(آيفكس/ المرصد الوطني لحرية الصحافة و النشر و الإبداع في تونس)- قرّرت هيئة الدفاع اليوم 6 أكتوبر مقاطعة المحاكمة التي يتعرّض لها الصحافي المولدي الزوابي لألاّ يشاركوا في تزكية مهزلة قضائية. وقد حوّلت القضيّة أمام أنظار المحكمة الابتدائية ويواجه الزوابي خطر عقوبة بالسجن لمدّة سنتين مع النفاذ. فقد أخذت المحاكمة – التي يلاحق فيها الصحافي […]
(آيفكس/ المرصد الوطني لحرية الصحافة و النشر و الإبداع في تونس)- قرّرت هيئة الدفاع اليوم 6 أكتوبر مقاطعة المحاكمة التي يتعرّض لها الصحافي المولدي الزوابي لألاّ يشاركوا في تزكية مهزلة قضائية. وقد حوّلت القضيّة أمام أنظار المحكمة الابتدائية ويواجه الزوابي خطر عقوبة بالسجن لمدّة سنتين مع النفاذ.
فقد أخذت المحاكمة – التي يلاحق فيها الصحافي المولدي الزوابي، والتي انعقدت جلستها الخامسة اليوم 6 أكتوبر أمام محكمة الناحية بجندوبة – منعرجا خطيرا دفع بمحامي الدفاع إلى الانسحاب جميعا، ليعلنوا بذلك يأسهم من أن يقف القضاء محايدا فيها.
حيث سجّل المحامون أنه منذ 14 جويلية – تاريخ أول جلسة – تكرّرت انتهاكات حقوق الدفاع ؛ فقد تعمّدت المحكمة تجاهل طلبات الدفاع، خاصّة طلب المكافحة بين طرفي النزاع التي لم تقع في أي طور من أطوار التحقيق وكذلك طلب تقديم الشهود أمام المحكمة. كما رفضت المحكمة فتح تحقيق حول الاعتداء الذي تعرّض له المولدي الزوابي من طرف الشاكي نفسه والاستماع إلى شهوده.
وبالمقابل، فقد استجابت المحكمة لطلب الفحص الطبي الذي تقدّم به محامي الشاكي الذي رفض المثول أمام المحكمة وهو ما يعتبر انتهاكا إضافيّا لإجراءات التقاضي.
ولقد فوجئ المحامون خلال جلسة 6 أكتوبر بإضافة شهادة طبية بالملفّ تفيد حصول الشاكي على نسبة سقوط دائم بـ6 في المائة ! وهي نسبة وهمية لا يمكن بحال أن تكون مطابقة للوقائع المعروضة على المحكمة ؛ وحسب محامي المولدي الزوابي، فهذه النسبة من السقوط يمكن أن تنتج عن حادث مرور ولا يمكن تصديقها بتاتا.
وطبقا لمجلة الإجراءات الجزائية، فإن نتائج هذه التطوّرات هي تخلّي محكمة ناحية جندوبة لعدم الاختصاص؛ وهو ما وقع فعلا، فقد تخلّت اليوم المحكمة عن القضية التي ستحال على أنظار المحكمة الابتدائية، وهو ما سينجرّ عنه إعادة تكييف للوقائع بما يعرّض المولدي الزوابي لعقوبة بالسجن سنتين مع النفاذ.
وقد أعلنت هيئة الدفاع عن الزوابي بانسحابها من المحاكمة “رفضها أن تفضي شرعية الى مهزلة قضائية لا تتوفّر فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة”.
الخلفيّة
فوجئ المولدي الزوابي – كبير مراسلي راديو كلمة والعضو المؤسّس لفرع تونس لنادي القلم الدولي – بتلقّي استدعاء للمثول أمام محكمة الناحية بجندوبة يوم 14 جويلية 2010، بتهمة “الاعتداء بالعنف والقذف العلني” ضدّ شخص المعتدي عليه في الواقع المسمّى خليل المعروفي، وذلك في الوقت الذي كان فيه الزوابي ينتظر أن يقع الاستماع إليه كمشتكي في القضية بعد أن تعرّض إلى اعتداء المعروفي وهو أحد ميليشيات الحزب الحاكم المعروفين في الجهة.
وتعود أطوار القضية إلى غرّة أفريل 2010، يوم تعرّض الصحفيّ إلى اعتداء من قبل أحد أزلام النظام والمعروف بقربه من الأمن. وقد جدّ الاعتداء أمام منطقة الأمن بولاية جندوبة التي كان الصحافي مارّا من أمامها؛ فقد نزل المعتدي من سيّارته وتوجّه إلى الصحافي سائلا إياه إن كان هو المولدي الزوابي، وما إن ردّ عليه الأخير بالإيجاب حتّى ارتمى عليه الأوّل وانهال عليه ضربا بحذاء ثقيل يلبسه، موجّها إليه تهديدات وشتائم سوقيّة، واصفا إياه ب”خائن الوطن” الذي “يشوّه صورة البلاد” والذي “سيدفع ثمن خيانته غاليا”. وفي الوقت الذي كان الزوابي ملقى على الأرض عمد المعتدي إلى افتكاك أوراقه الثبوتية وبطاقته البنكية ورخصة سياقته وبطاقته الصحافية المسلّمة من الاتحاد الدولي للصحفيين، وجهاز تسجيله الصوتي إضافة إلى وثائق شخصية أخرى والتي لم يتمكّن إلى الآن من استعادتها.
وفي نفس اليوم تقدّم المولدي الزوابي بشكاية لدى النيابة العمومية بجندوبة بعد أن وقع فحصه من قبل طبيب سلّمه شهادة طبية تثبت الاعتداء والجراح المتخلّفة عنه. كما رافقه محامو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان-فرع جندوبة إلى المحكمة وعاينوا الحالة التي كان عليها.
غير أن الشكاية التي تقدّم بها الزوابي حفظت “لعدم كفاية الأدلّة” في حين تحوّل المعتدي إلى شاك يقاضي الصحافي من أجل نفس الأفعال التي كان الأخير ضحيّتها !
لقد عرف المولدي الزوابي بتحقيقاته الاجتماعية التي يجريها في منطقة الشمال الغربي المهمّشة والمنسية من طرف الحكومة وهي التحقيقات التي عرّت زيف دعاية النظام حول إنجازاته الاقتصادية والقضاء على الفقر.
وقد تعرّض الزوابي إلى قمع مستمرّ بسبب عمله هذا. فمنزله مراقب بشكل دائم من قبل أعوان أمن بالزي المدني يلاحقون عائلته أيضا. كما قطعت عنه وصلة الانترنت وبدون تفسير منذ بداية فيفري 2010 رغم لجوئه إلى القضاء. كما وقع إيقافه يوم 28 جانفي 2010 والاحتفاظ به في مركز أمن مونبليزير بالعاصمة تونس لمدّة تجاوزت الثماني ساعات، بينما كان يستعدّ لإجراء حوار مع محمّد بوعبدلّي مدير الجامعة الحرة بتونس.
إن مرصد حرية الصحافة والنشر والإبداع والمجلس الوطني للحريات بتونس
• يسجّلان أن هذه الملاحقة الجديدة لصحفيّ تقع في سياق تصاعد القمع ضد حرية التعبير و اصدار قانون جديد يسمّى “قانون التخوين” ويجرم كل شكل من أشكال النقد لسياسة الحكومة. وقد وقع اتهام المولدي الزوابي بكونه خائنا “يشوّه صورة البلاد” ؛
• يدينان هذه الملاحقة القضائية ورفض الحق في التقاضي الذي كان ضحيته المولدي الزوابي مثل العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان؛ هذا الرفض الذي يتزامن مع “إصلاح لنظام التقاضي” مزعوم ممول من قبل الاتحاد الأوروبي ؛
• يطالبان بإيقاف التتبعات في حق الصحافي الزوابي وإطلاق سراح الصحافي الفاهم بوكدّوس والكفّ عن ملاحقة الصحفيين ووسائل الإعلام المستقلة والتضييق عليهم.
عن مرصد حرية الصحافة والنشر والإبداع عن المجلس الوطني للحريات بتونس
الرئيس الناطقة باسمه
محمّد الطالبي سهام بن سدرين