سواء كانت الأنظمة الاستبدادية تسمى ديمقراطيات أو الجماعات المسلحة المتحاربة، فان الذين يمارسون السلطة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فرضوا مستوى جديد من الرقابة على الإنترنت وضاعفوا حملاتهم الفردية ضد النقاد والصحفيين والمعارضين هذا الشهر.
سواء كانت الأنظمة الاستبدادية تسمى ديمقراطيات أو الجماعات المسلحة المتحاربة، فان الذين يمارسون السلطة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قاموا بتعزيز حملاتهم الفردية ضد النقاد والصحفيين والمعارضين هذا الشهر.
إسرائيل تنضم إلى الحرب على الجزيرة
في مطلع شهر آب، انضمت اسرائيل الى السعودية والامارات العربية المتحدة ومصر والبحرين والاردن في الدعوة الى حظر شبكة الجزيرة القطرية. فقد قام قادة الدول العربية بذلك كجزء من نزاع أوسع مع قطر بدأ في أواخر شهر أيار، واستخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اتهم الجزيرة منذ فترة طويلة بالتحيز في تغطيتها للاحتلال هذا الزخم لشن هجومه الخاص ضد الشبكة.
خلال الاشتباكات حول المسجد الاقصى في القدس الشهر الماضي اتهم نتانياهو الجزيرة “بمواصلة التحريض على العنف” وقال انه يريد ازالتها من اسرائيل. وبتاريخ 6 آب 2017، أعلن وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب كارا أنه يعتزم إغلاق مكاتب الشبكة في إسرائيل، وإلغاء بطاقات صحافييها، وقطع خطوط بثها التلفزيوني عبر الكوابل والأقمار الصناعية في البلاد.
ورفضت منظمات حرية الصحافة، بما فيها “لجنة حماية الصحفيين“، و “مراسلون بلا حدود“، و “المؤشر على الرقابة“، والمركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية، الخطط الإسرائيلية لاغلاق الجزيرة لانها تشكل انتهاك واضح لحرية الصحافة.
وقال منسق برنامج حماية الصحافيين في الشرق الاوسط وشمال افريقيا شريف منصور ان “فرض الرقابة على الجزيرة او اغلاق مكاتبها لن يجلب الاستقرار الى المنطقة، بل سيضع اسرائيل في معسكر بعض اسوأ اعداء حرية الصحافة في المنطقة”. واضاف “يجب على اسرائيل التخلي عن هذه الخطط غير الديمقراطية والسماح لقناة الجزيرة وجميع الص.
الحكومات تأخذ الرقابة على الإنترنت إلى مستويات جديدة
منذ سيطرة الرئيس عبد الفتاح السيسي على مصر في عام 2014، تعرضت وسائل الإعلام لضغوط شديدة.
وقالت منظمة مراسلون بلا حدود أن “الصحفيين غالبا ما يسجنون أو يتعرضون للمضايقات القضائية، وبأن وسائل الإعلام تخضع للرقابة أو السيطرة، وأن وسائل الإعلام الجديدة تخضع لإبهام النظام”.
فمنذ أكثر من شهرين، أعادت مصر تركيزها على الإنترنت. ومنعت الوصول إلى 21 موقعاً بما فيها الجزيرة ومدى مصر والنسخة العربية من هافينغتون بوست. ووفقا لرصد جمعية حرية الفكر والتعبير، فقد ارتفع هذا العدد هذا الشهر إلى أكثر من 400 موقعاً بما فيها المواقع التي تقدم خدمات VPN وبروكسي.
وكان الموقع الإلكتروني للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وهي عضو في شبكة آيفكس، أول موقع ينتمي إلى منظمات حقوق الإنسان التي تم حظرها. وفي بيان صدر بتاريخ 6 آب ونشر على موقع فيسبوك، أدانت الشبكة العربية ما اعتبره الكثيرون تحركا تعسفيا وغير دستوري قائلةً:
“لكن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تظل -بالرغم من هذا الهجوم الذي يمثل استهزاء بالقانون والدستور المصري من قبل السلطات التي يفترض أن تعمل على احترام القوانين لا امتهانها – ملتزمة برسالتها الأساسية وهي الدفاع عن حرية التعبير وحقوق الإنسان في العالم العربي و كشف الانتهاكات في هذه المنطقة من العالم، و برفع صوت الضحايا عاليا، وهو دور رغم أن القيام به أصبح مكلفا أكثر من أي وقت مضى ، لكنه أصبح كذلك ضروريا أكثر من أي وقت مضى”.
ولقد تم حجب موقع مراسلون بلا حدود لاحقاً.
وقال الكسندر الخازن، رئيس مكتب الشرق الأوسط لمراسلون بلا حدود “إن هذا التعتيم الرقمي الواسع النطاق في مصر ليس مجرد هجوم خطير على حرية المعلومات”. واضاف قائلاً: “انه ايضا يدل على خوف من جانب النظام من ان الجمهور المستنير يمكن ان يشكل تهديدا لاستقراره”.
وفي فلسطين، بدأ سريان قانون الجرائم الالكترونية المثير للجدل الذي تم اعتماده بتاريخ 24 حزيران من هذا الشهر مع وجود خمسة صحفيين يعانون من عواقبه. ووفقا للأصوات العالمية، اعتقلت السلطة الفلسطينية الصحفيين في مزاعم بأنهم “سربوا معلومات إلى كيانات معادية”. وتم اعتقال جميع الصحفيين الخمسة بتاريخ 8 آب من مدن مختلفة في الضفة الغربية.
وقد نشرت ترجمة إنجليزية للقانون من قبل حملة- المركز العربي لتطوير الاعلام الاجتماعي هنا.
وقالت منظمة الأصوات العالمية: “لقد سببت الحملة على الصحفيين في إثارة ضجة بين الصحفيين والناشطين الفلسطينيين الآخرين الذين شنوا حملة على منصات التواصل الاجتماعي تحت هاشتاج #وين_الصحفيين و #الصحافة_ليست_جريمة، للمطالبة بالإفراج الفوري عن الصحفيين، وإدانة استخدام السلطة الفلسطينية لقانون الجرائم الالكترونية لقمع حرية الإعلام”.
وذكرت لجنة حماية الصحفيين ان الاعتقالات جاءت وسط تصاعد الحملة على وسائل الاعلام فى الضفة الغربية. وفي بيان نشر بتاريخ 10 آب، سردت العديد من الهجمات التي تعرض لها الصحفيون الفلسطينيون خلال الشهرين الماضيين على يد القوات الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء.
التركيز على النوع الاجتماعي
في الاردن، أمرت اللجنة الأردنية للمرئي والمسموع، وهي هيئة تنظيمية حكومية، بتاريخ 31 تموز مرة اخرى بحظر موقع مجلة صديقة لمجتمع المثليين وثنائي الجنس والمتحولين جنسياً والشواذ وغيرهم. وجاء هذا القرار بعد شكوى من عضوة في البرلمان ديما طهبوب، الناطقة باسم جبهة العمل الإسلامي الأردني، بعد مشادة على تويتر بينها وبين مؤسس المجلة الإلكترونية.
وقال منسق برنامج لجنة حماية الصحفيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى لجنة حماية الصحفيين شريف منصور من واشنطن: “إن الإساءة لقانون الصحافة والمطبوعات في الأردن لفرض رقابة على مجلة ماي كالي على الإنترنت – التي كانت في الواقع محظورة في الأردن – ردا على منشور عبر تويتر يؤكد على ضرورة إصلاح هذا القانون”.
أحكام بالسجن، وأوامر محكمة، وإجراءات القانونية
وفي إيران هذا الشهر، تم تقويض الأخبار السارة بشكل متكرر مع الأخبار السيئة. ففي حين تم إطلاق سراح صحفي وأربعة إداريين لمجموعة على تطبيق المراسلة الفورية تيلغرام بكفالة بتاريخ 30 و 31 تموز، إلا انه بعد ذلك بأسبوع، تم اعتقال واحتجاز زوجة الصحفي المواطن سهيل عربي. ولم تعلم أسرتها بعد سبب اعتقالها أو مكان احتجازها.
وبتاريخ 11 و 21 آب، ألقي القبض على صحفيين اثنين من أماكن عملهما. وبتاريخ 12 آب، حكم على ناشط في مجال حقوق المرأة بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وبتاريخ 29 آب، أفرج عن صحافيتين مؤقتا بعد احتجازهما في أقسام مختلفة من سجن إيفين في طهران لعدة أشهر.
وباستخدام شكل آخر من أشكال قمع وسائل الإعلام، أصدرت السلطات الإيرانية أمرا بحظر 152 صحفيا وعاملا إعلاميا لدى النسخة الفارسية للبي بي سي – وهي نفسها محظورة في إيران – من شراء أو بيع أصول. ودعت لجنة حماية الصحفيين السلطات إلى إلغاء هذا الأمر، ووقف مضايقات موظفي هيئة الإذاعة البريطانية، ورفع الحظر المفروض على المحطة.
وفي العراق، وضعت السلطات نصب أعينها الشاعر أحمد البشير المؤيد للقناة الكردية NRT والسياسي الساخر. وبتاريخ 10 آب، وجهت هيئة الاتصالات والإعلام العراقية رسالة إلى NRT تهددها بمتابعة “الإجراءات القانونية” إذا استمر برنامج البشير “بخروقاته” التي لم يتم تحديدها. ويسخر البرنامج من السياسيين والجماعات المسلحة ويبدأ كل حلقة بالتذكير بأن الدستور العراقي يضمن حرية التعبير. وقد واصل البشير عمله دون عوائق.
عمليات اختطاف في اليمن وتهديدات بالقتل في ليبيا
في اليمن، في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي صالح والمناطق التي تسيطر عليها حكومة هادي – المدعومة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، تم احتجاز الصحفيين والناشطين وتعرضوا للتهديد والمضايقة والضرب والاختفاء القسري.
فبتاريخ 14 آب، ألقت السلطات الحوثية في صنعاء القبض على الناشط البارز هشام العميسي، وهو صوت معروف وهام في اليمن. ولا يزال محتجزا اليوم دون تمكنه من التواصل مع محام. وبتاريخ 22 آب، تم اختطاف صحفيين محليين في تعز من قبل مسلحين يرتدون ملابس مدنية. وفي شبوة، أصيب صحافيان في غارة جوية بقيادة السعودية بتاريخ 30 تموز على مبنى يضم مكاتب قناة المسيرة.
وفي ليبيا، بعد أن أصدر العديد من الكتاب الليبيين والنقاد الأدبيين مجموعة جديدة من القصص القصيرة والمقالات بعنوان الشمس على نوافذ مغلقة في أيار، تلقوا تهديدات بالقتل والإهانات وكانوا هدفا لخطاب الكراهية، وذلك وفقا لمنظمة بن الدولية. ويختبئ بعضهم خوفا على حياتهم.
وبدأت الهجمات بعد فعالية أدبية تضم بعض المساهمين بتاريخ 26 آب في مكتبة عامة في مدينة الزاوية التي تسيطر عليها جماعة إسلامية في غياب الحضور الحكومي. واعتقلت الجماعة الإسلامية منظم الفعالية وأمرت باغلاق المكتبة العامة لمنع أي فعالية أدبية أخرى. وتم الافراج عن منظم الفعالية في اليوم التالي. كما أدانت السلطات الليبية محتوى الكتاب واعتبرته ضد “الأخلاق العامة”، الامر الذي يضفي الشرعية على أعمال الجماعة الإسلامية.
وقال سليل تريباثي، رئيس لجنة كتّاب في السجن “تقوض السلطات الليبية من خلال تصرفاتها وتصريحاتها حرية التعبير. وبدلا من دعم الكتاب والمحررين الذين تستهدفهم المجموعات الدينية، أدانت وزارة الثقافة محتويات الكتاب الذي هو عمل أدبي. يجب على السلطات الليبية أن تتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية حياة وسلامة الكتاب والمحررين وجميع المعنيين بالكتاب واتخاذ خطوات فعالة للتحقيق مع الأشخاص الذين يهددون سلامتهم ومقاضاة مرتكبيها والحفاظ على حق الكتاب في الكتابة وحق القراء في القراءة “.
في الذاكرة: باسل خرطبيل
في اليوم الأول من شهر آب من هذا العام، تلقى مجتمع التعبير الحر الدولي ضربة قاسية عندما أعلن أن مهندس البرمجيات والرائد على الإنترنت، السوري الفلسطيني باسل خرطبيل قد قتل خارج نطاق القضاء في سوريا. ومنذ اعتقاله قبل خمس سنوات بتاريخ 12 آذار 2012، انضمت جماعات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية والمحلية ومنظمات المجتمع المدني إلى دعوات مستمرة ودائمة لإطلاق سراحه. وبعد اختفائه القسري في عام 2015، طالبت المجموعات بالكشف عن مكان خرطبيل. وفي ذكرى اعتقاله واختفائه كل عام، اجتمع الناس في جميع أنحاء العالم للمطالبة بالإجابات والضغط على الحكومة السورية لاطلاق سراحه. إن الأنباء التي تفيد بأن خرطبيل قتل في الحال بعد اختفائه مباشرة، وأن السلطات لم تبلغ زوجته وأسرته وأصدقائه لمدة عامين تكشف عن قساوة نظام الأسد. وفي بيان صدر بتاريخ 2 آب، أدانت مجموعة الحقوق إعدامه وحزنت على خسارة رجل ملهم.