أفادت جماعات حقوق الإنسان في بيان مشترك لها بأن برامج التجسس تشكل تهديداً كبيرا للغاية، لذلك يتعين إيلاءها الأولوية
نشر أولًا على مركز الخليج لحقوق الإنسان.
نحن، الأفراد والمنظمات الموقعين على هذا البيان، ندعو الحكومات المنظمة لقمة الديموقراطية 2023 أن يعطوا الأولوية للعناية الواجبة لمراعاة حقوق الانسان في استخدامات تكنولوجيا التجسس لتتصدر جدول اعمال القمة. لقد شهدنا وسجلنا الطرق المتكررة والعديدة لاستخدام أدوات التجسس لإسكات الصحفيين والصحفيات، والتجسس على المدافعين والمدافعات عن حقوق الانسان، وتكميم المعارضة، وقمع حرية الأقليات في التعبير، واستهداف مجتمع الميم والنساء، وترويع الأكاديميين، والتحفيز ضد التظاهر السلمي. لتحقيق قدر أكبر من الشفافية والمسألة والمحاسبة، والسلام، ومستقبل مزدهر للجميع كأهداف متسقة مع مهمة القمة، على الدول والمستثمرين العمل على منع انتشار أدوات التجسس والإساءات الناتجة عنها.
في استخدام أدوات التجسس بشكل مستبد وغير مشروع تأثير مباشر ومكثف على الحق في الخصوصية وانتقاص من حقوق الانسان والحريات المدنية الأخرى. [1] كمثال، تم الوصل بين أداة التجسس “بيغاسوس” من مجموعة “إن إس أو” وأكثر من 300 حالة من العنف البدني في أكثر 45 دولة حول العالم. يواجه المستهدفون في أدوات التجسس كالنساء، ومجتمع الميم، وغيرهم من المجتمعات المستضعفة، مخاطر معينة مثل الاقصاء الاجتماعي، والعنف بشتى الأشكال كالبدني، والنفسي، والجنسي.
وعلى الرغم من ذلك، هنالك شركات تبيع وتصدر أدوات الاختراق بشكل عشوائي مؤثرين على العمليات الديموقراطية، معمقين للحكم السلطوي، ومشاركين في الحض من حالة حماية حقوق الانسان حول العالم/مع العلم ان بعض الشركات تتهرب من تصريحات التصدير كليا. عند ظهور بعض الحالات للعلن، تم استهداف 14 قائد دولي على الأقل من مسؤولين في الحكومات أو حلفاء حيث تم تعريض امنهم وحقوقهم للخطر. في الآونة الأخيرة بدأ المستثمرين في ملاحظة المخاطر لحقوق الانسان الناتجة عن استخدامات هذه التكنولوجيا حيث ان هذه المخاطر لها ابعاد مادية على سنداتهم وأوراقهم التجارية وأن المستثمرين لديهم مسؤولية أخلاقية، ومعيارية وائتمانية لمواجهة هذه المخاطر. والدليل على هذه التطورات ان المساهمين في كبرى الشركات التكنولوجية قدموا مقترحات بشأن العديد من قضايا حقوق الانسان لمناقشتها في موسم الاجتماعات العامة لعام 2023 وكما كان هو الحال في الاجتماعات العامة لعام 2022.
باختصار، لدى الدول والمستثمرين، بما في ذلك شركات رأس المال الاستثماري، دور حاسم ومصالح مشتركة في منع إساءة استخدام ادوات التجسس.
منذ 2017 جمعت كبرى شركات رأس مال استثماري ال50 في العالم (ثلاثة أرباعها في الولايات المتحدة) مجتمعة 309.2 مليار دولار أمريكي، وهو أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لمعظم البلدان. في نهاية المطاف، يؤثر المستثمرون في المراحل المبكرة لدعم الشركات في اختيار الشركات التقنية الناشئة المستحقة للتمويل والأفكار التي تعتبر جديرة بالتطوير. تساعد شركات استثمارات رأس المال في تشكيل مستقبل التكنولوجيا ومعها مستقبل اقتصاداتنا وسياساتنا ومجتمعاتنا ومهمة تحقيق حقوق الإنسان.
لدى شركات استثمار رأس المال والمستثمرين مسؤولية لتطبيق العناية الواجبة لمراعاة حقوق الانسان عند الاستثمار في أدوات التجسس طبقا لما تنص عليه المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان حيث ان نطاق وقوة التأثير والنسبة الضئيلة للأنصاف عند إساءة استخدام هذه التكنولوجيا تؤثر سلبا على حقوق الانسان.
يجب ان يواجه مستثمرين رأس المال، وخاصة من هم في “دول الشمال”، اختلال توازن القوة الذي تفرضه برامج التجسس على المجتمعات المعرضة للخطر داخل بلدانهم وتلك الموجودة في “دول الجنوب”. وهذا يستلزم اتخاذ خطوات لتحديد ومنع وتخفيف ومعالجة ومراعاة الآثار المترتبة على حقوق الإنسان من خلال المشاركة الهادفة لأصحاب المصلحة مع المجتمعات المتضررة – بما في ذلك خلال مراحل تطوير المنتج التكرارية قبل تفعيل الادوات.
ومع ذلك، كان هناك عدد محدود من الردود والافادات العامة من مستثمري التكنولوجيا حول ممارسات العناية الواجبة لمراعة حقوق الإنسان لمنع هذه الانتهاكات، والذين يستثمرون في برامج التجسس هم أكثر غموضًا بشأن إجراءاتهم. نادرًا ما تتناول الردود التي تلقاها المجتمع المدني المخاطر البارزة لحقوق الإنسان.
ان الدول ملزمة بتنظيم وحوكمة صناعة وتجارة ادوات التجسس، وكذلك المستثمرين بها، لمنع وتخفيف الإضرار بحقوق الإنسان. لذلك يجب على الدول تعزيز التنفيذ الجماعي للآثار القانونية والتشغيلية والمالية لشركات برامج التجسس التي تعمل خارج معايير حقوق الإنسان الدولية. لتحقيق هذا الهدف، نوصي بما يلي:
- حظر بيع برامج التجسس حتى يتم وضع نظام ضمانات لمنع انتهاكات حقوق الإنسان وتحميل الشركات مسؤولية الاثار السلبية على حقوق الإنسان. وايضا، زيادة المساعدة الوقائية والتفاعلية للفئات المعرضة للخطر التي تستهدفها برامج التجسس، ومن ضمنهم المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان؛
- ضمان أن جميع الشركات، بما في ذلك شركات استثمار رأس المال، في بلدانها مطالبة بالقيام بالعناية الواجبة لمراعاة حقوق الإنسان فيما يتعلق بعملياتها واستثماراتها العالمية. يجب أن ينطبق الشيء نفسه على الشركات التي تسعى إلى القيام بأعمال تجارية داخل الولايات المحلية. إن هذا يشمل متطلبات الشفافية الشاملة للمستثمرين، بما في ذلك الافادات العامة من المستثمرين حول استثماراتهم؛
- ضمان أن جميع الشركات، بما في ذلك شركات استثمار رأس المال، تشارك أصحاب المصلحة مع مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة، لا سيما الفئات الأكثر تأثرًا بمنتجاتها وخدماتها بما في ذلك الأفراد المعرضون للخطر في دول الشمال وأولئك الذين تأثروا بشكل بين في دول الجنوب، لفهم الآثار المترتبة على استثماراتهم وتحسين ممارساتهم؛
- ضمان أن الوكالات الحكومية تقوم بالعناية الواجبة لمراعاة حقوق الإنسان وبالأخص شركات تكنولوجيا المراقبة والأمن السيبراني؛
- تحميل الشخصية الاعتبارية للشركات، بما في ذلك شركات استثمار رأس المال، مسؤولية انتهاكات حقوق الإنسان التي ترقى إلى مستوى السلوك الإجرامي. وإلزام الشركات ايضا بالتعاون بالتحقيقات حول إساءة استخدام برامج التجسس في الدول الأخرى.
لا ينبغي أن يؤسس شكل اقتصاداتنا وسياساتنا ومجتمعاتنا بناء على إعطاء الأولوية لقطاع التكنولوجيا الذي يحقق أرباح قصيرة الأجل، لا سيما عندما تكون التكلفة باهظة الثمن وهي طمس الرؤية طويلة المدى لتأمين حقوق الإنسان للجميع. من الممكن تحقيق هذا الهدف إذا أصبح الضغط الدولي أكبر على الشركات والمستثمرين، ولا سيما على الاستثمارات لتوضيح والاعتراف بتأثير قراراتهم الاستثمارية على حقوق الإنسان وحياة الافراد. تشكل ادوات التجسس تهديدًا كبيرًا جدًا بحيث من الصعب تهميشها.
بصفتنا منظمات مجتمع مدني وأفراد متابعين لآثار برامج وادوات التجسس وكذلك متعاملين مع الشركات والمستثمرين حول قضايا العناية الواجبة لمراعاة حقوق الإنسان في قطاع التكنولوجيا، فإننا نظل جاهزين لمزيد من الحوار والمساعدة.
[1] بما فيهم، على سبيل المثال وليس الحصر حرية التعبير، وحرية الاعلام، والتجمع السلمي، والمشاركة المدنية، والحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي، وعدم التعرض للاعتقال أو الاحتجاز التعسفي، ومناهضة التعذيب، والمعاملة القاسية والغير إنسانية أو الاجبار على اتخاذ منفى، والحق في الانصاف.