خلال شهر حزيران الماضي، سيطرت الأزمة الخليجية وتداعياتها على الحق في حرية التعبير على الأخبار. وشملت التطورات الأخرى أيضاً احتجاجات في المغرب ولبنان، ورقابة في مصر والضفة الغربية، ومقتل صحفيين في العراق.
استمرار أزمة الخليج
بعد شهر حزيران، تحول ما بدأ كمشاحنة دبلوماسية بين قطر ودول الخليج الأخرى إلى أزمة إقليمية كاملة – وكان الحق في حرية التعبير أحد أكبر الضحايا.
وبدأت الأزمة بتاريخ 25 أيار 2017 عندما قامت السلطات في السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر بحجب ثمانية مواقع إخبارية ممولة من قطر ردا على تصريحات أمير قطر التي انتقد فيها السياسة الخارجية الأمريكية، وأعرب عن تأييده لحركة حماس وحزب الله ، ودعا إلى تحسين العلاقات مع إيران وإسرائيل. ولكن نفت حكومة قطر هذه التصريحات بشكل قاطع.
ان العلاقات بين قطر وزملائها من اعضاء مجلس التعاون الخليجي متوترة منذ فترة طويلة نتيجة لتعارض السياسات الخارجية. وادعى المحللون بانه يتم التحضير لهذا الهجوم على الدولة الصغيرة الغنية بالنفط منذ سنوات.
وبعد أسبوع من ذلك، أعلنت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها بتاريخ 5 حزيران، أنها قطعت العلاقات الدبلوماسية مع قطر. وتم منح القطريين في السعودية 14 يوماً لمغادرة البلاد.
وبعد فترة وجيزة، أغلق مكتب قناة الجزيرة التابعة لقطر في الرياض وتم سحب رخصته. وبعد يوم واحد، تبعت الأردن ذلك والتي كانت قد اختارت البقاء بعيداً عن الأزمة حتى ذلك الحين.
وازداد الوضع سوءاً عندما هدد جيران قطر بمحاكمة أي شخص يتكلم بشكل إيجابي عن البلد. حيث أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة أنها ستقوم بسجن أي شخص يُعرب عن تعاطفه مع قطر لمدة تصل إلى 15 عاماً. وأعلنت وزارة الداخلية البحرينية عبر موقعها الإلكتروني عن عقوبات بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات، وحذرت وكالة الأنباء السعودية على تويتر بأن الحكومة السعودية ستفرض أيضا عقوبات بالحبس لمدة 5 سنوات وغرامة تصل إلى 3 ملايين ريال (حوالي 800,000 دولار أمريكي).
ووصلت الأزمة إلى ذروتها بتاريخ 23 حزيران، حيث أصدرت المملكة العربية السعودية ومصر والبحرين والإمارات العربية المتحدة قائمة بالمطالب التي يجب أن تنفذها قطر لرفع العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية المفروضة عليها في الشهر السابق. ومُنِحت قطر مهلة 10 ايام لتنفيذ المطالب الثلاثة عشر والتي تمس سيادتها.
وكانت من أهم المطالب إغلاق قناة الجزيرة ومحطاتها الفرعية وجميع المنافذ الإخبارية الأخرى التي تتلقى التمويل القطري وتسليم “الشخصيات الإرهابية”، بما فيهم المعارضين السياسيين والهاربين من التمييز من المملكة العربية السعودية والبحرين ومصر والإمارات العربية المتحدة، إلى بلدانهم الأصلية لتتم محاكمتهم. ولم تحدد وثيقة المطالب ما ستفعله البلدان إذا لم تلتزم قطر بذلك.
حجب المواقع في مصر وفلسطين
بعد انضمام مصر إلى دول الخليج في حجب المواقع الإخبارية التابعة إلى قطر، يبدو أنها اغتنمت الفرصة لحرمان مواطنيها من حق الوصول إلى المعلومات. فوفقاً لجمعية حرية الفكر والتعبير، وهي منظمة مصرية ترصد عن كثب التطورات في البلاد، تم حجب 118 موقعاً في مصر.
وبالمثل، قامت السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بحجب 11 موقعاً إخبارياً فلسطينياً هذا الشهر. وتشمل هذه المواقع على فلسطين الآن، وفلسطين اليوم، ووكالة شهاب للأنباء، وإمامة، وكرامة برس، وصوت فتح وغيرها. وقال مسؤول الإعلام في نقابة الصحفيين الفلسطينيين نبهان خريشة للجنة حماية الصحفيين بأن جميع المواقع المحجوبة إما تابعة لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، أو تابعة لرئيس الأمن السابق في قطاع غزة محمد دحلان الذي يعيش خارج البلاد.
ووفقاً للمركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)، لم يتم إبلاغ وكالات الأنباء بالحجب، حيث علموا بقرار النائب العام الصادر بتاريخ 15 حزيران بحظر مواقعهم الإلكترونية عندما اتصلوا بمزودي خدمات الإنترنت للاستفسار عن ذلك.
الاعتداء على الصحفيين والمحتجين في المغرب ولبنان
في لبنان، بينما كان المتظاهرون يحتجون سلمياً ضد التمديد لولاية ثالثة للبرلمان بتاريخ 16 حزيران 2017، اعتدى أفراد من الجيش اللبناني بالضرب على المتظاهرين وقاموا بركلهم بشكل مفرط. وأصيب صحفي فرنسي مستقل أثناء تغطيته للاحتجاج.
ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش الجيش إلى التحقيق في الحادث ونشر نتائجه للجميع.
أما في منطقة الريف بالمغرب، فإن الاحتجاجات الاجتماعية المستمرة التي اندلعت لأول مرة في شهر تشرين الأول لعام 2016 بدأت تتزايد منذ أواخر شهر أيار. وتم الإبلاغ عن بعض حوادث العنف خلال الشهرين الماضيين. فبالرغم من أن المظاهرات الجماهيرية كانت سلمية بشكل كبير، إلا أن رد الحكومة كان قمعياً بشكل مفرط. ففي أواخر شهر حزيران، ألقي القبض على ناصر زيفزافي، وهو رجل عاطل عن العمل أصبح قائدا للاحتجاجات، وتعرض للضرب المبرح أثناء احتجازه عند الشرطة. وكان زيفزافي من بين 127 متظاهراً وناشطاً اعتقلوا خلال حملة الشرطة، حيث يخضعون حالياً للتحقيق في تهم خطيرة يمكن أن تؤدي بعضها إلى عقوبة الإعدام.
ولم تكتفي السلطات المغربية بإساءة معاملة المتظاهرين واعتقالهم، بل اعتدت على الصحفيين ووسائل الإعلام الناقدة أيضاً. حيث تم ترحيل المراسل الجزائري جمال عليلات بتاريخ 30 أيار 2017، بعدما اعتقلته الشرطة بعد تغطيته لاحتجاج في منطقة الريف قبل يومين.
وقدم وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت دعوى تشهير جنائية ضد رئيس تحرير موقع بديل الإخباري حميد المهداوي بسبب مقال نُشِر بتاريخ 22 أيار حول الفساد. وتم نشر المقال في الوقت الذي كان يزور فيه الوزير منطقة الريف، التي تم فيها سحق محسن محسن فكري بشاحنة القمامة حتى الموت أثناء محاولته لاستعادة أسماكه التي صادرتها الشرطة منه في تشرين الأول عام 2016. وكانت وفاته ولا زالت السبب في اندلاع الاحتجاجات الاجتماعية الأخيرة في المغرب. وفي تحليل معمق للأحداث الأخيرة في المغرب، وضحت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان كيف أن انتهاكات حرية التجمع والتعبير كشفت عن زيف الإصلاحات الديمقراطية التي وعدت السلطات المغربية بها في عام 2011.
مقتل الصحفيين في الموصل والانبار
مع انتهاء المرحلة الأخيرة من معركة الموصل، توجه الصحفيون الدوليون إلى العراق للتغطية. وبتاريخ 19 حزيران، قُتِل الصحفي الفرنسي ستيفن فيلنوف والصحافي الكردي العراقي بختيار حداد جرّاء انفجار أثناء قيامهما بتغطية عمليات مكافحة الإرهاب في منطقة راس الجادة. كما أصيبت الصحفية السويسرية فيرونيك روبرت وزميلها الفرنسي صمويل فوري في الهجوم. وتوفيت روبرت لاحقاً في المستشفى بباريس، أما إصابة فورى فكانت طفيفة. وكان هجوم الموصل صعباً على الصحفيين بشكل خاص منذ أن بدأت الجهود لاستعادة المدينة من مسلحي داعش في تشرين الأول عام 2016.
وقُتِل فى محافظة الانبار العراقية مراسل قناة آسيا الفضائية المستقلة صهيب الهيتي بتاريخ 30 أيار الماضي جرّاء هجومٍ انتحاري في مدينة هيت الشمالية. ووفقاً لما ذكرته لجنة حماية الصحفيين، فقد توفي المراسل بشاحنة مفخخة أثناء تغطيته لفعالية إضاءة شموع من أجل ضحايا انفجار وقع بالقرب من متجر بوظة شهير فى بغداد قبل ليلة. ووفقاً لاحصاءات منظمة مراسلون بلا حدود، فقد قتل ما مجموعه 28 صحفياً محترفاً وغير محترف في العراق منذ بداية عام 2014.