قد تم شن سلسلة من التحقيقات في الصحف المصرية المستقلة على حسب اتهامات بإهانة الرئيس محمد مرسي و الإبلاغ عن أخبار كاذبة. تواجه بعض الشخصيات الإعلامية اتهامات رسمية في ما يتعلق بانتقادها للرئيس والإخوان مسلمين.
(لجنة حماية الصحفيين/ايفكس) – 3 يناير 2012 – تعرب لجنة حماية الصحفيين عن قلقها جراء سلسلة التحقيقات الجنائية التي استهدفت الصحف المصرية المستقلة بتهمة إهانة الرئيس أو نشر أخبار كاذبة. وتواجه بعض الصحف وبعض الإعلاميين اتهامات رسمية على خلفية تغطيتهم الإخبارية الناقدة، حسب تقارير الأنباء.
وقال شريف منصور، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، “ثمة نزعة متنامية باستهداف الأصوات المستقلة والناقدة في عهد حكومة الرئيس مرسي، وهي نزعة تثير القلق بصفة خاصة على ضوء نقص الحماية للصحافة بموجب الدستور الجديد. إن السلطات المصرية تتقهقر بخطى واسعة نحو الممارسات التي كانت سائدة في عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك”.
وجّهت السلطات اليوم اتهامات للصحفي مجدي الجلاد، محرر الصحيفة اليومية المستقلة ‘الوطن’، بإهانة الرئيس وذلك على خلفية رسومات كاريكاتيرية نشرتها الصحيفة، حسبما قالت الصحيفة. وفي يوم الأربعاء، أوردت صحيفة ‘المصري اليوم’، وهي من أبرز الصحف المصرية، بأن النائب العام يجري تحقيقات تستهدف الصحيفة في أعقاب بلاغ من مكتب الرئيس الذي اتهم الصحيفة بنشر أخبار كاذبة. وفي يوم الأربعاء أيضاً، أحال النائب العام الصحفي عبد الحليم قنديل، محرر الصحيفة الأسبوعية المستقلة ‘صوت الأمة’، إلى مكتب النيابة العامة في شمال الجيزة لإجراء تحقيق رسمي معه، وفق تقارير الأخبار. ونشأت الاتهامات عن مقالة كتبها قنديل في تشرين الأول/أكتوبر بعنوان “كذّاب يا مرسي”.
وبموجب النظام القانوني المصري، تُرفع البلاغات إلى مكتب النائب العام الذي يجري تحقيقات أولية بشأن الأدلة المتوفرة ومن ثم إحالة القضية إلى قاضٍ أو إلى مكتب النيابة العامة المحلي لإجراء المزيد من التحقيقات. ويمكن احتجاز المشتبه بهم أثناء مرحلة التحقيق. وبعد ذلك بوسع القاضي أو مكتب النيابة العامة المحلي إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية لإصدار اتهامات رسمية. وكان الرئيس مرسي قد عيّن النائب العام الحالي، طلعب عبدالله، في تشرين الثاني/نوفمبر.
وفي هذا الأسبوع أيضاً، قال مكتب النائب العام إنه أحال الصحفي باسم يوسف الذي يستضيف برنامجاً تلفزيونياً إخبارياً ساخراً بعنوان ‘البرنامج’ في محطة ‘سي بي سي’ المستقلة، إلى القاضي لإجراء تحقيقات بشأن اتهامات بإهانة الرئيس عبر إظهار صورة لمرسي مطبوعة على وسادة. وقد اعتاد الصحفي باسم يوسف على توجيه انتقادات لمرسي والجماعات الإسلامية، وهو معروف على نطاق واسع في مصر بلقب “جون ستيوارت المصري” في إشارة إلى الصحفي الأمريكي الذي يستضيف برنامج “ذا ديلي شو” الإخباري الساخر واسع الشهرة في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد ظهر باسم يوسف قبل أسبوعين من توجيه الاتهامات له على محطة ‘سي أن أن’ في مقابلة مع الصحفية كريستيان أمانبور حيث قلل يوسف من شأن مخاطر تعرضه للقمع بسبب تغطيته الإخبارية.
وفي كانون الأول/ديسمبر، أجرت النيابة العامة في القاهرة تحقيقاً مع الصحفي محمود سعيد الذي يستضيف برنامجاً تلفزيونياً إخبارياً يدعى ‘آخر النهار’ في قناة ‘النهار’ الخاصة، وذلك بتهمة التشهير جراء بلاغ رفعه الرئيس مرسي، حسب تقارير الأنباء. وكان محمود سعيد قد استضاف في برنامجه الأخصائية النفسية منال عمر حيث قدمت تحليلاً نفسياً لمرسي أثناء البرنامج. وقد أُفرج عن الصحفي بالكفالة بعد ست ساعات من احتجازه ولم تُتخذ أية إجراءات إضافية.
هذه الموجة من التحقيقات والاتهامات هي آخر حلقة من سلسلة من الاعتداءات على الصحافة المصرية المستقلة. ففي أواخر عام 2012، تعرض صحفيون لاعتداءات في الشوارع بينما كانوا يغطون التظاهرات المناهضة لمرسي والدستور الجديد. كما أصيب خمسة صحفيين على الأقل بالرصاص المطاطي في تشرين الثاني/نوفمبر، وقُتل الصحفي الحسيني أبو ضيف في كانون الأول/ديسمبر.
وفي الشهر الماضي، تعرضت عدة قنوات تلفزيونية مستقلة في مدينة الإنتاج الإعلامي في مصر إلى حصار لمدة أسبوع على الأقل من قبل إسلاميين من مناصري مرسي، وفقاً لتقارير الأنباء. وقد نظّم المتظاهرون اعتصاماً للاحتجاج على التغطية الإخبارية التي تبثها هذه القنوات للدستور المصري الجديد، والذي تم إقراره عبر استفتاء شعبي على الرغم من الخلافات الواسعة التي نشأت بسببه ومزاعم المعارضة المصرية بالاستعجال غير المبرر لعملية إقرار الدستور.