تسلط جولتنا الضوء على الأخبار والتحليلات والبحوث المتعلقة بقضايا حرية التعبير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال شهر تشرين الأول الماضي: أول محاكمة عسكرية للمدنيين منذ عام 2011 في البحرين، وتزايد حملة القمع بحق أعضاء مجتمع المثليين وثنائي الجنس والمتحولين جنسياً والشواذ وغيرهم في مصر، وظهور لاعب جديد يقيد وصول المواطنين الإيرانيين إلى الإنترنت، وأكثر من ذلك.
أسبوع مظلم في البحرين
خلال الأسبوع الماضي وحده، ارتكبت السلطات البحرينية عدداً من انتهاكات حقوق الإنسان جعلتها في مقدمة أسوأ منتهكي حرية التعبير في المنطقة. فبالرغم من ترحيب المجتمع الدولي لحقوق الإنسان الحذر بالإفراج عن أربعة نشطاء بحرينيين بكفالة، منهم المدافعة عن حقوق المرأة ابتسام الصايغ، بدأت البحرين بتاريخ 23 تشرين الأول بأول محاكمة عسكرية للمدنيين منذ عام 2011. ومَثُل أمام المحكمة أربعة متهمين يواجهون اتهامات سياسية، ولم يُسمَح لأي منهم بلقاء محامي منذ اعتقالهم. وبتاريخ 30 تشرين الأول، حُكِم على الصحفي محمود الجزائري بالسجن 15 عاماً بتهم تتعلق بالإرهاب وتم تجريده من جنسيته.
وبتاريخ 25 تشرين الأول، أجلت محكمة بحرينية مرة أخرى جلسة استماع المدافع عن حقوق الإنسان المسجون نبيل رجب، ونقلته أيضاً من مركز احتجاز تابع لوزارة الداخلية إلى سجن جاو، وهو مركز احتجاز رئيسي للذكور الذين يقبعون لفترة طويلة في السجن. ووفقاً لمنظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ومنظمة المؤشر على الرقابة، فإنه يُحتجز بعيدا عن السجناء السياسيين الآخرين، وتم حلق شعره بالقوة، وتعرض لاقتحام ليلي تم خلاله مصادرة جميع ممتلكاته.
وفي ظل استمرار التوثيق الجيد لسوء المعاملة في السجون البحرينية، ركزت جماعات حقوق الانسان هذا الشهر بعض جهودها لكشف مستوى التحرش الذي يستهدف أفراد أسر المعتقلين السياسيين ونشطاء المعارضة في المنفى. فقد حكم على ثلاثة من اعضاء عائلة الناشط الذي يعيش في المنفى سيد الوداعي بالسجن ثلاث سنوات بعد اعتقالهم تعسفيا فى شهر آذار، وذلك بعد مشاركته في الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس حقوق الانسان في جنيف. وتم اجبارهم على التوقيع على اعترافات واتهموا بموجب قانون الإرهاب البحريني.
وبتاريخ 26 تشرين الأول، أكدت محكمة الاستئناف البحرينية القرار بفض آخر مجموعة للمعارضة الرئيسية في البلاد “وعد”، الأمر الذي اعتبرته منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين اشارة بأن الحكومة ليس لديها نية لتغيير مسارها “في قمع المجتمع المدني”.
مصر تحت الأضواء الدولية
أما في مصر، وعلى الرغم من تصاعد خطورة الأمن القومي، واصلت السلطات توجيه جهودها نحو القضاء على الصحفيين والناشطين والشخصيات المعارضة، وتوسّع هذا القمع اعتبارا من شهر أيلول إلى أعضاء مجتمع المثليين وثنائي الجنس والمتحولين جنسياً والشواذ وغيرهم.
عندما بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي زيارته الرسمية لفرنسا بتاريخ 23 تشرين الأول، استغلت منظمات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية، بما فيها منظمة مراسلون بلا حدود ومعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الفرصة لتسليط الضوء على انتهاكات نظامه. وبتاريخ 20 تشرين الأول، وجهت المنظمات رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تطالبه بإدانة سياسات مصر القمعية والدفع من أجل الإصلاح الديمقراطي. وبعد أربعة أيام، نظمت مراسلون بلا حدود مظاهرة في باريس نددت فيها “بسجل حرية الصحافة المأساوي”.
وقبل ذلك بتاريخ 10 تشرين الأول، تم منح المدافع المصري عن حقوق الانسان محمد زاري جائزة مارتن إنالز المرموقة للمدافعين عن حقوق الإنسان خلال حفل أقيم في جامعة جنيف. وتهدف هذه الجائزة إلى توفير الحماية للمدافعين عن حقوق الإنسان من خلال الاعتراف الدولي بعملهم. ولم يتمكن زاري، الذي يحاكم حالياً في مصر بتهم خطيرة بسبب عمله مع مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، من حضور الحفل شخصيا لأنه ممنوع من السفر منذ أيار 2015.
المتشددون الإيرانيون ليسوا وحدهم من يقيد وصول المواطنين إلى الإنترنت
تقوم شركات التكنولوجيا ومنصات وسائل الإعلام الاجتماعية الشعبية بجعل وصول الإيرانيين المقيد فعلاً إلى الإنترنت أصعب بكثير من خلال ثلاث طرق رئيسية حددتها الأصوات العالمية ومؤسسة الحدود الإلكترونية هذا الشهر.
وفقا لمؤسسة الحدود الإلكترونية، فانه مع موقف الحكومة الأمريكية الحالية الأكثر مواجهة تجاه إيران، فإن شركات التكنولوجيا الأمريكية لديها أيضا تغيير في الصميم. “بتاريخ 24 آب، بدأت شركة أبل بإزالة تطبيقات صُمِمت للإيرانيين من متجرها، بما في ذلك المتجر الالكتروني المشهور في إيران ديجيكالا، وتطبيق رايد هيلينز سناب الإيراني (الذي يقدم خدمات لسيارات الاجرة)، وتطبيق خدمة توصيل الطعام على الانترنت ديليون. وفي أيلول، اتبعت غوغل خطى شركة أبل. أما تقنيو التكنولوجيا الإيرانيون، فبعد أن قاموا ببناء أدوات وخدمات لمستخدميهم، وجدوا فجأة أنفسهم مفصولين عن عملائهم بسبب تصرفات الشركات الأمريكية”.
من جهة أخرى، أجرت آيفكس مؤخرا مقابلة مع مؤسس تطبيق جديد يقدم للمرأة الإيرانية طرق لزيادة السيطرة على صحتها الجنسية وحقوقها. لقد تم تحميل التطبيق “Hamdam” أكثر من 165,000 مرة منذ إطلاقه. وليس من المستبعد أن تؤثر هذه الأعمال من جانب شركات التكنولوجيا الأمريكية على مبادرات مماثلة.
وتفيد منظمة “الأصوات العالمية” بأن نشطاء حقوق الإنسان الإيرانيين والمنشقين الذين يُستهدفون بانتظام بمضايقات وتهديدات على فيسبوك وتويتر وإنستاجرام، لم يجدوا أي عزاء في آليات الحماية المختلفة في منصات التواصل الاجتماعي. ويقول سيمن كرغر: “على مدار عام 2016، أجريت مقابلات مع 20 ناشطا إيرانيا بارزا في مجال حقوق الإنسان وفنانين وصحفيين. ووصفوا التحديات التي يواجهونها من أجل تخفيف المضايقة على وسائل الإعلام الاجتماعية والقرصنة”. وأضاف: “كان معظم الذين قابلتهم يكافحون للحصول على اهتمام شركات وسائل الاعلام الاجتماعية عندما كانوا في أمس الحاجة إلى المساعدة، والعديد منهم – بما فيهم [الموسيقار الإيراني الشهير شاهين] نجفي – لم يتمكنوا من إقناع الشركات بتوثيق حساباتهم”.
أما منابر وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى تحظر الإيرانيين بشكل واضح من استخدام منصاتهم. فعندما، تم الغاء حجب خدمات بث الموسيقى على موقعي سوندكلود وسبوتيفي بشكل مفاجئ في إيران، عجّت وسائل الاعلام الاجتماعية الإيرانية بالمنشورات الاحتفالية. ولكن، وفقا لمهسا أليمارداني فإن “رفع الحجب لا يجلب قيمة كبيرة لمستخدمي سبوتيفي الذين لا يزالون غير قادرين على التسجيل في الموقع بسبب قواعد شركة سبوتيفي الداخلية”.
تضييق الخناق على التعبير عبر الإنترنت وحرية الصحافة في فلسطين: جهد جماعي
بينما كانت إسرائيل ترصد حسابات وسائل الإعلام الاجتماعية الفلسطينية على نطاق غير مسبوق منذ تشرين الأول 2015، أصدرت السلطة الفلسطينية مؤخرا قانون الجرائم الإلكترونية الذي تم اعتباره قمعي. وقامت منظمات المجتمع المدني الفلسطينية، بما فيها مركز مدى، باطلاق عدة حملات هذا الشهر تدعو لإلغائه.
وفي ظاهرة موثقة جيدا تسعى إلى زعزعة الصحافة الفلسطينية، قامت السلطات الإسرائيلية بسلسلة من الاقتحامات في الصباح الباكر من يوم الاربعاء الموافق 18 تشرين الأول تستهدف شركات وسائل الإعلام في عدة مدن في الضفة الغربية. ووفقا للجنة حماية الصحفيين والمركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)، فقد قامت القوات الإسرائيلية بالتعاون مع جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) بمصادرة وثائق ومعدات البث وأغلاق شركات الإعلام.
شهر مأساوي للصحفيين الأكراد في العراق وسوريا
وفقا للجنة حماية الصحفيين، في المناطق الواقعة حاليا أو موخراً تحت سيطرة حكومة إقليم كردستان في العراق، طعن مهاجمون صحفياً حتى الموت، وهاجمت مجموعة من الناس طاقمي عمل تلفزيوني، وأمر المنظم الإعلامي العراقي بوقف بث محطتين.
وفي سوريا، وفقا للجنة حماية الصحفيين ومركز الخليج لحقوق الإنسان، قُتِل صحفيان كرديان في انفجار سيارة مفخخة بتاريخ 12 تشرين الأول في قرية أبو فاس الشرقية بينما كانوا يغطون نزوح المدنيين. كما أصيب صحفي ثالث في الهجوم الذي نفذه شخصان تابعان لتنظيم داعش.
باختصار
في شهر تشرين الأول في الجزائر، قام اثنان من المدونين بإلاضراب عن الطعام احتجاجا على سجنهما بسبب التعبير عن حقهما في حرية التعبير، وتم إغلاق موقع إخباري رائد جزئياً منذ تاريخ 5 تشرين الأول.
وفي تونس، وفقا للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فرقت قوات الأمن احتجاجاً للمعلمين بتاريخ 10 تشرين الأول باستخدام القوة المفرطة. وأصيب عدد من المتظاهرين بجراح. وبتاريخ 12 تشرين الأول، قامت السلطات بإغلاق موقع إخباري على الإنترنت دون إشعار قضائي. ولم تقدم السلطات سببا للقرار. وينتمي الموقع الإخباري إلى سياسي بارز وشخصية إعلامية معروفة بأنها تنتقد الرئيس.
أما في المغرب، فإن اصدار أحكام ضد المتظاهرين السلميين من منطقة ريف المضطربة إلى جانب طرد الصحفيين الأجانب والحكم بدوافع سياسية ضد رئيس نقابة الصحفيين المغاربة (تم تغريمه بمبلغ 20 ألف درهم – 2000 دولار أمريكي- بتهمه التشهير هذا الشهر)، يكشف عن نية السلطات المغربية لقمع جميع الأصوات الناقدة بغض النظر عن شرعية أفعالهم.
وفي اليمن، ومع عدم وجود افق لنهاية الحرب للسنة الثالثة، فإن الأوضاع تصبح أكثر خطورة بالنسبة للصحفيين. حيث انهم يتعرضون بصورة متزايدة للتهديدات والهجمات والاختطاف وحملات التشهير.
1) These threats against @mohammedalqadhi are one more example of how press freedom is crumbling in #Yemen amid war. #ProtectYemenPress https://t.co/gsQMZSmWWt
— CPJ MENA (@CPJMENA) October 31, 2017
بتاريخ 5 تشرين الأول، أصدرت المحكمة العليا في عُمان حكماً نهائياً في قضية صحيفة الزمن، وهي صحيفة مستقلة تغطي الفساد في البلد. وأدى الحكم الذي أغلق الصحيفة بشكل دائم إلى إنهاء معركتها الطويلة الأمد لإعادة فتحها.