه يؤثر على المجتمع بشكل سلبي، وبسبب هذا الجدال رفضت مؤسستي الأهرام والأخبار توزيع الكتاب لدى منافذ البيع الخاصة بهما، مما اضطر الكاتب إلى قيامه بتوزيع الكتاب بشكل شخصي على المكتبات.
إن الحكم الصادر على “كرم صابر” هو الثالث من نوعه خلال أسبوع واحد، حيث سبقه صدور حكمًا من جنح أسيوط ثان بالسجن لمدة عام للمحامي روماني مراد سعد لاتهامه بازدراء الأديان، والثاني كان على المعلمة دميانة عبيد عبد النور، والتي أصدرت محكمة جنح الأقصر حكمًا ضدها بغرامة 100 ألف جنيهًا لاتهامها أيضًا بازدراء الأديان، تلك التهمة التي نالت صيتًا واسعًا منذ قدوم الإخوان المسلمين لسدة الحكم، والتي أصبح يتم بها اتهام كل شخص يحمل رؤية مختلفة للمجتمع أو يريد التعبير عن رأيه بطريقة مختلفة، ففي الأشهر القليلة الماضية زادت حالات الاتهام بازدراء الأديان وسب الذات الإلهية وغيرها من التهم التي تلقى جزافًا ضد كل شخص يعبر عن رأيه.
في هذا السياق تؤكد المنظمات أن سلوك النيابة العامة في التعامل مع البلاغات الواهية المقدمة إليها ضد مواطنين بتهم ازدراء الأديان أصبح يثير علامات استفهام حول دورها الحقيقي، وقيامهما بالتثبت من البلاغات المقدمة إليها من عدمه، فقد دأبت النيابة العامة على استدعاء المشكو في حقهم والتحقيق معهم وإحالتهم للمحكمة بغض النظر عن الوقائع، وهو ما يعكس إخلالاً بسلطات التحقيق الممنوحة لها وتأثر أعضاء النيابة بمشاعرهم الدينية.
كما إن المؤسسات الموقعة أدناه تؤكد على أن الأزهر والكنيسة ليس من حقهما مطلقًا إبداء الرأي في أي عمل أدبي، لأن أي عمل أدبي هو محض خيال الكاتب ولا يجوز لأية مؤسسة دينية التدخل في هذا الخيال والحكم عليه بأنه مفسد للمجتمع وبعيدًا عن الأدب السامي والراقي، وهنا تتساءل المؤسسات عن معايير الأدب السامي والراقي من وجهة نظر المؤسسات الدينية؟، وما هي صفة مؤسسات دينية كتلك لتقييم الأعمال الأدبية؟، وهل من حقهم تحجيم الخيال بحجة أنه يحض على الفساد أو يهدم ويمزق نسيج المجتمع المصري؟.
إن الحكم على كرم صابر بالسجن خمس سنوات ضربة جديدة لحرية الرأي والتعبير في مصر، فتهمة ازدراء الأديان أصبحت هي التهمة المتداولة بشدة منذ قدوم الإخوان المسلمين للحكم، ويستخدمها أنصارهم لتحقيق مكاسب سياسية واجتماعية مستغلين أن نصوص هذا الاتهام في قانون العقوبات جاءت فضفاضة وغير دستورية. ولهذا تؤكد المؤسسات الموقعة أدناه على تحمل السلطات المصرية مسئولية هذه الانتهاكات لصمتها عن تعديل هذه النصوص المقيدة لحرية التعبير، والتي تنتمي لحقبة الاستبداد وتكميم أفواه أصحاب الرأي، تلك الحقبة التي كان من المفترض على السلطان الحالية إنهاؤها، إلا أنهم أضافوا إليها فصلاً جديدًا بدأ بنصوص دستورية تقيد حرية التعبير، استمرارًا بالإبقاء على النصوص العقابية المعادية لكل ما يمت بصلة لحرية الابداع، وانتهاءً بسيل من محاكمات ازدراء الأديان التي لا تحاكم الأفراد فقط على ممارستهم حرية التعبير، بل تفتش عن مدى إيمانهم ومدى قناعتهم بالمعتقد السائد.