في كانون الأول، ركز المدافعون عن حقوق الإنسان – سواء الاحرار او المسجونين – ومنظمات حرية الصحافة وحقوق الإنسان على محنة المعتقلين السياسيين الذين يقضون أحكاما طويلة وغير عادلة في المنطقة.
الاحتجاز قبل المحاكمة وانعدام الإجراءات القانونية الواجبة في مصر
في ظل حكم عبد الفتاح السيسي في مصر، يتم معاقبة المعارضة بجميع أشكالها وقمعها. وتقوم السلطات بمراقبة ومضايقة وتهديد واعتقال واحتجاز الصحفيين وشخصيات المعارضة والناشطين دون مراعاة لسيادة القانون.
وفي كانون الأول، أنهى صحفيان مصريان على التوالي عاماً واحداً وعامين في السجن دون محاكمة. لقد سعى أعضاء آيفكس إلى تسليط الضوء على استخدام مصر المنهجي للاحتجاز قبل المحاكمة باعتباره شكلا آخر من أشكال العقاب على المعارضة السياسية.
وبتاريخ 22 كانون الأول، نشرت منظمتي هيومن رايتس ووتش ومراسلون بلا حدود بيانات تدعو فيها إلى الإفراج عن صحفي قناة الجزيرة محمود حسين. وقبل عام واحد بالضبط، اعتقل المدعون العامون في أمن الدولة حسين وأمروا باحتجازه بتهمة “التحريض على مؤسسات الدولة”، و”بث أخبار كاذبة تهدف إلى نشر الفوضى”. وقد جددت السلطة القضائية احتجازه المؤقت بانتظام منذ اعتقاله. وسيكون قد أمضى مع نهاية هذا الشهر سنة واحدة في الحبس الاحتياطي دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، وإذا كانت قضية زميله الصحفي إسماعيل الاسكندراني مؤشرا على ذلك، فقد يعاني حسين من هذا المصير لفترة أطول. إن الاسكندراني صحفي وباحث يحظى باحترام، ولكنه يقبع في سجن مصري لأكثر من عامين دون أن يَمثُل أمام القضاء. حيث تجاوز الحد القانوني للاحتجاز المؤقت في مصر، ولكنه لا يزال مسجونا دون تهمة.
وبتاريخ 30 كانون الأول، حُكِم على الناشط ماهينور المصري بالسجن لمدة سنتين بتهم تتعلق بالمظاهرات. وفي محاكمة منفصلة بذات اليوم، حكمت المحكمة على الرئيس المصري السابق محمد مرسي و 19 آخرين بالسجن ثلاث سنوات بتهمة إهانة القضاء. كما تمت محاكمة الناشط المصري البارز علاء عبد الفتاح ومقدم التلفزيون توفيق عكاشة في القضية نفسها، وفُرِض عليهما غرامات تتراوح بين 30 ألفاً و 1 مليون جنيه مصري (16,800 – 56 ألف دولار أمريكي).
تدهور أوضاع السجون للناشطين في مجال الديمقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين
وفي البحرين، يعاني الآلاف من الناشطين والمتظاهرين وشخصيات المعارضة والصحفيين من السجن بسبب مشاركتهم في الحركة المؤيدة للديمقراطية التي بدأت في عام 2011. واشتكى المعتقلون السياسيون منذ فترة طويلة من حرمانهم من ضمانات المحاكمة العادلة. وقد وثقت الجماعات الدولية والمحلية لحقوق الإنسان على حد سواء ادعاءات التعذيب. وفي هذا الشهر، أثارت منظمات حقوق الإنسان قلقها المتزايد حول موضوع واحد: تدهور أوضاع السجون للمحتجزين السياسيين، حيث يواجه الكثير منهم أحكاما طويلة بشجاعة.
وقد ألقى المدافع عن حقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة الضوء على الظروف المتدهورة في السجون في جميع أنحاء الجزيرة، حيث يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة في سجن جاو السيء السمعة في البحرين. وقد احتج الخواجة مع سجناء رأي آخرين مرارا وتكرارا على التدابير التعسفية المفروضة ضدهم في انتهاك للقوانين الدولية المتعلقة بمعاملة المحتجزين. وتشمل بعض هذه التدابير تقييد الوصول إلى التلفزيون والإذاعة والكتب، فضلا عن زيادة القيود المفروضة على الاتصال المحدود اصلاً مع الأسرة. ويتم تجاهل الشكاوى المتعلقة بالصحة من قبل المحتجزين وغالبا ما يتم رفض تقديم الرعاية الطبية لهم.
ومنذ إرسال رسالة في شهر تشرين الثاني إلى وزارة الداخلية يشرح فيها مخاوفه ومخاوف السجناء الآخرين، يواجه الخواجة مزيدا من الأعمال الانتقامية. وقد شارك مركز البحرين لحقوق الإنسان، ومنظمة أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، ومنظمة بن الدولية، ومركز الخليج لحقوق الإنسان، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، في بيان علني يشجب الظروف التي يتعرض لها السجناء والاجراءات الانتقامية التي واجهها الخواجة وآخرين نتيجة لنشاطهم وراء القضبان.
منع الوصول إلى المعلومات في اليمن
في اليمن، ومع استمرار الصراع الدامي للعام الثالث، يتم عرقلة التدفق الحر للمعلومات التي تعتبر ضرورية للبقاء في سياق الحرب والمجاعة والمرض بعدة طرق. وأدى قطع الإنترنت على أيدي الميليشيات الحوثية التي تسيطر على معظم صنعاء منذ عام 2015 إلى تقييد شديد لوصول المدنيين إلى المعلومات. وفي مقالٍ متعمق تم نشره بتاريخ 8 كانون الاول، وصف فريق تبادل وسائل الإعلام الاجتماعية (SMEX) ومقره في لبنان، الطرق العديدة التي يسعى فيها النشطاء الحوثيون إلى الحد من الوصول إلى الإنترنت، بما في ذلك تقليل سرعة الإنترنت وقطع الإنترنت بشكل كامل لمدة 30 دقيقة خلال حادث معين.
وقد جاء حظر المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي هذا الشهر وسط هجمات جسدية متجددة على الصحفيين ووسائل الإعلام. فبتاريخ 2 كانون الأول، أطلقت القوات الحوثية قنابل صاروخية على مقر محطة تلفزيون اليمن اليوم، وشرعت في احتجاز 41 صحفياً كرهائن. ولمدة 12 يوما، احتجز 41 صحفيا داخل مقر محطة التلفزيون دون الوصول إلى العالم الخارجي أو سماع أي أخبار عن ظروف احتجازهم. وبتاريخ 14 كانون الأول، أطلق سراحهم في ما وصفته منظمة مراسلون بلا حدود “الظروف غير الواضحة”.
وقالت الكسندرا الخازن، رئيسة مكتب منظمة مراسلون بلا حدود في الشرق الأوسط: “لقد شعرنا بالارتياح لأننا نعلم أن الصحفيين والموظفين في القناة التلفزيونية أصبحوا أحرارا ولكننا لا نزال نشعر بالقلق إزاء الضغوط التي يتعرضون لها، ولا شك أنهم سيتعرضون لها مستقبلا”.
“الجرائم الإلكترونية” في فلسطين
بعد أشهر من الحملات والضغط المستمر من قبل منظمات المجتمع المدني المحلية في فلسطين التي دعت السلطات إلى إلغاء قانون الجرائم الإلكترونية القمعي، الذي صدر في شهر تموز، اقترحت وزارة العدل بدلا من ذلك تعديل بعض الأحكام الأكثر إشكالية. ورحبت منظمة هيومن رايتس ووتش ومركز حملة ومنظمة العفو الدولية وأفاز بالتعديلات المقترحة في رسالةٍ مشتركة تم نشرها من قبلهم، ولكنهم أشاروا إلى عدة أحكام أخرى لم يتم تعديلها تسمح بـ “فرض قيود غير متناسبة وتعسفية على حرية التعبير والخصوصية وحماية البيانات”. وكانت السلطات الفلسطينية قد اتهمت بالفعل عددا من الصحفيين والمدافع عن حقوق الانسان عيسى عمرو بموجب القانون.
وفي غزة حيث تسيطر حماس، غالبا ما يُتهم المعارضون عبر الإنترنت بـ “إساءة استخدام التكنولوجيا”، وفقا لتعديل قانون العقوبات الذي يجرم بطريقة غامضة وفضفاضة نقل المواد الإباحية على الإنترنت، وتشويه سمعة الآخرين، والتحريض على الفجور. وتم نشر مقال باللغة العربية من قبل SMEX هذا الشهر تُفصِل كيف تقوم السلطات في غزة استغلال هذا الحكم للقضاء على التعبير عن الآراء التي يختلفون معها.
باختصار
وفي إيران هذا الشهر، سلطت منظمة هيومن رايتس ووتش الضوء على حالتين من سجناء الرأي يقضون أحكاما مجحفة ومطولة. المواطن الأمريكي زيو وانغ، الذي اعتقل في عام 2016 بسبب قيامه ببحوث تاريخية وحكم عليه بالسجن عشر سنوات، والناشط الإيراني رضى شهابي، الذي يقضي حاليا ست سنوات في السجن ويعاني من مشاكل طبية خطيرة. وتعرض الشهابي لسكتة دماغية صغيرة في السجن هذا الشهر، ويحتاج إلى عناية طبية عاجلة، كما عبر وانغ عن مخاوفه حول سلامته بعد تعرضه للتهديد من قبل سجين آخر بحضور أحد حراس السجن.
وفي محافظة الأنبار العراقية، أمرت السلطات بتاريخ 17 كانون الأول 2017، قناة التلفزيون المستقلة الشرقية بإغلاق مكتبها. وأدانت لجنة حماية الصحفيين وهيومن رايتس ووتش القرار بتصريحات علنية. وفي كردستان العراق، تم اغلاق محطة إذاعة وتلفزيون ناليا المستقلة (NRT) وتخريب مقرها. وفي الأيام التي سبقت ذلك، اعتدت السلطات الكردية على عشرات الصحفيين أثناء محاولتهم تغطية الاحتجاجات ضد التقشف التي اجتاحت المنطقة الشمالية.
وفي كل من لبنان وإسرائيل، اندلعت احتجاجات ضد قرار ترامب المثير للجدل بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ففي اسرائيل ووفقا لتقرير صادر عن منظمة “بن الدولية”، أصيب 15 صحفياً بجراح بالغة أثناء تغطيتهم للمظاهرات بتاريخ 15 كانون الأول. وفي لبنان، ردت شرطة مكافحة الشغب خلال مظاهرة انطلقت بتاريخ 10 كانون الاول 2017 على رمي الحجارة بشكل عشوائي ومُفرِط، وذلك باستخدام خراطيم المياه والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع والهراوات.