إن السلطات البحرينية تنفذ مداهمات تستهدف البيوت لاعتقال متظاهرين معارضين تعسفاً قبيل انعقاد سباق الجائزة الكبرى فورمولا 1 من 19 إلى 21 أبريل/نيسان 2013.
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم بناء على معلومات من عدّة مصادر بحرينية إن السلطات البحرينية تنفذ مداهمات تستهدف البيوت لاعتقال متظاهرين معارضين تعسفاً قبيل انعقاد سباق الجائزة الكبرى فورمولا 1 من 19 إلى 21 أبريل/نيسان 2013.
قالت المصادر لـ هيومن رايتس ووتش إن مجموعات من رجال الشرطة المقنعين في ثياب مدنية شنّوا مداهمات ليلية وفي ساعات الفجر على بلدات تقع حول حلبة السباق. تم القبض على عشرين شخصاً بينهم بعض القيادات البارزة لحركة التظاهر المعارضة للحكومة. لم يقدّم رجال الأمن أية أوامر بالتوقيف أو التفتيش والمصادرة، على حد قول المصادر، رغم أن هذه الأوامر ضرورية بموجب القانون البحريني. كما منع المسؤولون المساعدة القانونية عمّن تم القبض عليهم أثناء استجوابهم الأوليّ الرسمي على يد النيابة.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “حملة القمع الأخيرة هذه وطريقة تنفيذها تثير تساؤلات جديدة حول حقيقة التزام سلطات البحرين بالإصلاح. هذه المداهمات وأعمال التوقيف توحي بأن المسؤولين مهتمون بإبعاد النشطاء عن حلبة سباق فورمولا 1 أكثر من اهتمامهم بالتعاطي مع المظالم المشروعة التي أدت إلى خروج الكثير من البحرينيين إلى الشوارع للاحتجاج”.
ليست مداهمات الشرطة من هذا النوع بالأمر غير الشائع في البحرين، التي تشهد مظاهرات واحتجاجات كثيرة منذ فبراير/شباط 2011. لكن منذ 1 أبريل/نيسان، على حد قول مصادر محلية لـ هيومن رايتس ووتش، دأبت السلطات على استهداف النشطاء الذين يعيشون في بلدات قريبة من أو مجاورة لحلبة سباق الجائزة الكبرى فورمولا 1 في البحرين، والذين سبق أن قادوا مظاهرات معارضة للحكومة فيما سبق. شنّت الشرطة قرابة الثلاثين مداهمة في دار كليب وشهركان ومدينة حمد وكرزكان، وهي بلدات قريبة من حلبة فورمولا 1 والطرق المؤدية إلى العاصمة المنامة.
اتهمت النيابة اثنين على الأقل من الموقوفين بجرائم ينص عليها قانونا الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب، وصرّحت باحتجازهم ستين يوماً أخرى على الأقل على ذمة التحقيقات. هناك آخرون تم اتهامهم بالمشاركة في تجمهرات غير قانونية، ويواجهون الحبس لمدة 45 يوماً أخرى. بالإضافة إلى المداهمات، احتجزت السلطات ما لا يقل عن سبعة أشخاص آخرين في سلسلة من نقاط التفتيش المؤقتة التي نصبتها على الطرق المؤدية إلى حلبة فورمولا 1.
قال والد أحد المحتجزين لـ هيومن رايتس ووتش إن مجموعة قوامها نحو عشرة من الرجال المقنعين المسلحين الذين يرتدون ثياباً مدنية قد وفدت إلى بيت عائلته في مدينة حمد في ساعات الصباح الأولى من يوم 3 أبريل/نيسان. قال الرجال إنهم من الشرطة ويبحثون عن ابنه البالغ من العمر 17 عاماً، الذي قبضوا عليه وأخذوه معهم. لكن – على حد قول الأب – لم يُظهروا أي أوراق هوية ولم يقدموا لا أمر تفتيش أو توقيف. وفدت تسع سيارات شرطة على المكان لدعم الرجال المقنعين، لكن لم يخرج من السيارات أي رجال شرطة في ثياب رسمية للمعاونة في عملية الاعتقال.
تقول مصادر محلية بأن هذه المداهمة مماثلة لمداهمات أخرى شنتها الشرطة على مدار الأيام الماضية في أماكن قريبة من حلبة سباق فورمولا 1. في إحدى المداهمات التي وقعت مؤخراً، قبض رجال شرطة في ثياب مدنية على قيادي بارز للمظاهرات من بيته في شهركان حوالي الساعة 2 صباح يوم 8 أبريل/نيسان.
زادت المظاهرات في شتى أنحاء البحرين مع اقتراب موعد السباق. أسفرت هذه المظاهرات بالفعل عن إصابات جسيمة لحقت بالمتظاهرين المعارضين للحكومة. وفي 6 أبريل/نيسان أطلقت قوات الأمن على حسين كاظم البالغ من العمر 16 عاماً عبوة غاز مسيل للدموع أصابت رأسه، أثناء مظاهرة في بلدة سترة. تم تصوير الواقعة ونُشرت على الإنترنت. تناقلت التقارير استقرار حالة كاظم في مستشفى في انتظار إجراء جراحة.
هناك متظاهر آخر، هو حسين خليل، أصيب بدوره بعبوة غاز مسيل للدموع أطلقتها الشرطة، لكن كانت إصابته أقل خطورة. قال لناشط من البحرين إن رجال الشرطة قبضوا عليه ولكموه وركلوه، وأخذوه إلى مركز شرطة سترة قبل أن يسمحوا له بالحصول على الرعاية الطبية، ثم حاولوا حمله على توقيع أقوال مفادها أنه ضُرب على يد رفاقه المتظاهرين. هناك مصادر تحدثت إلى خليل أخبرت هيومن رايتس ووتش بأنه الآن تحت الحراسة في مستشفى.
تنص المادة 14 (1) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان – والبحرين دولة طرف فيه على أن: “لكل شخص الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه، ولا يجوز توقيفه أو تفتيشه أو اعتقاله تعسفا وبغير سند قانوني.”. أما لجنة اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وقد صدّقت البحرين على الاتفاقية، فقد شددت على أهمية ضمان أن أي شخص يُقبض عليه يُتاح له مقابلة محامي في الفترة التالية مباشرة على توقيفه، ووصفت هذا الأمر بأنه “ضمانة أساسية ضد المعاملة السيئة”.
وقالت سارة ليا ويتسن: “إن على السلطات البحرينية مسؤولية ضمان سلامة أولئك الذين سيحضرون سباق الجائزة الكبرى فورمولا 1، لكن يجب ألا تمتد تدابير تأمين هؤلاء إلى توقيف الناس لمجرد ممارستهم لحقوقهم المشروعة في حرية التعبير وحرية التجمع، ولا أن تستخدم القوة غير المتناسبة ضد من ينخرطون في احتجاجات عنيفة”. وتابعت: “يبدو أن المداهمات الليلية لأشخاص بعينهم التي ينفذها رجال شرطة مقنعون لا يقدمون أوامر توقيف أو تفتيش، يبدو أن الغرض منها هو ترهيبهم هم وأسرهم ومناصريهم”.