تضمن هذا الشهر تقارير عن حملة تجسس باستخدام برمجيات خبيثة في لبنان، وحظر تطبيق تلغرام في إيران، واعتقالات في الخليج، وقمع في تونس، وقمع التعبير السياسي في مصر وأكثر من ذلك، ولكن كان الإفراج عن المدون اليمني لحقوق الإنسان هشام العميسي من الأخبار الجيدة القليلة التي كانت موضع ترحيب.
احتجاجات إيران
اندلعت احتجاجات غير متوقعة في أنحاء إيران في بداية عام 2018. وقام أعضاء آيفكس، بما فيهم منظمة هيومن رايتس ووتش والمادة 19 والأصوات العالمية ومراسلون بلا حدود وبن الدولية بكتابة التقارير عن هذه الاحتجاجات والتعليق على العديد من تداعيات التظاهرات الواسعة الانتشار والتي خرجت من دون قائد على حرية التعبير.
ففي الأيام الأولى من شهر كانون الثاني، أدانت منظمة هيومن رايتس ووتش استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين وطالبت بفتح تحقيق في وفاة 21 شخصاً على الأقل خلال الاشتباكات. كما كشفت منظمة مراسلون بلا حدود جهود النظام الإيراني لاستهداف الصحفيين ووسائل الإعلام في إيران والرقابة على تغطية الاحتجاجات من قبل وسائل الإعلام في الخارج. كما ألقت منظمتي مراسلون بلا حدود والأصوات العالمية الضوء على الدور المركزي الذي لعبه تطبيق الرسائل المعروف في ايران “تلغرام” خلال المظاهرات، حيث تم حجبه في نهاية المطاف من قبل السلطات. وأبرزت منظمة بن الدولية قضية الشاعر الإيراني محمد بام الذي اعتقله أفراد من قوات الأمن الإيرانية بتاريخ 31 كانون الأول 2017 أثناء عودته إلى بيته في مدينة عبادان بإيران. وعرّفت منظمة المادة 19 حركة الاحتجاج كفرصة للحكومة لتنفيذ اللوائح التي تهدف إلى دعم الشفافية الحكومية، أي قانون الوصول إلى المعلومات في إيران.
العمل كالمعتاد في دول الخليج
على الرغم من الإصلاحات الموعودة وخطط التحديث، إلا أنه من المرجح أن يتم اعتقال الصحفيين عندما ينتقدون الحكومة في المملكة العربية السعودية. فوفقاً للجنة حماية الصحفيين، فقد نفذت قوات الأمن السعودية أول اعتقال لها بتعلق بحرية التعبير في عام 2018 بحق الشحي، وهو كاتب عمود في صحيفة الوطن اليومية السعودية، وذلك بتاريخ 3 كانون الثاني. أما بتاريخ 25 كانون الثاني، أدانت المحكمة الجنائية المتخصصة اثنين من الناشطين السعوديين في مجال حقوق الإنسان لمجرد مناصرتهم لحقوق الإنسان. وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، تم الحكم على محمد العتيبي بالسجن لمدة 14 عاماً وعبد الله العطاوي لمدة 7 سنوات.
ليس الصحفيون والمنتقدون داخل السعودية فقط يواجهون الانتقام. ففي الكويت أيضاً، حُكِم على الصحافي المستقل عبد الله الصالح غيابيا بالسجن لمدة خمس سنوات مع الأشغال الشاقة بعد إدانته بـ “الإساءة للمملكة العربية السعودية” بتاريخ 25 كانون الأول 2017. كما وجدت المحاكم الكويتية أن الصالح مذنب بإهانة دولة الإمارات العربية المتحدة، وبأنه مذنباً في محاكمة منفصلة بإهانة البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بشكل جماعي. ووفقا للجنة حماية الصحفيين، لم يحكم عليه بعد في هاتين القضيتين. أما بتاريخ 3 كانون الثاني 2017، حُكم على المدافع عن حقوق الإنسان سليمان بن جاسر، المتهم باقتحام البرلمان، بالسجن لمدة سبع سنوات، وبدأ إضرابا عن الطعام احتجاجا على الظلم الذي وقع أثناء محاكمته. ووفقا لمركز الخليج لحقوق الإنسان، فقد حُكِم على بن جاسر على أساس “اتهامات ملفقة” وأنه استُهدِف فقط بسبب نشاطه السلمي.
وفي البحرين، رفضت محكمة النقض بتاريخ 15 كانون الثاني استئناف المدافع عن حقوق الإنسان نبيل رجب على الحكم ضده بالسجن لمدة عامين بتهمة “نشر أخبار وهمية تقوض هيبة الدولة”، وتم تأجيل قضيته مرة أخرى بسبب تغريدات على تويتر ضد السعودية لغاية 28 شباط 2018. وأصدر مركز البحرين لحقوق الإنسان ومنظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين بيانين يدين القرار.
أما في عُمان، فقد بدأ سريان قانون جديد يتعلق بقانون العقوبات بتاريخ 15 كانون الثاني. ووفقاً لتحليل شامل من قبل مركز الخليج لحقوق الإنسان فإن القانون الجديد “يحوي على عدة مواد غامضة التعريف ويمكن أن تستخدم بسهولة من قبل جهاز الأمن الداخلي المعروف بتاريخه الحافل بإنتهاكات حقوق الإنسان، لاستهداف مدافعي حقوق الإنسان، ناشطي الإنترنت، وكذلك خنق الحريات العامة”.
الحرب على اليمن
يعمل الصحفيون والناشطون في اليمن في ظروف خطيرة. وبالنظر إلى أن الصحفيين الدوليين ليس لديهم سوى القليل جدا من فرص الدخول إلى البلاد، فإن هناك حاجة ماسة للجهود الشجاعة التي يبذلها النشطاء المحليون والصحفيون لإبلاغ المجتمع الدولي عن اليمنيين الذين يعانون من جميع أطراف النزاع، ولكنهم يدفعون ثمناً عالياً لا يُصدق.
ففي 22 كانون الثاني، قُتِل المصور اليمني محمد القادسي في هجوم صاروخي أثناء عمله. وأصيب الصحفي بشير عقلان في نفس الهجوم، ولا يزال في غيبوبة بمستشفى خليفة ويعاني من إصابات في رأسه وعنقه، وفقا لما ذكرته لجنة حماية الصحفيين.
وكثيرا ما يُستَهدف الصحفيون والناشطون تحديداً بسبب أنشطتهم. فقد أدى الحوثيون والتحالف الذي تقوده السعودية إلى اختفاء آلاف اليمنيين قسرياً. فبعد خمسة أشهر في الأسر، أطلق الحوثيون سراح الناشط السياسي والمحلل البارز هشام العميسي هذا الشهر. وقد احتفل كل من منظمة الأصوات العالمية ومركز الخليج لحقوق الإنسان بإطلاق سراحه، وتم دعوة جميع الأطراف المتحاربة إلى الإفراج عن جميع المحتجزين بسبب أنشطتهم السلمية.
تونس تحتفل بمرور سبع سنوات على الثورة بقمع المعارضة
إن موجة الاحتجاجات ضد التقشف التي استمرت عشرة أيام في مختلف المدن التونسية خلال شهر كانون الثاني قوبلت بسوء معاملة الشرطة ومضايقات المتظاهرين والصحفيين على حد سواء. فوفقا لما ذكرته منظمة هيومن رايتس ووتش، قد قامت الشرطة أحيانا بضرب الذين تم اعتقالهم وحرمتهم من حقهم في الاستعانة بمحام بموجب القانون التونسي. كما اعتقلوا بعض الاشخاص بسبب قيامهم بتوزيع منشورات تنتقد الحكومة. ونُقِل أحد المراسلين الفرنسيين لفترة وجيزة إلى مركز للشرطة وتعرض للاستجواب لمدة ساعة تقريبا بتاريخ 11 كانون الثاني، كما تم استجواب صحفي آخر بتاريخ 14 كانون الثاني. وتمت مصادرة هاتف أحد المراسلين. وفي كانون الثاني، اكتشف المدون التونسي الذي فاز مؤخرا بانتخابات البرلمان انه يواجه محاكمتين عسكريتين بسبب انتقاد الجيش على وسائل الاعلام الاجتماعية.
تلاشي مساحة التعبير السياسي في مصر
باعتبارها أول انتخابات رئاسية في مصر منذ استيلاء عبد الفتاح السيسي على السلطة، لاحظ المراقبون الدوليون والمحليون محاولات السيسي للقضاء على أي معارضة حقيقية لحكمه. وحذرت المنظمات الإقليمية، بما فيها معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في كانون الأول 2017 من أن الانتخابات المقبلة ستكون مجرد “استفتاء لتجديد البيعة للرئيس الحالي“، وحذرت من الاعتقال والاختفاء القسري بحق المرشح الرئاسي المحتمل الجنرال سامي عنان بتاريخ 20 كانون الثاني. وفي بيان مشترك يدين الاعتقال، سردت المنظمتين إلى جانب المنظمات المحلية الأخرى عدة أمثلة أخرى لمحاولات الحكومة لاعاقة المعارضين الرئيسيين المحتملين.
وعلاوة على ذلك، تم الاعتداء على القاضي هشام جنينة (نائب عنان لشؤون حقوق الإنسان) بتاريخ 27 كانون الثاني، ويبدو أنه آخر انتقام للحملة الانتقامية المنسقة التي قامت بها قوات الأمن المصرية ضد أي شخص مستعد لمنافسة السيسي على الرئاسة.
تقليص الخطاب النقدي في لبنان
استمر نمط الملاحقات القضائية ضد من ينتقدون المسؤولين والذي بدأ في تشرين الثاني 2017 في لبنان حتى كانون الثاني 2018، حيث وُجِهت ثلاث قضايا جديدة بتهم جنائية ضد المواطنين اللبنانيين. وأصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش بيانا بتاريخ 31 كانون الثاني أعربت فيه عن قلقها وقدمت تفاصيل عن كل قضية على حدة.
كما تعرض لبنان للنيران على الصعيد الدولي هذا الشهر بعد أن قام باحثون في مؤسسة الحدود الإلكترونية و”لوك أوت” بإصدار تقرير يزعم فيه أن حملة التجسس باستخدام البرمجيات الخبيثة المسؤولة عن سرقة مئات الجيجا بايت من البيانات الشخصية كانت مرتبطة بمبنى يملكه جهاز الأمن العام اللبناني . ودعت عشر منظمات لحقوق الإنسان ووسائل الإعلام المدعي العام اللبناني إلى التحقيق في ادعاءات المراقبة السرية الواسعة النطاق.
باختصار
وفي العراق، أشعل مهاجمون مجهولون النار بمكتب تلفزيون دجلة في بغداد بتاريخ 2 كانون الثاني. وبينما لم يصاب احد فى الحريق، إلا أنه دمر جميع معدات القناة ومكاتب المكتب الجديد.
وفي سوريا، أصيب صحافيان من وسائل الإعلام المؤيدة للمعارضة في غارة جوية بتاريخ 11 كانون الثاني 2018 وذلك أثناء تغطية الاشتباكات في جنوب محافظة إدلب.
أما في الأردن، فقد أمر المدعي العام في عمان بتاريخ 16 كانون الثاني بإلقاء القبض على رئيس تحرير ومحرر جفرا نيوز بسبب مقال نشر في وقت سابق من هذا الشهر عن وزير المالية. وتم اتهامهما بانتهاك أحكام قانون الصحافة والنشر وقانون الجرائم الالكترونية.
وفي فلسطين، قام المركز العربي لتطوير وسائل الإعلام الاجتماعي – حملة بتنظيم منتدى كبير للنشاط الرقمي في رام الله حول حماية الحقوق الرقمية في فلسطين والعالم: والابتكار الفلسطيني في النشاط الرقمي بفلسطين؛ والاتجاهات العالمية في النشاط الرقمي. ونشر المركز بيانا يُفصّل النقاط الرئيسية التي نتجت عن المناقشات التي دارت أثناء المنتدى.