أكتوبر/ تشرين الاول 2022 في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: تقرير حول حرية التعبير، بالاستناد إلى تقارير أعضاء آيفكس وأخبار المنطقة، من إعداد المحرر الإقليمي في آيفكس، نسيم الطراونة.
تُرجمت هذه المقال عن هذه النسخة الأصلية
استضافة قمة المناخ العالمية في جو من الخوف في الفضاء المدني المصري المقيد، وقطر تعيق التغطية الإخبارية في كأس العالم 2022، والإفلات الممنهج من العقاب يؤجج قمع إيران الغاشم للاحتجاجات.
المساحة المدنية المقيدة في مصر: حياة علاء عبد الفتاح في خطر خلال كوب27
تمركز سجل حقوق الإنسان والفضاء المدني المقيد في مصر وسط الأضواء الساطعة على المسرح العالمي في شرم الشيخ، حيث يجتمع زعماء العالم لحضور مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ كوب27 (COP27) هذا الشهر.
أصبحت محنة الكاتب والناشط، علاء عبد الفتاح رمزًا لأزمة حقوق الإنسان المتفاقمة في البلاد، حيث لايزال عشرات الآلاف من سجناء الرأي يقبعون في السجون بسبب ممارستهم لحقهم في حرية التعبير. أعلن عبد الفتاح قراره بالإضراب الكامل عن الطعام خلال كوب27 في أواخر الشهر الماضي، بعد أن أمضى أكثر من 200 يوم من الإضراب الجزئي عن الطعام، في محاولة أخيرة من أجل الحرية.
أعلن عبد الفتاح في رسالة إلى أسرته عن تصعيد إضرابه عن الطعام:
“لو الواحد بيتمنى الموت يبقى الإضراب مش نضال، لو الواحد متمسك بالحياة بس كغريزة بقاء يبقى ملوش لازمة النضال، لو الواحد بيأجل الموت خجلان من دمع أمه فقط يبقى بيقلل احتمالات النصر….
أخدت قرار بالتصعيد في التوقيت المناسب لنضالي عشان حريتي، وحرية أسرى صراع هم مش طرف فيه، أو بيحاولوا يتخارجوا منه، وكل ضحايا نظام مش عارف يدير أزماته غير بأنه يقمع، ولا يعيد أنتاج نفسه غير بإنه يحبس.”
قبيل قمة المناخ، بدأت شقيقتا عبد الفتاح، سناء ومنى سيف، اعتصامًا خارج وزارة الخارجية البريطانية في لندن الشهر الماضي لمطالبة وزير الخارجية، جيمس كليفرلي باتخاذ إجراءات لتأمين إطلاق سراح شقيقهما. في الوقت نفسه، أعربت مجموعات حقوقية عن مخاوفها على حياة الناشط البريطاني-المصري نتيجة إضرابه الكامل عن الطعام، وضغطت على قادة العالم الموجودين في كوب27 للتدخل الفوري، قبل انتهاء مؤتمر المناخ.
[ترجمة: ما هي البصمة الكربونية لمشروعات الجيش المصري الضخمة؟ ما هي البصمة الكربونية لعاصمة السيسي الجديدة؟ “لا توجد وسيلة … لنشطاء المناخ المحليين [إثارة] مثل هذه المخاوف [خلال كوب27]، ليس لأنهم لا يريدون ذلك، ولكن لأنهم لا يستطيعون” – @sana2]
أفاد نشطاء بيئيون في البلاد أن مساحة العمل المستقل في مجال البيئة والمناخ قد تراجعت بشكل حاد منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في عام 2014. من الملاحقات القضائية اللانهائية، وتجميد الأصول، وحظر السفر ضد الموظفين، إلى أساليب المضايقة والترهيب، بما فيها الاعتقالات – يصف الناشطون جوًا عامًا من الخوف.
اعتقلت السلطات عشرات المصريين الذين كانوا يطالبون باحتجاجات خلال قمة المناخ في الأسابيع التي سبقت مؤتمر الأمم المتحدة.
في تسليط الضوء بشكل أكبر على المساحة المدنية المقيدة في مصر، استبعدت السلطات مجموعات وممثلي سكان منطقة سيناء، حيث يُعقد مؤتمر المناخ، من المشاركة في الحدث.
منذ عام 2013، تسببت السلطات المصرية بنزوح عشرات الآلاف من سكان شمال سيناء، حيث جرفت الأراضي الزراعية، كما فرضت قيودًا على حركة الأفراد والبضائع، نتيجة لعملية عسكرية استمرت لعقد من الزمان ضد فرع لتنظيم الدولة الإسلامية في شبه الجزيرة. بحسب الجماعات الحقوقية، فقد تم اعتقال الآلاف من سكان المنطقة، وإخفائهم قسرا، وتعذيبهم، وقتلهم خارج نطاق القضاء.
[ترجمة: الموضوع: محافظ جنوب سيناء في #مصر [حيث يتم استضافة #COP27 في نوفمبر] قدم مقابلة تلفزيونية مطولة تعكس رؤية الحكومة المظلمة، حيث قال بأنه تم تجهيز منطقة “أنيقة للغاية” للاحتجاجات، مليئة بالمقاهي والمطاعم، و “لا يُسمح لأحد بدخولها دون تسجيل”.]
حظيت عريضة تطالب السلطات المصرية بفتح الفضاء المدني في البلاد قبل انعقاد قمة المناخ بدعم مئات المجموعات حول العالم، كما تم اعتمادها كقرار من قبل منتدى مشاركة المنظمات غير الحكومية في الدورات العادية للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.
أشار محمد عبد السلام، المدير التنفيذي لجمعية حرية الفكر والتعبير (AFTE)، عضوة في آيفكس، “الخطوة الأساسية اللازمة للوصول إلى العدالة المناخية تكمن في وقف جميع السياسات القمعية واحترام حقوق الإنسان. فالمصريون عاجزون عن الوصول للمعلومات والمعرفة المرتبطة بقضايا تغير المناخ وآثارها المحتملة؛ بسبب السياسات القمعية المتمثلة في الرقابة الأمنية على وسائل الإعلام، وتقييد أنشطة المجتمع المدني، وعرقلة إصدار قانون تداول المعلومات، وتراجع استقلال القضاء.”
تقييد التغطية الإخبارية في قطر خلال كأس العالم
فرض أحدث اعتماد إعلامي قطري لكأس العالم لكرة القدم 2022 قيودًا جديدة على وسائل الإعلام والصحفيين الذين يغطون الحدث في البلاد. قبل الحدث، أصدرت السلطات قائمة بالشروط التي يجب أن توافق عليها وسائل الإعلام عند التقدم للحصول على تصاريح تصوير؛ وتشمل حظر التصوير في المباني الحكومية، ودور العبادة، والجامعات، والمستشفيات، وكذلك العقارات السكنية، والشركات الخاصة.
خففت القيود الجديدة القواعد السابقة للحصول على تصاريح تصوير، والتي كانت تتطلب من وسائل الإعلام “الإقرار والموافقة” على أنها لن تقدم تقارير “غير ملائمة أو مسيئة للثقافة القطرية والمبادئ الإسلامية”. مع ذلك، فإن تحديد الأماكن التي يمكن لوسائل الإعلام تصويرها يقيد قدرة الصحفيين الأجانب على التحقيق في الانتهاكات المزعومة، بما في ذلك استغلال العمال المهاجرين، ومعاملة أفراد مجتمع الميم في البلاد، وحقوق المرأة.
حسب كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود: “عند التقدم بطلب للحصول على الاعتماد، تجد المؤسسات الإعلامية نفسها مطالَبة بالموافقة على الالتزام بعدد من الشروط، بعضها يلفه الغموض واللبس ويمكن تفسيره على أساس تعسفي، مما يجعل من الواضح أن قطر تسعى إلى تثبيط، إن لم نقل منع، وسائل الإعلام الأجنبية من الحديث عن أي شيء آخر لا يتعلق بكرة القدم”
يخضع سجل قطر في مجال حقوق الإنسان لتدقيق متزايد قبل بطولة العالم لكرة القدم. تضغط جماعات حقوقية على الفيفا والحكومة القطرية للالتزام بمعالجة الانتهاكات ضد آلاف العمال المهاجرين؛ إذ واجه العديد منهم استغلالاً خطيراً أثناء تشييد البنية التحتية الخدمية في البلاد لاستضافة الحدث العالمي.
وفقًا لـ هيومن رايتس ووتش (HRW)، وقع العديد من العمال المهاجرين في “عبودية الديون” بعد دفع رسوم استقدام باهظة وغير قانونية، غالبًا ما تستغرق شهورًا أو سنوات لتسديدها. في أغسطس / آب، اعتقلت السلطات، ورحلت نحو 60 عاملا وافدا شاركوا في مظاهرة في الدوحة بعد أن أمضوا شهورا دون تلقي رواتبهم.
في غضون ذلك، لا يزال أفراد مجتمع الميم يواجهون اعتقالات تعسفية من قبل قوات الأمن القطرية، كما يتعرضون لسوء المعاملة أثناء الاحتجاز. وثقت هيومن رايتس ووتش عدة حالات لأشخاص اعتقلوا في أماكن العامة بناء على تعبيرهم الجندري فقط، حيث تعرضوا لعمليات تفتيش هاتفية غير قانونية، وبرامج تحويل حكومية قسرية، وانتهاكات جسيمة أثناء الاحتجاز. وفقًا للمجموعة الحقوقية، فإن مناخ التعبير القمعي في قطر، لا سيما عندما يتعلق الأمر بحقوق مجتمع الميم، أثار خشية الكثيرين ممن لديهم تجارب مماثلة من سوء المعاملة من التحدث علنًا بسبب خطر الانتقام.
كما دعت هيومن رايتس ووتش السلطات إلى إلغاء المادة 285 من قانون العقوبات في البلاد التي تجرم ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج، والعلاقات المثلية، وإدخال تشريعات تحمي من التمييز بين الجنسين، قائلة: “يجب ضمان حرية التعبير، وعدم التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجنسية، بشكل دائم، لجميع المقيمين في قطر، وليس فقط المتفرجين المتجهين إلى قطر للمشاركة في كأس العالم “.
الإفلات الممنهج من العقاب يؤجج حملة القمع الغاشمة في إيران
شهدت حملة القمع القاسية من قبل السلطات الإيرانية اعتقال عشرات المتظاهرين، والنشطاء، والصحفيين، والمدافعات عن حقوق المرأة، بالإضافة إلى قتل ما لا يقل عن 277 شخصًا حسبما ورد، مع استمرار الاحتجاجات المناهضة للحكومة في جميع أنحاء إيران الشهر الماضي في أعقاب وفاة مهسا أميني في الحجز. ورد أن الشرطة الإيرانية أطلقت الذخيرة الحية على آلاف الأشخاص الذين تجمعوا في مدينة سقز، مسقط رأس أميني، بمناسبة اليوم الأربعين للحداد.
[ترجمة: على الرغم من ضغوط السلطات على الأسرة إلغاء مراسم الأربعين يومًا #ahsa_Amini ، يتجمع الآلاف على قبر مهسا وهم يهتفون “كردستان مقبرة الفاشيين” “المرأة ، الحياة ، الحرية”]
أثار القمع العنيف الذي مارسته الدولة دعوات لعقد جلسة عاجلة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإنشاء آلية مستقلة للتحقيق، والإبلاغ، والمساءلة، نظرًا لخطورة انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في ظل إفلات منهجي وواسع النطاق من العقاب في إيران. أشارت جماعات حقوقية إلى نمط مروّع من قيام قوات الأمن الإيرانية بإطلاق الذخيرة الحية، والكريات المعدنية، بما في ذلك طلقات الخرطوش، على المتظاهرين والمارة، بمن فيهم الأطفال.
انضمت آيفكس إلى منظمات المجتمع المدني للتعبير عن تضامنها مع النساء الإيرانيات والمتظاهرين، وتكرار الدعوات إلى المساءلة عن قتل المتظاهرين.
منذ بدء الاحتجاجات، احتجزت السلطات الإيرانية أيضًا عددًا مقلقًا من مهندسي التكنولوجيا ومديري الشبكات، الذين أدلوا بأرائهم عن الحقوق الرقمية في البلاد، بما في ذلك المدون البارز، وواحد من أبرز خبراء التكنولوجيا، والمدافع عن الحقوق الرقمية، أميرعماد (جادي) ميرميراني. وفقًا للجماعات الحقوقية، تشمل الأصوات المستهدفة أولئك الذين أعربوا عن معارضتهم لمشروع قانون حماية المستخدم الصارم الذي أصدرته الحكومة.
الأحدث من المملكة العربية السعودية
صدرت أحكام سجن تعسفية، الشهر الماضي، على عشرة مواطنين نوبيين مصريين اعتُقلوا في يوليو / تموز 2020، بسبب تنظيم ندوة في جمعية نوبية بالرياض عام 2019. صدرت بحقهم أحكامًا بالسجن تتراوح بين 10 و18 عامًا، واتهموا بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين بعد إقامة حدث ثقافي لإحياء ذكرى مساهمات النوبيين المصريين خلال حرب أكتوبر 1973. بحسب جماعات حقوقية، فقد تعرض المواطنون للإخفاء القسري، كما تعرضوا للتحقيق حول آرائهم السياسية، بالإضافة إلى تعذيبهم أثناء اعتقالهم.
واصلت منظمات المجتمع المدني إثارة قضية الناشطة المسجونة، والطالبة في جامعة ليدز، سلمى الشهاب، التي حُكم عليها بالسجن 34 عامًا في أغسطس / آب بسبب منشوراتها على الإنترنت. انضمت آيفكس إلى الجماعات الحقوقية في رسالة مشتركة إلى وزير خارجية المملكة المتحدة، تحث السلطات البريطانية على التحرك من أجل الإفراج الفوري عنها، وكذلك إطلاق سراح جميع السجناء الآخرين في المملكة العربية السعودية المعتقلين لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير.
جديد وجدير بالملاحظة
تهدف حملة جديدة عبر الإنترنت إلى تسليط الضوء على الدور الذي يلعبه المجتمع المدني في الدفاع بنجاح عن الحقوق والحريات، فضلاً عن أهمية المجتمع المدني كمنصة للتعبير عن الآراء والمطالب. تم إنتاج حملة كلنا مع بعض من قبل مركز الخليج لحقوق الإنسان (GCHR) و شبكة الابتكار للتغيير- الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي تعرض قصصًا من المغرب، والعراق، والبحرين، وتتطرق إلى مجموعة واسعة من القضايا المتعلقة بحرية التعبير، وقصص عن استجابة المجتمع المدني لاحتياجات المجتمعات.
أخيرًا وليس آخرا، ينعقد خبز ونت، “اللامؤتمر” السنوي حول الحقوق الرقمية في البلدان الناطقة باللغة العربية في الفترة من 15 إلى 17 نوفمبر/تشرين الثاني. هذا العام. يشهد الحدث الذي تستضيفه سمكس Social Media Exchange -SMEX))، مشاركة مئات النشطاء، والباحثين، والصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان في بيروت – وعبر الإنترنت – لمعالجة القضايا الحرجة، بما في ذلك التضليل عبر الإنترنت، والمراقبة، والاستبداد الرقمي، من بين قضايا أخرى.