سجل عدد الصحفيين السجناء في جميع أنحاء العالم مستوى قياسيًا جديدًا في عام 2022. ففي سنة اتسمت بالنزاعات والقمع، ضاعف الزعماء المستبدون تجريمهم للتغطية الإخبارية المستقلة، واستخدموا قسوة متزايدة لكبح الأصوات المعارِضة وتقويض حرية الصحافة.
نشر أولًا على لجنة حماية الصحفيين
سجل عدد الصحفيين السجناء في جميع أنحاء العالم مستوى قياسيًا جديدًا في عام 2022. ففي سنة اتسمت بالنزاعات والقمع، ضاعف الزعماء المستبدون تجريمهم للتغطية الإخبارية المستقلة، واستخدموا قسوة متزايدة لكبح الأصوات المعارِضة وتقويض حرية الصحافة.
إعداد آرلين غيتز/ مديرة التحرير في لجنة حماية الصحفيين
منهجية الإحصاء | الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحفيين | القمع بحسب المناطق
شهدت هذه السنة رقمًا قياسيًا في عدد الصحفيين السجناء بسبب ممارستهم لمهنتهم. ووجد الإحصاء السنوي للصحفيين السجناء الذي تعده لجنة حماية الصحفيين أن 363 صحفيًا محرومون من حريتهم بحلول يوم 1 كانون الأول/ ديسمبر 2022 – وهو عدد قياسي جديد في العالم تجاوز العدد القياسي الذي وصله في السنة الماضية بنسبة 20% مما يمثل محطة قاتمة أخرى في المشهد الإعلامي المتدهور في العالم.
احتلت المراتب الخمسة الأولى من حيث عدد الصحفيين السجناء في هذا العام كل من إيران، والصين، وميانمار، وتركيا، وبيلاروس، على التوالي. ومن بين الدوافع الرئيسية للجهود القمعية المتزايدة التي تبذلها الحكومات الاستبدادية لخنق الإعلام هو سعيها لكبح غليان السخط في عالم شهد تعطيلات ناشئة عن جائحة كوفيد-19، والتبعات الاقتصادية للحرب الروسية ضد أوكرانيا.
وفي إيران، كان عشرات الصحفيين بين ما يُقدر بـ 14,000 إيراني اعتُقلوا أثناء قمع التظاهرات التي انطلقت إثر وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة، وهي امرأة كردية تبلغ من العمر 22 عامًا اعتُقلت بزعم خرقها لقانون الحجاب في إيران. ومنذ أيلول/ سبتمبر، انتشرت التظاهرات في جميع أنحاء البلد، وقد توسعت مطالب المتظاهرين لتشمل إعمال حقوق المرأة، وتطورت إلى دعوات إلى تنظيم إضرابات والإطاحة بالقادة الإيرانيين. وسجنت السلطات عددًا قياسيًا من الصحفيات – 22 صحفية من مجموع 49 صحفيًا اعتقلوا منذ بداية التظاهرات – مما يعكس الدور البارز الذي تؤديه الصحفيات في تغطية هذا الثورة التي تقودها النساء.
وفي الصين، شددت السلطات رقابتها على شبكة الإنترنت أثناء التظاهرات التي جرت مؤخرًا بسبب سياسات الإغلاق العام المعروفة باسم ’صفر كوفيد‘، وأفادت التقارير بأن عدة صحفيين احتجزوا لفترات قصيرة اثناء تغطية التظاهرات.
وتسلط بيانات لجنة حماية الصحفيين الضوء أيضًا على موضوع آخر: القمع الجاري للأقليات.
ففي إيران، تحمّل الأكراد الوطأة الأشد للإجراءات الانتقامية التي اتخذتها الحكومة الإيرانية ضد المتظاهرين، وكان تسعة صحفيين أكراد على الأقل من بين الصحفيين المحتجزين. وفي تركيا، اعتقلت السلطات 25 صحفيًا كرديًا يعملون إما مع وكالة ’ميزوبوتيميا للأنباء‘، أو موقع ’جين نيوز‘ (JINNEWS) الإخباري الذي تعمل فيه نساء فقط، أو شركات الإنتاج التي أنتجت محتوى استخدمته وسائل إعلام كردية تعمل في أوروبا. وفي العراق، بلغ عدد الصحفيين السجناء المشمولين بإحصاء هذا العام ثلاثة صحفيين، وجميعهم محتجزون في إقليم كردستان العراق. وفي الصين، كان العديد من الصحفيين السجناء هم من المنحدرين من جماعة الأويغور الإثنية في إقليم شينجيانغ، حيث اتُهمت السلطات الصينية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بسبب الاحتجاز الجماعي والقمع الشديد ضد أبناء هذه الأقلية التي أغلبها من المسلمين.
إن سجن الصحفيين هو مجرد إجراء واحد يتخذه الزعماء المستبدون سعيًا لكبح حرية الصحافة. وثمة حكومات في جميع أنحاء العالم تصقل أساليب من قبيل قوانين “الأخبار الكاذبة”، وتستخدم ذريعة التشهير الجنائي وتشريعات ذات صياغة غامضة لتجريم العمل الصحفي، وهي تتجاهل سيادة القانون وتسيء استخدام النظام القضائي، كما أنها تستغل وسائل تكنولوجية من أجل التجسس على الصحفيين وأفراد أسرهم.
وفي بلدان من قبيل روسيا ونيكاراغوا وأفغانستان، حُرمت وسائل الإعلام المستقلة من العاملين الماهرين إذ اضطر الصحفيون إلى الفرار إلى المنافي أو تم ترهيبهم ليمارسوا الرقابة الذاتية. وبينما تختلف الاستراتيجيات القمعية بين البلدان، إلا أن الحالات التي وثقها إحصاء لجنة حماية الصحفيين تشترك في خيط يجمعها يتمثل في قسوة السلطات وممارساتها الانتقامية.
وثمة سجل لبعض الدول، من قبيل الصين والسعودية، بمواصلة سجن الصحفيين حتى بعد انتهاء مدة محكوميتهم، فيما تنهمك دول أخرى في أعمال قسوة اعتباطية. ففي فيتنام، على سبيل المثال، تمضي الصحفية فان دوان ترانغ حكمًا بالسجن لمدة تسع سنوات بتهمة توزيع دعاية مضللة ضد الدولة، وقد نقلها من مدينة هانوي إلى سجن في منطقة نائية يقع على بعد 900 ميل (ما يعادل 1448 كيلومترًا) من أسرتها – وهو أسلوب شائع لحرمان السجناء من الزيارات العائلة المنتظمة.
وفي بيلاروس، كانت الصحفية كاتسيارينا أندرييفا من بين عشرات الصحفيين الذين احتجزوا أثناء التظاهرات التي اجتاحت البلد ضد سلطة الرئيس ألكساندر لوكاشينكو، وكانت على وشك إنهاء مدة الحكم بالسجن لمدة سنتين عندما أصدرت المحكمة ضدها حكمًا آخر بالسجن لمدة ثماني سنوات بتهمة “إفشاء أسرار الدولة”.
وفي تركيا، حيث أمرت المحكمة الدستورية بإجراء محاكمة جديدة للصحفية هاتيس دومان – والتي أمضت 20 سنة من حكم بالسجن مدى الحياة – قالت الصحفية لمحكمة في إسطنبول في هذا الشهر بأن مسؤولي السجن صادروا وثائقها وملاحظاتها القانونية قبل بضعة أسابيع من موعد المحاكمة، مما ينتهك حقها في إعداد الدفاع عن نفسها. (وفي وقت سابق، أفادت دومان للجنة حماية الصحفيين أثناء مقابلة جرت معها بأن مقتنياتها الشخصية من قبيل مكتبها وكتبها ومفكرتها وحتى أوراقها الفارغة صودرت منها أثناء مداهمة لزنزانتها).
نتائج رئيسية أخرى:
الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحفيين
#1: إيران
احتجزت السلطات الإيرانية أثناء قمعها للتظاهرات الجماهيرية التي أعقبت مقتل مهسا أميني ما لا يقل عن 62 صحفيًا لغاية 1 كانون الأول/ ديسمبر. وكان العدد سيكون أكبر لو لم تفرج السلطات عن 21 صحفيًا آخر بالكفالة إثر احتجازهم بعد بدء التظاهرات وقبل إصدار هذا الإحصاء.
أما عدد الصحفيات من بين الصحفيين المحتجزين فهو غير مسبوق. فعندما احتجزت السلطات الإيرانية صحفيين في أعقاب الانتخابات الإيرانية التي أثارت الخلاف في عام 2009، كان عددهم قياسيًا آنذاك وبلغ ذروته في عام 2012 إذ وصل إلى 47 صحفيًا سجينًا، وكان بينهم أربع صحفيات فقط آنذاك.
وبالمقابل، وثق إحصاء هذا العام احتجاز 24 صحفية؛ وقد احتُجزت 22 صحفية منهن بعد بدء التظاهرات.
وأفاد مزودو معلومات للجنة حماية الحصفيين أنه أثناء الاعتقالات في هذا العام برز نمط من المداهمات التي تجري قبل الفجر على منازل الصحفيين، حيث يقوم عناصر الشرطة بمصادرة أجهزة الاتصال، وأحيانًا يقومون بضرب الأشخاص الذين يعتقلونهم. وغالبًا ما تختفي أيضًا تغطيتهم الصحفية، فقد اختفى العديد من حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي – وهي منصات رئيسية للنشر في هذا البلد الذي تخضع فيه معظم وسائل الإعلام لسيطرة الدولة – وذلك إما من خلال إغلاق هذه الحسابات، أو لقيام الصحفيين بحذفها كإجراء احتياطي خشية من تعرضهم للانتقام بسبب تغطيتهم الصحفية.
هذا العدد من الصحفيين السجناء في إيران الذي يبلغ 62 صحفيًا يمثل أعلى عدد توثقه لجنة حماية الصحفيين لهذا البلد طوال السنوات الـ 30 التي صدر فيها هذا الإحصاء، وهو يتجاوز بسهولة العدد القياسي السابق للصحفيين السجناء أثناء الانتخابات الرئاسية التي جرت في البلد في عام 2009 وفي أعقابها.
تصفح التقرير كاملًا عبر الرابط.